[((ح)) ومثله ذكر أبو العباس الحسني في (جامع الفقه) لأنه قال فيه: "إن أقل النية حصول العلم بما يفعله" وقد نص على معناه محمد بن يحيى - رضي الله عنه -]*.
(ص) لأن أفعال الوضوء المخصوصة لا تحصل إلا بالنية وإنما سهى فظن أنه لم ينو، وإذا كان في بعض أعضاء الوضوء نجاسة وأراد الوضوء فلا بد أن يغسله للنجاسة ثم يغسله للوضوء بعد ذلك.
ولا يدخل بعض الغسل في بعض لاختلاف الفرضين؛ [لأن أحدهما يفتقر إلى النية] دون الآخر، ومن تعذر عليه غسل الفرجين لزمه غسل أعضاء الوضوء ولا يتيمم.
ولا يتيمم وإن كان العذر في أعضاء الوضوء تيمم ولم يغسل البعض وييمم البعض؛ لأنه جمع بين البدل والمبدل.
ومن ترك التسمية عامداً إلى آخر الوضوء وجبت عليه الإعادة لقوله - صلى الله عليه وآله -: ((لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)) فنفى حكم الوضوء الشرعي مع عدم الذكر فبطل.
ويتوضأ وإن خشي فوت الوقت ولا يتيمم، ومن لا يجد ماء يكفي للوضوء بكماله تيمم، فإن كان في الأعضاء علة لا يرجى زوالها كانت في حكم المعدومة وجاز استعمال الممكن على أن في هذا نظر، وهو ما ذكرنا في غير هذا الموضع من أنها إذا كانت مجروحة عصب على الجراحة ومسح عليها بالماء عند وجوده أو التراب عند عدمه والله الموفق.(1/21)
ونقصان الطهارة للعذر بمنزلة كمالها، ويصلي بها الصلوات الكثيرة بخلاف قلة الماء لأنه يعدل إلى التيمم؛ لأن علة العضو بمنزلة عدم العضو، والوضوء قبل وقت الصلاة شرط لصحتها فتصح وإن كان نفلاً، والوضوء طاعة (وليس بعبادة) كالزكاة والجهاد؛ لأن العبادة ما يفعل على وجه الخضوع والتذلل، كالصلاة والحج والتيمم، وتجب النية جملةً دون التعيين في الوضوء والاغتسال.
ويبتدئ الرجل بغسل اليدين من الكفين، والمرأة من المرفقين.
ولا يجب في الوضوء مسح ما استرسل من اللحية بخلاف الغسل من الجنابة، ولا يزيد على الثلاث في الغسل، والزيادة تعدٍّ وإساءة وظلم.
ولا يصح وضوء المشرك، وتمسح الرقبة بماء جديد.
(ص) وقوة جري الماء تقوم مقام الدلك، والتقدير في اعتماد الماء الذي تطهر به النجاسة ويقوم مقام الدلك إنه لو كان لما (وقع عليه الماء نجاسة لها لون لزالت) لقوة جري الماء.
ولا يجب على من حلق شعره أو قلم أظافره أو قشر جلده بعد الوضوء إمرار الماء ولا يستحب.
ولا ترتيب بين الاستنجاء والوضوء، فمن توضأ ثم استنجى صح وضوءه إلا أن يخرج منه شيء لأنه لا ترتيب بين الوضوء وغسل النجاسة وليسا من أعضاء الوضوء.
[(ح) والأولى أن يجب الترتيب في ذلك؛ لأنه لا بد من أن يخرج شيء عند الغسل فلهذا يجب الترتيب بخلاف ما إذا كانت النجاسة على غير السبيلين].
(ص) وصرف النية في أثناء الصلاة والصوم لا يفسدهما بخلاف الوضوء فإنه يفسده سواءً صرفها إلى واجب أو تطوع.(1/22)
وإذا شك المتوضئ وكان غير مبتلي بالشك أعاد من الموضع المشكوك فيه، وإن كان مبتلى غلب ظنه وإن اعتدل بنى على الأقل ولا حكم للشك فيما مضى ولا يزول اليقين إلا بيقين.
والشك في الترتيب لا يوجب الإعادة بعد الوقت بخلاف الشك في غسل العضو رأساً.
وفي خبر الذي اغتسل فمات أحكامٌ:
منها: أن الإنسان إذا شك والسؤال يمكنه وجب عليه السؤال.
