[ 71 ]
عليه إن خاف على نفسه سلطانا أو سبعا أو لصوصا إن هو طلب الماء يريد الرجل يكون معه الماء وهو يعلم موضع ماء، وهو يخاف إن هو ورد ذلك الماء ما ذكر من السلطان أو السبع أو اللصوص. فقال: عليه أن يستبقي الماء الذي معه لنفسه، ويتيمم لكيلا يرد الماء الذي يخاف فيه التلف.
باب القول في وجود الماء ومتى يكون الانسان له واجدا
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: من علم مكان المياه، وعلم أنه يدركها في بعض أوقات الصلوة، ولم يخف على نفسه مخافة، ولا دونه له متلفة فهو واجد له، وعليه في الفرض أن يطلبه، وكذلك إن وجده يباع بثمن، وكان كذلك الثمن واجدا، فهو بوجوده الثمن واجد للماء، وكان بشرائه له متعبدا، لان من وجد ثمنه فقد ناله ووجده، ما لم يخف على النفقة نفاذا أو تقصيرا، يدخل بذلك على نفسه تهلكة وتدميرا، فمن لم يخف دون الماء مخافة ولا من النفقة إن اشتراه جائحة، وجب عليه أن يبتاعه ويشتريه، ويطلبه بجهده أو يصير إليه، قال ومن أصابته جنابة في ليله أو نهاره، وكان الماء منه على مسافة يعلم أنه يلحقه، أو يبلغه في الليل قبل طلوع الفجر، أو في النهار قبل مغيب الشمس، وجب عليه طلبه، والمصير إليه، إلا أن يمنعه منه مانع، أو يقطعه عن بلوغه قاطع. حدثني أبي عن أبيه أنه قال: أيما مسافر وجد مع غيره ماء فلم يعطه إياه إلا بثمن غال، وكان المسافر لثمنه واجدا، فعليه أن يشتريه، لانه واجد له بما وجد من ثمنه لقول الله سبحانه: (فلم تجدوا ماء
---(1/71)
[ 72 ]
فتيمموا صعيدا طيبا) (58) فهو واجد له في اللغة بوجود ثمنه، إلا أن يكون في دفعه ثمن الماء إجحاف بنفسه، أو تعريض لها للعطب والتلف، فيكون له حينئذ أن لا يشتري الماء، وأن يتيمم صعيدا طيبا. قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: وأيما جنب تيمم ثم وجد الماء بعد أن صلى وجب عليه أن يغتسل، ويعيد ما صلى من تلك الصلاة، إذا كان في وقت من أوقاتها. قال: فإن لم يجد الماء إلا بعد يوم أو ليلة أو يومين أو ليلتين، ثم وجده اغتسل ولم يقض ما صلى بتيممه، وهو مؤد في ذلك لفرضه، قائم بما أمر به منه.
باب القول في الحيض وكم أكثره وأقله
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: أقل ما يكون وقت الحيض ثلاث ليال، وأكثر ما يكون الحيض عشر ليال، فما كان أقل من ثلاث ليال في وقت الحيض، فهو فساد من الحيض ويجب على المرأة ترك الصلوة فيه، حتى تنقى فإذا نقيت اغتسلت وصلت وصامت، وم كان منه في غير وقت الحيض فليس بحيض، وهو عارض من مرض، لا يجوز ترك الصلاة لها فيه، وكذلك فقد يكون الحيض أربعا وخمسا وستا وسبعا وثمانيا وتسعا وعشرا على قدر ما تعلم النساء من أنفسهن، وما جربنه من حيضهن، فأما إذ جاوز العشر وطال بقاء الدم بهن فهن مستحاضات يفعلن ما تفعل المستحاضة، تقف عن الصلاة في وقت طمثها الذي تعرفه من نفسها، وتغتسل في وقت طهرها الذي تعرفه من نفسها، وتصلي وتصوم، ويأتيها زوجها، ولا تترك الصلاة إلا عشرا. والعشر فهو أكثر الحيض، وما زاد فهو استحاضة لا حيض.
---
ص 72 (58) النساء 43.
---(1/72)
[ 73 ]
باب القول فيما لا يجوز للحائض أن تفعله
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا يجوز للحائض أن تدخل المسجد، ولا تحمل المصحف، ولا تقرأ القرآن، ولذلك منعت الصلوة لانه لا صلاة إلا بقراءة والحايض لا تقرأ القرآن، ولا يجوز أن يدنو منها زوجها في موضع حرثها. حدثني أبي عن أبيه في الجنب والحايض يقرآن القرآن أم لا؟ فقال: يسبحان، ويذكر ان الله، ولا يقرآن القرآن.
