فإن جاءت بالولد يشبه سيدها وهي غير عفيفة فإنه لا اعتبار بالشبه، بل الاعتبار بغالب الظن، فإن غلب على ظنه أنه ولده ادعاه لمكان الوطئ، وإن لم يغلب ظنه أنه ولده لم يجب الاعتراف لأجل الشبه.(1/166)
باب ذكر ما يرد به النكاح
وإذا ادعت الزوجة بعد الدخول أنها لم تعلم أن لها الخيار وأنها لم ترض فإنه لا يقبل قولها إن لم يظهر منها الامتناع وما يدل على الكراهة، وإذا وقعت في أحد الزوجين آكلة قطعت بعض أعضائه لم تكن جارياً مجرى الجذام إلا أن يكون مستمراً وتعاف به العشرة فإنه يكون كالجذام وشبهه.
ومن تزوج حرة على أمة فللحرة الخيار إن لم تعلم، وإذا ادعت المرأة العنة وأنكر الزوج وادعى امتناعها من الملامسة وهي ثيب ولم يكن لها بينة فعليه اليمين.
وأنا أرى الفرقة بالعنة بعد السنة كما في المجبوب؛ لأن المضرة فيهما واحدة ورفع الحاكم العقد بينهما، ورد المعيبة من النساء على الفور.
ومن تزوج امرأة على أنها حرة فوجدها أمة وخلا بها فالخلوة غير صحيحة مع العلم والجهل.
[(ح) خلافاً لسائر الأئمة].
وتمكين الثيب من نفسها يجري مجرى الرضا بالنطق بل هو آكد فمتى، ادعت الإكراه لم تسمع دعواها إلا بالبينة، وكذلك لو ادعت أنها لم تعلم أن لها الخيار بعد تمكين نفسها لا يسمع إلا بالبينة.
(ح) وهو قول يحيى - عليه السلام - إلا أنه يقول: القول قولها أنها لم تعلم أن لها الخيار.
(ص) وإذا لم تنكر البكر عند علمها بالنكاح وسكتت ثم عقد عليها الثاني ورضيت به صح العقد الأول دون الثاني ولا تأثير لاعتقادها ولا للعلم ولا للجهل في هذه المسائل على ما نختاره.(1/167)
باب أحكام الإماء في الوطئ وإلحاق النسب وسقوط الحد
الجارية إذا وطئها أحد الشريكين لم يلزمه الحد ويلحقه النسب سواء كان عالماً بالتحريم أو جاهلاً؛ لأن الحد معرض للسقوط.
(ح) وتكون أم ولد له ويلزمه قيمة نصيب شريكه؛ لأنه قد استهلكها عليه بالولادة.
(ص) وكذلك الجارية المزوجة لو وطئها سيدها؛ لأن الحد يسقط لأجل الشبهة مع العلم والجهل.
[حاشية: وذكر في الحدود أنه يجب عليه الحد على الوجهين العلم والجهل].
ولا يلحقه النسب؛ لأن الولد للفراش.
(ح) فإذا ادعاه فلا يثبت نسبه منه ولكن يعتق عليه؛ لأنه أقر بحريته، وإقراره في ملكه صحيح على نفسه.
(ص) فإن كان مالكاً لأختها أو عمتها أو خالتها وقد وطئها ثم وطئ هذه الجارية أو كان قبل وطئها قد وطئ أمها أو ابنتها وطئاً يستند إلى عقد نكاح صحيح أو ملك وما أشبهة فإن في مثل هذه المسائل يسقط الحد؛ لأنه معرض للسقوط مع العلم والجهل، ويلحق النسب لثبوت الملك.
(ح) وتكون أم ولد له لثبوت النسب منه ولا يلزمه العقر.
(ص) وكذلك المظاهر منها في حال الزوجية ثم يملكها بعد ذلك ويطؤها فإن الحد يسقط ويلحق النسب لثبوت الملك ولو باع أمته بيعاً صحيحاً ومذهبه أنه فاسد ثم وطئها فإن الحد يسقط عنه؛ لأن هذا شبهة في سقوط الحد.
وأما لحوق النسب فإنه إن رافعه المشتري وحكم بصحة البيع لم يلحق به النسب، وإن حكم بفساد البيع لحقه النسب وكانت أم ولد له.
