ومن اشترى أرضاً وفيها نهر مدفون أو بئر مدفونة فأظهره المشتري فإن البيع صحيح ويكون ذلك كالتوابع في نفس المبيع بعد معرفته بالجملة، كمن يبيع رمكة ولا وطئها حاملاً أو عبداً وله مهنة تزيد في ثمنه ولا يعلمها عند العقد، وكما إذا باع فرساً على أنه حرون فوجده هملاجاً أو على أنه مقصر فوجده سابقاً، وكما لو باع أرضاً فوجد فيها معدنا عظيماً.
ومن عقد على أراضي كثيرة عقداً واحداً إما وقفاً أو صدقة أو هبة أو غير ذلك وهو يعرفها إلا واحدة، إن دعوى الجهالة بواحدة تخرجه عن باب المعلوم، فإن وقع بعض الجهالة لحق بالمعلوم كالذي يقول: كل ما أملك صدقة، عمّ هذا اللفظ كل شيء يملكه، فإن كان له مال لا يعلم كان كالمعدوم في الأصل، فإن صح أن يعلم في الثاني فهو كالمعلوم في الأصل، وإن لم يصح أن يعلم في الثاني كان في حكم المعدوم في الأول.
وفي نصراني اشترى جارية حبشية، إنها إن كانت باقية على الكفر صح شراؤه لها، وإن كانت مسلمة أمره الحاكم ببيعها، فإن لم يأمره الحاكم ببيعها حتى وطئها وأولدها خرجت عن ملكه بالولادة ولم يكن له بيعها ولا استخدامها؛ لأنه لا يجوز استمرار ملك الكافر على المسلم؛ لأن الإسلام يعلو ولا يعلا، وإن لم يستولدها فهي على ملكه، وبيع الظالم وشراؤه صحيح، وللأب أن ينصب وكيلاً يبيع منه مال ابنه لنفسه أو يشتري لولده منه، فإن فعل من غير ذلك جاز على وجه المعارضة وتجري المنفعة لا على وجه البيع والشراء.
[(ح) وهذا كما قاله الناصر للحق أنه يقومه قيمة عدلٍ ويأخذه لنفسه].(1/196)


(ص) ومن باع أرضاً بدون قيمتها وهو والمشتري مضمران أن البائع متى رد إلى المشتري ما دفع إليه أن لا بيع بينهما وفعلا ذلك فراراً من الرهن وعجز البائع عن رد المدفوع إليه، إن هذا البيع غير صحيح لما انطوت عليه نياتهما ولافتراقهما من غير تراض لصفقتهما على الوجه الذي وقعت عليه.
[ومثله ذكر المؤيد بالله في المسائل في آخر باب الهبات].
والتراضي في البيع شرط، ويجب على المشتري إيفاؤه الثمن وإعادة البيع، فإن رد البائع ما أخذ لم يحتج إلى الفسخ لفقد صحة العمل الأول، وكذلك الحكم لو قال عند العقد: إن عجزت عن رد ما دفعت إليّ كان بيني وبينك الحكم.
وإذا أجّر ما اشتراه قبل القبض كان موقوفاً، فإن قبض المبيع صح وإن لم يقبضه لمانع لم تصح الإجارة؛ لأن الملك في هذه الحال يتردد بين البائع والمشتري.
وبيع الشيء بأكثر من سعر يومه مؤجلاً لا يصح، ولا يقاس على بيع السلم لأنه ورد بخلاف الأصول فيقر وحده؛ لأن الأصول وردت بأنه لا يصح بيع ما ليس عنده وبالنهي عن بيع ما لم يقبض وربح ما لم يضمن إلا أنه يعتبر في السلم التراضي من المتبايعين وأن كل واحد منهما يرجو الربح ويخشى الخسران.
وبيع الحاضر بالحاضر جائز ما لم ينطويا على غش.
ونهى النبي صلى الله عليه عن بيع المضطر حكمه باق فلا يجوز؛ لأن النهي يقتضي فساد المنهى عنه إلا ما خصه الدليل، وإن اضطره السلطان وتوعده بالقتل إلا أن يسلم مالاً معلوماً والجأه ذلك إلى بيع نفيس بتقيةٍ لم يجز.
[(ح) وذكر يحيى أنه يصح بيعه، ونصره الإخوان وغيرهما من المحصلين].(1/197)


