باب القول في فرائض الأولاد وأولاد البنين
أولاد الميت إذا كانوا ذكوراً أو ذكوراً وإناثاً حجبوا جميع الورثة إلاَّ الأبوين والزوجين والجدان الأب والدتين أم الأم وأم الأب وما جرى مجراهن من الجدات وهذه الجملة مما أجمع عليها الصحابة ومن بعدهم من العلماء، ولا يتحفظ فيها خلافاً؛ إلاَّ ما ذهب إلية الناصر من أن الولد يحجب الجد والجدة ويسقطهما وأظنه قول الإمامية وإن الناصر تابعهم على ذلك والذي يدل على والذي يدل على أن الولد لا يحجبهما أنَّه جماع الصحابة وإذا أجمع الصحابة على قول صح ذلك وانقطع الإجتهاد بعدهم وللم يجب الإعتبار الخلاف الذي ينشوا بعد ذلك وأيضاً روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جعل للجدة السدس فيجب أن لا نمنعها ذلك في جميع الأحول إلاَّ حيث يمنع الدليل فوجب لها ذلك مع الولد وإذا بت لها ذلك نبت للجدات لم يفرق أحد بينهما وروي أيضاً أنَّه صلى الله عليه وآله وسلم جعل للجد السدس فوجب ذلك له في جميع الأحوال إلاَّ حيث يمنعه الدليل وروى زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، أن علياً كان لا يزيد الجد مع الولد على الثلث إلاَّ أن يفضل من المالبشء فيكون له غيا بذلك إذا كان الولد بنتا فحقق أن له مع الولد السدس وأيضاً الجد فسيجيء من بعد.
مسألة
قال: وإذا مات الرجل وخلف ابناً كان المال كله للابن، فإن خلف ابنين أو أكثر كان المال بينهم بالسوية وهذا مما أجمع عليه الأمة إذ تعصيبهم أقوى التعصيب، فإن ترك بنين وبنات كان المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وهذا مما لا خلاف فيه؛ ونص الكتاب عليه حيث يقول عز وجل: {يُوصِيْكُمُ اللَّهُ فِيْ أَوْلاَدِكُمْ لِلْذَكَرِ مِثْل حَظِّ الأُنْثَيَيْن}.
مسألة(114/1)


قال: فإن ترك ابنة فلما النصف وما بقي فللعصبة فإن لم يكن عصبة رد عليها النصف الباقي اختلت الصحابة في الرد فذهب زيد بن ثابت إلى أن فاضل المال لبيت المال وذهب سائرهم إلى أنَّه يرد عليها والكلام فيه نستوفيه في باب ذوي الأرحام فإن الخلاف فيها على وجه واحد فأما كون النصف للبنت فلا خلاف فيه لقول الله تعالى، فإن كانت واحدة فلها النصف، ولا خلاف أن النصف الباقي للعصبات إلاَّ ما ذهب إليه الإمامية والناصر من أن العصبة يسقطون مع البنات كما يسقطون مع البنين؛ والدليل على فساد قولهم أن الصحابة أجمعت على ذلك ولم يختلف فيه مع ظهور المسألة فيما بينهم حتى أن الذين تبعوا أقاويلهم وأوردوا كل ما قال به منهم قائل وجمعوا ما كان عندهم صحيحاً أو فاسدا بعذاب أن يكون ذلك قولاً لو أحد منهم أو مزوياً عند ولم يحك خلاف ذلك عن واحد منهم فثبت أنَّه إجماع منهم، وقال أبو جعفر الطحاوي في شرح الآثار أن هذا القول بخلاف الإجماع وأنه غير محفوظ عن أحد من السلف مع كثرة تتبعه للأخبار ومعرفته بها وحلى ذلك عن غيره من الغرضين فإذا ثبت إجماع الصحابة ثبت أنَّه هو الحق وأن القول بخلافه غير جائز ولهذا نقول أنَّه ليس من مائل الإجهاد وأن الحق فيه واحد.
فإن قيل: ما تنكرون على أن ذلك كان قولاً لكنه كتم لغرضٍ كان للقوم أن يحابوا.(114/2)


قيل له: هذا السؤال في غاية الدكاكة والجواب أن مثل هذا لا يسوغ ولا يجوز؛ لأنَّه لو جاز في هذه المسألة جازفي غيرها مما أجمع عليه ولم يمكن السكون إلى شيء من الإجماعات على أنَّه لا غرض يتعلق بذلك؛ لأنَّه ليس أخ ممن روى هذا الباب إلاَّ وهو يستجيز مخالفة كل واحد من الصحابة كعلي وغيره فلو كان ذلك قولاً لواحد منهم لرواة الراويثم خالفه إن اشترذله كما فعلوا لك بسائر ما رويعنهم ألا ترى أنهم لم يتركوا ذكر الشاذ من ذلك كما لم يتركوا ذكر المشهور فأما قول من قال من جمال الشيعة أنَّه يعصب به على فاطمة عليها السلام فذلك مما لا معنى له؛ لأنا نعلم أن الصحابة كانت معظمة مكبرة لحقها وأن ما جرى بينها وبينهم في ذلك كان الضرب من الشبهة على أنها وإن لم تكن معظمة لها فإنا نعلم أنها لم تكن تستحل أبطال حقهما ولو فعلوا ذلك لم يساعدهم عليه علي وابن عباس ولظهر الخلاف فيه على أن القوم كانوا رووا أن الأنبياء لا يورثوهن فلو كان في نفوسهم وحانتاهم من ذلك شيء ما ذكروه لكان فيه كفاية فإنه أحسم للباب وهذا الكلام وأرك وضعف من أن يجوز لنا أن نشغل كتابنا به لكنا ذكرناه لاغترار قوم من البيعة به ويدل على ذلك ما روي واشتهر أن سعد بن الربيع لما قتل أراد أخوه أن يأخذ ماله فجاءت زوجته إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت يا رسول الله إن سعداً قتل وإن أخاه يروم الإحتواء على ماله وإن له ابنتين، فدعى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخاه فقال: <لزوجته الثمن وللابنتين الثلثان>، وذلك ما بقي فنص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على توريث العصبة، ويدل على ذلك قول عبد الله بن مسعود حين سئل عن ابنة وابنته، ابن وأخت فقال: أقضي بما قضى به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للابنة النصف، ولابنة الابن السدس، تكملة الثلثين، والباقي للأخت، فجعل الأخت عصبة مع الابنة وورثها، ويدل على ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم(114/3)


