وروي ـ أيضاً ـ عن [ابن](1) إدريس، عن حصين، عن ميسرة بن(2) جميلة، قال: شهدت العيد مع علي عليه السلام، فلما صلى خطب الناس.
وروى نحوه عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وابن عباس، وابن الزبير، وأنس.
وروى محمد بن منصور، عن إسماعيل بن موسى، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي عليه السلام، قال: الموعظة، والتذكير، والخطبة، في العيدين بعد الصلاة.
وقلنا : إنَّه يعلو راحلته، أو منبره لما: روى ابن أبي شيبة، عن وكيع، عن داود بن قيس، عن عياض، عن أبي سعيد، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطب يوم عيد على راحلته.
وروي عن أبي بكر بن عياش، عن يزيد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: صلى بنا علي عليه السلام العيد، ثم خطب على راحلته.
وقلنا: إنَّه يكبر قبل الخطبة تسعاً، وبعدها سبعاً؛ لما: رواه ابن أبي شيبة، عن وكيع، عن سفيان، عن عبد الرحمن بن محمد القارئ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: من السنة أن يكبر الإمام على المنبر في العيدين تسعاً قبل الخطبة، وسبعاً بعدها.
ورَوى، عن أبي داود، عن الحسن بن أبي الحسناء(3)، عن الحسن، قال: يكبر على المنبر يوم العيدين أربع عشرة تكبيرة.
واستحب تكرير التكبير في خطبة الأضحى؛ لأن التكبير في عيد(4) الأضحى أوكد منه في عيد الفطر.
واستحب أن يذكر في خطبة الفطر زكاة الفطر، وفي خطبة الأضحى الأضاحي؛ لمساس الحاجة إلى العلم بها وبأحوالها في هذين اليومين.
مسألة [ولا أذان ولا إقامة في صلاة العيدين]
وليس لصلاة العيدين أذان، ولا إقامة.
وهذا منصوص عليه في (الأحكام)(5).
__________
(1) سقط من (أ).
(2) في (ب): أبو.
(3) في (أ): الحسن.
(4) في (أ): خطبة.
(5) انظر الأحكام 1/141.(21/19)


وذلك لما: رواه محمد بن منصور، عن محمد بن إسماعيل، عن ابن فضيل، عن غالب، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: "خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم العيد، فصلى بغير أذان، ولا إقامة، ثم خطب الناس خطبتين، وجلس بين الخطبتين، وكانت صلاته قبل الخطبة".
وروى ابن أبي شيبة، عن أبي الأحوص، عن سماك، عن جابر بن سمرة قال: "صليت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم العيدين(1) غير مرة، ولا مرتين بغير أذان، ولا إقامة".
ورَوى ـ أيضاً ـ عن وكيع، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن جابر، "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى يوم العيد بغير أذان، ولا إقامة".
مسألة [في صلاة ركعتين قبل صلاة العيد]
قال: ويستحب لمن صلى صلاة العيدين أن يصلي قبلهما ركعتين بلا تكبير.
وهذا منصوص عليه في (المنتخب)(2)، ومعنى قولنا: بلا تكبير، زائد.
ووجهه أنَّه وقت يستحب فيه الذكر والدعاء والتقرب إلى الله سبحانه، وهو وقت لا يُختلف في جواز الصلاة فيه، فاستحب أن يتنفل فيه بركعتين.
وروى ابن أبي شيبة، عن معاذ بن معاذ، عن التيمي، أنَّه رأى أنساً، والحسن، وسعيد بن أبي الحسن، وجابر بن زيد يصلون قبل الإمام في العيدين. ولم يُروَ عن أحد من الصحابة خلافه.
مسألة [في كيفية صلاة العيدين فرادى]
ومن صلى العيدين وحده، صلاهما على ما بينا [ركعتين](3) بالتكبيرات.
وهذا منصوص عليه في (المنتخب)(4).
وقلنا : إن المنفرد يصلي صلاة العيدين؛ لأنها صلاة ندب إليها، فالمنفرد كالمجتمع.
__________
(1) في (أ) و(ب): العيد.
(2) انظر المنتخب ص62.
(3) سقط من (أ).
(4) انظر المنتخب ص62.(21/20)


وقلنا: إنَّه يصليهما ركعتين بالتكبيرات؛ لأن هذه صفة صلاة العيدين، ولا وجه لمن شبهها بالجمعة، وقال: إن المنفرد يصلي أربعاً؛ لأن الجمعة كانت في الأصل ظهراً، وكانت أربعاً، وإنما ردت إلى ركعتين بشرائط، فإذا عدمت تلك الشرائط رجعت إلى الأصل، وليس صلاة العيدين كذلك؛ لأنها في الأصل ركعتان بالتكبيرات، فلا وجه بأن تجعل أربعاً، وسبيلها سبيل صلاة الجنائز(1) في أن المنفرد فيها كالمجتمع، والمعنى أن كل واحدة(2) منهما أصل برأسها.
مسألة [في صفة تكبير التشريق، ووقته]
وتكبير التشريق من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، دبر ثلاث وعشرين صلاة، يقول: (( الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاَّ الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، والحمد لله على ما هدانا وأولانا وأحل لنا من بهيمة الأنعام )).
هذا الذي ذكره في (المنتخب)(3).
وقال في (الأحكام)(4) يقول: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاَّ الله، والله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً).
وعدد الصلوات التي يكبر بعدها منصوص عليه في (الأحكام) و(المنتخب)(5) جميعاً.
والوجه فيه: أنَّه قول علي عليه السلام: أخبرنا به محمد بن عثمان النقاش، قال: حدثنا الناصر /227/ للحق عليه السلام، قال: حدثنا محمد بن منصور، عن عباد(6)، عن علي بن عاصم، عن مطرف، عن أبي إسحاق، عن علي عليه السلام، أنَّه كان يكبر غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.
ولا أعرف الخلاف فيه عن علي عليه السلام، ومذهبنا أنَّه إذا صح عنه، وجب أتباعه.
__________
(1) في (أ): الجنازة.
(2) في (أ): واحد.
(3) انظر المنتخب ص60 ولكنه ذكره إلى قوله: ولله الحمد ثم قال: فإذا زاد، ذُكر الباقي، فهذا أحب إلينا.
(4) الأحكام 1/145.
(5) انظر الأحكام 1/145. والمنتخب ص60.
(6) في (أ): عباده.(21/21)


