درهم ولكل واحد من الأخوة من الأب والأم ألف درهم مع أن قرابة الأخ الأب والأب أقوى من كان عصبة، وكانت الأختان من ذوي السهام فالأقرب قوي قد يجوز الأقل والأضعف قد يجوز الأكثر لاختلاف الأقول، وعلى هذا ثبتت الفرائض كذلك لو تركت المرأة زوجها وعشرة أخوة لأب وأم وعشرين ألف درهم كان للزوج عشرة آلاف درهم ولك أخ ألف درهم للعلة التي بيناها فقد وضح سقوط تعلقهم وقد تعلق بعضهم بأخبار ضعيفة رويت من طريق ضعيف وهي أيضاً غير دالة على موضع الخلاف، رووا عن علي عليه السلام أنَّه قال: (ما جعل الله من له سهم كمن لا سهم له)، وعن سلمان: (ما جعل الله من له سهم في الإسلام كمن لا سهم له)، فاق لما في هذه الأحاديث أنَّه لا ذكر فيها للمواريث ولا يمتنع أن يكون المراد به بها أن من أعان المسلمين في مجاهدة الكفار من أهل الذمة لا يجرون مجرى المسلمين؛ لأن للمسلمين سهماً في الغنيمة وأولئك لهم الرضح كما للعبيد والنساء والصبيان ولا يمتنع أن يكون المراد به أن من كان له حظ في الإسلام يريد التأثير والمعونة والمجاهدة والغنا ليس كمن يسلم ولا يكون له هذا الحظ، وظاهر تلك الألفاظ على هذا يدل على أن المراد به لو كان المواريث مع بعده فجائز أن يكون القصد بيان تقديم ذوي السهام على ذوي الأرحام، على أن الناصر لم يعمل بهذه الأحاديث بل خالفها وأنه يسقط الأخوات من الأب مع بنات الابن مع ا، ابنة الابنة لا سهم لها، وللأخوات سهام مفروضة ويورث الجد أبا الأم مع الأخوات وللأخوات سهام مفروضة ولا سم للجد أبي الأم، وكذلك يورث أولاد الأخ للأب وللأم أو للأب مع الأخوات من الأم والأخوات من الأم سهامهن مفروضة وأولاد الأخوة لا سهم لهم، واعلم أن نصوص أصول الفرائض مبينة على نصوص في الكتاب وبعضها على سنن واردة وبعضها على إجماعات كانت من الصحابة وبعضها على طرق المقاييس والإجتهاد والمخالف لنا إذا علم أنَّه مخالنا في مسألة لا نص فيها من القرآن طالب(114/6)


بالنص وإذا علم أن طريقه الإجماع طالب بالنص أو السنة، وإذا علم أن طريقة الإجتهاد طالب بالنص أو السنة أو الإجماع وهذا لا يفعله إلاَّ جاهل أو مداهن يريد التلبيس على ضعفاء العامة نعوذ بالله من ذلك وربما تعلقوا بقول الله عز وجل: {لِلرِّجَالُ نَصِيْبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيْبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالدَانِ وَالأَقْرَبُونَ}، وهذه آية لا دليل فيها لبعض المذاهب دون بعض وإنما فيها بيان فساد ما كانت العرب تفعله في جاهليتها من منع النساء الميراث، واعلم أن القوم قد أبطلوا حكم الآية رأساً؛ لأن الله يقول: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النَّصْف}، وهم لا يعطونها النصف فقط في شيء من المسائل؛ لأنهم إما أن ينقصوها أو يزيدوها، فإذا أردت أن تعرف ذلك فتتبع مسائلهم فهل يكون رفع حكم الآية إلاَّ هذا والله المستعان ورأيت بعض جهال متأخرهم يقول أشياء سخيفة ناقضة لمذهب الناصر فعلمت أنَّه لا يميز بين ماله مما عليه ولا يبالي بدينه، كان يقول قد أجمع الجميع على أن الابنة وارثة واختلفوا في ابن العم معها فالمجمع أولى فعرفته أن الإجماع إنَّما حصل في النصف؛ لأن الابنة ترثه وذلك لا يؤثر في النصف ثُمَّ هو ناقض لمذهب الناصر؛ لأنَّه يورث الخال مع العم والعم وارث بالإجماع والخال ممن يذهب كثير من المسلمين إلى أنَّه لا يرث بتة، وكذلك يورث الجد أب الأم مع الإخوة من الأم ويسقط الأخوة والأخوات مع ابنة الابن.
مسألة(114/7)