من قوله: <ألحقوا الفرائض بأهلها>، فلا ولي عصبة ذكر فأوجب ظاهره إن ما بقي بعد سهم الابنة يكون للعصبة، ويدل على ذلك ما روي أن مولاً لابن حمزة بن عبد المطلب مات وترك ابنة، فجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لابنته النصف، والنصف الباقي لابنة حمزة، ولا خلاف أن المولى ن أضعف العصبات فإذا جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم النصف الباقي عن سهم الابنة للمولى مع ضعفه فسائر العصبات أولى به، وقول علي في هذا أشهر من أن يحتاج إلى ذكر الروايات، لكني أذكر ما ورد من طريق الشيعة الزيدية، روى زيد بن، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام: (لا شي لبنات الابن مع ابنتي الصلب؛ إلاَّ أن يكون معهن أخ لهن يعصبهن فأثبت التعصيب مع بنات الصلب)، وروى محمد بن منصور عن الشعبي، عن علي عليه السلام نحوه، وروى أيضاً زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام في ابني عم أحدهما أخ لأم فقال: (للأخ من الأم السدس وما بقي فبينهما نصفان)، فأتت التعصيب لابن العم مع الأخ للأم وفي ذلك إبطال مذهب المخالفة لنا في التعصيب، وروى محمد بن منصور، عن أبي الظاهر أحمد بن عيسى، عن أبيه، عن جده عمر بن علي، عن علي في ابنة ومولاً: (للابنة النصف، وما بقي فللمولى).
فإن قيل: روي عن علي أنَّه لم يكره يورث المولى مع الابنة، وعن ابن عباس وابن الزبير أنهما كانا لا يجعلان الأخوات مع البنات عصبة فكيف يدعون الإجماع.(114/4)


قيل له: نحن ندعي الإجماع في توريث العصبات جملة فأما في أن شخصاً فعينه في مسألة بعينها أنَّه عصبة لم يدع الإجماع وهذا كما يدعي الإجماع في تحريم الصدقة على بني هاشم ثُمَّ يقع الخلاف في بطن وفخذ أنهم بنو هاشم ولا يكون ذلك نقضاً لما ادعيناه من الإجماع؛ لأن ابن عباس وابن الزبير لا يخالفان في الأخوة مع البنات وكذلك في سائر العصبات، وإنما قالا: أن الأخوات مع البنات ليس بعصبات إذا انفردت عن الأخوة، فأما ما روي عن علي عليه السلام أنَّه لم يورث المولى مع البنت فقد اختلت الرواة، والأصح عندنا ما رواه محمد بن منصور لموافقته ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مولا ابنة حمزة على أنه يحتمل أن يكون من روى عنه أنَّه لم يكن يورث المولى مع الابنة أراد مولا الموالاة فإنه لا يرث عندنا ما وجد أحد من ذوي الأنساب، ولست أعرف في هذا للمخالفين حجة محققة ولا شبهة محتلة وإنما لهم شبهة واحدة لا تكاد تخفى على من له آيسة حظ من العلم ونحن نكشفها لاغترار قوم من جهال الشيعة بها وإلا فليس لها من المقدار ما يجوز أن تشغل به كتابنا هذا فمن ذلك أنهم تصورون مسألة يتعجبون منها ولا يعلمون أن التعجب لا يدل على صحة الشيء ولا فساده، فيقولون لو مات رجل وخلف ثلاثين ألف ونزل ثمان وعشرين ابنة وابناً واحداً يكون للابن ألفا درهم ولكل بنت سبعمائة درهم وكثيراً تعجبوا من ذلك فقالوا كيف صار نصيب ابن العم عشرة آلاف ولو كان بدله ابن كان نصيبه ألف درهم ولم يعلموا أن الابن إذا كان مع البنات عصبهن فصار الجميع عصبة واقتسموا ما بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وإذا كان معهن ابن عم لهن الثلثان والباقي لمن يكون عصبة، ولا يجب أن يتعجب من كون ما يأخذ ابن العم أكثر مما يأخذه الابن لاختلاف الأحوال مع قرب الابن، ألا ترى أنَّه لا خلاف أن رجلاً لو ترك أختين لأم وعشرين أختاً لأب وأم وخلف ثلاثين ألف درهم يكون لكل واحد من الأختين لأم خمسة آلاف(114/5)

28 / 122
ع
En
A+
A-