(ح) ويلزمه العقر [في هذا الوجه] للمشتري؛ لأنه وطئ شبهة وقع في ملك الغير.(1/168)
(ص) فأما إذا باعها بيعاً فاسداً وعنده أنه صحيح ووطئها فإنه يجب عليه الحد مع العلم والجهل ولا يلحقه النسب لاعتقاده صحة البيع.
(ح) ومثله ذكر المؤيد بالله في (الإفادة) في مسألة الحرام.
(ص) فإن كان مولاها قد تصدق بها أو نذرها فإن الموجب للعقد إذا وطئها سقط عنه الحد مع الجهل ولا يسقط مع العلم ولا يلحق النسب لأنه ليس هناك أمر يوجبه.
[(ح) أما إذا تصدق بها فعلى قول من لا يجعل القبض شرطاً يجب أن يلزمه العقر للمتصدق عليه ولا يثبت النسب منه، وعلى قول من يجعل القبض شرطاً يكون هذا الوطئ حاصلاً في ملكه فتكون أم ولد له وتنتقض الصدقة والهبة.
وقوله: يسقط عنه الحد مع الجهل، فكذلك مع العلم لأنها في ضمانه سواء قلنا أن بمجرد النذر خرجت عن ملكه أو قلنا إنها لا تخرج عن ملكه إلا بالتسليم]*.
(ص)وأما الموهوبة والمعمرة فإن الواهب والمعمر إذا وطئا الموهوبة والمعمرة كان رجوعاً على الهبة فيسقط الحد ويلحق النسب مع العلم والجهل.
[(ح) هذا إذا كانت مطلقة لأنها تجري مجرى الهبة وإن كانت الهبة مما يصح فيه الرجوع سقط الحد مع الجهل دون العلم ولزمه العقر ولم يلحق النسب]*.
(ص) فإن كان الموهوب له أو المعمر مطلقة قد استهلك الموهوبة أو المعمرة بوجه من وجوه الاستهلاكات ثم وطئ الواهب والمعمر فإن النسب لا يلحق ويسقط الحد مع الجهل ولا يسقط مع العلم، فإن فسخ عقده ورجعت الجارية إليه فإنها تكون أم ولد له، فإن كانت العمرى مؤقتة ووطئها وهو معتقد خروجها عن ملكه فإنه لا يجب عليه حد ويلحقه النسب؛ لأن ملكه باق عليها.(1/169)
[(ح) وهذه المسألة محمولة على أنه اعتقد خروجها عن ملكه لا عن تقليد عالم بل جهلاً منه بأحكام الشريعة، فإذا وطئها والحال هذه يكون كمن وطئ جارية نفسه وهو يظن أنها ملك الغير فإنه يأثم في هذا الاعتقاد وتكون أحكام الوطئ في الملك ثابتة من سقوط الحد والمهر وثبوت النسب إن ادعاه].
وأما إن وطئها المعمر جاهلاً سقط عنه الحد ولزمه المهر ولحقه النسب، وفرقوا بين هذه وبين جارية الأب والزوجة والموهوبة فإنهم لم يثبتوا النسب في هذه مع كونه وطئ شبهة [وعلى ما ذكره مشائخنا فيمن طلق امرأته بلفظ البائن ووطئها مع اعتقاد التحريم يلزمه الحد فيجب أن يكون في هذه المسألة كذلك أن يجب عليه الحد].
(ص) فإن كان يعتقد أن التوقيت باطل سقط الحد ولم يلحقه النسب، وإذا وطئ الملتقط اللقيطة فإن الحد يسقط مع الجهل ولا يسقط مع العلم ولا يلحق النسب في الحالين جميعاً؛ لأن اللقيط حر.
وإذا استحقت الجارية بحكم الحاكم ثم وطئها المستحق عليه فإنه يجب عليه الحد مع العلم والجهل ولا يلحق النسب.
[(ح) وعند سائر أصحابنا إذا كان جاهلاً يسقط الحد ولزم المهر ويثبت النسب]*.
(ص) وأما المستأجرة أو المباحة له فإنه يسقط الحد عن الواطئ مع الجهل ولا يسقط مع العلم ولا يلحق النسب في الحالين.
[(ح) والولد ملك لمولى الأمة ويلزمه العقر عند سقوط الحد].
(ص) فإن وطئ الموقوف عليه واستولدها سقط الحد ولحق النسب ولم تلزمه قيمة الأولاد لأنهم حصلوا في ملكه*.(1/170)