[ 102 ]
الرواية عن سلفنا وتصحح لنا التسبيح في الآخرتين من صلاتنا وفيما احتججنا به من الحجج ما أغنى وكفى من أنصف من ذوي العلم والحجى. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عما يقال: في الركعتين الآخرتين من كل أربع من الصلوات؟ فقال: يسبح فيها بسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وكذلك روي لنا عن علي بن أبي طالب رحمة الله عليه أنه كان يسبح فيهما. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: لم يفعل ذلك أمير المؤمنين حتى أيقنه من فعل خاتم النبيين. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: فإذا جلس في آخر صلاته الاربع أو الثلاث قال: بسم الله وبالله والحمد لله والاسماء الحسنى كلها لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد، ثم يسلم، وينصب إلى الله بما شاء من الدعاء. وكذلك حدثني أبي عن أبيه في التشهد وكان يرويه عن زيد بن علي رحمة الله عليه عن آبائه عن علي بن أبي طالب رحمة الله عليه.
باب القول في تفسير الوقوف في الصلوة مع الامام
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إذا صلى الامام برجل واحد فليقف الرجل عن يمين الامام، فإن كانا اثنين اصطفا وراءه صفا وتقدمها وصلى بهما، وإن كانوا جماعة اصطفوا وراءه صفا أو صفين أو أكثر على قدر ما يكون الناس وسعة المكان، وسووا بين مناكبهم ولم
---(1/102)
[ 103 ]
يتركوا بينهم خللا، ولا يختلفوا في مواقفهم فانه بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (أقيموا صفوفكم ولا تختلفوا فيخالف الله بين قلوبكم). قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ولا يجوز للرجل أن يصلي بالنساء ولا رجل معهن، فإن كان معهن رجل فلا بأس أن يصلي به وبهن، يقف الرجل عن يمين الامام ويصطف النساء من ورائهما صفا واحدا، وإن كانت امرأة واحدة ورجل واحد وقف الرجل عن يمين الامام ووقفت المرأة من وراء الامام فان كان مع الرجل والمرأة خنثى فإن كان بول الخنثى سبق من الذكر فهو ذكر، اصطف هو والرجل وراء الامام ووقفت المرأة من ورائهما، وإن سبق بوله من الفرج فهو أنثى فليقف الرجل عن يمين الامام، واصطفاهما من وراء الامام فان أتى البول من الفرجين جميعا فهو خنثى لبسة فليقف الرجل عن يمين الامام، وليقف الخنثى من وراء الامام، ولتقف المرأة من وراء الخنثى، فإن حدث بالامام حدث فليخرج وليتم كل واحد من هؤلاء صلوته لنفسه ولا يقدم الرجل الذي عن يمينه مكانه ليتم صلوته لانه إذا قدمه فقد صلى الرجل بالمرأة والخنثى ولا يجوز لرجل أن يصلي بمرأة ولا يكون معها رجل إلا أن يكون رجل يصلي بأهله فلا بأس أن يصلي الرجل بأهله وحرمه في منزله صلوة نافلة فقط فان كان مع الامام رجلان وخنثيان لبسة وامرأتان، فليتقدم الامام وليصطف الرجلان من ورائه ثم ليقم الخنثيان، من وراء الرجلين، ولتقم المرأتان من وراء الخنثيين، فإن حدث بالامام حدث ينقض وضوءه فليقدم أحد الرجلين فيوقفه مكانه وليرجع الرجل الآخر فليقف عن يمين صاحبه، ثم ليتم به الصلوة ولا يعتد بالركعة التي فسد فيها الوضوء على الامام.
---(1/103)
[ 104 ]
باب القول في صلوة النساء بعضهن ببعض
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: يصلي النساء بعضهن ببعض، وتؤمهن أطهرهن وأعفهن وأقرأهن لكتاب ربهن، ولتكن التي تؤمهن واقفه في وسط صفهن وهن على يمينها وعن يسارها، ولا تتقدم أمامهن، فإن كانتا امرأتين فأمت احداهما الاخرى فلتقف المؤتمة عن يمين الامة، وان كن ثلاثا وقفت التي تؤمهن بينهما متوسطة عليهما ووقفت واحدة عن يمينها والاخرى عن يسارها، وكذلك فلتؤمهن المملوكة والعمياء إذا كانتا من أهل العفة والثقة والتقوى وفي ذلك ما بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه دخل على أم سلمة وعندها نسوان يصلين أو قد صلين فقال لها: صلى الله عليه وآله (ألا أممتهن) فقالت: يارسول الله أيصلح ذلك. قال: (نعم لا هن أمامك ولا خلفك ولكن عن يمينك وعن شمالك).
