الكتاب : شرح التجريد |
شرح التجريد في فقه الزيدية
ملاحظة في هذا الكتاب أخطاء في النسخ فليتأمل
تأليف
الإمام النَّظار المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني الحسني رحمه اللّه
الجزء الأول (2)
تحقيق
محمد يحيى عزان ... ... حميد جابر عبيد
الناشر
مركز البحوث والتراث اليمني
بسم الله الرحمن الرحيم
[مقدمة الكتاب]
أخبرني أبو الغَمر المسلِّم بن علي بن المسلم، قال: أخبرنا الشيخ الفقيه العالم الزاهد أبو الحسين زيد بن علي بن أبي القاسم الهوسمي إملاء في داره المعروفة في مدينة (اللاهجان) بناحية (جيلان) في شهر ربيع الأول بتاريخ خمسمائة سنة، قال: حدثني القاضي السعيد الزاهد أبو جعفر محمد بن علي الجيلاني رحمة اللّه تعالى عليه، قال: حدثني السيد(1) المؤيد بالله أبو الحسين أحمد بن الحسين بن هارون قدس اللّه روحه، قال:
سألني بعض من وجب علىّ حقه عند فراغي من كتابي المسمى (بالتجريد) أن أورد فيه من الأخبار الصحيح عندي سندها بأسماء الرواة المجمع على عدالتهم عند الفريقين من أصحاب الحديث وغيرهم، وأسماء الرواة الذين يروون عن أمير المؤمنين علي عليه السلام، وعن الأئمة من ولده بما لا ينكره الجميع ملخصاً.
فأجبته إلى ذلك مستعيناً بالله سبحانه، ومعتمداً عليه؛ لكيلا يقول من نظر في كتابنا هذا من مخالفينا إن الخبر المروي عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، لم يصل إلينا إلاَّ من جهة سلفنا عليهم السلام من طريقة واحدة.
__________
(1) في (أ): قال القاضي: حدثنا السيد.(1/1)
ولو روينا الخبر المتصل بنا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، من جميع الجهات على(1) ألسن الرواة الذين اتسق سندهم إلينا، ولم يضطرب عندنا ولدينا، ومن اضطرب سنده، أو شذ عن الجماعة، أو خالف بعضاً ووافق بعضاً، ومن(2) طُعِن في سنده، ومن وضع الأخبار على ألسن الرواة، ومن دَلَّس في كتبهم عليهم من الملحدة وغيرهم، ومن انقطع سنده، ومن رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أو إلى إمام من أئمة المسلمين، ومن قلّد الرواة، وكذا في تقسيم الأخبار، لخرجنا عن طريقه ما أردناه، ولتوخينا(3) فيه غير ما نويناه، لكن غرضنا الإختصار في هذا الكتاب، وقلة التطويل والإسهاب.
ولعل قائلاً من أصحابنا يقول: وما الغرض في نقل الأخبار عن المخالفين؟ ولو علم من ذلك ما علمناه؛ لسُر في مجالس النظر بما حصلناه ونقلناه، لكنه رضي لنفسه بالجهل، فعدل عن سبيل أهل الفضل، فاقتصر على طرفٍ من الفقه أخذه عن مثله، وظن أنَّه على شيء بجهله، يخطّئ مخالفيه، ويصوّب موالفيه(4)، ولا يدري أخطاؤهم في أصلٍ أو فرعٍ، أو فيما يوجب التكفير أو القدح(5)، أو الخروج عن الملة، والشذوذ عن الجملة، إن خاض في الفقه ارتطم، وإن طلب منه دليل على ما يقول اسُتبْهم، يُزْرِي بأهل مقالته، ولا يدري بعظيم جهالته، ولو اعتذر لعُذر، أو تعلم لشُكر.
ولو روينا الحديث الواحد عن رَاوٍ واحد، لم نشغل به كتبنا، ولا سطرناه لأهل نحلتنا، وإن كان ذلك جائزاً على أصلنا، ويقول به جميع أصحابنا، حتى نعلمه صحيحاً عن جماعة من الرواة، ونتحققه مُسنداً عن الثقات، وسنفرد لها إن يسر اللّه تعالى كتاباً يرجع في معرفتها إليه، ويعتمد في صحتها عليه، لينتفع به الناظر، ويرتفع به في الملأ المناظر، وبالله نستعين، وعليه نتوكل في كل وقتٍ وحين.
__________
(1) في (أ): عن.
(2) في (ب): وممن.
(3) في (ب) و(ج): ما أوردناه ولتوخينا.
(4) في (ب): موافقيه.
(5) في (أ): والقديح. وفي (ب): أو القديح.(1/2)
وشرطنا فيه: السماع، والعدالة.
وأجزنا فيه خبر الواحد، لئلا نخرج عن جملة أهل البيت عليهم السلام.
وقد احتج المخالف على سقوط خبر الواحد، بقول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: (( الشيطان مع الواحد وهو من الإثنين أبعد )). وقالوا: لما يخشى من الوهم على هذا الواحد.
وعندنا لا يحل لأحدٍ أن يروي الحديث عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إلاَّ إذا سمعه من فم المحدِِّث العدل فحفظه، ثم يُحدث كما سمعه، فإن كان إماماً تلقاه بالقبول، وإن كان غير إمامٍ فكذلك(1) إن رواه غير مرسل، وصح سنده، فإن المراسيل عندنا وعند عامة الفقهاء لا تُقبل.
