باب ذكر الحيض والنفاس
أقل ما ترى المرأة الدم لتسع سنين، ووقت الإياس من الحيض بلوغ خمسين سنة إذا كانت عربية، وستين سنة إذا كانت قرشية، وأربعين سنة إذا كانت عجمية.
والماء الأصفر إن كان في أيام الحيض ووليه طهر صحيح فحكمه حكم الحيض، والحائض إذا أتاها الدم في وقت عادتها ثم طهرت، ثم أتاها الدم وجاوز العشر ولم يكن تقدم منها اختلاف عادة إنها تجري على عادتها الأولى ما لم تتواتر حيضتان تتخلل طهرين صحيحتين يكشفان عن انتقالها إلى عادة أخرى.
والمستحاضة إذا توضأت والدم منقطع وصلت الظهر، ودخل وقت العصر فرأت الدم قبل الفراغ من العصر إن الدم في حكم المستمر عليها وإن انقطع في بعض الحالات فلا يضر هذه المرأة رؤية الدم وهي في صلاة العصر، اللهم إلا أن تكون فرقت بين الظهر والعصر، فإن خروج الدم يفسد عصرها، ويعتبر في انقطاع دم المستحاضة مقدار ما يمكنها أن تتوضأ وتصلي، فإن كان دون ذلك لم تنتقض طهارتها ولم يجب عليها تجديد الوضوء.
وإذا طهرت الحائض ولم تجد ماء جاز لزوجها أن يأتيها إذا تيّممت، وإن أراد المعاودة أعادت التيمم، ولا يجب على زوجها انتظار آخر الوقت (من الصلاة)، ويجوز لزوجها أن يستمتع بها فيما دون الفرج.
والمرأة إذا ولدت ولم ترَ دماً لم يجب عليها اغتسال بمجرد خروج الولد؛ لأنه بمنزلة العرق والمخاط إذا انفصل من جسد الحي، وإذا ولدت ولداً وبقي الآخر في بطنها سميت متمخضة ولا يطلق عليها اسم النفساء ولا الحامل، وحكمها حكم الحامل في الصلاة والصوم وغيرهما، وإذا زاد الدم على الأربعين فهو في حكم الطهر.(1/41)
كتاب الصلاة
باب أوقات الصلوات
أول الوقت يتمحض للظهر، وآخر النهار يتمحض للعصر، وما بين ذلك مشترك.
والكوكب أمارة للغروب، والأمارة مقارنة لما هي أمارة له، ويعتبر في طلوع الشمس مشاهدة شعاعها على روؤس الجبال العالية.
وإذا لم يبق من النهار إلا ما يسع صلاة واحدة صلى العصر وكانت الظهر قضاء بعد المغرب.
[(ح) هو إثبات قوله: وآخر النهار يتمحض للعصر].
ومن أدرك ركعة من العصر والعشاء أو الفجر بغير قراءة كان مدركاً للصلاة ويقرأ في الثانية.
[حاشية: وعند الناصر للحق عليه السلام لا يكون مدركاً حتى يؤدي ركعة مع القراءة، وهكذا ذكر أصحابنا لمذهب يحيى عليه السلام، ذكره داعي أمير المؤمنين].
ووقت واحد لا يجمع صلاتين؛ لأنه لم يتسع لأدائهما.
[(ح) خلاف قول الإمامية فإنهم قالوا: إذا زالت الشمس دخل وقت الصلاتين].
(ص) وإذا أخَّر الصلاة أو قدَّمها لعذر لم يأثم، وإن كان لغير عذر أجزت وكان آثماً، ولا يجب العزم ولا يقوم مقام الفعل، ولا يجب التكبير على من صلى العصر [في أول وقت الظهر] بل ينصح.
[(ح) ومثله ذكر في (المسائل) عن المؤيد بالله قدس الله روحه].
(ص) ومن جمع بين الصلاتين جعل ما ترك من السنة بينهما نافلة ولم ينوها قضاء لأن السنة لم ترد بذلك.(1/42)
[قوله: نافلة، أي: يصلي ركعتي الظهر بعد العصر وركعتي المغرب بعد العتمة على وجه النفل لا على وجه القضاء، وإن كان طريقته -عليه السلام - أن ركعتي الظهر بعد العصر وركعتي المغرب بعد العتمة تكون قضاء لا أداء؛ لأن السنة المشروعة ترك الركعتين بين الظهر والعصر في الجمع بينهما وكذلك ترك ركعتي المغرب عند الجمع بين المغرب والعتمة، فإذا ترك ما ينبغي تركه لا ينقلب قضاء.
