فإن كان أحد العقدين برضاها دون الثاني صح نكاح من رضيت به سواء كان المتقدم أو المتأخر، ولا يحتاج في إبطال حكم المتأخر إلى الحكم بخلاف العقود المختلف فيها، فإن كانت صغيرة وولي عقد النكاح غير الأب أو الجد ودخل بها في حال صغرها فإنها تستحق المعين من المسمى، فإن كان دخل بها ثم طلقها ثم راجعها فالنكاح والطلاق صحيحان وكذلك الرجعة لأنها تابعة للزوجية، وكذلك إن وقعت هذه الأمور من طلاق ورجعة بعد بلوغها ولم تختر فسخ النكاح، ولو تزوجها الثاني والحال هذه وطلقها وتزوجها الأول بعد انقضاء العدة كانت معه بتطليقة.
وأما إذا بلغت في عدة من الأول أو عقد عليها الثاني في العدة بطل العقد؛ لأنه نكاح في العدة، فإن راجعها الأول بعد بلوغها وقبل انقضاء العدة ولم تختر فسخ النكاح ولا رافعته صحت الرجعة وكانت زوجته، فإن كانت لم تختر فسخ النكاح الأول فالعقد الثاني باطل فلا نفقة لها، وإن كانت قد اختارت فسخ النكاح الأول أو فسخه الحاكم وعقد عليها الثاني برضاها في العدة لم يصح العقد أيضاً لكونه في العدة، وحيث تجب العدة لا يصح عقد النكاح فيها ولا تثبت النفقة؛ لأنها تابعة لصحة العقد وتجب على الأول.
وإذا عقد الولي الأبعد مع وجود الأقرب لأجل كفره أو زوال عقله ثم أسلم الأقرب أو ثاب عقله لم ينفسخ العقد الأول.(1/156)
وقال أيضاً - عليه السلام -: وإذا عقد على المرأة وليان مستويان في القرب ورضيت بأحدهما ثم التبس ومات الزوجان لم تستحق الميراث من أيهما؛ لأن أحدهما ليس بالثبوت ولا بالبطلان أولى من الآخر، فإن أقرت بصحة أحد العقدين برضاها وأنكر ذلك الورثة لم تقبل دعواها ولم تستحق شيئاً من المهر والميراث إلا بالبينة، وإذا عقد الوليان عليها في وقت واحد لرجلين وأجازت العقدين بطلا معاً، وإن أجازت أحدهما صح دون الآخر، فلو كانت الزوجة صغيرة ودخلا بها أو أحدهما فإنهما يحدان مع العلم بالتحريم ويسقط مع الجهل، فلو كانت كبيرة والمسألة بحالها وجب لها مهر المثل في الدخول الأول لكونه شبهة نكاح ويجب لها في الدخول الثاني المسمى بعد الرضا، فلو طلقها من رضيت به وقد كان دخل بها قبل الرضا ولم يدخل بها بعد الرضا وجب عليه نصف المهر المسمى مع المهر الأول؛ لأنهما حكمان مختلفان، ولا ملك الرجعة عليها؛ لأن الوطئ الأول لا يلحق به من أحكام الزوجية سوى وجوب المهر ولحوق النسب ووجوب العدة.(1/157)
وقال أيضاً - عليه السلام -: وإذا عقد أحد الوليين على المرأة ثم عقد الثاني فلا يخلو إما أن تكون المرأة صغيرة حال العقد الأول أو كبيرة، فإن كانت صغيرة فالنكاح الأول صحيح وأحكامه تابعة له في الصحة ولا حكم للعقد الثاني، وإن كانت كبيرة وعقد عليها أحدهما من دون رضاها فلا حكم لهذا العقد ولا يصح النكاح ولا شيء من أحكامه، وإذا كان النكاح من غير إذن الولي ووضعت نفسها في غير كفؤ فللولي الفسخ بنفسه؛ لأن الكفاءة معتبرة إجماعاً، فإن كانت كفائتة مختلفاً فيها لم يفسخ إلا بالحكم، والأخ للأم لا ولاية له في النكاح إنما هي للعصبات.(1/158)
باب ذكر المهر
من تزوج امرأة على عدة من البقر ثم وقع النزاع في أسنانها كان لها الوسط ولا تأخذ الحولي.
