[ 117 ]
يقوم الامام ويقوم معه فإذا صلى الامام الثالثة من صلوته وجلس في التشهد فليجلس الرجل فليتشهد في الثانية من صلوته ثم لا يبرح جالسا حتى يسلم الامام، فإذا سلم الامام فليقم المؤتم فليصل ركعته، الثالثة، ثم ليقعد فليتشهد وليسلم، وقد جلس في كل ركعة جلسة وذلك له جائز إذا كان الامام الذي فعله، ولا يجوز للمؤتم أن يخالف الامام في شئ من فعله ولا يقوم وهو قاعد ولا يقعد وهو قائم، ولا يركع، وهو ساجد، ولا يسجد وهو راكع، بل يعمل كعمله ويفعل في صلوته كفعله. قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: وكذلك النساء إذا لحقن الصلوة، كما يفعل الرجال في ذلك فليفعلن، ولو أن رجلين أو رجالا دخلوا مسجدا يجمع فيه فوجدوا الناس قد قضوا الصلاة فهم بالخيار إن شاؤا أمهم أحدهم وجمعوا كما جمع غيرهم وإن أحبوا صلوا فرادى، وأدوا ما افترض الله عليهم أشتاتا. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن قوم دخلوا مسجدا وقد فاتتهم فيه الجماعة هل يجمعون فيه أم يصلون فرادى؟ فقال: لا بأس بالجمع فيه وإن صلت قبلهم فيه جماعة. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: فضل الجماعة على الفرادى كفضل يوم الجمعة على سائر الايام وكذلك روي لنا وبلغنا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رحمة الله عليه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله (لن تزال امتي يكف عنها ما لم تظهر خصالا عملا بالربا، واظهار الرشا، وقطع الارحام وترك الصلاة في الجماعة، وترك هذا البيت أن يؤم، فإذا ترك هذا البيت أن يؤم لم يناظروا). قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: وكذلك كل كبيرة وعد الله عليها النار.
---(1/117)
[ 118 ]
باب القول متى يكبر الامام وما يقطع الصلاة
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إذا أقام المؤذن فقال: حي على الصلاة حي على الصلاة قام الامام ومن يريد الصلوة معه فوقفوا في مواقفهم واعتدلوا في صفوفهم وقام الامام أمامهم فإذا قال: قد قامت الصلوة كبر الامام ولم ينتظر شيئا وكذلك بلغنا عن علي بن أبي طالب رحمه الله أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا قال: المؤذن قد قامت الصلوة كبر ولم ينتظر شيئا). قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ولا أرى أن شيئا يقطع الصلوة على المسلم وليدرأ المسلم عن نفسه ما استطاع، ولا يصلي إن قدر إلا إلى ستره فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه كان يغرز عنزة له وهي الحربة ثم يصلي إليها، وبلغنا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رحمة الله عليه أنه قال: (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وقد غرز عنزته بين يديه فمر بين يديه كلب ثم مر حمار ثم مرت امرأة فلما انصرف قال: قد رأيت الذي رأيتم وليس يقطع الصلوة على المسلم شئ ولكن ادرأوا ما استطعتم). قال يحيى ابن الحسين صلوات الله عليه: ومن صلى في فضاء من الارض، ولم يجد ما يجعله ستره بين يديه فلا بأس له أن يصلي في الفضاء، إذا لم يجد له من دون ذلك سترا، وقد قيل يخط بين يديه خطا ولا بأس بذلك إن فعله فاعل، ولا يفعله فاعل وهو يجد إلى ستره سبيلا. ولا بأس بالصلوة في أعطان الابل ومراحات الغنم إذا لم يكن فيها نجاسة من قذر ولا أثر صديد ولا دبر، وقد روى عن رسول الله صلى الله
---(1/118)
[ 119 ]
عليه وآله وسلم أنه كره الصلوة في أعطان الابل ودمن الغنم وليس ذلك بصحيح عندنا. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن الصلوة في أعطان الابل ومراحات الغنم؟ قال: لا بأس بذلك وقد روي عن ابن المغفل وغيره (أن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن الصلوة في أعطان الابل) وليس ذلك بصحيح عندنا. قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: الناس مجمعون على أن أبوال الابل لا تنجس الثوب إذا أصابته، ولا أبعارها فكيف يكرهون الصلوة في أعطانها إذا لم يكن فيها شئ من أقذار دبرها، ولا شئ من مسفوح دمائها، فكيف ينجس الارض أبعارها وأبوالها ولا ينجس الثياب من ذلك ما أصابها وهم يزعمون أن الشمس تطهر ما وقعت عليه من الارض، ولا يقولون أنها تطهر ما وقعت عليه من الثياب. فكيف تجوز الصلوة في الثوب الذي فيه أبوال الانعام ولا تجوز في مبارك الابل من الاودية والآكام فهذا لعمر أبيهم قول يفسد قياسه، ويعدل عن الحق والانصاف مقاله، وتنفيه عن الحق ثواقب العقول، ولا يجوز ذكره واضافته إلى الرسول، لما فيه من الاختلاف، ولبعده عن الحق، والانصاف.