باب القول فيما روي عن النبي صلى الله عليه وآله من قوله كل صلوة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: كل صلوة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج، وكذلك بلغنا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رحمة الله عليه أنه قال: كل صلوة بغير قراءة فهي خداج. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: والخداج فهي الناقصة التي لم تتم وما لم يتم فهو باطل.
---(1/104)
[ 105 ]
قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: وإنما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك الصلاة كلها الاربع والثلاث، فأما إذا قرأ في ركعة أو ركعتين من تلك الصلاة فليست بخداج وهي تامة لان رسول الله صلى الله عليه وآله إنما أبطلها إذا لم يقرأ شئ من القرآن في بعضها، وعلى ذلك اجماع آل الرسول صلى الله عليه وآله كلهم مجمع على أن من نسي القراءة في إحدى ركعتيه سجد سجدتي السهو وكانت صلوته تامة إذا كان قد قرأ في بعض الركعات.
باب القول في الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا صلوة عندنا لمن لم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، والحجة عندي في ذلك أنها لا تخلو من أن تكون آية من القرآن أو لا تكون آية، فإن كانت آية فهي من القرآن يجب أن تقرأ عند قراءة الحمد، وهي آية ثابتة في كل سورة من القرآن كررها الله تبارك وتعالى فيهن وجعلها مفتاحاو أولا لهن وكان تكريره اياها تعظيما منه سبحانه لها لانها كلها أسماؤه العظام وذكر لذي الجلال والاكرام فإذا كان ذلك كذلك فلا يجوز أن تطرح، ولا أن يخافت بها لانها من كل سورة أولها ومبتدأها، ومتى خوفت بها في الحمد فقد انتقصت وغيرت ولم يجهر بها كلها إذ قد خوفت ببعضها وأول السورة أولى بالاظهار والجهر به لانه مفتاحها مع ما ذكرنا وشرحنا في بسم الله الرحمن الرحيم من الفضل والتفضيل إذ كلها تمجيد وذكر وأسماء للواحد الجليل، وإن كانت ليست من القرآن فما ينبغي لاحد ولا يجوز أن يقرأها ولا يقولها في صلوته خافت بها أم جهر لانها إن كانت كذلك وحاشا لها أن تكون على ذلك زيادة في الصلوة وكلام ليس يجب الكلام به فيها.
---(1/105)
[ 106 ]
حدثني أبي عن أبيه القسم بن ابراهيم صلوات الله عليه عن أبي بكر بن أبي أويس عن الحسين بن عبد الله بن ضميرة عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب رحمة الله عليه قال: من لم يجهر في صلاته ببسم الله الرحمن الرحيم فقد أخدج صلاته. وبلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (كل صلاة لا يجهر فيها ببسم الله الرحمن الرحيم فهي آية اختلسها الشيطان).
باب القول فيما يكره في الصلوة من العمل
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: يكره للمصلي أن ينفخ في صلوته أو يشير أو يمسح جبهته من تراب السجود، أو يعبث بلحيته أو يفرقع أصابعه أو يرفع احدى رجليه في قيامه عن الاخرى أو يعبث بتنقية أنفه أو يلتفت في صلوته عن يمينه أو عن شماله، وفي ذلك ما بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه نظر إلى رجل يعبث بلحيته في صلوته فقال: لو خشع قلب هذى لخشعت جوارحه. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: ولم أر أحدا من علماء آل الرسول صلى الله عليه وآله ولم أسمع عنه يقول آمين بعد قراءة الحمد في الصلوة، ولسنا نرى قولها في الصلوة لانها ليست من القرآن، وما لم يكن من القرآن فلا يجوز قوله ولا الكلام به في الصلوة لانسان، حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن قول آمين في الصلوة فقال: ما أحب أن تقال لانها ليست من القرآن.
---(1/106)