قيل له: نقول ذلك للإجماع وإلاَّ فالظاهر يقتضي أن لها الثلث مما اشتملت هي والأب عليه من المال وأيضاً وجدنا للأب ضعف ما للأم إذا لم يكن في الفريضة زوج وامرأة ولم يكن ولد فوجب أن يكون له الضعف وإن كان في الفريضة زوج وامرأة والعلة عدم الولد وأيضاً لما دخل عليهما النقص مع الولد لم ينتقص حال الأب عن حال الأم فكذلك إذا دخل عليهما النقص بأحد الزوجين وأيضاً لم يجد في شيء من الفرائض تفضيل الأم على الأب فصارت أصول الفرائض شاهدة لقولنا.
مسألة
قال: وإن ترك أماًّ وأخاً فللأم الثلث، وللأخ ما بقي؛ وهذا مما لا خلاف فيه إلاَّ خلاف الإمامية وما دللنا عليه من توريث العصبات مع ذوي السهام يحجهم ويسقط قولهم ويحجهم قوله تعالى: {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ}، فوجب أن يرث مع الأم بظاهر الآية، قال: فإن ترك أماًّ وأخوة وأخوات فللأم السدس وما بقي بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وذلك مما لا خلاف فيه إلا الخلاف الذي ذكرنا؛ لأن الله تعالى سمى للأم السدس مع الأخوة فلها المسى بنص الكتاب والباقي لهم للوجوه التي مضت ولقوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا اخْوَةٌ رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ}، فعمر ذلك مع الأم كانوا أو غيرها إلاَّ حيث يمنع الدليل، قال: وإن ترك أماًّ وأختاً فللأم الثلث وللأخت النصف، وما بقي فللعصبة وهذا ما لا خلاف فيه إلاَّ خلاف الإمامية، وذلك أن الله تعالى سمى للأم الثلث وللأخت النصف فأعطينا واحة منهما سهمها، وكان الباقي للعصبة وكان الباقي للعصبة، قال: فإن ترك أماًّ وأختين فصاعداً فللأم السدس وللأختين فما فوقهما الثلثان وما بقي فللعصبة، كل ذلك إذا كانت الأخوة أخوات لأب وأم.
مسألة(115/8)
قال: والأخوة لأم بمنزلة سائر الأخوة في الحجب وهذا مما لا خلاف فيه إلا خلاف الإمامية وقد مضى الكلام فيه، قال: وللواحد منهم مع الأم السدس وللاثنين فصاعداً الثلث ولا يفضل ذكر أنهم على إنائهم، وهذه الجملة لا خلاف فيها إلاَّ خلاف الإمامية فإنهم يذهبون إلى أنهم لا يرثون مع الأم وقد مضى الكلام فيه، وأن ظاهر الآية يحجبهم.
مسألة
قال: وإذا تركنت المرأة أماًّ أو جدة وزوجاً وأخوة لأم وأخوة وأخوات لأب وأم فلأم أو الجدة السدس وللزوج النصف وللأخوة من الأم الثلث، ولا شيء للأخوة من الأب والأم وكذلك إن كان معهم أخوات فلا شيء لهم ولهن.(115/9)
وهذه المسألة التي تسمى المشتركة ومن ذهب إلى التشريك جعل الثلث الذي هو للأخوة من الأم بينهم وبين الأخوة من الأب والأم بالسوية واشترك الجميع، وروي عن عمر أنَّه كان لايشرك، ثُمَّ رأى بعد ذلك أنه يشرك، واختلفت الرواية في التشريك، والمشهور عن عبدالله وزيد وابن عباس التشريك، وكان علي لا يشرك، وروي ذلك عن أبيّ بن كعب وأبي موسى، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وكذلك حكى عن الشعبي، وقال الشافعي بالتشريك، ويدل على صحة ما ذهبنا إليه قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: <ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت السهام فلأولي عصبة ذكر>، وقد ألحقنا الفرائض بأهلها فلم يبق شيء فلم يجب للعصبة شيء، وأيضاً لا خلاف أن الله تعالى سمى للأم السدس وللزوج النصف وللزوج النصف وللأخوة من الأم الثلث، فيجب أن يوفى كل منهم ما سمى الله له ولا يبخل بعضهم دون بعض، وهذا دليل على سقوط الأخوة للأب والأم، وأيضاً لا خلاف أن النقص في هذه الفريضة لا يدخل على الأم ولا على الزوجة، فوجب أن لا يدخل على الأخوة للأم والعلة أنهم بعض المسمين في هذه الفريضة على أن الأخوة من الأب والأم وكذلك إن كن معهم أخواتهم عصبة؛ لا خلاف في ذلك وأنهم يأخذون ما يأخذون بالتعصيب لا بالتسمية وكل ما أخذ بالتعصب دون التسمية فإنه يسقط إذا لم يبق من السهام شيء، على هذا ثبتت المواريث فوجب أن يسقط في هذه المسألة.
