[ 87 ]
باب القول في أذان الاعمى وولد الزنا والمملوك
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا بأس أن يؤذن هؤلاء كلهم إذا كانوا من أهل الدين والمعرفة واليقين، ولا بأس أن يؤموا ويصلوا بالناس. قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ولا بأس بأن يؤذن الرجل ويقيم آخر إذا اضطروا إلى ذلك، حدثني أبي عن أبيه أنه قال: لا بأس بأذان الاعمى قد كان ابن أم مكتوم يؤذن للنبي صلى الله عليه وآله وهو أعمى، ولا بأس أن يؤذن ويؤم الاعمى وولد الزنا والمملوك إذا كانوا من أهل الطهارة والعفاف، حدثني أبي عن أبيه أنه قال: لا بأس أن يقيم الصلوة للقوم غير مؤذنهم الذي أذن لهم إذا اضطروا إلى ذلك. قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ليس على النساء أذان ولا إقامة لان الاذان والاقامة دعاء إلى الصلوة ولا يدعو إليها إلا من يؤم كل من حضر من النساء والرجال، والنساء لا يصلين بالرجال، والدعاء إلى الصلاة فلا يكون إلا برفع الصوت، والنساء فإنما أمرن بالتستر، وعليهن من ستر أصواتهن ما عليهن من ستر وجوهن وزينتهن.
باب القول في تسمية الصلوات وعدهن في الكتاب
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: قال الله سبحانه: (أقم الصلوة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) (8)، فكان قوله سبحانه (لدلوك الشمس) (9) فرضا لصلوة الظهر ودلوكها فهو زوالها، وكان قوله سبحانه (إلى غسق
---
ص 87 (8) الاسراء 79.
(9) الاسراء 79.
---(1/87)


[ 88 ]
الليل) (10) دليلا على فرض المغرب، وغسق الليل دخوله، ودخوله فهو ظهوره، وظهوره فهو ظهور الكواكب كواكب الليل التى لا ترى إلا في الظلام، لا كواكب النهار الدرية التي قد ترى نهارا في كل الايام، ولذلك وفيه ما قال الله وذكر عن نبيه ابراهيم صلى الله عليه حين يقول: (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا) (11) فذكر أن علامة الليل وغشيانه ظهور كوكب من كواكبه وما لم يغسق الليل ويجن وتبين بعض الكواكب فلا تجوز الصلاة ولا الافطار وكان قوله (وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) (12) دليلا على فرض صلاة الصبح، ولا تجوز صلاة الصبح حتى يعترض الفجر ويتبين وينتشر نوره وضوءه في الافق فإذا انتشر وأنار واستطار وأضاء لذوي الابصار وجبت الصلوة على المصلين وبذلك حكم رب العالمين، ثم قال: (والعصر إن الانسان لفي خسر) (13) فذكر العصر باسمها فدل بذكره اياها، وقسمه بها على توكيد ما بين رسول الله صلى الله عليه وآله من فرضها، ثم قال: (يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا) (14)، ثم قال: (إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرأوا ما تيسر من القرآن) (15) فامرهم بالقراءة لما تيسر من القرآن في قيامهم وصلاتهم، فدل بما افترض عليهم من القراءة
---
ص 88 (10) الاسراء 79.
(11) الانعام 76.
(12) الاسراء 78.
(13) العصر 1 - 2.
(14) المزمل 1 - 2.
(15) المزمل 20.
---(1/88)


