وكامل العقل جائز التصرف ينفذ بيعه وشراؤه وإن كان قليل الاعتياد للبيع والشراء إلا أن يكون هناك تدليس أو غرر فله الخيار ثلاثاً، كما قال رسول الله صلى الله عليه للذي قال له إني أخدع في البيع: ((قل لا خلابة ولك الخيار ثلاثاً)).
ومن وكل غيره بأن يشتري له شيئاً فاشتراه لنفسه وربح، يكون متعدياً ولا يبعد أن تكون الغلة لبيت المال؛ لأنه ملكها من غير حلها، وإن قلنا يملك المبيع وعليه الثمن صح ذلك إذا كان أخذه بنية الرد فلم يتمخض معصية وإن كان قد أخطأ.
وإذا عين المشتري ذهباً ثمناً للمبيع وكان الذهب لغيره لم يصح البيع إلا أن يرضى صاحب الذهب بالبيع ملك المبيع هو.
[(ح) المراد به إذا كان سبيكة لأنه ذكر في أول الباب أن الدراهم والدنانير لا تتعينان في العقود]*.
(ص) ومن كان على مذهب يحيى - عليه السلام - فقال له آخر: بِعْني من الحَبِّ كذا (وأنقص السعر) وانظرني، فقال البائع: هذا يحرم ولكن أعيرك شيئاً وتشتري به وانفصل من السعر، إن هذا لا يجوز لا في البيع ولا في السلم وهو توصل إلى الربا.
ومن كان له ماء وأرض جاز أن يبيع أحدهما دون الآخر مع البيان وهما مالان منفصلان والماء يملك لمجرى الماء.
(ح) وهو (قول) المؤيد بالله والناصر للحق خلافاً لما قاله السيدان [أبو العباس وأبو طالب رضي الله عنهم].
(ص) وإذا تزوج عبد بحرة فلسيده بيعه وعلى سيده مهرها ولا شيء على المشتري، وللمشتري أن يأخذ العبد إلى أي جهة شاء.
ومن اشترى تمراً أو حباً لم يصح (ما لم يكله أو يكون خرافاً).(1/201)
ومن اشترى ثوباً أو غيره على أنه كذا ذراعاً فوجده ناقصاً فله الخيار، ولا يصح بيع الدعوى في الأموال، فإن وكل من يخاصم عنه (لزم الخصم) الانقياد معه.
ومن اشترى مغصوباً على أن يسلمه لصاحبه وقبضه صاحبه فالمشتري غير آثم وصاحبه مخير إن شاء سلم الثمن إلى المشتري وإن شاء امتنع ورجع المشتري بالثمن على البائع متى حكم الحاكم بالرد وأقر الغاصب بالغصب.
ولا يجوز للأب بيع مال ولده الصغير إلا لحاجة ماسة فله أن يبيع من ماله ما يقتات به وإياه بالمعروف.
ويجوز بيع ذوي المحارم من الرضاع وشراؤهم ولا يجوز من النسب.
ومن قال: لا أبيع سلعتي إلا من فلان، فجاء آخر وقال: أشتري لذلك الفلان، واشترى لنفسه صح شراؤه لنفسه ويكون خائناً، ويجوز بيع شقص معلوم من مبيع معلوم بثمن معلوم.
وإذا باع الغاصب الجارية ثم اشتراها من صاحبها انتقض بيع الغاصب لها ولا يكون ملكها له بعد ذلك إجازة للبيع الأول بل هو إلى النقض أقرب.
وبيع الوصي جائز قبل علمه بالوصية ولا يحتاج إلى شيء إحداث آخر.
[(ح) وهذا بخلاف الوكالة].
(ص) والحط والزيادة يلحقان العقد، والفلوس من ذوات القيمة وكذلك الدنانير المغشوشة.
[(ح) والظاهر من مذهب سائر الأئمة - عليهم السلام - أنها من ذوات الأمثال، والمراد به إذا أخذها عدداً لا وزناً]*.
(ص) ولا يجوز الشراء برأس مال السلم بعد الإقالة إلا بعد قبضه؛ لأنه صار ملكاً للغير.(1/202)
ومن باع نخلاً فطلع ولم يشترط المبتاع دخول التمر في البيع أن التمر قد أبَّره إن لم يدخل في العقد بالتعيين، وما حدث بعده فللمشتري، فإن التبس الحال كان قسمة ذلك صلحاً ومراضاة، فإن لم يتفق كان ذلك لبيت المال، فإن طالب المشتري البائع برفع ثمرته فله ذلك، فإن تركها بالأجرة فهو له إلى الأجرة المعتادة، فإن كره رفع الأجرة طالبه برفع الثمرة، لأنه لا ضرر ولا ضرار في الإسلام.