فإن قيل: فإنهم ساووا الأخوة من الأم في المعنى الذي به أخذوا فلا يجب أن يسقطوا وهذا معنى ما قال عمران، وقيل له: عذاباهم كان حماراً.(115/10)
قيل له: أنهم لم يساووهم في ذلك؛ لأن الأخوة لأم يأخذون بالتسمية والأخوة من الأب والأم، يأخذون بالتعصيب وأن حصلت المساواة ثُمَّ يقال لهم: لا خلاف بيننا وبينكم في زوج وأم وأخ لأم وعشرين أخاً لأب وأم، أن للزوج النصف والأم السدس وللأخ من الأم السدس والباقي بين عشرين أخاً لأب وأم، فيكون ما يصيب كل واحد منهم نصف عشر السدس فلم يساووا الأخ لأم للعلة التي ذكرنا؛ وهي أنهم يأخذون بالتعصيب والأخ للأم يأخذ بالتسمية فكذلك في السقوط.
فإن قيل: السقوط يخالف النقصان.
قيل له: هذا فاسد وذلك أنَّا قد علمنا أن الأخوة للأب والأم إذا أخذوا أخذوا بالتعصب وتعصيبهم أنَّما هو من جهة الأب دون جهة الأم والأخوة لأب قد ساووهم في ذلك ومع ذلك يسقطون معهم فقد علمنا أنَّه لا يمتنع أن يحصل النقص لبعض مع المساواة في السبب إذا كان يأخذ بالتعصب وغيره يأخذ بالتسمية، وكذلك السقوط، فوضح ما ذهبنا إليه.
مسألة
قال: فإن كانت المسألة بحالها وكانت أخت واحدة لأب وأم بدل الأخوة والأخوات لأب وأم فلها النصف والفريضة عائلة بثلاثة أسهم فإن كان بدل الأخت أختين فما فوقهما لأب وأم لهما أو لهنَّ الثلثان والفريضة عائلة بأربعة أسهم، وهذا مما لا خلاف فيه إلاَّ خلاف من لا يقول القول وسيأتي القول فيه أو خلاف للإمامية فقد مضى الكلام عليهم وذلك؛ أن الأخوات من الأب والأم لا يأخذن إذا انفردن التعصب وإنما يأخذن بالتسمية فلا بد أن يجرين مجرى غيرهن في المسمى لهن ولا بد مع ذلك من العول فصح ما ذكرناه.(115/11)
باب القول في فرائض الأخوة والأخوات
الأخوة والأخوات من الأب والأم قياسهم قياس البنين والبنات إذا لم يكن بنون وبنات، والأخوة والأخوات من الأب قياسهم قياس أولاد البنين، وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء.
مسألة
قال: وإذا مات الرجل وترك أخاً لأب وأم كان المال كله له، وإن كانوا أخوة كان المال بينهم بالسوية، وإن كانوا أخوة وأخوات لأب وأم كان المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن ترك أختاً لأب وأم فلها النصف والباقي للعصبة؛ وإن لم يكن عصبة رد عليها، وإن ترك أختين لأب وأم فما فوقهما فلهن الثلثان وما بقي فللعصبات وقد مضى الكلام فيه، والأصل فيه قول الله تعالى: {إِنْ امْرَءٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ}...الآية.
مسألة
قال: وليس للأخوة والأخوات من الأب مع الأخوة والأخوات لأب وأم شيء وهذا مما لا خلاف فيه؛ لأن الأمة مجمعة على أن الأخوة والأخوات م الأب حكمهم مع الأخوة من الأب والأم حكم بني البنين وبناتهن مع البنين والبنات، ولا خلاف أن بني البنين وبناتهم لا يرثون مع البنين فكذلك لا يرث الأخوة والأخوات من الأب مع الأخوة والأخوات من الأب والأم شيئاً.
مسألة
قال: وإن ترك أختاً لأب وأم وأختاً لأب، فللأخت من الأب والأم النصف، وللأخت من الأب السدس تكملة الثلثين، وهذا لما قدمنا من أن حكمهما حكم الابنتين [الابنة] وابنة الابن وقد ثبت أن للابنة النصف ولابنة الابن السدس، وقد ثبت أن للابنة النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين ودللنا عليه فيما تقدم، فوجب أن يكون ذلك سبيل الأخت للأب والأم والأخت للأب وذلك كما سقطت ابنة الابن مع الابنتين للصلب ولا خلاف فيه، قال: والأخوة من الأب والأم يحجبون الأخوة من الأب كما يحجب الأولاد أولاد البنين، وهذا مما لا خلاف فيه كما بيناه.
مسألة(116/1)