ولقد أدركت أقواماً ممن لا يُتهم يروون عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ولا يحفظون السند، ويرسلون الحديث فما قَبِلتُ أخبارهم، ولا نقلتها عنهم لقلة حفظهم للأسانيد.
والحجة في السماع، قوله تعالى: {فَلَولاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِيْ الدِّيْنِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلِيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}، فقرن تبارك وتعالى الرواية بالسماع من نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، ثم أداؤه إلى من وراءه.
وهكذا قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم في خُطَبٍ ذوات عدد: (( نضّر اللّه امرءاً سمع مقالتي فوعاها حتى يؤديها إلى من لم يسمعها كما سمعها )).
حدثنا أبو الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى الأدُمي ببغداد، قال: حدثنا العباس بن محمد الدوري، قال: حدثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى، قال: حدثنا أبي، عن أبي ليلى، عن أخيه عبد الرحمن، عن ثابت بن قيس، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم: (( تسمعون ويسمع منكم ويسمع من الذين يسمعون منكم، ويسمع من الذين يسمعون من الذين يسمعون منكم، ثم يأتي(2) بعد ذلك قوم سمان يحبون السِّمَن، ويشهدون قبل أن يستشهدوا )).
__________
(1) في (أ): ثم أن.
(2) في (أ) و(ب): من بعد.(1/3)
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب بن يوسف، قال: أخبرنا محمد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني مسلمة بن علي، عن زيد بن واقد، عن حرام بن حكيم، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (( حدثوا عني كما سمعتم ))(1).
قال قدس اللّه روحه(2):
حدثني أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني رحمه الله، قال: حدثني أبي رحمه الله، قال: أخبرني حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، عن محمد بن منصور المرادي، عن محمد بن عمر المازني، عن يحيى بن راشد، عن نوح بن قيس، عن سلامة الكندي، عن أمير المؤمنين علي عليه السلام، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، جميع هذه الأخبار في كتابنا هذا(3).
وقال قدس اللّه روحه:
حدثني شيخنا علي بن إسماعيل الفقيه رحمه الله، عن الناصر للحق الحسن بن علي رضي اللّه عنه، عن بشر بن هارون، عن يوسف بن موسى القطان، قال: سمعت جرير بن عبد الحميد يقول: عن المغيرة الضبي، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام، جميع هذه الأخبار في كتابنا هذا.
وقال قدس اللّه روحه:
أخبرنا(4) أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني رحمه الله، قال: حدثنا أبو زيد عيسى بن محمد العلوي، قال: حدثني محمد بن منصور، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن الحسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام، جميع هذه الأخبار.
وقال قدس اللّه روحه:
__________
(1) ذكر نحوه في كنز العمال (29221) عن أنس وعزاه إلى ابن عساكر. وروى نحوه الطبراني في الكبير 3/18 (2516) عن أبي فرافصة.
(2) تكررت هذه اللفظة في الكتاب ، ولاشك انها من فعل الناسخ.
(3) لأصحابنا الزيدية كلام كثير حول معنى ما ذكره المؤلف هنا.
(4) في (أ): حدثنا.(1/4)
أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني رحمه الله، قال: حدثني أبو الحسين الهادي يحيى بن محمد المرتضى، قال: حدثني عمي الناصر أحمد بن يحيى، قال: حدثني أبي الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليه السلام، قال: حدثني أبي، عن أبيه القاسم بن إبراهيم عليه السلام، قال القاسم: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، قال: حدثني أبي الحسن بن الحسن، عن أبيه، عن جده، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، جميع هذه الأخبار المُحتج بها في كتابنا هذا سماعاً، وقراءة.
قال أبو العباس رحمة اللّه عليه: (( لكل دينٍ فرسان، وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد )).
وقال الناصر الحسن بن علي رضي الله عنه(1) : (( الأسانيد سلاح المؤمن، وكل حديثٍ لا سند فيه فهو خَلٌّ وبَقْل )).
قال قدس اللّه روحه: (( من فقه الرجل بصره بالحديث )).
قال، قال:(2)
حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن سوادة بن أبي الجعد، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام، أنَّه قال: (( من طلب العلم بلا إسناد فهو كحاطب ليل ))، وقال: أن(3) في تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَومَكَ}، هو: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده.
ولقد نقدنا هذه الأخبار المروية عن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم نقد الدراهم، وميزنا صحيحها من سقيمها بعون اللّه تعالى ومَنَّه.
قال قدس اللّه روحه:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله أولى من حُمِد، وأحق من عُبد، الذي شرع لنا الإسلام، وبين الحلال والحرام، فأقام عليهما الأدلة والأعلام، حمداً يفضي بنا إلى رضاه، ويوفقنا لسبيل هداه، وصلى اللّه على نبيه وأمينه على وحيه محمد وآله أجمعين.
__________
(1) في (ب): عليه السلام.
(2) كذا في النسخ.
(3) كذا في النسخ، ولعل الصواب: وقال لنا في.(1/5)