باب تلف المبيع
وإذا جنى البائع على المبيع قبل القبض انتقض البيع ولا تقدر الجناية.
ومن باع أشجاراً وزروعاً واجتيح قبل القبض كان من مال البائع.
ومن اشترى غلة وتركها عند البائع بعد القبض فتلفت فهي من مال المشتري وعليه تسليم الثمن، فإن لم يكن قبضه ولكنه رأى بعضه فهو من مال البائع.
ومن اشترى طعاماً بمثله فتلف أحدهما كان من مال المشتري إذا كان تلفه بعد القبض.
وإذا قبض المشتري بعض المبيع وغصب الظالم الباقي، فإن كان من ذوات الأمثال صح البيع في المقبوض وما وقع من ربح فهو له.
(ح) وعند سائر أئمتنا - عليهم السلام - ينفسخ البيع بتلف بعض المبيع سواء كان مثلياً أو قيمياً.(1/211)


باب تسليم المبيع وقبضه
ولو أن رجلاً اشترى شيئاً ولم يوف الثمن وكان بعد (في مجلس البائع) فأخذه المشتري من غير إذن البائع وباعه، إن المشتري إن كان مليا ولم يكن متمرداً كان آثماً في القبض وصح تصرفه فيه؛ لأنه قد قبض وإنما وقع النهي عن بيع ما لم يقبض، وإن كان غير ملي أو كان ظالماً متمرداً لم يصح قبضه؛ لأن لصاحبه إمساكه وأخذه بعينه إن لم يدفع المشتري الثمن.
ومن اشترى شيئاً ووفىّ الثمن ولم يقبضه ووكل غيره ببيعه، إن توكيله ببيعه توكيل بقبضه في العرف، والمعاملة في البيع لا تفتقر إلى النيات ولا يلزم المشتري تسليم الثمن إلا بتسليم المبيع.
(ح) وبه قال (ش)، قال أبو العباس: يؤمر المشتري أولاً بتسليم الثمن، ثم يؤمر البائع بتسليم المبيع، وقال (م) بالله: تعدل عند ثقة.
(قال (ص):) وإذا قال إذا جاء بالثمن فسلم إليه المبيع فيسلمه من غير أن يأتي بالثمن لم يلزم المشتري؛ لأنه خالفه، فإن كان المشتري قد قبضه فقد ملكه وكان عند بائعه وديعة، فإن سلمه إلى غير من أمر بتسليمه إليه كان مخالفة وضمن البيع وله الثمن.
ومن اشترى جملاً فقطره بائعه بغيره من الجمال، ثم إن المشتري قاد هذه الجمال التي بعيره مقطور بها لم يكن ذلك قبضاً له وإذا كان غير عالم به.(1/212)


باب حكم الغلة والأرباح وما يتصل بذلك
النما والغلة في البيع الموقوف موقوف كالأصل، ولا تضمن إلا بالجناية والنما والغلة بعد الإقالة تكون للمشتري فلا يلزمه إلا رد المبيع، وإذا كان البيع موقوفاً على إجازة المالك فأجاز البيع بعد أن حصل في المبيع فوائد فيما بين عقد البيع وبين وقوع الإجازة فلا تخلو الفوائد إما أن تكون متصلة أو منفصلة، فإن كانت متصلة كالسمن واللبن وغيره فإنها تكون تابعة للأصل، وإن كانت منفصلة فهي مال آخر لا يدخل في البيع، ويكون الخيار للمشتري إن رضي بالأصل دون الفرع وإلا فسخ البيع.
[(ح) وذكر الفقيه مهدي أيده الله أن النماء المتصل والمنفصل يتبع الأصل إذا وقعت الإجازة]*.
قال (ص): وإذا كان الخيار للبائع ثم حصلت فوائد منفصلة ثم اختار البائعإمضاء البيع فإنها تكون للبائع؛ لأن عندنا أن المبيع باق على ملكه ما لم يمض البيع فكذلك الفوائد تكون له كالأصل.
[(ح) وقال - عليه السلام - بعد ذلك: إنها ترد مع الأصل، وهو الصحيح؛ لأنه مذهب سائر الأئمة - عليهم السلام - وعلى ما حصل المشائخ أن الفوائد المتصلة والمنفصلة في خيار الشرط تتبع الأصل إلا ما حكي عن الأستاذ أبي يوسف أنه جعله مثل المعيب في أن الفوائد إذا كانت من غير أصله فهي للمشتري]*.
(ص) وأما فوائد عوض الإجارة الحاصلة بعد عقد الإجارة وقبل العمل فإنها تكون للمستأجر.
[(ح) أي: إذا عمل ما استؤجر عليه].
(ص) وكذلك حكم الفوائد في الصدقة والهبة الموقوفين يكون للموهوب له والمتصدق عليه.(1/213)