باب القول فيمن صلى إلى غير القبلة جاهلا وما يعاد من الصلوة في وقتها وبعد خروج وقتها وما لا يعاد
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: كل من صلى إلى غير القبلة وهو لا يعلم ثم علم بعد ذلك وكان في وقت من تلك الصلاة أعادها
---(1/119)
[ 120 ]
ولم تجزه عندي غير اعادتها إذا كان في وقت منها فإن خرج وقتها فلا يجب عليه إعادتها، لانه قد صلاها وهو يرى أنه متوجه إلى القبلة، ثم لم يعلم بخطأه في صلوته حتى خرج ما كان لها وقتا من أوقاتها. ومن الصلوة التي تعاد ما دام وقتها، صلوة من تطهر بماء نجس وهو لا يعلم ثم علم وهو في وقت من الصلوة فعليه إعادة الوضوء بماء طاهر، وإعادة الصلوة، ومن ذلك صلوة متيمم وصلى ثم وجد بعد صلاته بتيممه ماء وهو في وقت من تلك الصلوة فعليه أن يتوضأ بالماء ثم يعيد ما صلى من صلوته، وما كان مثل هذا مما يقع فيه الخطأ من غير تعمد ولا اجتراء فعليه الاعادة ما كان في الوقت وإن خرج الوقت فلا إعادة عليه. وأما الصلوة التي تعاد من بعد خروج الوقت فهي صلوة الناسي للصلوة حتى يخرج وقتها فعليه إعادتها عندما يكون من ذكره لها، ومثل صلوة من توضأ بماء نجس وهو يعلم بنجاسته ويوقن بها فعليه الاعادة لما صلى من بعد خروج الوقت، والتوبة إلى ربه من سوء فعله. ومثل من نسي أنه جنب فتوضأ وصلى ثم ذكر من بعد خروج وقت الصلوة أنه صلى جنبا فعليه الاغتسال والاعادة لما صلى من الصلوة، ومثل من توضأ ونسي غسل وجهه ثم ذكر بعد خروج الوقت أنه لم يغسل وجهه فعليه الاعادة للوضوء والصلاة. وأما ما لا يعاد من الصلوة في حال من أحوال العباد فهو ما لم يدخل عليهم فيه نقص ولافساد.
---(1/120)
[ 121 ]
باب القول في صلاة المريض وكيف يصلي وما يقضي (49) المغمى عليه من الصلاة
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: المريض يصلي على قدر ما يمكنه، إن أمكنه قائما فقائما وإن أمكنه جالسا فجالسا، وإن صلى جالسا قعد متربعا ثم كبر وقرأ ثم وضع يديه على ركبتيه وانثنى راكعا ثم عاد فجلس مستويا ثم خر ساجدا ونصب رجليه، ثم عاد فجلس على رجله اليسرى، وينصب رجله اليمنى ثم يعود للسجدة، ثم يجلس فيتربع تربعا ثم يقرأ، ويفعل في باقي صلوته ما فعل في هذه الركعة فإن لم يقدر على السجود أوما برأسه إيماء وكان سجوده أخفض من ركوعه، وإن لم يقدر على الجلوس توجه إلى القبلة ثم أومأ ايماء ويفعل من ذلك على قدر ما يمكنه ويتهيأ له في صلوته، لان الله إنما كلفه الميسور وقد طرح عنه برحمته المعسور، وذلك قوله سبحنه وتعالى: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) (50) وقال تبارك وتعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) (51) وقد قال: غيرنا إنه يقرب من وجهه شيئا أو يقرب منه حتى يوضع على وجهه وضعا وهذا فليس له عندنا معنى إنما هو سجود إذا أطاق ذلك أو إيماء. قأما المغمى عليه فإن أفاق في آخر نهاره أعاد صلوة يومه، وإن أفاق في آخر ليلته أعاد صلوة ليلته، وإن أغمي عليه يوما أو يومين أو ثلاثا ثم أفاق صلى صلوة ذلك الوقت الذي أفاق فيه، فإن أفاق نهارا صلى صلاة ذلك النهار، وان أفاق ليلا صلى صلوة تلك الليلة.
---
ص 121 (49) أي يفعل: لما روي عن عائشة أنه صلى الله عليه وآله، لما صلى جالسا تربع، أخرجه النسائي والدار القطني وابن حيان والحاكم من لطف الغفار الموصل إلى هداية الافكار لعلامة الفترة صلاح بن أحمد بن المهدي بن حسن بن علي بن الحسين بن الامام عز الدين عليهم السلام.
(50) البقرة 286.
(51) البقرة 185.
---(1/121)