(ص) فإن كان على الميت دين يستغرق تركته لزم العبد أن يسعى في ثلث قيمته، فإن دبره أحدهم وأعتقه الثاني وكاتبه الثالث ولم يعرف أيهم المتقدم، إنه يجب على المعتق للمكاتب قيمة نصيبه إن كان موسراً، فإن كان معسراً استسعى العبد في قيمة نصيبه، ولا يجب للمدبر شيء إلا أن يبلغ إلى حد يجوز له بيع المدبر عن ضرورة ولزمه له قيمة نصيبه إن كان موسراً أو استسعى [العبد في ذلك] إن كان معسراً.
وإذا أشهد أحد الشركاء على الآخر بالعتق وأنكر المشهود عليه عتق العبد ولم تصح الشهادة على المشهود عليه.
(ح) ولزم الشاهد قيمة نصيب شريكه لأنه استهلكه عليه بإقراره بحريته.
(ص) فإن شهد أحدهم على الآخرين بكتابة صحت الكتابة وكذلك التدبير، فإن مات المدبر عتق العبد وسعى للشريكين في ثلثي القيمة.
وإذا كانت أمة بين ثلاثة فكاتبها واحد ودبرها الثاني قبل أداء مال الكتابة واستولدها الثالث بعد التدبير ثم مات المدبر والمستولد وادعت الحرية، إن المستولد يكون مستهلكاً لها وتكون أم ولد له وتعتق بموته ويجب عليه للمكاتب قيمة نصيبه وللمدبر إن احتاج قيمة نصيبه وإن لم يحتج فلا شيء عليه.
وإذا كان لرجل ثلاثة عبيد ثم قال لأحدهم: هو حر بعد موتي كان تدبيراً، فإن قال: أوصيت لفلان عبدي بحريته أو بنفسه بعد موتي تكون وصية ويخرج من الثلث، فإن قال: اعتقوا فلاناً بعد موتي فإنه أمر، فإن شاءوا فعلوا وإن شاءوا تركوا.(1/306)
ومن جعل لعبده جزءاً من ماله مشاعاً نحو ثلث أو ربع ثم نقض الوصية فإنه ينتقض في نفسه وفيما جعله له لأنه عقد يراعى به الموت، والموت لم يحصل بعد فله نقضه، ولا فرق بين أن يجعل العتق له بلفظ الوصية أو بغير لفظهاإذا جعلها بعد موته في أنه يكون تدبيراً وليس له نقضها إلا لعذرٍ كما في التدبير سواء [سواء، و]لا يجوز بيع المدبر إلا لعذر وضرورة.
ومن أوصى لأمته بنفسها وحصل لها أولاد من غير سيدها إنه يكون حكمهم حكم أمهم؛ لأن ولد المدبرة مدبر.
والمولى إذا جعل التدبير معلقاً بالشرط أو من وقت فلا يخلو إما أن يقع الشرط قبل موت المولى أو بمضي الوقت أم لا، فإن وقع الشرط أو مضى الوقت قبل موت المولى فإنه يقع التدبير ويكون مدبراً، وإن كان الشرط وقع أو مضى الوقت بعد موت المولى فإنه لا يقع التدبير ولا يكون مدبراً لأن وقوع الشرط ومضي الوقت حصل في وقت قد خرج العبد عن ملك المولى ولا عتق فيما لا يملك ابن آدم.
فأما حكم أولاده فإن كان حصولهم (بعد حصول) الشرط ومضي الوقت وقبل موت المولى كان حكمهم حكم الأم، وإن كان حصولهم قبل وقوع الشرط وقبل مضي الوقت وبعد موت المولى فإنهم مماليك كالأم.
(ح) وذلك لأن الشرط وقع بعد موت المولى فلم يقع التدبير فتكون هي وأولادها مماليك.(1/307)
(ص) وإن باع المملوك بعد إيجاب الشرط وقبل حدوثه ورجع إلى ملكه قبل حدوث الشرط فإنه يقع التدبير، فإن وقع الشرط وادعى السيد أن الشرط كان مؤقتاً وأن الوقت قد انقضى وادعى المملوك أنه مطلق، إن الظاهر يكون مع المولى وتجب على العبد البينة؛ لأن الأصل ثبوت الملك فلا ينتفي إلا بالنية أو إقرار المولى، فإن انقضى على أنه مؤقت ثم اختلف في مضيه أو بقائه فالظاهر مع المولى أيضاً؛ لأن الأصل أن لا وقت، فإذا ادعى انقضاءه كان القول قول المولى والبينة على العبد كما في أجل الدين إذا ادعى أحدهما أنه لسنة وادعى الآخر أنه لسنتين فإن البينة على مدعي السنتين ونظائرها من المسائل.