وأما غير الجمع إذا ترك ركعتي الظهر إلى بعد العصر وركعتي المغرب إلى بعد العتمة فقد ترك ما ينبغي فعله وينقلب قضاء فلا تناقض بين قوله - عليه السلام -].
وقوله: إن السنة لم ترد بذلك؛ فالسنة إذا جمع بين الصلاتين أن لا يتنفل بينهما، ولم ترد السنة بالقضاء، فإذا صلى فينو بها نافلة، وذكر -عليه السلام- في باب القضاء (أنه يصليهما قضاء).
(ص) ومن فرق بين الصلاتين بمزدلفة خطأ صحت صلاته، فإن تعمد المعصية فسدت.
وإذا جمع بين الصلاتين في أول الوقت قدم الأولى على العصر، فإما إن جمع بينهما في آخره فيجوز تقديم العصر؛ لأن الوقت قد جمعهما.
ومن نسي الصلاة صلاها إذا ذكرها وهي أداء؛ لأنها لو كانت قضاء لم يتعين لها وقت دون وقت؛ لأن القضاء جائز في كل وقت حتى أنها تصلى في الأوقات الثلاثة إذا ذكرها فيها بخلاف غيرها من النوافل التي لها سبب (كالجنازة وغيرها).
(ح) وذكر (عليه السلام) في باب قضاء الصلاة أن من سهى عن صلاة أو نسيها لزمته إقامتها عقيب ذكره لها بنية القضاء ولو كان وقت الكراهة (وهو الصحيح).(1/43)
(ص) ويستحب (تأخير) قضاء النوافل التي لها سبب كصلاة الجنازة والكسوف والزلزة وما أشبه ذلك.
فأما الطواف فجائز في كل الأوقات وإن كانت فيه صلاة، ويستحب تأخير الوتر لمن يعتاد قيام الليل، وإن كان لا يعتاده فالمستحب تعجيلها في (أول الوقت)، ويجوز التنفل بعد صلاة الصبح والعصر، وأوائل الأوقات أفضل إلا العتمة فإن تأخيرها أفضل، وإذا تعين عليه إزالة منكر لا يمكن تأخيره كالقتل وشبهه آثره وإن فاتته الصلاة، فإن كان لا تفوت بدأ بالصلاة، وإن كان في الصلاة وخشي فوت إزالة المنكر قطعها وأزاله، فإن تمها كانت باطلة.(1/44)
باب ذكر استقبال القبلة
من صلى بغير تحري فأصاب القبلة صحت صلاته، فإن ظهر له أنه صلى إلى غيرها لزمته الإعادة في الوقت وبعده؛ لأن القبلة معتبرة بالإجماع.
[(ح) كمذهب المؤيد بالله].
وقال في موضع آخر: إن صلى بغير تحري لم يجزه وإن أصاب القبلة.
وكذلك من خالف متحراه ولمن أصاب القبلة أيضاً، فإن صلى متحرياً ثم ظهر له بعد الوقت خطأه للقبلة لم تلزمه الإعادة، وإن تساوت الجهات في التحري صلى إلى حيث شاء، والأعمى والجاهل بالتحري يسألان عن جهة القبلة، فإن عدما من يسألانه صليا إلى محاريب البلد.
وأما المسايف والمضارب والممنوع من التوجه لعذر فيصلون إلى حيث يمكنهم، وكذلك المريض والعاجز ومن لا يجد من يقلده.
وإذا صلى بعض المؤتمين إلى جهة الإمام والباقون إلى غيرها أجزت الإمام ومن وافقه دون من خالفه، وإذا خطر بباله أنه على غير سمت القبلة جاز له أن ينظر إمامه متحرياً ويبني على غالب ظنه ولا يستأنف ولو تغير متحوله إذا كان أول صلاته بالتحري، وإذا صلى إلى غير القبلة للعذر لم تجب عليه الإعادة إذا زال عذره كالمومي والعريان؛ لأنه أتى بما يمكنه.
[(ح) يعني إذا زال بعد الوقت، وكذلك قوله -عليه السلام- في سائر المعذورين].(1/45)