[ 112 ]
ولا شارب مسكر، ولا خاين أمانة، ولا صاحب كبيرة، ولا ظالم، ولا آكل حرام، ولا جائر في حكم، ولا شاهد زور، ولا عاق بوالديه، ولا قابل رشوة في الحكم، ولا معروف بالكذب، وقول الزور لان الله سبحانه يقول (إنما يفتري الكذب الذين لا يؤم نون بأيات الله) (43) ولا ذي معصية وجبت على صاحبها العقوبة من الله، لان الصلوة المؤتمين معقودة بصلوة إمامهم يقومون بقيامه ويقعدون بقعوده، ويسلمون بسلامة ويفسد عليهم من صلوتهم ما فسد عليه، وصلوة من كان من الفاسقين فغير مقبولة عند رب العالمين، لان الله سبحانه يقول: (إنما يتقبل الله من المتقين) (44) وإذا كانت صلوة الامام غير مقبولة فهي فاسدة باطلة، وإذا فسدت صلاة الامام عليه فسدت صلوة المؤتمنين به ألا ترى أنه لو سهى ولم يسه المؤتمون به لوجب عليه وعليهم أن يسجدوا سجدتي السهو وإن كانوا هم لم يسهوا. وكذلك لوصلى بهم على غير وضوء لكانت صلوته باطلة، وكانت صلوتهم لصلاته تابعة في فساد أو صلاح. وفي ذلك ما يروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (إن سركم أن تزكوا صلوتكم فقدموا خياركم) وفي ذلك ما يروى من القول عنه صلى الله عليه وآله أنه أتى بني مجمم فقال: (من يؤمكم قالوا فلان فقال لا يؤ منكم ذو جرأة في دينه). حدثني أبي عن أبيه القسم بن ابراهيم أنه سئل عن إمامة الاعمى والمملوك وولد الزنا؟ فقال: تجوز إمامتهم كلهم ما لم يعرف واحد منهم بكبيرة ولا ريبه. قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ومن ابتلي بحضور
---
ص 112 (43) النحل 105.
(44) المائدة 27.
---(1/112)


[ 113 ]
صلوة من لا تجوز إمامته، ولم يأمن إن هو خرج عنهم، وتركهم على نفسه ضررهم، تاقاهم بالقيام معهم ولم يعتقدها له صلاة لان إمام القوم وأفدهم إلى الله، ولا ينبغي أن يكون وافد المسلمين إلا رضى في الدين.
باب القول فيما يعمل الرجل إذا دخل مع قوم في صلاتهم ولم يجد له في صفهم مكانا
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: من دخل في جماعة وقد وقفت واصطفت من وراء إمامها فلم يجد له في صفها مكانا يقف فيه فليجذب رجلا من الصف فليقمه معه، وليصليا بصلاة إمامهما فإنه لا ينبغي أن يصلي الرجل وحده من وراء الصفوف إلا لعلة بينه، ولا ينبغي للذي يجذبه إليه أخوه المسلم أن يمتنع عليه، وصلاته مع أخيه، وصلته لجناحه أفضل من صلاته حيث كان في مقامه. قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: وأفضل صفوف الرجال أولها إلى الامام، وشر صفوف النساء أولهن إلى الرجال، وينبغي للنساء إذا وقفن من وراء الرجال أن يغضضن أبصارهن عن الرجال في ركوعهم وسجودهم وينبغي للنساء أن يشغلن أبصارهن بالنظر إلى الارض فذلك أزكا لصلاتهن وأقرب لهن إلى ربهن.
باب القول في الامام يقرأ سجدة في الصلوة
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا أحب لمن قرأ في صلوة الفريضة سجدة أن يسجد لان السجدة زيادة في الفريضة، ولا ينبغي أن يزاد فيها كما لا ينبغي أن ينقص منها، والواجب أن يؤتى بها على ما فرضها الله عليه فإن فرضها لا زيادة فيه ولا نقصان، فإن ذلك
---(1/113)


[ 114 ]
أقرب إلى الهدى والاحسان وأما النوافل فصاحبها مخير فيها، ولا نضيف عليه ما فعل فيها من ذلك وأحب الامرين إلي أن لا يزيد فيما قام فيه ونوى من الصلوة أن يصليه نافلة ولا فريضة، وقد قال: غيرنا بغير ذلك وروى فيه روايات ولسنا نلتفت إلى روايته ولا نفعل في صلاتنا ما يفعل في صلاته لان ذلك لا يصح لنا عن الرسول عليه السلام ولا يثبت لنافي حجج العقول. حدثني أبي عن أبيه أنه قال: لا نرى أن يسجد في صلوة فريضة سجدة زائدة قرئت في سورة.
باب القول في السهو في الصلوة
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: سجدتا السهو تجبان على من قام في موضع جلوس، أو جلس في موضع قيام، أو ركع في موضع سجود، أو سجد في موضع ركوع، أو سبح في موضع قراءة، أو قرأ في موضع تسبيح، وقد قيل: من سلم في غير موضع تسليم، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه صلى بالناس الفجر فصلى ركعة ثم انصرف فقام رجل يقال له ذو الشمالين فقال: يا رسول الله أنسيت أم رفعت الصلاة؟ فقال: وما ذاك يا ذا الشمالين فأخبره فجعل يطوف به في الصفوف فقال: أصدق هذا؟ زعم أني صليت واحدة فقالوا: نعم يا رسول الله إنما صليت واحدة قال: فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصلى بالناس ركعة أخرى ثم سجد سجدتي السهو ثم سلم. قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا أدري ما صحة هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله في الصلوة بعد التسليم ولا أرى أنه صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وآله بل القول (45) عندي فيمن
---
ص 114 (45) في نسخة بل أقول إنه من نسي.
---(1/114)


