ومن اشترى أرضاً بيع خيار إلى مدة ثم بيع إلى جنبها أخرى قبل انقضاء مدة الخيار إن مدة الخيار إن كانت معلومة فإن الشفعة تستحق عند الاختيار لنفاذ البيع وإمضائه، وإن كان الخيار للبائع فكذلك، وتكون الشفعة في الأرض المبيعة موقوفة، فإن اختار البيع صحت المطالبة بالشفعة في المبيعة الأخرى وإن تراخى في المطالبة بطلت؛ لأنها كنشطة العقال.
والشريك أولى من الجار، والجار الأقرب أولى من الأبعد، والأقرب في الشرب أولى من الأبعد، فإن استووا فالشفعة بينهم.
وفي مال بين أربعة مشاعاً وهب أحدهم بعض نصيبه من آخر وباع منه الباقي، إنه يكون أولى بالهبة والباقي الذي اشتراه بينه وبين شركائه بالشفعة على الروس.
ومن كان نصيبه منفصلاً فلا شفعة له مع الشريك لأنها مرتبة على رفع الضرر، ولا شفعة في المكيل والموزون؛ لأن الضرر فيهما زائل.
وإذا كان الثمن صلحاً بمعلوم عن مجهولٍ فالشفعة لازمة فيه، فإن كان الثمن معلوماً في الأصل ثم جهل ثم صولح عنه بمعلومٍ كان للشفيع الشفعة بمثل المعلوم أو قيمته، والشفعة تجب في المبيع بيعاً فاسداً ويكون فسخياً، وقد قال - عليه السلام - في موضع آخر: إن الشفعة لا تجب إلا في بيع صحيح، فإن قبضه المشتري لم يكن للبائع أن يشفع به إلا بعد أن يفسخه الحاكم، فإن تفاسخ البيع قبل الحكم بالشفعة بطلت، فإن حكم به الحاكم لم يصح الفسخ.
(ح) أي: قبل الحكم وقبل الطلب، وإن تفاسخا بعد الطلب وقبل الحكم لم يصح؛ لأن حق الشفيع قد ثبت وليس لهما (إبطال حقه).(1/246)


(ص) وإذا كان الخيار للبائع والمشتري أو للبائع فليس للشفيع المطالبة بها لأن الملك لم يستقر والشفعة تستحق بالمناقلة لأنه بيع أرض بأرض وعلى الشفيع قيمة الأرض التي نوقل بها (ويحكم بها ذوا عدل).(1/247)


باب كيفية أخذ الشفيع لما يستحق فيه الشفعة
ومن باع شيئاً [ثم باعه المشتري]، ثم باعه المشتري الثاني بأثمان مختلفة أخذه الشفيع بالبيع الأول دون البيع الثاني، فإن ترك الشفعة في البيع الأول لأنه استعلاه ثم باعه المشتري الثاني بثمن أقل من ذلك كان له أن يستشفع بالثمن الثاني.
(ح) [قوله: دون البائع الثاني]. ومثله أطلق في (التحرير) قال السيد أبو طالب: له أن يأخذ بالثمن الأوفق، قال الشيخ أبو القاسم والقاضي زيد: هذا إذا طالب بالأوفق أو قال بما قبلك من الأشربة بأن أطلق فليس له أن يأخذ إلا بالثمن الذي طالب به، [فإن ترك الشفعة في البيع الأول لأنه استغلاه ثم باعه المشتري الثاني بأقل من ذلك كان له أن يستشفع بالثمن الثاني]، و[الشيخ الحافظ، ومحمد البخاري نصرا ما قاله السيد أبو طالب].
(ص) ومن اشترى أرضاً (فخربها وعمرها) فللشفيع أخذها ولا شيء عليه فيما غرم كما ليس له شيء مما غنمه المشتري من المبيع قبل ذلك سواء إذا اختلف المتبايعان في الثمن وتخالفا وترادَّا فإن الشفيع يأخذه بما يستقر عليه الحال بينهما إن شاء وإلا سلمه ولم يبق له شفعة.
ومن اشترى شيئاً للغير فيه شفعة ثم باعه إلى آخر ثم وهبه الثاني ثالثاً ثم تنوسخ وقد حصل في يد كل واحد فائدة، ثم قام الشفيع بالعقد الأول؛ إن لكل واحد من المشترين أخذ ما حدث عنده من الفوائد، ولا يكون للشفيع إلا المبيع دون الفوائد لأنه مال حصل في ملكه فلا يملكه غيره إلا بعقد أو ما يجري مجراه.(1/248)


