وإذا سلم المشتري الثمن من ماله ثم أجاز المشترى له الشراء لزم المجيز له مثل ما سلمه أو قيمته إن لم يكن له مثل، فإن كان الثمن عرضاً وتلف قبل تسليمه للبائع وقد كان المشتري له سلم قيمة العرض إلى المشتري فإنه يجب على المشتري تسليم قيمة العرض إلى المالك البائع ويكون البيع صحيحاً؛ لأن هذه أحكام غير متنافية، والظاهر في المشتري أنه لم يسلم الثمن إلا ليأخذ عوضه وما يقوم مقامه، وقد قال تعالى: ?وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ?[البقرة:188]، والباطل ما يؤكل بغير فسخ شرعي من بيع أو ما يجري مجراه من صدقة أو هبة أو إباحة ونحوها.
وإذا تلف المبيع قبل الإجازة لم تلحقه الإجازة؛ لأن الإجازة تكون فيما يصح دون ما لا يصح، ومن شرط صحة البيع صحة القبض، والقبض في هذه الحال متعذر، وكذلك لو تلف المبيع قبل الإجازة وبقيت فوائده الأصلية فإنه لا حكم لهذه الإجازة لمثل ما قدمنا.
وإذا وجد المشتري في السلعة عيباً فردها به على البائع ثم أجاز المشترى له فإنه بالرد بالعيب يكون فاسخاً للعقد ولا تلحقه إجازة؛ لأنها وقعت على غير عقد مستقر لأنه بمنزلة الوكيل كما قدمنا، فما فعل فحكمه ثابت إلا أن يفسخه حكم آخر.(1/236)


وإذا رد المشتري العاقد ما اشتراه للغير بخيار الشرط كان فسخاً ولا حكم للإجازة بعده؛ لأنها تابعة للعقد وقد بطل، وتكون الفوائد للمالك البائع إلا أن يكون المشتري اشترط الخيار للمشترى له ثم رد بهذا الرد لم يثبت رده وكانت الإجازة من المشترى له صحيحة والخيار بحاله للمجيز والفوائد له عند صحة الإجازة؛ لأنا قد بينا أن له شبهاً بالوكيل فمثل أحكامه على بعض الوجوه تتعلق به، وكذلك إذا رد المشتري بالخيار أو العيب لحكم الحاكم فإن الإجازة على هذا الوجه لا تصح ولا تلحق لأن العقد قد انفسخ من أوله.
وإذا كان المبيع عبداً يعتق على المشترى له ثم أجاز الشراء من غير علم بأنه ذو رحمٍ إنه يعتق عليه ويلزمه الحكم في ذلك، وكذلك حكم الوكيل إذا وكل لشراء عبد غير معين وشراه ثم وجده الموكل ذا رحمٍ فإنه يعتق عليه ويلزمه ذلك؛ لأن الوكيل فعل ما أمر به ولم يخالف فيلزم الموكل.
ومن اشترى شيئاً بعرض لم يخل (إما أن يكون اشترى لنفسه) بعرض غيره أو يشتريه لذلك الغير بعرضه، فإن اشتراه لذلك الغير بعرضه ولم يجز البيع ارتفع العقد وبطل ويكون حكم الحيوان في يد المشتري حكم المبيع إذا كان المبيع باطلاً، وإن اشتراه لنفسه بعرض غيره فلا يخلو إما أن يكون العرض في يده غصباً أو غير غصب، فإن كان غصباً ولم يجز صاحب العرض ارتفع العقد أيضاً وانفسخ وبطل؛ لأنه اشتراه بنفس المغصوب.
والعروض تتعين في المبيعات إذا كانت أثماناً وإن كان في يده على غير وجه الغصب واشتراه به ثم أجاز صاحب العرض عرضه فإنه يجب على المشتري قيمة ذلك العرض للمالك ويملك المبيع في هذه الحال.(1/237)


(ح) والأصح في ذلك أن لا يصح البيع لأنه تعين كما ذكره.
(ص) وإذا أوجب البائع البيع لمساومٍ له ثم عند قبول الشراء أوجب المشتري لغيره فله نقض البيع قبل إجازة المشترى له إلا أن يكون المشتري وكيلاً لذلك الغير فلا يكون للبائع نقض البيع ويكون صحيحاً.
وتعليق الإجازة بشرط مجهولٍ ترفع الحكم لارتفاع أصل العقد ويصح تعليق الإجازة بالشروط المعلومة لارتفاع الجهالة المنافية للصحة.
النية لا حكم لها في العقود والتمليكات ولا يلحق بها إجازة ولا حكم.
وإذا باع الغاصب الجارية وقبض الثمن ثم هلكت في يده ثم أجاز المغصوب منه البيع، إنه يلزمه رد الثمن إلى المشتري لتلف المبيع في يده ويلزمه دفع الثمن إلى مولى الجارية لإجازته البيع ولا تلزمه القيمة إن كانت أكثر.
(ح) وهذا معنى قولنا لا تصح الإجازة في الشيء التالف وإن بقاء المعقود عليه شرط.
(ص) والصبي إذا لم يؤذن له في البيع كان عقده منحلاً سواء عقد لنفسه أو لغيره.
(ح) وذكر المؤيد بالله أنه لو أمر صبياً غير مأذون له ببيع شيء أو شرائه صح وكان كالمعين والسفير.
(ص) ومن اشترى شيئاً لغيره ثم باعه المالك بيعاً نافذاً ثم أجاز المشترى له الأول، فإن العقد مع الثاني يكون فسخاً للعقد الأول ويصح الثاني، وإذا أجاز المشترى له البيع والمبيع في يد المشتري لم يكن للمشتري إمساكه لقبض الثمن؛ لأن حقوق العقد تتعلق بالمجيز دون المشتري، ولهذا لو سلمه إلى المشتري لم يترك بل يكون للبائع مطالبته إجماعاً.(1/238)


وإذا أجاز المشترى له الشراء وقبض الثمن ثم أفلس فليس للمشتري فسخ الإجازة ولا استرجاع المبيع؛ لأنه لا يخرج عن ملك المالك من يده إلا أمر من قبله لا من قبل غيره.(1/239)


باب الصرف
من اشترى إبريق فضة بمائة دينار ثم تقابضا وافترقا، ثم استحق وأجاز المستحق البيع صح وإن لم يجز انفسخ ورجع باليمين.
ويجوز صرف الدراهم بالدراهم وفي أحدهما غش إذا كان النقي من العين أكثر فضة.
وربح دار الصرف يرجع إلى بيت المال ولا يجوز فيه الغش، ولا يجوز قطع الدراهم وإن لم يتغير جوازها لأنه خيانة وغش ومن غشنا فليس منا، ويكون ما قطع منها لبيت المال.
(ح) ووجهه أنه يكون استفاد فائدة من وجه محظور فأشبه ربح المال المغصوب، (أو كما ذكره - عليه السلام -) في المضارب إذا خالف وربح ولم يجز رب المال فإن الربح لبيت المال لأنه ملكه من وجه محظور.(1/240)

48 / 97
ع
En
A+
A-