وأخبرنا أبو بكر المقرئ، حدثنا الطحاوي، حدثنا إبراهيم بن أبي داود، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا عبدالله بن الوليد بن معدان، عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبدالله، قال: ما أحصي ما سمعته(1) من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأه في الركعتين قبل الفجر، والركعتين بعد المغرب بـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}(2).
وأخبرنا أبو بكر المقرئ، حدثنا الطحاوي، حدثنا محمد بن خزيمة(3)، عن عبد الله بن رجاء، أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: رمقت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أربعاً وعشرين مرة، أو خمساً وعشرين مرة يقرأ في الركعتين قبل صلاة الغداة، وفي الركعتين اللتين بعد المغرب بـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}(4).
فدل هذان الخبران لما تضمنا من ذكر تكرير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ركعتي الفجر، والركعتين بعد المغرب على أنَّه صلى الله عليه وآله وسلم كان يديم فعلهما.
وورد في ركعتي الفجر ـ خصوصاً ـ:
ما أخبرنا به أبو بكر المقرئ، حدثنا الطحاوي، حدثنا ابن أبي داود، حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي، حدثنا خالد بن عبد الله بن إسحاق، عن محمد بن زيد بن قنفذ، عن ابن سيلان، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( لا تتركوا ركعتي الفجر، ولو طردتم على الخيل ))(5).
__________
(1) ـ في (أ): سمعت.
(2) ـ أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/298، وفيه عبد الملك بن الوليد بن معدان.
(3) ـ في (ب) و(ج): حبيب.
(4) ـ أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/298.
(5) ـ أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/299، إلا أنه قال: خالد بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن إسحاق.(13/2)


وأخبرنا أبو بكر المقرئ، حدثنا الطحاوي، حدثنا أبو بكرة، حدثنا مسدد، حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن عائشة، قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن على شيء من النوافل أشد معاهدة منه على الركعتين قبل الفجر(1).
فأما ما يدل على صحة ما ذكره القاسم عليه السلام في أن ركعتي الفجر يجب أن تصليا بعد طلوع الفجر، فهو:
ما أخبرنا به أبو بكر، حدثنا الطحاوي، حدثنا ابن أبي داود، حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا موسى بن عقبة، عن أبي إسحاق، عن عامر الشعبي، قال: سألت ابن عباس، وابن عمر، كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالليل؟ فقالا: ثلاث عشرة ركعة، ثمان ويوتر بثلاث، وركعتان بعد الفجر(2).
وأخبرنا أبو بكر المقرئ، حدثنا الطحاوي، حدثنا ربيع المؤذن، حدثنا هشيم، حدثنا خالد الحذاء، أخبرنا عبدالله بن شقيق، قال: سألت عائشة، عن تطوع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالليل، فقالت: كان إذا صلى العشاء، يدخل فيصلي، وكان يصلي في الليل تسع ركعات، فإذا طلع الفجر صلى ركعتين في بيتي، ثُمَّ يخرج، فيصلي بالناس صلاة الفجر(3).
وروي عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي بين أذان الفجر وإقامته ركعتين وكثرت، الروايات عنها في هذا المعنى بألفاظ مختلفة.
وروي محمد بن منصور، عن أحمد بن عيسى عليه السلام، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: "كان لا يصليهما حتى يطلع الفجر"، يعني ركعتي الفجر.
__________
(1) ـ أخرجه الطحاوي في شرح معانيا الآثار 1/299.
(2) ـ أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/279.
(3) ـ أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/281، وفيه: حدثنا ربيع المؤذن، حدثنا أسد، حدثنا هشيم، مع متنه، تسع ركعات فيهن الوتر.(13/3)


وأما ما روي من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( إِحْشِهما في الليل حشواً ))، فهو محمول على أن المراد به صلهما في وقت يلي الليل بدلالة ما مضى.
والنظر ـ أيضاً ـ يدل على ذلك، وذلك أنا وجدنا نافلة كل مكتوبة تفعل في وقتها قبلها، أو بعدها، ولم نجد شيئاً منها يفعل(1) في غير وقت المكتوبة التي هي نافلتها، فوجب أن تكون نافلة صلاة الفجر مفعولة في وقتها، وليس لأحد أن يتأول ما رويناه من أنهما بعد الفجر (على الفجر الأول)(2)، فإن الفجر الأول لا يسمى فجراً على الإطلاق، بل لا حكم في الشرع(3) يتعلق به، فلا يجوز حمل اللفظ عليه عقلاً، ولا شرعاً، و ـ أيضاً ـ أجمع المسلمون على تسميتهما بركعتي الفجر، ووردت الأخبار بذلك، فدل ذلك على أن وقتهما بعد طلوع الفجر، ألا ترى أنَّه لا يقال في صلاة وقتها قبل الليل أنها صلاة الليل، ولا في صلاة وقتها قبل النهار أنها صلاة النهار، فكذلك ركعتا الفجر، فكل ذلك يؤكد ما ذهبنا إليه في هذا الباب، وهو مذهب زيد بن علي عليه السلام.
وروى محمد بن منصور، عن أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، قال: سألت زيداً عليه السلام، فقلت: صليت ركعة قبل طلوع الفجر، وركعة بعد طلوع الفجر. فقال: أعدهما فإنهما بعد طلوع الفجر.
مسألة [ في حكم الوتر وعدد ركعاته]
والذي يدل على أن الوتر من النوافل قول الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى}[البقرة:238].
ووجه الاستدلال منه أن الله تعالى أمر بالمحافظة على الصلوات التي لها وسطى، والصلوات التي لها وسطى تكون وتراً لا شفعاً، فإذا ثبت (ذلك ثيت) (4) أن الصلاة الواجبة خمس صلوات، وأن السادسة ليست بواجبة، فثبت أن الوتر ليس بواجب. ويدل على ذلك:
__________
(1) ـ في (أ): ما يفعل.
(2) ـ ما بين القوسين سقط من (أ).
(3) ـ في (أ): الفجر.
(4) ـ ما بين القوسين من (ج).(13/4)