قال: فإن ترك ابنتين فما فوقهما فلهما الثلثان بينهما على سواء وما بقي فللعصبة فإن لم يكن عصبة رد عليهن أو عليهما والكلام في التعصيب قد مضى وفي الرد يجيء بعد والذي يختص هذا الموضع هو الكلام في نصيب الابنتين؛ لأن ابن عباس يذهب إلى أن الثلثين لثلاث بنات فصاعداً استدلالاً بقوله عز وجل: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ}، وذهب سائر الصحابة والعلماء إلى أن للابنتين فما فوقهما الثلثان، وقد روى زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام، ورواه محمد بن منصور بإسناده عن الشعبي، عن علي ولا أعرف فيه مخالفاً غير ابن عباس فإنه حكى عنه أنَّه جعل للابنتين النصف ولا دليل له في الآية؛ لأن الله تعالى جعل للابنة الواحدة النصف والثلاث الثلثين ولم يذكر حال الابنتين فليس من يجعل لهما النصف بأولى ممن يجعل لهما الثلثين، ثُمَّ نص الكتاب على أن للأختين الثلثين وقد علمنا أن حال البنات أقوى من حال الأخوات فلم يجب أن يقصه حال الابنتين عن حال الأختين ولا يمتنع أن يكون الله نبه بحال ما فوق اثنتين من البنات على من فوق اثنتين من الأخوات ومحال الأختين على حال الابنتين، ويمكن أن يجعل قياساً صحيحاً بأن يقال أن الاثنتين من الأخوات بمنزلة الثلاث فكذلك البنات والعلة أن كل واحدة منهن إذا انفردت سهمها النصف أو يقال إن أخوتهن يعصبوهن ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأخ سعد بن الربيع: <إعط ابنته الثلثين وزوجته الثمن ولك ما بقي>، فنص على أن للابنتين الثلثين ويدل عليه حديث ابن مسعود لابنة ابنه السدس تكملة الثلثين وهي أضعف حالاً من الابنة فإذا أراد نسبتها كانت الابنة بذلك أولى.
مسألة(114/8)


قال: والقول في أولاد البنين ذكورهم وإناثهم أو ذكورهم مع إناثهم كالقول في الأولاد إذا لم يكن أولاد وهذا مما أجمعت الأمة عليه وقد تعلق بعض العلماء لهذا بقول الله عز وجل: {يُوصِيْكُمُُ اللَّهُ فِيْ أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مُثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْن}، قال: واسم الولد يستمد على الأسباط كما يستمد على الأولاد وهذا فيه نظر؛ لأن السبط يجري عيه اسم الولد على سبيل المجاز والتوسع فلا يجب حمل الآية على المجاز إلاَّ بالدلالة والمعتمد عندي هو الإجماع.
مسألة
قال: فإن مات الرجل وترك بنين وأولاد البنين فالمال للبنين واحداً كان أو أكثر وسقط أولاد البنين وهذا مما لا خلاف فيه، فإن ترك ابنة وترك أولاد البنين ذكوراً أو ذكوراً وإناثاً فللابنة النصف وما بقي فلأولاد البنين للذكر مثل حظ الأنثيين، والخلاف في موضعين أحدهما: خلاف الإمامية والناصر؛ لأنهما لا يورثون العصبة مع البنات وقد تكلمنا عليهم والثاني قول ابن مسعود؛ لأنَّه كان يذهب إل أن الباقي لأولاد البنين إلاَّ السدس الذي هو تكملة الثلثين فإنه لبنات الابن لا يند عليه، وإن كان السدس قد فات بأن يكن اثنتين فلا شيء لهن وما ذهبنا إليه هو قول علي وزيد، روى ذلك زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام وبه قال الفقهاء ووجهه أن ابن الابن يعصب ابنة الابن إذا انفردوا مع الابنة الواحدة لا خلاف فيه، فوجب أن يعصبهن في الموضع الذي اختلفنا فيه؛ لأن الذكر إذا عصب الأنثى التي في درجته عصبها في جميع المواضع كالأخوة والبنين وإذا عصبهن في الموضع الذي اختلفنا فيه فوجب أن يكون الثلث بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
واستدل عبدالله لقوله بأن قال: إن بنات الابن إذا انفردن لا حظ لهن في الميراث مع ابنتي الصلب فلا يجب أن يرثن لكون أخوتهن معهن.(114/9)


قيل له: لا يمتنع أن يحصل بالإرث مع التعصيب وإن لم يحصل مع الإنفراد، ألا ترى أن رجلاً لو مات وخلف ثمان بنات وعشرة دنانير وابن عم لكان لهن الثلثان لا يزدن عليه وهي ستة دنانير وثلثا دينار، ولو كان معهن بدل ابن العم ابن يعصبهن وصار إما يأخذن ثمانية دنانير فإذا جاز أن يردن التعصب أختهن لهن من الزيادة ما لم يكن يرثن مع الإنفراد جاز أن يرثن بنات الابن لتعصيب أختهن لهن مالا يرثن لو انفردن يبين ذلك أنهن قد يسقطن بالتعصيب في بعض الأحوال، ألا ترى أن امرأة لو تركت ابنة وأبوين وابنة ابن وزوجاً كان للبنت النصف وللأبوين السدسان ولابنة الابن السدس وللزوج الربع، فنقول الفريضة تعول بنصف سهم وبهذا أسقط في المشتركة الأخوة والأخوات من الأب والأم والأصل في الفرائض موضوع على أن التعصيب يربح تارة ويخسر أخرى ويسقط أخرى.
مسألة
قال: فإن ترك ابنة وابنة ابن أو بنات ابن فللابنة النصف ولابنة الابن أو ابنتي الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللعصبة وهذا مما لا خلاف فيه إلاَّ للإمامية، والأصل فيه حديث هذيل بن شرحبيل عن عبد الله أنَّه قال في ابنة وابنة ابن وأخت أقضي فيها بما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للابنة النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت وهو قول علي رواه زيد بن علي، عن أبيه عن جده، عن علي عليهم السلام، ورواه محمد بن منصور بإسناده عن الشعبي، عن علي.
مسألة(114/10)

29 / 122
ع
En
A+
A-