ومنها: أنه لا يجوز أن يفتى بغير علم.
ومنها: أن من خشي المضرة من استعمال الماء تيمم.
ومنها: وجوب المسح على الجبائر.
ومنها: أن المسح يقوم مقام الغسل في تلك الحال.
ولا يجب إزالة الدهن عن العضو إلا أن يكون جامداً يمنع من وصول الماء إلى العضو، ومن لم يمكنه الوضوء بنفسه وجب عليه طلب من يوضيه بأجرة أو غير أجرة إذا تمكن من النية، فإن رأى غيره على هذه الصفة وجب أن يوضيه، ويلف يده بخرقة لإزالة النجاسة كغسل الميت.
ولا يجوز الوضوء بالماء مع خشية التلف من العطش، فإن توضأ والحال هذه لم يجزه، فإن خشي العطش أو المرض لم يجب أن يتوضأ، فإن توضأ أجزأه، ومن نكس وضوءه ست مرات صح وضوءه.
ولا يتوضأ من آنية الذهب والفضة، ولا من المفضض والمذهب.
ولا تقدير في الماء الذي يتوضأ به إلا بالكفاية، وهو تعميم الجسد بحيث يجري بعض إجراء الماء إلى بعض.(1/23)
باب ذكر ما ينقض الوضوء
من خرج منه القيء دفعات كل دفعة دون الدسعة وهي ملء الفم لم ينتقض وضوءه ولا يحكم بنجاسة ما هذه صفته، ومن قال لغيره: يا كلب، أو يا ابن الكلب أو يا حمار، أو يا ابن الحمار انتقض وضوءه بأذى المسلم، ولا يعتبر صلاح الأب ولا فساده، فإن كان الأب كافراً وتعمد أذاه الإبن لم يجز، فإن كان الإبن فاسقاً والأب مؤمناً وذم الإبن والأب يتأذى بذلك فسد وضوءه لأنه آذى مسلماً.
ومن عزم على كبيرة وكان من نزاع النفس فلا حكم له، وإن صمّم فالإرادة إثم ولا نقطع على كونها كبيرة، وخروج الدم جامداً من الأنف لا ينقض الوضوء.
والمتوضئ إذا ابتلي بكثرة الرياحات بحيث لا ينضبط وضوءه كان حكمه حكم المستحاضة، ومن كثر خروج دمه من الأسنان بحيث لا يرقى فحكمه حكم سيلان البول، وإن كان خروجه حيناً بعد حين فإنه يتلوم إلى آخر الوقت ثم يتوضأ ويصلي.
والمزاح بالكذب ينقض الوضوء؛ فإن كان حكاه عن غيره وهو يظنه صدقاً لم ينتقض وضوءه، فإن انكشف أنه كذب بين لمن أخبره لتزول التهمة عنه.
وحد الكذب هو الخبر عن الشيء لا على ما هو به، ومن تعمد القهقهة في صلاته بطل وضوءه لكونها معصية، وإن لم يتعمد لم يبطل.
والبلغم الخارج من المعدة والرعاف والدم من الجوف والفم حكمهما حكم سائر ما يخرج من سائر الجسد، وما ينزل من الدم في الأنف إلى موضع الغسل وكذلك من الأذن ينقض الوضوء، وكذلك القيح وما أخذ بالقطنة من الجراحة بحيث لو تركه لسال ينقض الوضوء، ويجوز أن يمنع البول من الخروج بالقطن وغيره.(1/24)
وإذا خرج الدم من مواضع متفرقة بحيث لو اجتمعت لسالت لم ينقض الوضوء، وكذلك إذا خرج من موضع واحد في أوقات متفرقة، وما مصَّهُ العلق لا ينقض الوضوء إلا أن يخرج بعده قطرة، والظاهر في كل معصية أنها كبيرة لأنه لا يفصل بين المعاصي لمجرد الصورة.
[(ح) وعلى هذا أيضاً يدل كلام البستي فإنه قال: "إذا فعل معصية لا يعلم أنها كبيرة تنقض الوضوء ما لم يعلم أنها صغيرة"].
(ص) والإقدام على الكبيرة ينقض الوضوء بخلاف الاستمرار عليها فإنه لا ينقضه للإجماع على صحة صلاة الفاسق، والاستمرار على الكفر لا تصح معه الطهارة.(1/25)