(ح) أطلق - عليه السلام - أن الفوائد له ولم يفصل بين أن تكون من أصله [أو من غير أصله] وبين أن تكون تالفة أو باقية، وفي (التحرير) فصل كما هو مذكور.
(ص) وفي رجل اشترى أرضاً للغير فيها شفعة فقال: اشتريتها بمائة، فسلمها الشفيع ثم ادعى البائع أن البيع وقع بمائة وخمسين وأقام البينة على ذلك، إن على الشفيع ما ادعى المشتري إن صدقه ولا شيء عليه سوى ذلك إلا ما (قامت بينة) ودعوى البائع إنما هي متوجهة إلى المشتري.
وإذا طلب الشفيع الشفعة فتمرد المشتري أثم بتمرده ولم تلزمه في الحكم الغلة للشفيع، وللشفيع المطالبة بالشفعة سواء كان واجداً للثمن أو عادماً لتجويز أن يجد بالقرض أو الإرث أو غير ذلك، فإن لم يطالب بالمرافعة إلى الحاكم بطلت شفعته.
[حاشية: ومثله ذكر السيدان أبو طالب وأبو العباس خلافاً للمؤيد فإنه يعتبر في ثبوتها المطالبة دون المرافعة].
وإذا قال أبو الصبي إنه دفع مال الشفعة لولده من نفسه صدق من غير بينة ولم يقبل قول غيره من الأولياء إلا ببينة.
ومن طولب بالشفعة فوهب الأرض المشتراه من ابنته وغرس فيها نخيلاً، إن هبته لابنته لا يمنع من الشفعة، ومتى حكم الحاكم بالشفعة حكم عليهم بقلع النخيل، فإن لم يقلعوا كان للشفيع أن يقلعه من أرضه ولا ضمان عليه.
ومن اشترى أرضاً وزرعها ثم جاء الشفيع فله أخذها وله أجرة المثل إن تركها إلى وقت الحصاد.
وإذا كان الخيار للمشتري ووقع البيع بقيمته فله الشفعة إن اختار البيع، فإن طالبه الشفيع بها ثم اختار رد المبيع كانت له المطالبة ويحكم له الحاكم بها لأنها من فوائد المبيع.(1/249)


[(ح) يعني: أنّ رد المشتري للمبيع بخيار الشرط لا يبطل حق الشفيع.
وقوله: فيحكم له الحاكم بها، هذا هو الصحيح من قوله، وقول سائر أئمتنا - عليهم السلام -.
وأما قوله في المسألة الأولى: ورد قبل حكم الحاكم فلا شفعة له. فهو قوله الآخر، والأولى ما ذكرناه لموافقته لسائر الأئمة - عليهم السلام -].
(ص) وإن يشفع قبل أن يختار المبيع ورد قبل حكم الحاكم فلا شفعة له، ومن باع بعض حقه المشاع وله شريك فيه فله الشفعة.
ولا يصح وقف ما لغيره فيه شفعة ولا عتقه ولا تدبيره ولا كتابته وإن بنا فيه مسجداً أو قبر فيه ميتاً فالشفعة مستحقة.
(ص) ونصره الشيخ أبو جعفر لمذهب الناصر للحق عليه السلام.
(ح) وقال - عليه السلام - في موضع آخر: إن قبر فيه ميتاً أو بنا مسجداً يكون منه استهلاكاً، فإن كانت جارية فاستولدها كان استهلاكاً ولا تجب الشفعة بمجرد الإنكار ما لم يقع مواثبة لقوله صلى الله عليه: ((الشفعة كنشطة عقال)).
وإذا طلب الشفعة وأتى بالثمن فامتنع المشتري من ذلك ومن الحضور إلى الحاكم فأخذ الشفيع حقه قهراً كان مخطئاً في أخذه بغير حكم الحاكم ولكن تكون الغلة له لأن له عند الامتناع أن يأخذ حقه بأي وجه أمكنه.
[(ح) وبه قال (ش) والأستاذ لمذهب الناصر للحق عليه السلام].(1/250)

50 / 97
ع
En
A+
A-