وإذا كان ثمن المبيع خمراً أو خنزيراً أو ميتةً أو دماً بطل البيع، وإذا قال البائع: اشتريت مني بكذا، فقال: اشتريت، أو قال المشتري: بعت مني بكذا، فقال: بعت، صح ذلك.
ومن باع رحا مشتركة مع علم المشتري بذلك ولم يجز الشريك صح البيع ولا خيار له، فإن لم يعلم كان له الخيار.
وبيع المستأجر يصح إذا فسخت الإجارة لعذر وكانت في الأصل ممن له ولاية أو وكالة، والإقالة في الشيء التالف فاسدة إلا إن يتراضيا جاز.
ويجوز للوصي أن يشتري من نفسه الأرض الموصى ببيعها بزيادة على القيمة على وجه الحسبة إن لم يجد من يعاقده عقداً شرعياً.
(ح) (يعني أنه) ينظر قيمته فيخرج قدرها في أمور الميت واليتيم ليأخذ الأرض عوضاً عما أنفقه. ذكره محمد بن أسعد.
(ص) وكذلك له أن ينفق ليرجع بعوضه وأن يعمل ليرجع بالأجرة ويجعل على نفسه الحيف احتياطاً، وكل ذلك من طريق الاحتياط، والبيع من اليهودي يصح.
والعزية هي النحلة (أو النحلات) إلى العشر يعزيها الرجل أخاه، معناه يهبه ثمرها لحاجة تمسه فيحتاج هو إلى بيعها ثانياً فرخص له في بيع ذلك بالتمر ويكره في أكثر من ذلك.(1/203)
ويحرم بيع السلاح والكراع من جند الظلمةوما يتقوى به على أهل الحق، ويجوز ما سوى ذلك.
وحكم الذرة التي فيها قشرها لم يميز عنها حكم المقوم وكذلك البر مع تبنه لما فيه من الجهالة، وبيع الخيار الواقع لأجل التحيل على تحصيل الثمار والغلات دون التراضي بانبرام العقد لا نجيزه لعدم التراضي وسواءً دفع قدر القيمة أو أقل أو أكثر عرضاً كان أو نقداً، وكذلك لا يجوز أن يبيعه طعاماً بثمن قليل ثم يشتري منه ما ابتاع بثمن كثير ثم يحسب عليه السعر الغالي طلباً للربح بل هو توصل إلى الربا بالحيلة.
وإذا قال المشتري للبائع: بعت مني بما في هذه الصرة، لم يصح، فإن فتحها وعلم أنه ذهب أو دراهم صح البيع إذ لم يجهل إلا العدد.
ومن مات وعليه دين يستغرق ماله فباع الوصي عبداً للميت لغير قضاء دينه لم يصح؛ لأنه من غير مالك وعلى غير العوض الذي أذن له الموصي.
ومن باع نصيبه في فرس من غير إذن شريكه ولا حضوره ثم بلغت في دار المشتري فإنه يكون متعدياً على نصيب شريكه ويضمنه ويدخل تحت قوله صلى الله عليه: ((لا ضرر ولا ضرار في الإسلام)) ويكون كالمتلف لمال شريكه، فإن كان شريكه حاضراً لم يضمن إلا أن يبيعها ممن لا يتمكن شريكه من استيفاء الحق منه.
[(ح) المراد به إذا باع وسلم].
(ص) ومن اجتمع له مال بتجارة الربا فاشترى بذلك ضياعاً لم ينعقد البيع وإن وقفه المشتري لم يصح الوقف، وسائر العقود تلحقها الإجازة إلا العبادات.
وإذا باع المطرفي ما ورثه من قريبه المطرفي بعد إسلام البائع لم يصح بيعه إلا أن يكونا في دار الإسلام ثم ينتقل الموروث إلى دار الكفر.(1/204)
وفي القرض الفاسد لا يحرم البيع والربح للمستقرض؛ لأنه أخذ المال بالإذن.
ومن اشترى شيئاً بدنانير ودفع عوضها دراهم جاز ذلك، ويجوز بيع القطن (بالغزل متفاضلاً).
[(ح) المراد به إذا كان أحدهما موزوناً والآخر معدوداً].
(ص) ولا مماثلة بينهما لأنه لو استقرض منا من غزل لما أخرجه من عهدته أن يدفع قطناً، فصار كالخبز بالحنطة والذهب بالذهب مثلاً بمثل، فإن وهب الزيادة بعد الملافظة جاز، فإن أخذ عوضها قيمة جاز أيضاً.
ويجوز بيع الخبز والهريس بالحب يداً بيد ولا يجوز نسأ.(1/205)