على أن محمد بن منصور، روى عن أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي عليهم السلام، قال: لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى مكة، قال لي: (( يا علي، كبر في دبر [كل صلاة من](1) صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق من صلاة العصر )).
فإن قيل: قول الله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدّ ذِكْراً}[البقرة:200]، يدل على أن الابتداء به من صلاة الظهر يوم النحر؛ لأن قضاء المناسك يكون برمي جمرة العقبة، وأول صلاة بعدها هي الظهر يوم النحر.
قيل له : الآية لا تدل على أن ابتداء الذكر هو بعد قضاء المناسك، وإنما تدل على وجوب الذكر بعده، ونحن لا نخالف في أن الذكر بعده واجب، وقد يفعل الذكر على سبيل(2) الاستمرار، وقد يفعل على سبيل الابتداء، والآية تضمنت فعله فقط، على أنَّه قد قيل: إن الأيام المعلومات هي العشر، وقد قال الله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِيْ أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيْمَةِ الأَنْعَامِ}[الحج:28]، فاقتضى الظاهر فعل(3) التكبير في جميع الأيام العشر، فلما أجمعوا على أن ما قبل صلاة الفجر من يوم عرفة أنه(4) لا تكبير فيه [خصصناه، وقلنا إنَّه يبتدئ به من صلاة الفجر يوم عرفة بحكم الظاهر](5)، وقال الله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللهَ فِيْ أَيَّامٍ مَعْدُوْدَاتٍ}[البقرة:203]، وقيل في التفسير: إنها أيام منى، فدل ذلك على أن التكبير أيام منى، وهو الذي نذهب إليه.
على أن التكبير هو القربة، ومذهبنا هو أكثر ما قيل فيه، فهو الأولى، وهو الاحتياط ـ أيضاً ـ فهو الأولى.
__________
(1) سقط ما بين المعكوفين من (أ).
(2) في (أ): طريق.
(3) في (أ): في فعل.
(4) سقط من (أ) و(ب): أنه.
(5) بقي ما بعد صلاة الفجر من يوم عرفة بحكم الظاهر. هذا في (أ) و(ب)، وما بين المعكوفين بدلاً عنه في (ج).(21/22)


والاختيار أن يكبر باللفظ الذي ذكره في (المنتخب)؛ لأنَّه اللفظ الأشهر عن السلف.
وروى ابن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون، قال: حدثنا شريك قال: قلت لأبي إسحاق: كيف كان يكبر علي عليه السلام، وعبد الله؟ قال: كانا يقولان: (( الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاَّ الله، والله أكبر، ولله الحمد )).
وقال الله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِيْ أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}[الحج:28]، وقال: {وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}[البقرة:185]، فاخترنا أن نقول عقيب هذا التكبير: والحمد لله على ما هدانا وأولانا وأحل لنا من بهيمة الأنعام؛ لموافقة لفظ الكتاب.
وروى عن عكرمة، عن ابن عباس رحمه الله أنه كان يقول: (( الله اكبر كبيراً ))، وهو وجه ما ذكره في (الأحكام).
مسألة [والتكبير عقب الفرائض والنوافل]
قال: ويكبر دبر كل صلاة فريضة، أو نافلة، ويكبر في يوم الفطر حين يخرج الإمام إلى أن يبتدئ الخطبة.
وذلك منصوص عليه في (الأحكام)(1).
ووجه ما ذهبنا إليه من أنَّه يكبر دبر كل صلاة فريضة، أو نافلة هو أن جميع ما استدللنا به على التكبير لم يخص فرضاً من نفل، فوجب أن يكبر دبر كل صلاة فرض، أو نفل.
وروى محمد بن منصور بإسناده، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كبر /228/ أيام التشريق دبر كل صلاة.
ولا خلاف أن المقيم إذا صلى في مصر مكتوبة في الجماعة أنَّه يكبر بعدها، فنقيس عليه سائر من صلى فرضاً، أو نفلاً، على أي حال كان؛ بعلة أنَّه صلى في أيام التشريق، فعليه أن يكبر بعدها.
وقلنا: إنَّه يكبر يوم الفطر حين يخرج الإمام إلى أن يبتدئ الخطبة؛ لما: رواه ابن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنَّه كان يخرج يوم الفطر، فيكبر حتى يأتي المصلى، وحتى يقضي الصلاة، فإذا قضى الصلاة قطع التكبير.
__________
(1) انظر الأحكام 1/145.(21/23)

92 / 138
ع
En
A+
A-