[(ح) ويمكن حمل المسألة على ظاهرها على قول من يجعل القبض شرطاً في صحة الهبة، فقوله: موقوفين، معناه على القبض إلا أن الظاهر من قوله - عليه السلام - أن القبض غير شرط في الهبة، فمعنى قوله: موقوفين، على القبول لا على الإجارة؛ لأن الهبة على غير عوض والصدقة لا يقفان على الإجارة].
(ص) وأما الموصي فيه بعد الموت فإن فوائده قبل الموت لا تكون وصية؛ لأنها باقية على ملك الموصي ولهذا لو ظهر عليه دين يستغرق جميع المال بطلت الوصية، وكذلك حكم الفوائد إذا حصلت بعد الموت وقبل القبض أو القبول؛ لأنها في الحكم كأنها باقية على ملكه، فإن استهلكها الوارث لم يكن للموصى له مطالبته به، وإن بقيت وقبل الموصى له الوصية لحقت بحكم الأصل، لأنها كالجزء منه.
وإذا رجع الواهب عن هبته فيما يصح الرجوع فيه وقد حصلت له فوائد لم تخل إما أن تكون متصلة أو منفصلة، فإن كانت متصلة فحكمها حكم الأصل.
(ح) [معنى قوله عليه السلام أن حكمها حكم الأصل، يعني] أنها تكون للموهوب له؛ لأن الزيادة المتصلة تمنع من الرجوع في الهبة، (ذكره (ص) زيد)، ويمكن أن يكون مراده بقوله: فحكمها حكم الأصل، في أنه يرد على الواهب مع زيادته المتصلة (ولا يمنع ذلك من الرد).
(ص) وإن كانت منفصلة لم تخل إما أن تكون من أصله أو من غير أصله، فإن كانت من غير أصله كالغلة ونحوها لم يجب ردها مع الأصل وهي للموهوب له، وإن كانت من أصله فلا تخلو إما أن تكون قائمة بعينها أو مستهلكة، فإن كانت قائمة بعينها فله الرجوع فيها كالأصل.(1/214)


[(ح) وذكر مشائخنا لمذهب القاسم ويحيى - عليهما السلام - أنه يكون للموهوب له سواءً كانت باقية أو تالفة، وهو قول أبي حنيفة، ومثله صرح في باب الهبات وهو الصحيح من قوله]*.
(ص) وإن كانت مستهلكة فلا رجوع فيها.
[حاشية: معنى قوله عليه السلام: أن حكمها حكم الأصل، يعني أنها تكون للموهوب له كان الزيادة المتصلة تمنع من الرجوع في الهبة، ذكره القاضي زيد.
قال محمد بن أسعد: ويمكن أن يكون مراده بقوله: فحكمها حكم الأصل، في أنه يرد على الواهب مع زيادته المتصلة ولا يمنع تلك الزيادة من رد الهبة].
وإذا كانت الموهوبة أرضاً وقد نذرها الموهوب له فرجع الواهب فيها وجب عليه أن يصبر إلى وقت الحصاد وعلى الموهوب له الكرا من يوم الحكم له بالأرض.
(ح) [قوله: من يوم الحكم له بالأرض، فيه دلالة على] أن الرجوع في الهبة يحتاج إلى حكم الحاكم، كما ذكره الحنفية وهو قول المؤيد بالله، [ونصره السيد أبو طالب للهادي].
وذكر المؤيد بالله للهادي أن للواهب أن يرجع في هبته لنفسه ولا يحتاج إلى حكم الحاكم وهو قول أبي يوسف.
(ص) والمبيع إذا رد بالعيب وقد حصلت فيه فوائد لم تخل إما أن تكون من أصله كالولد واللبن أو من غير أصله كغلة الأرض وغلة العبد وما شاكله، فإن كان من أصله وجب ردها مع المبيع، وإن كانت من غير أصله لم يجب ردها مع الأصل؛ لأن الخراج بالضمان، وكذلك القول في فوائد المبيع في البيع الفاسد.
(ح) أما إذا كانت الفوائد من أصله وكانت باقية فيجب ردها مع الأصل، ذكره [المؤيد بالله] في (الإفادة).(1/215)

43 / 97
ع
En
A+
A-