وأما إذا كان (متعلقاً بإيفاء) ما يجوز حدوثه وقد وقت له وقت ومضى ذلك الوقت ولم يحدث في الظاهر شيء، وادعى السيد أن شرط التدبير لم يقع، وادعى المملوك أنه لم يحدث شيء مما ادعاه السيد فالجواب ما ذكرنا قبل هذا أن الظاهر مع السيد، وإذا علق التدبير بانتفاء حدوث ما لا يجوز حدوثه في مجرى العادة من فعل الله تعالى أو بتعذر القدرة عليه إذا كان مضافاً إلى العبد فإنه لا يقع التدبير؛ لأنه علقه بما هو مستحيل فيبطل.
ومن جعل التدبير من وقت محدود إلى وقت محدود إن التدبير يصح ويبطل هذا الشرط؛ لأن الحرية لا يدخلها التوقيت وهي مؤبدة.(1/308)
وإذا مات المولى وقد دبر عبده وللمولى مال غائب أو ضال ولا مال له غير ذلك والعبد يخرج من ثلث المال الغائب أو الضال، إن التقدير في حصول المال الغائب أو الضال هو الشهر مع الرجاء والإياس قياساً على غيبة الولي وعلى إتمام صلاة المسافر بعلة أن كل واحد منهما يطلب به استفادة حكم شرعي.
[(ح) قال الفقيه محمد بن أسعد أبقاه الله وأيده]: صورة هذه المسألة أن يموت المدبر (وله مال غائب) وعليه دين قدر ذلك المال.
وقوله: أو في جميع القيمة إذا لم يحصل، فحق أهل الدين متعلق بجميع قيمته فتلزمه السعاية في الجميع.
(ص) وتجب عليه السعاية في ثلثي القيمة إن حصل المال أو في جميع القيمة إن لم يحصل.
(ح) [الأحرى على الأصول إذا حصل المال لا يلزمه سعاية أصلاً؛ لأنه ذكر في أول المسألة أنه يخرج من الثلث] وذلك لأن المدبر يعتق من الثلث وكان الميت لا مال له سواه بعد قضاء الدين ويسعى للورثة في ثلثي قيمته إذا لم يجيزوا التدبير.
(ص) ولا يجوز بيع المدبر إلا لضرورة، وحد الضرورة والحاجة التي يباع فيها هو أن يركبه دين ولا يجد له قضاء، أو لا يجد ما يستنفقه هو وعياله فيما زاد على عشرة أيام.(1/309)
[حاشية: إذا لم يحصل فحق أهل الدين متعلق بجميع قيمته فتلزم السعاية الجميع]، أو بما جرت العادة بإنه يحصل له الغنى بما يقتاته كأن يكون من الغلة إلى الغلة أو يكون صاحب حرفة ولا تحصل حرفته إلا لمدة ويحتسب من أملاكه بما زاد على الكسوة له (ولعياله وعلى) منزل سكناه وما زاد على القوت، ولا يحتسب سلاحه إن كان وقت في إمام حق وسواء كان صاحب الدين طالباً فيه أم لا إذا كان لا يجد لقضاء الدين غير المدبر في أنه يجوز بيعه، وسواءً كان الدين مؤجلاً أو معجلاً في جواز بيعه، وكذلك إذا كانت عليه ديون لله تعالى فإنه يجوز بيعه فيها، فإن باعه ثم تبين له بعد بيعه أنه قد ملك مالاً كثيراً يكون به غنياً يتسع لقضاء دينه فإن البيع إن كان بحكم الحاكم لم ينتقض، وإن كان بغير حكم الحاكم انتقض ولا ينقض إلا بحكم الحاكم؛ لأن المسألة مختلف فيها.
وإذا باع السيد مدبره لغير حاجة، والمشتري يرى جواز ذلك أو لا يراه، ولكن لم يعلم أنه مدبر، ثم دبره ومات المشتري، إن البائع والمشتري إن ترافعا أو المدبر والورثة إلى الحاكم فحكم بصحة البيع صح التدبير ووجب قبول الحكم ويعتق بموت المشتري ويكون ولاءه له، وإن حكم بفساد البيع انتقض البيع وكان مدبراً للأول ويعتق بموته وولاؤه له، ويكون عتقه من يوم الحكم لا من يوم موت السيد، وكذلك إن لم تقع مرافعة فكان المشتري يرى جواز ذلك فإنه يكون مدبراً له ويكون ولاءه له.(1/310)