ما أخبرنا به أبو بكر المقرئ، حدثنا الطحاوي، حدثنا روح بن الفرج، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثني بكر بن مضر، عن جعفر بن ربيعة، عن عقبة بن مسلم، عن عبدلله بن عمر، قال: بينا نحن في المسجد، إذ قام رجل، فسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الوتر، وعن صلاة الليل.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( صلاة الليل مثنى مثنى، وإذا خشيت الصبح، فأوتر بركعة ))(1).
ووجه الاستدلال منه أن قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( فأوتر بركعة )) لا يخلوا من أن يكون أراد صل ركعة تكون بها موتراً، أو أراد أضف ركعة إلى الركعتين حتى تكون الثلاث وتراً، ولا خلاف بيننا وبين من يوجب الوتر من أبي حنيفة وأصحابه، أن الوتر ثلاث ركعات، من غير تسليم في الركعتين، وأن الركعة الواحدة وحدها لا تجزيء، فثبت عندنا وعندهم أن المراد به أضف ركعة إلى الركعتين.
فإذا ثبت ذلك وجب بعموم قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( فإذا خشيت الصبح، فأوتر بركعة ))، أن من دخل في صلاة الليل بنية التطوع، فله أن يضيف إليها ركعة حتى تصير وتراً، ولا خلاف أن الصلاة الواجبة لا يجوز أن يدخل فيها الإنسان بنية التطوع، فثبت بما بينا أن الوتر من النوافل.
وروي أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الفرض في اليوم والليلة، فقال: خمس. فقال: هل عليَّ غيرها؟ فقال: (( لا، إلاَّ أن تتطوع )). قال: لا أزيد، ولا أنقص، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (( أفلح وأبيه إن صدق )).
وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: (( صلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وحجوا بيتكم، وأدوا زكاة أموالكم، طيبة بها أنفسكم، تدخلوا جنة ربكم )) ففي هذا أن الواجب من الصلاة خمس.
__________
(1) ـ أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/279، وفيه زيادة، قال: سألت عبد الله بن عمر، عن الوتر فقال: أتعرف وتر النهار؟ قلت: نعم، صلاة المغرب، فقال: أحسنت أو صدقت، ثم قال: بينا نحن...إلخ.(13/5)


وروي عن ابن عباس، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( كتب(1) عليَّ الوتر، ولم يكتب عليكم )).
وأخبرنا أبو الحسين بن إسماعيل، حدثنا محمد بن الحسين، حدثنا محمد بن شجاع، حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي عليه السلام، قال: "الوتر ليس بفريضة كالصلاة المكتوبة، وإنما هي سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم".
ومما يدل على ذلك أنَّه قد ثبت أنَّه لا يجوز لأحد أن يصلي على الرواحل غير النوافل، وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يوتر على الراحلة، فثبت أن الوتر من النوافل.
أخبرنا أبو الحسين بن إسماعيل، حدثنا محمد بن الحسين بن اليمان، حدثنا محمد بن شجاع، حدثنا يحيى بن حماد، عن يحيى بن سعيد القطان، عن ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر، أنه صلى على راحلته، وأوتر عليها، وقال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يفعله.
وأخبرنا أبو بكر المقرئ، حدثنا الطحاوي، حدثنا يونس، حدثنا ابن وهب، أخبرنا يونس، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبدالله، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي على الراحلة، ويوتر عليها غير أنَّه لا يصلي عليها المكتوبة(2).
فإن قيل: هذا منسوخ لما روي أن ابن عمر، كان يصلي على راحلته ويوتر على الأرض، ويزعم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يفعل ذلك، وروى ذلك حنظلة بن أبي سفيان، عن نافع، عن ابن عمر.
ولما روى محمد بن شجاع يرفعه، إلى ثوير بن أبي فاخته، عن أبيه، أن علياً عليه السلام كان يصلي على راحلته التطوع حيث توجهت به وينزل للفريضة والوتر.
__________
(1) ـ في (ب): كتبت.
(2) ـ أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/420.(13/6)

49 / 138
ع
En
A+
A-