باب الخيار في البيع وذكر الشروط فيه
الخيار في البيع إذا كان إلى مدة غير معلومة كان البيع فاسداً، وإذا كان الخيار للمشتري فمات البائع في مدة الخيار إن موته لا يبطل خيار المشتري وله إمضاء البيع وفسخه، والخلابة الخداع.
ومن اشترى شيئاً من البهائم وقد كان رآه قبل البيع إن رؤيته الأولى لا اعتبار بها.
ومن نعت سلعته بصفة ولم تكن كذلك وتلفت قبل نظر المشتري لها فهي من مال البائع، ونعته لها بما ليس فيها من الغش وفيه الوعيد ، وسواء وكل المشتري بائعها بالقبض أم لا.
[(ح) المراد به إذا تلفت قبل القبض].
ومن اشترى داراً ولم ينظر بعض بيوتها ثم وجد (فيها ما لم يكن) نظره أخشاباً منكسرة فله رد الدار.
ومن باع أو اشترى بالليل ولم يتمكن من رؤية المبيع أو الثمر فله الخيار، ومن اشترى عبداً وجعل الخيار لنفسه ثم جنا العبد جناية لم يبطل خيار المشتري.
[حاشية: سواء كان قبل قبضه أو بعده، ومثله نص يحيى في (المنتخب) وهو مذهب الناصر للحق عليه السلام، ونص يحيى في (الأحكام) أن حدوث العيب عند المشتري يبطل خياره، ونصره السيدان أبو العباس وأبو طالب].
ومن اشترى بهيمة ولم يرى سِنها مدة طويلة إنه لا يقبل قوله إني لم أرها إلا ببينة أو لعذر ظاهر، وإذا كان الخيار للبائع فهو لا يحتاج في إمضاء البيع إلى حضور المشتري وإن كان المشتري لم يحتج إلى حضور البائع.(1/206)


(ح) ولا خلاف في الإجازة أنه لا يحتاج إلى حضور الآخر وإنما اختلفوا في الفسخ في أن من له الفسخ هل يحتاج إلى حضور الآخر أم لا، فأكثر العلماء ذهبوا إلى أنه لا يحتاج، وذهب أبو حنيفة ومحمد أنه يحتاج إلى الحضور، وقال القاضي زيد وأحمد بن الأزرقي، وهكذا يجب على أصلنا.
(ص) ومن اشترى عبداً وشرط على البائع أن يرد الثمن إن أبق إلى مدة معلومة، إن البيع يصح ويبطل الشرط؛ لأن البائع قد أخذ ما في مقابلة العبد وهو الثمن، والمشتري أخذ ما في مقابلة الثمن وهو العبد، والإباق أمر آخر فصار شرطه لغواً.
[المراد به إذا كان غير آبق قبل عقد البيع].
ومن باع شيئاً إلى مدة معلومة وشرط على المشتري أنه إن أتى بالثمن إليها وإلا فلا بيع بينهما، إنه لا يصح البيع إلى مدة إلا بيع الخيار وما عداه لا يصح.
ومن باع أرضاً وشرط للمشتري شرَّبها من ماء معلوم وهو لا يعرف مقدار ما تستحقه من الماء فسقاها المشتري مدة ثم منعه البائع، إن له المعتاد من الشرب وليس لأحد منعه منه، وما كان وقتاً للشرب عمل عليه.
ومن اشترى شيئاً بثمن معلوم وشرط أن يعطيه بثمنه طعاماً كان هذا البيع فاسداً، وإذا شرط في عقد البيع كفيلاً معيناً أو رهناً معيناً صح.
(ح) ومثله ذكر صاحب (المرشد).
[قال (ص):] وإن لم يعين فسخ البيع.
(ح) وذكر الشيخ أبو (ج) [لمذهب الناصر للحق] أنه يفسد البيع سواء عين أو لم يعين.
(قال (ص):) وإذا عين الرهن على التراضي أجبر على تسليمه.
[(ح) وذكر الطحاوي أنه لا يجبر].(1/207)


