[ 92 ]
أراد الدخول في الصلاة: (وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل) (24) ثم أمره أن يكبر ويفتتح الصلاة بالتكبير فقال: (وكبره تكبيرا) (25) وهو أن يقول المصلي الله أكبر، ثم يقرأ فيبتدي بفاتحة الكتاب، ويتلوها بسورة مما تيسر من القرآن فهذا أصح ما عندنا في الافتتاح وأحسنه وأشبهه بالتنزيل. قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: التعوذ ثم الافتتاح ثم يقول الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل، ثم التكبير من بعد الافتتاح كله، ولسنا نرى أن يفتتح بعد التكبير مصل لان الله أمر بالافتتاح قبل التكبير في قوله.
(وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل) (26) ثم قال: (وكبره تكبيرا) (27) فأمره بالتكبير من بعد الافتتاح فلذلك قلنا أنه ليس بعد التكبير إلا القراءة. حدثني أبي عن أبيه أنه قال: الافتتاح قبل التكبير، والتكبير بعد الافتتاح وذكر الآية وكبره تكبيرا. قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ولا نرى أن يرفع المصلي يديه عند التكبير في الاولى ولا في غيرها من ركوع ولا سجود وفي ذلك ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (ما بال قوم يرفعون أيديهم كأنها أذناب خيل شمس لان لم ينتهوا ليفعلن الله بهم وليفعلن).
---
ص 92 (24) الاسراء 111.
(25) المزمل 20.
(26) الاسراء 111.
(27) المزمل 20.
---(1/92)


[ 93 ]
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: حدثني أبي عن أبيه أنه قال: لا ترفع اليدان عند التكبير، ولتسكن الاطراف، لان الصلوة إنما هي خشوع لله وخضوع، والتسكين أقرب إلى الخضوع والخشوع، وأشبه بالتذلل لله سبحانه.
باب القول في الدخول في الصلوة والعمل فيها
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: من قام في صلوته فافتتح ثم كبر وجب عليه أن يقرأ بأم الكتاب وبما تيسر من السور معها، ثم يكبر ويركع فيقول في ركوعه سبحان الله العظيم وبحمده ثلاثا، ثم يرفع رأسه من ركوعه، ويقول سمع الله لمن حمده فإذا اعتدل قائما خر لله ساجدا ثم قال: الله أكبر، ثم يسجد فيمكن جبهته من الارض ووضع أنفه مع جبهته على الارض، وخوى في سجوده، ومد ظهره، وسوى آرابه ونصب قدميه وجعل كفيه حذاء خديه وفرج آباطه وأبان عضديه ومرفقيه عن جنبيه، ثم قال: في سجوده سبحان الله الاعلى وبحمده ثلاثا، ثم قعد فافترش قدمه اليسرى ونصب قدمه اليمنى فإذا اطمأن على قدمه اليسرى قاعدا كبر وسجد السجدة الثانية فسبح فيها بما سبح به في السجدة الاولى وفعل فيها ما فعل في الاولى ثم ينهض بتكبيره حتى يستوي قائما ثم يقرأ بفاتحة الكتاب وبما تيسر له من سور المفصل أو ما أحب من القرآن كما قال: الله تبارك وتعالى (فاقرؤا ما تيسر من القرآن) (28) وقد قيل إنه يجزي مع الحمد أن يقرأ المصلي ثلاث آيات من أي القرآن شاء وقال: من قرأ ثلاث آيات إنه قاس ذلك على سورة إنا أعطيناك الكوثر فقال هي ثلاث آيات وأحب ما في ذلك الينا نحن أن يقرأ مع فاتحة
---
ص 93 (28) المزمل 20.
---(1/93)


[ 94 ]
الكتاب بسورة كاملة من المفصل ثم يخر راكعا بتكبيره فيطا من ظهره في ركوعه، ويفرج آباطه، ويسوي كفيه على ركبتيه، ويستقبل بهما القبلة ولا يحرفهما على شئ من جوانب ركبتيه، ويعدل راسه ولا يكبه إلى الارض جدا، ولا يرفعه إلى السماء رفعا، يبتغ بين ذلك سبيلا حسنا، ويسبح في ركعته هذه بما سبح به في الركعة الاولى، ثم يرفع رأسه من ركوعه فيقول سمع الله لمن حمده، فإذا اعتدل قائما حتى يرجع مفاصل ظهره إلى مواضعها كبر وخر ساجدا ففعل في سجوده في الركعة الثانية كما فعل في سجوده في الركعة الاولى سواء سواء.
باب القول فيما يقال في الجلوس الاول في الركعتين الاولتين من كل أربع أو ثلاث
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إذا جلس المصلي في الركعتين الاولتين من الظهر، أو في الركعتين من العصر، أو في الركعتين من المغرب، أو الركعتين من العشاء الآخرة، فأحسن ما سمعنا وما نرى أن يتشهد به المصلي في جلوسه أن يقول: بسم الله وبالله والحمد لله والاسماء الحسنى كلها لله أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. ثم ينهض فيستوي قائما.
باب القول في العمل في الركعتين الآخرتين من كل أربع والركعة الثالثة من المغرب
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: الذي صح لنا عن أمير المؤمنين رحمة الله عليه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه كان يسبح في الآخرتين يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر يقولها ثلاث مرات، ثم يركع، وعلى ذلك رأينا مشائخ آل الرسول صلى الله
---(1/94)


