وإن كانت غير باقية أو لم تكن متصلة فلا يجب ردها، ذكره مشائخنا رحمهم الله.
[(ص) وأما خيار الرؤية وخيار الشرط فإنه يجب رد الفوائد مع الأصل سواءً كانت متصلة أو منفصلة من أصله أو من غير أصله.
(ح) وما ذكر في خيار الرؤية، مثله ذكر القاضي زيد لمذهب المؤيد بالله.
وأما سائر المشائخ جعلوا حكم خيار الرؤية حكم خيار العيب في أنه يجب رد المتصل دون المنفصل وهو الأولى].
(ص) وأما إذا أفلس المشتري والسلعة قائمة بعينها وقد حدث منها فوائد أو نقصان فإنها تكون للبائع بزيادتها ونقصانها إن اختار ذلك، وإن اختار تركها فتكون أسوة الغرماء.
وأما فوائد المهر إذا كان معيناً وطلقها قبل الدخول وقد حصلت فيه فوائد (فإنها تكون) للمرأة نصف الأصل ونصف الفوائد.
(ح) ومثله ذكر في (التحرير) (ونصره أبو طالب)، وعند (ش) الفوائد للمرأة خاصة متصلة كانت أو منفصلة، ونصره المشائخ الناصرية لمذهب الناصر للحق - عليه السلام -.
(ص) فإن فسخت المرأة النكاح بسبب من قبلها قبل الدخول وجب عليها رد الأصل ورد الفوائد.
(ح) وأما فوائد العمرى والرقبى المؤقتين فحكمهما حكم الأصل ولا فرق بين الإناث والذكور بخلاف الثمار من الأرض المعمورة وما شاكلها مما له ثمر، فإن الثمار تكون ملكاً للمعمر والمرقب، والألبان تجري مجرى الثمار؛ لأنها المقصود في العمرى والرقبى، وأما أولادها فهي تكون عمرى كالأمهات له فوائدها دون أعيانها.(1/216)


(ص) ومن اشترى أرضاً واستغلها مدة ثم استحقت أن البائع إن ضمن له ما لحقه لسبب العقد لزمه ما لزم المشتري لقول النبي -صلى الله عليه وآله-: ((الزعيم غارم)) فإن لم يضمن لم يكن عليه إلا رد الثمن.(1/217)


باب البيع الموقوف
كل عقد يحتاج فيه إلى الإيجاب والقبول فإنه يقف على الإجازة كالبيع والنكاح والعتق على مال وما شاكله.
والخلاف في البيع والشراء الموقوفين مع أبي حنيفة من وجه (ومع (ص)) من وجه، ومع مالك من وجه.
والأصل في جواز البيع الموقوف والشراء الموقوف خبر جابر بن عبد الله الأنصاري وعروة البارقي رحمهما الله تعالى (وبيعهما وشرائهما) لرسول الله صلى الله عليه ومبني الشرع على أقواله وأفعاله وتقريراته بعد كلام الله سبحانه.
وألفاظ الإجازة أن يقول المالك في البيع الموقوف أو المشتري في الشراء الموقوف: أجزت، أو قبلت، أو رضيت، أو مَلَّكتُ، أو يقول: نعم أو نِعم ما فعلت وما شاكل ذلك من الألفاظ.
وأما ما يكون إجازة من قبل الفعل فكأن بتصرف البائع في الثمن أو المشتري في المبيع أو يطالب المشترى له بالمبيع أو يطالب المالك بالثمن أو يسلم المبيع أو يستهلك الثمن.
والوجه في ذلك كله أن أمور الناس محمولة على الصحة والسلامة، والتصرف في ملك الغير لا سلامة فيه من قبل الظاهر إلا بحمله على أنه مال المتصرف، ولا يكون مالا له إلا بأن يكون في مقابله المبيع أو ما يجري مجراه، وكل ما كان منافياً للعقد فهو فسخ نحو أن يقول: فسخت العقد، أو لا أرضى هذا البيع، أو الشراء، أو لا رغبة لي في هذا البيع والشراء، أو لا أجيز ذلك، وما خالف ذلك فليس بفسخ بل يبقى العقد على حاله نحو أن يقول: أنا أنظر في ذلك، أو يكون الجواب في وقت آخر وما شاكله.
وما يكون فسخاً للعقد الموقوف من طريق الفعل هو الاستهلاك أو الحبْس ويستوي فيه العلم والجهل في الاستهلاك لا غيره.(1/218)