[ 89 ]
في أي هذه الاوقات كان قيامهم فيه - على فرض العتمة التي بينها الرسول عليه السلام وهي العشاء التي سماها الله في قوله (ومن بعد صلوة العشاء) (16)، والعشاء فهي التي يدعوها الناس العتمة، فهذه الخمس الصلوات اللواتي افترض الله سبحنه على المؤمنين، وهذه الاوقات فأوقات لهن ودلالات على عددهن وشواهد على ما سمي منهن.
باب القول في تحديد الاوقات للصلوات
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: أول وقت الظهر زوال الشمس وميلانها، فإذا زالت الشمس ومالت واستبان زوالها فهو أول وقت الظهر، وأول وقت العصر حين يصير ظل كل شئ مثله في الطول، وأول وقت المغرب دخول الليل، ودخوله ظهور كوكب من كواكبه التي لا ترى إلا في غسق الليل وفي ذلك ما يقول الله سبحانه فيما حكى عن نبيه ابراهيم الاواه الحليم حين يقول (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا) (17) وأول وقت العتمة غيبوبة الشفق، والشفق فهو الحمرة لا البياض، لان البياض لا يغيب إلا بعد ذهاب جزء من الليل كثير والحمرة فتغيب لمقدار سبع من الليل (18) وهو أول وقت العتمة. وأول وقت الصبح طلوع الفجر وسطوعه واعتراضه ونوره، فهذه أوقات للمقيمين أهل عمارة المساجد من المصلين، وما بين هذه الاوقات فوقت لما فيهن من الصلوات، فما بين زوال الشمس إلى اصفرارها، والخوف من ذهابها، فوقت الظهر والعصر لمن كان مريضا أو خائفا أو مشتغلا بشغل من أمر الله سبحانه، وللمرأة الحائض ترى الطهر في آخر النهار وفيما ذكرنا من الاصفرار،
---
ص 89 (16) النور 58.
(17) الانعام 76.
(18) قال في حاشية الام الصواب نصف السبع وهو هكذا في بعض النسخ.
---(1/89)


[ 90 ]
وكذلك المرأة لو رأت الطهر في آخر وقت من النهار يمكنها فيه أن تطهر وتصلي خمس ركعات وجب عليها أن تصلي الظهر والعصر معا وإن غربت الشمس في باقي صلاة عصرها. وكذلك المغمى عليه من المرض لو أفاق في وقت يصلي فيه خمس ركعات وجب عليه أن يصلي الظهر والعصر معا والنهار كله وقت لمن كان في شئ مما ذكرنا، كما الليل كله وقت سواء إذا كان إلى ذلك مضطرا، وفي أن الليل كله وقت لصلاة الليل من المغرب والعشاء الآخره ما يقول الله لنبيه صلى الله عليه وآله: (يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا) (19) فكان ذلك من الله عزوجل توقيتا لما افترض من الصلاة في الليل من المغرب والعتمة فرضا، والدليل علي أنه عنى بذلك الفرض قول الله سبحانه من بعد ذلك (والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرأوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الارض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرأوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) (20) فدل سبحانه بقوله (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكوة) (21) على أن ذلك من الصلوة فرض كفرض ايتاء الزكوة إذ ضمه إليها، ولو كانت صلوة النافلة لم يضمها إلى الزكوة المؤكدة، وكذلك وجدنا الله سبحانه يقول في كل ما ذكر فيه الصلوة والزكوة من القرآن، فلم يذكر صلوة مع زكوة إلا وهي صلوة فريضة مؤكدة كتأكيد الزكوة، فدل بذلك على أنها صلاة الفريضة المفترضة، ولو كان ذلك ذكر نافلة لذكر الله سبحنه أمرها، كما ذكر أمر غيرها من النوافل،
---
ص 90 (19) المزمل 1.
(20) المزمل 20.
(21) المزمل 20.
---(1/90)


[ 91 ]
وما جعل لنبيه بها وفيها من القربة إليه فقال سبحانه: (ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) (22) فجعل تبارك وتعالى بين أمره بالفريضة والنافلة والاباحة فصولا بينة، وحدودا واضحة.
باب القول في افتتاح الصلاة وتحريمها وتحليلها
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: مفتاح الصلوة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم، ولا تجزي صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وقرآن معها. قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: أحسن ما سمعنا في الافتتاح وما نراه أن يستقبل المصلي القبلة ثم يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، ثم يقول وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا مسلما، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، ثم يقول: الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل، ثم يكبر فيقول: الله أكبر، ثم يقرأ فيبتدي ببسم الله الرحمن الرحيم، فهذا أحسن ما سمعنا في الافتتاح وما تخرجه جدي القسم بن ابراهيم رضي الله عنه من القرآن وذلك أن الله سبحانه أمر نبيه محمدا صلى الله عليه وآله فقال: (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا)، (23) يقول لا تجهر بالقراءة في صلوات الظهر والعصر، ولا تخافت بالقراءة في صلوة المغرب والعشاء والفجر وابتغ بين ذلك سبيلا أي فصلا تفصل بينهن بذلك، ثم قال يأمره إذا
---
ص 91 (22) الاسراء 79.
(23) الاسراء 110.
---(1/91)

13 / 198
ع
En
A+
A-