[ 95 ]
عليه وعليهم، وبذلك سمعنا عمن لم نر منهم، ولسنا نضيق على من قرأ فيهما بالحمد ولكنا نختار ما روي لنا عن أمير المؤمنين رحمة الله عليه، وذلك أنا نعلم أنه لم يختر ولم يفعل إلا ما اختاره رسول الله صلى الله عليه وآله وفعله، ورسول الله صلى الله عليه وآله فلم يفعل إلا ما أمره الله عزوجل بفعله واختاره له في دينه. حدثني أبي عن أبيه القسم بن ابراهيم عليه السلام أنه قال: يسبح في الركعتين الآخرتين وقال: على ذلك رأينا مشائخ آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكذلك روي لنا عن أمير المؤمنين رحمة الله عليه أنه قال: يسبح في الآخرتين يسبح في كل ركعة ثلاثا يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
باب القول في إيجاب الحجة بالتسبيح في الركعتين الآخرتين
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: يقال لمن قال إنه لا يجوز التسبيح في الركعتين الآخرتين من الظهر والعصر والعتمة والثالثة من المغرب، وقال: ان الفرض في ذلك القراءة بالحمد: ما حجتك في ذلك؟ وما علمك بأن ذلك كذلك؟ فان قال: لان الله يقول فاقرؤا ما تيسر من القرآن، قيل له: أو لم يقرأ في صلاته بما تيسر من القرآن من قرأ في الركعتين الاولتين، وقد نعلم أن من قرأ في الركعتين الاولتين من كل صلاة فقد قرأ فيها فيها بما تيسر من القرآن إلا أن تكون معك آية يرحمك الله توجب بها القراءة في كل ركعة نصا وأن الله فرض ذلك على الخلق فرضا فأما إن لم تجد معك لذلك من قولك دليلا، ولم تنل إلى اثباته سبيلا، فلا حجة لك على من قرأ في الركعتين الاولتين وسبح في الآخرتين لانه قد قرأ بما تيسر كما أمره الله العلي الاكبر فإن قال: ومن حجتي في ذلك
---(1/95)


[ 96 ]
إيضا ما قد روى عن النبي صلى الله عليه وآله من قوله (كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج) قيل له قد احتججت في ذلك بغير ما احتجاج ألا ترى أنك تقول صلى فلان العصر وصلى فلان الظهر تريد بقولك أنه صلى العصر أي صلى أربع ركعات معا، وكذلك الظهر تريد صلى أربعا وفقا ولو صلى ثلاثا العصر أو صلى ركعتين الظهر في حضر لم تقل أنه صلى عصرا ولم يجزأ أيضا أن تقول انه صلى ظهرا لانه صلى العصر ثلاث ركعات وهي أربع متتابعات، وكذلك الظهر فلا تكون في الحضر اثنتين فقد بان لك في كلتا الحالتين أنهن أربع متتابعات مجتمعات غير ناقصات ولا متفرقات تمام أولهن معقود بتمام آخرهن، وتمام آخرهن معقود بتمام أولهن، فإذا كان ذلك كذالك فقد صح ما قلنا به من ذلك، وثبت أن من قرأ في أول الصلاة أو في بعضها فقد أدى ما أمر به من فرضها من القراءة بما تيسر فيها، وأتى بما أمر منها وليست تلك الصلاة بخداج لانه قد قرأ فيها إذا كان قد قرأ في بعضها، ألا ترى أن العرب تقول رمى فلان بسهم أو سهمين في العسكر فقالت: رمى في العسكر وإنما رمى في بعض العسكر فجاز ذلك عندهم في القول والخبر، وكذلك تقول العرب أنخنا البارحة بالروحاء، وإنما أناخت في جانب منها، وتقول رمى فلان بحجر أو حجرين في دار فلان وإنما رمى به في بعضها أو في ناحية منها، فقالت فيها: إذا كانت متصلة معا كلها أو بعضها معروف ببعضها، فعلى هذا من القول والمعنى ما يخرج قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج) الا أن تكون معك حجة من كتاب الله، أو رواية مجمع عليها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: كل ركعة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج فتظهر لك الحجة علينا، وتفسد بذلك ما في أيدينا وإلا فقد قام من قرأ في
---(1/96)

14 / 198
ع
En
A+
A-