وأما الجنس فلا يكون إلا في المعلوم دون المجهول؛ لأن الاستهلاك ينافي التمليك ولا يفتقر إلى النية ولا يكون الحبس إلا في معلوم؛ لأن حَبْسه فرع على العلم به، وإذا كان الجواب من المالك يصح تعليقه بجملتين متنافيتين إذا علق بأحدهما أوجب البيع، وإذا علق بالثانية أوجب نقض البيع.
(ح) مثاله: أن يبيع أحدهما عبده بغير إذنه ويكاتبه آخر ويعتقه على مال بغير إذنه ثم علم بالعقدين وقال: أجزت، ولم يبين أيهما أجاز.
(ص) فإن الجواب يكون راجعاً إلى (الجملتين) جميعاً لأن الاستثناء بعد الجمل عندنا يكون راجعاً إلى جميعها، فإذا اقتضت إحداهما صحة البيع والثانية بطلانه فقد ثبت من أصلنا أنه إذا اجتمع حظر وإباحة، ومثبت وناف، ومسقط وموجب، كان الحظر والنفي والإسقاط أولى، فعلى هذا يكون تعليق الجواب بما يوجب نقض البيع أولى، ولا يبقى البيع موقوفاً بل يبقى كأن لا عقد؛ لأن الحاظر والنافي والمسقط بمنزلة الطارئ فالحكم له.
وإذا اختلف حال الموقوف على إجازته كأن يملك التصرف حال العقد بحق الملك ثم صار يملك التصرف حالة وجود الإجازة منه بحق الولاية أو كان على العكس من ذلك ثم أجاز، إن إجازته والحال هذه صحيحة ويكون العقد منبرماً ويكون المبيع ملكاً للمشتري بالإجازة [ولا تأثير لانتقال ملك التصرف بحق الولاية أو بحق الملك؛ لأنه يملك الإجازة] في الحالين جميعاً لأن ما تحدد لم ينافيه فيرفع حكمه.(1/219)


(ح) وصورته أن يبيع رجل دابة غيره من غير إذنه ثم وهب صاحب الدابة دابته هذه من ابنه الصغير هبة صحيحة ثم علم بوقوع البيع فقال -عليه السلام-: يصح من الأب إجازة هذا البيع؛ لأن الإجازة إليه في الحالة الأولى والثانية.
فأما قوله: على العكس، فكأن يقع هذا البيع الموقوف على مال ولده الصغير ثم مات الإبن وورثه أبوه فإنه حالة وقوع البيع كان يملك الإجازة بحق الولاية وحالة الإجازة بحق الملك، [ذكر ذلك الفقيه الإمام محمد بن أسعد أبقاه الله تعالى].
(ص) والبيع الموقوف والشراء الموقوف يعتبر فيهما بقاء المتعاقدين، وإذا كان يملك إجازة البيع والفسخ رجلان ووقع البيع موقوفاً فأجازه أحدهما وفسخه الثاني إن المجيز تثبت إجازته في نصيبه ولا اعتبار بفسخ الآخر في نصيب المجيز، ولا فرق في ذلك بين معرفة المتقدم والمتأخر من الفاسخ والمجيز ولا تأثير للإلتباس ويكون للمشتري الخيار عند إجازة أحدهما دون الآخر في الرضا وتفريق الصفقة أو ترك الجميع والفسخ.
[(ح) مثاله: أن يبيع رجل مالاً مشتركاً بين اثنين بيعاً موقوفاً].
(ص) فإن ملكا حكماً واحداً بوكالة أو شركة وما يجري مجرى ذلك وينافي الحكم رجع إلى حكم الأصل من زوال البيع وسقوط حكمه.(1/220)

44 / 97
ع
En
A+
A-