قال: وإذا كانت المقاسمة شراكة من السدس كان له السدس عنه وبه قال ابن أبي ليلى والحسن بن زياد الولوي والحسن بن صالح بن حيي؛ وهو الأظهر من قول الإمامية، وقيل أنَّه روي عنه المقاسمة إلى السبع وهي رواية ضعيفة غير مشهورة عنه، والرواية التي ذكرناها رواها زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام، وهذه الرواية الضعيفة قد حكت في بعض كتب الإمامية وذهب عبد الله وزيد إلى أنَّه يقاسمهم ما لم تكن المقاسمة شراً له من الثلث فإذا كانت المقاسمة شراً له من الثلث كان له الثلث ولهذا قال أبو يوسف ومحمد والشافعي وأظنه قول مالك وسفين الثوري، وذهب الناصر إلى أنَّه بمنزلة الأخوة يقاسمهم أبداً وهذا القول خلاف ما أجمعت عليه الأمة؛ فوجب سقوطه لأنَّه لا يعرف به قائل مع اختلاف المختلفين في الجد مع الأخوة، روى زيد، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام أنَّه كان يجعل الجد بمنزلة الأخ إلى السدس، وروى محمد بن منصور بإسناده، عن الشعبي، عن علي في الجد أنَّه جعله أخاً إلى ستة يقاسم به ما دامت المقاسمة خيراً له من السدس فإذا نقص حظه م السدس إذا شاركهم أعطاه السدس، والذي ذكره يحيى في الأحكام وهو ما روى عمران بن حصين: <أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال إن ابن ابني مات فمالي من ميراثه؟ فقال: لك السدس، فلما ولى قال: أرجع فلك سدس آخذ، ثُمَّ قال: إن السدس الآخر طعمه>، فدل ذلك على أن سهمه السدس، وأنه الواجب له في جميع الأحوال وأن السدس الثاني أعطاه إياه لا على أنَّه سهمه بل لوجه آخر، ويجوز أن يكون أعطاه على وجه التعصيب كان يكون الميت ترك ابنةً وأماَّ وجداً فإن للابنة النصف، وللأم السدس، وللجد السدس والسدس الباقي له بالتعصيب ولهذا مثله، ولو أراد صلى الله عليه وآله وسلم أن يجعل سهمه الثلث لكان يقول: لك الثلث فلما فصل بين السدس والسدس علم أن سهمه كان السدس في جميع الأحوال وزاد يحيى في الحديث أن(117/5)


علياًّ كان يقول: (نسيتم وحفظت)، يعني للذين يجعلون سهمه مع الأخوة الثلث، وروي أن ابن عمر سأل الناس فقال: أيكم شهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قضى في الجد، فقال معقل بن يسار: أعطاه السدس، فقال مع من قال؟ لا أروي، فهذا أيضاً يؤكد أن سهمه السدس قياساً.
ومِمَّا يدل على ذلك: أنَّه عصبة بنفسه عاد ذا سهم فوجب أن يكون سهمه السدس قياساً على الأب وإنما احترزنا بقولنا عصبة بنفسه من الابنة والأخت؛ لأنهما قد يكونان عصبة وسهمهما النصف إلاَّ أنهما يكونان عصبة لا بأنفسهما بل بأخوتهما على أنا إذا قلنا عصبة عاد ذا سهم فلم يجب أن يكن سهمه الثلث صح الكلام لكن ما ذكرناه أولاً هو الأول؛ لأنَّه يشتمل على ذكر السدس ويدل على ذلك أيضاً أن سهمه مع الولد السدس ولا يسقط الأخوة فوجب أن يكون سهمه أيضاً مع الأخوة السدس قياساً على الأم لما كان سهمها مع الولد السدس وكانت لا تسقط الأخوة كان ذلك سهمها مع الأخوة.
فإن قيل: وجدنا الجد حكمه مع الجدة حكم الأب مع الأم فلما كان للجدة السدس وجب أن يكون للجد الثلث مثلاً ما للجدة كما أن الأم لما كان لها الثلث وجب أن يكون للأب الثلثان مثلاً ما للأم.
قيل له: هذا الاعتبار نحن أولى به وذلك أن ما ذكرتم من حال الأبوين إنَّما كان إذا لم يكن الأب ذا سهم فإذا عاد ذا سهم فإن سهمه مثل سهم الأم فكذلك الجد إذا عاد ذا سهم وجب أن يكون سهمه مثل سهم الجدة.
فإن قيل: وجدنا الفرائض مبنية على الواحد إذا خالف الجماعة في العمل م حب أو أخذ كان حكم الاثنين والثلاثة سواء كالابنتين والأختين أنهما والثلاث سواء في الثلثين وكحجب الأخوة للأم إن الاثنين والثلاثة سواء؛ فوجب أن يكون سهم الجد مع الأخوين والثلاثة سواء؛ وذلك يوجب أن سهم الثلث لأنَّه لا خلاف أن سهمه مع الأخوين الثلث.(117/6)