ومن تزوج امرأة على حيوان معين ووجدت فيه عيباً، فإن كان الزوج علم العيب فلها قيمة مثله صحيحاً، وإن كان لم يعلمه فلها النقصان إلا أن يحدث هذا العيب عندها.
ومن تزوج امرأة وخلا بها ثم طلقها لم يكن الطلاق بائناً ولها كمال المهر بالخلوة.
[(ح) ويمكن حمل المسألة على أنهما اتفقا على الخلوة وادعى الزوج الدخول والوطئ، فإن حمل على هذا الوجه كانت المسألة وفاقاً مع سائر الأئمة]*.
(ص) وإذا تزوج رجل امرأة على مهر معلوم نقداً ولتلك الناحية مقدار أو نقود لزم للزوج الوسط من ذلك.
ومن تزوج أمة ولم يسم لها مهراً ودخل بها أو مات عنها كان مهرها مثل نصف عشر قيمتها، فإن كان دون عشرة دراهم وجب إكمال عشرة.
(ح) وذكر يحيى - عليه السلام - عشر قيمتها، وذكر المؤيد بالله أنه كما يراه الحاكم (وعلى حسب اختلافهم قال) .
(ص) وإذا كان لرجل امرأتان فمات عنهما وأحدهما مهجورة لم يبطل مهرها ولا إرثها إلا أن تقوم بينة على طلاقه لها في حياته وعليها اليمين ما علمت أنه طلقها في حياته.
ومن تزوج امرأة بغير مهر ثم خلا بها ولم يطئها ثم طلقها فلها المهر؛ لأنها قد سلّمت نفسها.
[(ح) وعند سائر أئمتنا - عليهم السلام -: إنما تستحق بالخلوة إذا كان المهر مسمى وإلا فلها المتعة] * .(1/159)
(ص) فإن تزوجها على ثياب موصوفة فلها الوسط، فإن كانت الثياب مطلقة وثياب بلده مختلفة الأنواع فلها مهر مثلها، فإن كانا نوعين كالحريري والقطني فلها الوسط؛ لأن أجود القطني يساوي أدنى الحريري، وإذا تزوجها على عبدٍ ثم مات العبد قبل القبض فعليه لها قيمته زادت أو نقصت، فإن كانت امتنعت من قبضه فلها قيمته يوم العقد أو يوم عرضه عليها إن كانت ناقصة.
وإذا تزوج صغيرة وخلا بها ومنعته نفسها وهي تصلح للجماع ثم طلقها فلا مهر لها.
(ح) المراد به إذا لم يسمي لها مهراً ولها المتعة، [فإن كان المهر مسمى فالمراد بقوله عليه السلام: فلا مهر لها، أي: لا يكون لها كمال المهر؛ لأن الخلوة غير صحيحة فهي بحكم من لم يخلو بها. ذكره محمد بن أسعد داعي أمير المؤمنين].
(ص) وخلوة المجبوب لا حكم لها إلا أن يقع منه فعل ولا عدة أيضاً، وخلوة الصبي تصح إذا زوجه أبوه أو وليه.
وفي نصراني تزوج نصرانية على خمر أو خنزير ثم أسلم هو ولم تسلم امرأته، إن لها قيمة الخمر والخنزير عندهم؛ لأنه قد أخذ ما في مقابلته.
وإذا زوجها الولي بدون مهر مثلها ووطئها فلها كمال المهر، فإن لم يطأها فلها المطالبة بتمامه والخيار إلى الزوج إن شاء أتم وإن شاء فسخ، والخلوة لا بد فيها من ارتفاع الموانع والنائم معهما لا يؤمن انتباهه فيكون مانعاً
(ص) وتصح مطالبة الناشزة بالمهر والإحالة به.
(ح) أي: يصح منها أن تحيل به عزلها على زوجها في حال نشوزها.
(ص) لأنها قد سلّمت نفسها قبل ذلك وإنما تسقط نفقتها وكسوتها مدة نشوزها.(1/160)