باب القول فيما يستحب للحايض أن تفعله
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: يستحب للحايض أن تطهر وتنظف، ثم تأتي موضعا طاهرا فتجلس فيه، وتستقبل القبلة في وقت كل صلوة ثم تسبح وتهلل، وتستغفر الله، ثم تنصرف، ويستحب لها أن تكحل عينيها، وتمشط شعرها، وتزين في بيتها، ولا تعطل نفسها، ولا تشعث رأسها، ولا تهاون بنفسها وتتبع الحسن من أمرها.
باب القول فيما تعمل الحامل إذا رأت الدم
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إذا رأت الحامل الدم فينبغي لها أن تغسله عن نفسها بجهدها، وتحتشي له إن احتاجت إلى ذلك، وهو حادث حدث عليها وليس بحيض، وإن كان في وقت الحيض الذي كانت تعرفه من نفسها، لان الحيض لا يكون مع الولد أبدا، لان الله سبحانه جعله كذلك وركبه على ذلك فالرحم لا يشتمل على ولد وحيض، فإذا اشتملت على ولد ذهب الحيض، ولذلك ما
---(1/73)
[ 74 ]
جعل الله ذهاب الحيض للتي لم تيئس دليلا على الحمل، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن) (59) فجعل الثلاثة الاشهر أمدا للتي قد يئست من الحيض واللاء لم يحضن من الصبايا، فمتى قعدت ذات الحيض من ذوات البعول عن حيضها، وجب عليها أن تتوقى ما يتوقاه ذوات الحمل مثلها، حتى يتبين لها أمرها، وتستبري من ذلك رحمها، فلذلك قلنا: إنه يجب على من كان كذلك من النساء توقي ما يجب توقيه من الاشياء، مثل الادوية التي يخاف على الجنين منها، وغير ذلك مما يخاف أن يضرها، ولذلك ما قيل به في المرأة، يطلقها زوجها فتحيض حيضة، ثم ينقطع عنها الحيض، وهي من ذوات الحيض اللواتي لم ييئسن منه لكبر السن: إنها تنتظر بنفسها الحيض، إلى وقت الاياس منه وهي أن تبلغ ستين سنة، فإذا بلغت ستين سنة، ولم ترد ما، اعتدت بالاشهر ثلاثة أشهر، ثم حلت للازواج. قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: وعلى هذا القياس يجب على كل من كانت عنده امرأة، فأراد أن يتوزج أختها فطلقها، فحاضت حيضة، وكانت غير مؤيسة، ثم لم تر بعد تلك الحيضة دما، أن لا يتزوج اختها حتى تحيض ما بقي من حيضها، وتستوفي عدتها بالحيض، أو حتى يأتي عليها من السنين ما تكون فيه وبه آيسة من الحيض، فتعتد حينئذ بالاشهر، ثلاثة أشهر ثم تحل للمطلق من بعد ذلك اختها، ولا يجوز له غير ذلك فيها، لانها غير آيسة، وإذا كانت كذلك فلا عدة لها إلا بالحيض، وهذا الحبس فإنما هو مرض نزل بها، وليس يجب عليها أن تعتد بغير ما جعل الله من الحيض لها، فهي ما
---
ص 74 (59) الطلاق 4.
---(1/74)
[ 75 ]
دامت في علتها هذه أبدا في عدتها ترثه ويرثها، وإذا كانت كذلك لم يجز له أبد نكاح اختها. حدثني أبي عن أبيه أنه قال: إن سأل سائل عما ترى الحامل من الدم هل يكون عندكم حيضا؟ قيل له لا ليس بحيض ولكنه حدث حدث عليها فيه كالذي حدث (60) عليها في غيره من الاحداث.
باب القول في النفاس وتفسير ما يجب فيه وكم تقعد المرأة النفساء
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: تقعد المرأة النفساء أربعين يوما إلا أن ترى قبل الاربعين طهرا فتطهر إذا رأت الطهر ونقيت من الدم، فإن لم تر قبل الاربعين طهرا أقامت أربعين يوما، ثم تطهرت ولا تقعد أكثر من ذلك، فإن رأت بعد ذلك دما فعلت فيه ما تفعل المستحاضة، وكذلك بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (تقعد النفساء أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك)، وكذلك بلغنا عن علي بن أبي طالب رحمة الله عليه أنه قال: (وقت النفساء أربعون يوما، فإذا جاوزت الاربعين اغتسلت وصلت، وكانت بمنزلة المستحاضة تصوم وتصلي، ويأتيها زوجها). قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: والنفساء تطهر من النفاس كما تطهر الحايض من حيضها، لان الحيض والنفاس واحد في المعنى لما يأتي فيهما من الدماء، والعرب تدعو الحيض نفاسا. وفي ذلك ما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وآله (أنه كان مع امرأة من نسائه فوثبت فقال لها مالك أنفست)؟ يريد أحضت؟ وفصحاء
---
ص 75 (60) في نسخة: يحدث.
---(1/75)