[ 115 ]
نسي فسلم في غير موضع التسليم ثم ذكر قبل أن يتكلم بكلام أو يحرف (46) وجهه عن ذلك المقام أن صلوته قد انقطعت، ويجب عليه الاستيناف لها فليبتد صلوته، وليؤدها على ما فرضت عليه من حدودها، فأما سجدتا السهو فلا يتمان صلوة، ولا ينقصان منها، وإنما جعلتا مرغمتين للشيطان، ولا تكونان إلا من بعد التسليم والفراغ من الصلاة التي سها فيها، فأما قبل التسليم فلا يجوز عندنا لانهما يكونان حينئذ زيادة في الصلوة لان التسليم هو تحليلها وما كان قبله من الفعل فهو لها ومنها. حدثني أبى عن أبيه أنه سئل سجدتي السهو قبل التسليم أم بعده؟ فقال: سجدتا السهو بعد التسليم لانهما إن كانتا قبله كانتا زيادة في الصلوة، وإنما السجدتان بدل من السهو وإرغام للشيطان، كما قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله أنه سجد سجدتي السهو بعد التسليم.
باب القول فيما يعمل الرجل إذا لحق الامام وقد صلى بعض صلاته
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إن الحق الامام راكعا كبرو ركع معه ثم صلى معه ما بقي من صلاة الامام، فإذا سلم الامام قام فأتم ما بقي عليه من صلوته واعتد بتلك الركعة التي لحق الامام فيها راكعا، وإن كان لم يقرأ فيها، فإن لحقه ساجدا سجد معه فإذا قام الامام كبر الرجل ونوى أنه مبتدئ لاول صلاته، ثم يصلي ما بقي من صلاة الامام يقعد بقعوده ويقوم بقيامه، فإذا سلم الامام قام فأتم ما بقي عليه
---
ص 115 (46) في نسخة أو حرف وجهه.
---(1/115)


[ 116 ]
من صلوته ولا يعتد بذلك السجود الذي سجده مع الامام لانه قد فاته الركوع وإذا فاته الركوع فقد فاتته تلك الركعة، لان الله سبحانه قال في كتابه: (يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا) (47) فجعل الصلاة ركوعا وسجودا فمن لحق الركوع فقد لحق تلك الركعة ومن فاته ركوعها لم يحتسب بسجودها، وقد قال غيرنا إنه إذا لحق الامام ساجدا كبر لصلاته ثم سجد ثم قام بقيام الامام وكان تكبيره أولا مجزيا له عن التكبير بعد قيامه، ولسنا نرى ذلك ولا نرى أن يكبر إلا من بعد قيام الامام وقيامه، لان تكبيره دخول منه في حدود صلاته ولسنا نرى له أن يدخل بين التكبير وبين القراءة جلوسا ولا سجودا ولا نرى بعد التكبير إلا القراءة إن كان الامام مخافتا، والاستماع والانصات إن كان الامام بقراءته جاهرا، فإن لحقه وقد صلى واحدة وهو راكع في الثانية فليكبر وليركع وليعتد بهذه الركعة وليعتقد أنها أول صلوته، ثم يسجد بسجود إمامه، فإذا قعد الامام في الثنتين فليقعد معه بقعوده، وإن كانت تلك الركعة أول صلاته، ثم ليقم بقيام الامام، فإذا أتم الامام صلوته فليجلس معه حتى يسلم الامام فإذا سلم الامام فليقم هو فليتم صلوته ولا بأس بالقعود مع الامام فيما لا يقعد فيه من صلوة المؤ تم به، ولو قعد في كل ركعة إذا كان الامام يقعد في موضع قعوده. من ذلك رجل لحق الامام في صلوة المغرب، وهو في الركعة الثانية، فكبر ودخل معه في الصلوة، ثم ركع الامام وسجد (48) وركع معه وسجد هذا الرجل، فجلس الامام في هذه الركعة التي هي ثانية له فينبغي لهذا الرجل أن يقعد معه بقعوده وإن كان في الاولى من صلوته ثم
---
ص 116 (47) الحج 77.
(48) ثم ركع الامام وركع معه وسجد وسجد هذا الرجل.
---(1/116)

18 / 198
ع
En
A+
A-