(ص) ومتى باع قريب الصغير أو تصرف في ماله بغير ولاية ولا وصاية ثم مات الصغير وانتقل الملك إلى البائع جاز البيع بالعقد الأول؛ لأنه يصح أن تتعقبه الإجازة، كما نقول في بيع مال الغير لو أجازه لجاز، وإن بقى الصبي فهو أولى بماله إلى بلوغه.
ومن طرد من ماله فاشتراه منه رجل آخر، فإن كان يمكنه استخلاصه من الظالم وجب عليه ذلك من دون الشراء؛ لأنه من طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن كان لا يمكنه إلا بالشراء اشتراه بقيمته إلا أن يرضى مالكه بدون القيمة، فإن اشتراه منه الغاصب بعد ذلك صح وملكه ولم يجز للمظلوم إذا تمكن منه أن يأخذ منه شيئاً.
(ح) هذا هو الأولى [من المذهب] دون ما ذكره أولاً، وهو قول سائر أصحابنا - عليهم السلام.
(ص) بالله: ومن اشترى بيتاً بحقوقه دخلت الطريق في الحقوق وإن باعه بالحدود ولم يذكر الحقوق كان له ما دخل في الحدود واشترى طريقاً من البائع أو غيره.
ومن باع ما لم يحده ولم يسمه لم يصح البيع، ولا بد من أن يعلم المبيع والثمن، فإن أشار إليه كفت الإشارة عن الحدود والتسمية.
ومن باع شيئاً بثمن معلوم فَانْظر به ثم اختار الحط منه جاز، وكذلك الإبراء، ولا يصح شراء مجهول المقدار.
وبيع المريض يصح ما دام عاقلاً، ومن باع ثلثي ماله من رجل ووهب منه الباقي في مرضه صح ذلك، فإن باعه بأقل من قيمة مثله فللورثة تمام القيمة، فإن لم يرض المشتري بدفع تمام القيمة فسخ البيع.
ومن أشرك غيره فيما اشتراه من دون أن يذكر شيئاً معلوماً من نصف أو أقل أو أكثر لم تصح هذه الشركة.(1/198)


ومن اشترى صوفاً على الغنم ثم حزه لم يمتنع فساده إن كرهه وعليه أجرة من حزَّه رضيه أم سخطه.
[(ح) وذلك لأن المشتري إذا أمر غيره بالحز فالأجرة عليه؛ لأنه هو الآمر وسواءً رضي أم سخط، والأجرة لازمة له كما ذكر في (التحرير) في أجره النقاد أنه على المشتري، فإن أنقده البائع فالأجرة عليه دون المشتري.
وعند سائر أئمتنا لا يصح هذا البيع، وأجرة الحز لو صح البيع لوجبت على البائع دون المشتري]*.
(ص) بالله: ومن باع بعيراً واستثنى الحمل عليه إلى موضع معلوم صح، فإن مات الجمل قبل تسليمه إلى المشتري فهو من مال البائع وليس له أن يحمل ما يجفو على الدواب، وكذلك ما يقض الأضلاع ويورث الدبر، وإن تناكرا في القبض كان القول قول البائع مع يمينه.
ومن اشترى عرش أولاد النحل تحت أمهاته ولم يذكر مدة لقلعه ثم تنازعا في قلعه فطلب البائع قلعه وخشي المشتري تلفه، فعلى البائع أن يتركه حتى يجد له موضعاً وله أجرة مثله، فإن لم يقلع حكم على المشتري بقلعه.
ويجوز بيع الزرع وهو قائم على أصوله وبعد أن يحصل إذا علم كميته جملة أو تفصيلاً ويقلعه في الحال إلا أن يرضى البائع بتركه، ويجوز بيع البصل والجزر والثوم إذا رضي به المشتري بعد قلعه، وإن لم يرضه بطل البيع.
(ح) ويكون للمشتري الخيار، فإذا قلعه فلا خيار له إذ نقصه القلع، ذكره مشائخنا والإمام - عليه السلام - أثبت له الخيار بعد القلع؛ لأن الرؤية إنما تصح بعده ولم يفصل بين أن ينقصه القلع أو لا.(1/199)


(ص) ومن باع بهيمة واستثنى ما في بطنها أو ما تحمله، إن البيع صحيح والاستثناء فاسد إن كان الحمل غير معلوم، واستثناء ما ينتج في المستقبل لا يصح، وكذلك في الأمة.
ويجوز الانتفاع بالنجس من دون أن يترطب به، وكذلك الدهن النجس يجوز بيعه وشراؤه وهو معيب بالنجاسة، ولم يظهر منع المسلمين من زبل الأراضي بالنجاسة ولا المنع من وضع الاكاف والسرج مع كونه نجساً بدم الدبر وغيره.
وشراء البلح لا يصح إلا أن يحذّه المشتري في الحال أو يكتري له النخل مدة معلومة [بأجرة معلومة].
[(ح) وحكي عن الفقيه أبي منصور - رحمه الله - أنه قال: إن الأشجار إذا لم تكن مثمرة جازت إجارتها إذا لم تكن الثمرة حاصلة وقت الإجارة].
(ص) ومن باع أغناماً أو غيرها واستثنى منها ثلثاً أو غيرها ولم يعينها بطل البيع للجهالة.
ويصح بيع الأخرس وشراؤه إذا كان عارفاً للإشارة، وتصح الشهادة عليه إذا علم مقصده ويحكم عليه الحاكم، وكذلك الأعمى إذا وكل من ينظر له ولا تضره جهالته ويملك ما وُهِبَ له، ولا فرق بينه وبين البصير في شيء من الأحكام إلا ما يتعلق بالمشاهدة فوكيله يقوم مقامه في ذلك.
ومن اشترى أرض الوقف لم يصح شراؤه، فإن غرس فيه فعليه الأجرة، وإن لم يكن له بينة على أنه غرس كان الظاهر أن الغرس وقف مع الأرض.
ومن ابتاع غلة ولم يقبضها ولا قبض البائع الثمن، إن لكل واحد من البائع والمشتري أن يبطل العقد إذا كان البيع مجهولاً.(1/200)

40 / 97
ع
En
A+
A-