قال (ص): ولا يجبر على الكفيل ولكنه إن لم يأت بكفيل فسخ البائع البيع إن شاء، وإن كان الخيار للمشتري فزرع الأرض ثم رد الأرض بالخيار لم تجب عليه أجرة الأرض ولا رد الغلة إلا أن يدخل الأرض نقص.
(ح) ومثله ذكر الفقيه شهراشويه لمذهب الناصر للحق - عليه السلام - و[مثله ذكر] الأستاذ أبو يوسف.
والصحيح من مذهبه - عليه السلام - ما ذكره بعد هذا في باب أحكام الغلات في الأرباح أنه يجب رد الغلة سواء كانت من أصل المبيع أو من غير أصله كما في خيار الشرط وهو الذي (عليه المحققون من القاسمية) والناصرية. [ذكر محمد بن أسعد].
قال (ص): وبيع الخيار وإن كان جارياً مجرى الرهن فحكمه أقوى من حكم الرهن، وإذا كان الخيار للبائع فعليه الكرا.
[(ح) يعني على المشتري أن يرد الغلة على البائع إذا رد المبيع بخيار الشرط الذي هو للبائع].
قال (ص) ومن باع بشرط العمرى فإن وفى بالعمرى فحسن وإلا فلا شيء عليه لأن المدة مجهولة.(1/208)


باب رد المعيب
إذا ظهر أن البائع قد غش فيما باعه كان للمشتري أن يرد المبيع وليس له أن يأخذ الجيد منه ويترك الردي، ولا للبائع أن يلزمه ذلك إلا بإعادة عقد على ما تراضيا عليه.
ومن اشترى معيباً عيبه ظاهر لم يصح إنكاره لمعرفته ما لم يكن هناك مانع من رؤيته إلا أن يكون مما يلتبس حلف ما رأيته.
ومن اشترى حديداً واشترط طيبه فأدخله الحداد النار فوجده خبيثاً وتلف في النار، فإن كان تلفه من رداءة الصنعة والحداد ممن يعرف طيب الحديد من خبيثه قبل إدخاله النار ثم أدخله النار فغرامته عليه وعلى صاحب الحديد اليمين ما بعت حديداً معيباً.
ومن باع عسلاً على أنه من عسل جبل كذا وكان من غيره وكان بين العسلين تفاضل يوجب تفاضل القيمة كان له رده ويرد البائع الثمن، فإن لم يكن بينهما تفاوت صح البيع.
وإذا اشترى جارية للوطئ فوجدها مزوجة كان ذلك عيباً، وإن اشتراها للخدمة لم يكن عيباً.
ومن اشترى شيئاً من رجل وله فيه شريك ولم يعلم المشتري بذلك فله الخيار إن شاء رضي بتفريق الصفقة وإلا رد المبيع واسترجع الثمن، والعيب اليسير لا يرد به المبيع لأنه لا حكم له.
ومن اشترى بقرة ليذبحها على أنها ليست بحامل فوجدها حاملاً، إن المشتري إن بيَّن له أنه يريد الذبح فهو عيب عند من يكره أكل الحامل وعلى البائع قيمة نقصان اللحم، وإن لم يعلم مراد المشتري لم يكن الحمل عيباً.(1/209)


ومن اشترى حمل تمر ثم حمله إلى بلد آخر ثم وجد به عيباً كان له رده أينما كان، وإن لم يغششه وإنما بان فيه ما يمكن خفاؤه وكان عيباً فله رده، فإن تعذر الرد [رد مثله أو قيمته في ذلك البلد و]أخذ ما بقي له من قيمة الجيد.
ومن اشترى شيئاً مرهوناً مع علمه به كان رضاً منه بعيبه ولم يكن له رده، فإن وجد المبيع وقفاً لم يصح بيعه ويجب رده.(1/210)

42 / 97
ع
En
A+
A-