قيل له: عندنا أنَّه مع الأخوين والثلاثة والأربعة مقاسم ليس بذي سهم ولسنا نسلم أن سهمه مع الأخوين الثلث على أن الذي ذكرتم لو كان صحيحاً لكان اعتبارنا أولى؛ لأنا اعتبرنا حالة في نفسه بنفسه وأنتم اعتبرتم حالة بغيره على أنا لا نسلم في تلك المسألة أن الواحد من الأخوة يخالف عمله الجماعة؛ لأن الأخ الواحد عندنا مقاسم للجد وكذلك الثاني والثالث والرابع فلم يخالف عمله عمل الجماعة فسقط هذا الاعتبار، ألا ترى أن الابن الواحد لا يصح أن يقال عمله يخالف عمل الجماعة في الأخذ وإن كان يأخذ الكل إذا كان واحداً ويأخذ النصف إذا كان معه آخر لأن عمله المقاسمة قل نصيبه أو كثر فوضح سقوط هذا الكلام فأما السبع الذي روي عن علي عليه السلام الرواية الضعيفة فليس لها وجه لا في الأثر ولا في النظر لأن السبع لم تجعل في الفرائض سهماً لأحد على وجه من الووه فوجب سقوطه والعمل على الرواية المشهورة عنه عليه السلام لأنها اشهر ولأن السنة والعترة يدلان عليه.
مسألة
قال: وهو مع الأخوات إذا لم يكن معهن اخوة عصبة؛ وهو قول علي عليه السلام، لم يختلف فيه، روى زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام أنَّه كان يعطي الأخت النصف وما بقي فللجد، وكان يعطي الأختين الثلثين وما بقي فللجد، وروى محمد بن منصور، عن الشعبي، عنه وبه قال ابن مسعود وعلقمة والأسود ومشروق، وكان زيد بن ثابت يقاسم الجد بهن منفردات إلى الثلث، ويدل على ما قلنا قول الله تعالى: {إِنْ إِمْرَءٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ}، فجعل لها النصف مع عدم الولد، فوجب أن يكون سهمها مع عدم الولد في جميع الأحوال حيث يمنع منه الدليل؛ فوجب أن يكون ذلك سهمها مع الجد، وكذلك الأختين يجب أن يكون سهمها مع الجد لقوله: {وَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ}، وهذا يحج من اسقط الأخت مع الجد كما يحج من قاسم بها الجد.(117/7)


فإن قيل: الآية واردة في ذكر الكلالة وإذا كان في المسألة جد لم يكن كلالة.
قيل له: الكلالة هم الورثة فليست المسألة هي اسم وإنما بين الله في الآية حكم الكلالة سوى كان معهم من كان كلالة أو غير كلالة، وإنما يجب أن ينظر في ذلك من وجه آخر إذا كان معهم من ليس بطلالة والظاهر يوجب أن للواحد مع عدم الولد النصف والاثنتين مع عدم الولد الثلثين فقد وهذا كاف في استدلالنا على أن الأم ليست كلالة وهي لا تسقط الأخوة وكذلك الابنة على أنا وجدنا الأخت تقاسم الأخوة من حيث يعصبها الأخوة وهذه قوة للأخوة ليست للجد، ألا ترى أنَّه لا يعصب أخته وهي تكون عمة أبي الميت، فإذا لم يكن له قوة للأخوة يعصب أخته بها فكيف يعصب سبطته، وإذا لم يصح أن يعصبها لمتجب بينهما المقاسمة؛ لأنها شرط التعصيب.
فإن قيل: إن الجد بمنزلة الأخ حتى يعود ذا سهم فإذا عصب الأخ أخته وجب أن يغصبها الجد إذا لم يكن أخ.
قيل له: لا يكون على الإطلاق بمنزلة الأخ عندنا وعندكم، ألا ترى أنَّه يعود ذا سهم وليس ذلك حكم الأخوة وله مع الابن السدس، وليس ذلك حكم الأخوة وإنما يجعله بمنزلة الأخ في موضع مخصوص ولا يجعله في تعصيب الأخت بمنزلة الأخ؛ لأنَّه أمرٌ اختص به الأخ دونه، فلا يصح سؤالكم هذا، و يستدل على المسألة بقوله: <ألحقوا المال بالفرائض فما أبقت السهام فلأولي عصبة ذكر>، تمت والله أعلم وأحكم بالصواب.
مسائل ليست من التجريد [في الشرح](117/8)


روى زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام؛ أنَّه يقول في أخت لأب وأم وأخت لأب وجد للأخت من الأم والأب النصف، وللأخت من الأب السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللجد وجملة ما مضى في المسألة، قال: وكان يقول في امرأة وأم وأخوات وأخوة وجد؛ للمرأة الربع وللأم السدس وما بقي فبين الأخوة والأخوات والجد؛ للذكر مثل حظ الأنثيين وذلك يكون ما لم يكن نصيبه أقل ن السدس وهو صحيح على أصوله التي دللنا عليها، ومن المشهور عنه عليه السلام في ابنة وأخت وجد؛ أنَّه كان يقول للابنة النصف المسمى لها وللجد سهمه وهو السدس مع الولد، وللأخت ما بقي؛ لأنها عصبة مع الابنة على ما بيناه في صدر الكتاب، وروي عن علي توريث ابن الأخ مع الجد رواية شاذة، والمشهور خلاف ذلك وهو ما رواه زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام أنَّه كان لا يورثه شيئاً مع الجد، وبه قال الصحابة والعلماء وهو الصَّحيح؛ لأنَّه ليس لابن الأخ قوة الأخ، ألا ترى أنهلا يعصب أخته.
رجعنا إلى التجريد:
مسألة
قال: وللجدات السدس وسوى كانت الجدة وأحج أو اثنتين أو أكثر؛ وهذا مما ذكر أنَّه إجماع الصحابة، إلاَّ ما روي عن ابن عباس أنَّه قال: الجدة بمنزلة الأم إذا لم تكن أم، وهذا قول لم يقل به أحد بعده فوجب سقوطه بحصول الإجماع بعده، وروي عن إبراهيم النخعي <أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أطعم جدتين السدس>، ويوضح ذلك أن الربع والثمن لما كان سهم الزوجة اشترك الزوجات فيه، وحكي عن محمد بن شجاع أنَّه أسقط أم الأم مع أم الأب وعلل ذلك بأن أم العصبة ويدلي به، وهذا خلاف الإجماع.
مسألة(117/9)

34 / 122
ع
En
A+
A-