ولا تصح الإستنابة في بعض أعمال الحج إلا لعذر، وكذلك لا يحجج غيره؛ لأن الحج يخالف الإجارة في ذلك، ومن قدم الأجير للحج شيئاً والأجير مفلس ضمن؛ لأنه متمكن من الملي فإن لم يجد انتظر وجوده.
ومن أوصى بزيارة النبي صلى الله عليه أجزى إن استأجر من أقرب من بلد الميت إلا أن يقول من بلدي أو مكان كذا.
ومن أوصى لحجة الإسلام بمائة دينار وكانت من الثلث لم يجز النقص منها، فإن نقص غرم المحجج للمخالفة، ولا فرق بين تعيين الأجير أم لا، ولا يقاس على حج الولد لوالده بغير وصية سائر العبادات؛ لأن الخبر ورد بخلاف الأصول كخبر السلم، والفرق بينهما أن الحج تجزي فيه النيابة في الحياة دون سائر العبادات وصار الولد كالجزء من الوالد وله ولاية على بعض الوجوه فأجزى أن يحج عنه وإن لم يوصِ، ومن أصولنا أن لا يقع الثواب للوالد إلا مع النية أو الوصية.
وإذا جعل موضعاً للحج فإن غلته لاحقة بأصله، فإن أوصى بقيمته كانت الفلة للورثة ولا يحج الإنسان لغيره ما لم يحج لنفسه إلا أن لا يتمكن فيتوصل بما يأخذه أجرة إلى الحج عن نفسه.
وإذا استأجر الإنسان عن نفسه للحج غير مؤتمن صح وإن كان عن غيره كالوصي لم يصح لأنه كالوكيل له.
والمرأة إذا استأجرت للحج في حياتها ولها محرم تعلم أنه لا يحج عنها ولا ينفذ وصيتها بالحج أجزاها الاستئجار على أنه يبعد أن يحصل لها العلم بذلك، والأولى أن توصي عند موتها؛ لأنه الوقت الذي تعين عليها فيه الفرض، فإن أفتاها بصحة الإستئجار عالم قد وفىّ الاجتهاد حقه فلا غرم عليها، وإن كان غير ذلك لزمها الغرم.(1/146)


ويجوز التحجيج لمن مات في غير بلده [من بلده] ومن البلد التي مات فيها أيضاً، لأنها التي يضيق عليه فرض الحج فيها بموته.
ومن أيس من التمكن من الحج بنفسه والقوة عليه استأجر من يحج عنه سواءً كان من علة أو هرم.
ومن حجج من يقال هو مطرفي لم نحكم ببطلان الحج إلا أن يعتقد من كفر المطرفية شيئاً دون مجرد الاسم، كما أن الزيدي لا نحكم بنجاته بمجرد كونه زيدياً، وإنما التأثير للإعتقاد والأفعال، فإن اعتقد شيئاً مما كفرت به المطرفية كان مرتداً ولزم المستأجر غرامة ما دفع إليه من المال وإعادة الحج، ولو أوصى بحجة وحجج حجتين كان الوصي متعدياً في الثانية وكانت في ماله يلزمه توفية الأجير ما شرط له سواء كان الأجير فاسقاً أو مؤمناً.
وقال - عليه السلام -: والحج على الميت لا يصح إن استأجر الوصي فاسقاً؛ لأن العرف يقضي بخلافه إلا أن يكون الموصي عينه مع علمه بفسقه ويكون الوصي ضامناً إن حجج.(1/147)


كتاب النكاح
باب ذكر ما يصح أو يفسد منه
وإذا عقد نكاح امرأة بشهادة عدل وفاسق وماتت المرأة قبل الدخول وقد سمّى لها مهراً معلوماً، إن الأصل في العقود الصحة ما لم يفسخه الحاكم إذا كان موافقاً لاجتهاد مجتهد وتستحق به الإرث والصداق.
ومن تزوج بالغة بغير رضاها وسمّى لها مهراً ثم طلقها، إن النكاح لا يصح إلا برضاها إلا أن يكون وطئها فالمهر في مقابلة الوطئ بالشبهة.
ومن زوج ابنته البالغة من كفوها بحضرة الشهود صح متى رضيت سواء ذكر المهر أم لا، ويكون لها مهر المثل.
ومن تزوج بغير ولي أو بغير شهود أو بشهود فسقة وكان مذهبه تحريم ذلك كان النكاح باطلاً من كل وجه ولم تكن شبهة نكاح فيما بينه وبين الله تعالى، وكان الوطئ حراماً، وعلى هذه الصورة لا تحل المطلقة ثلاثاً بهذا النكاح للزوج الأول ولا تثبت توابع النكاح من إرث ولعانٍ ونفقة عدة ولا تلزمه نفقة للمدة التي لم ينفق عليها قبل الدخول، وإن طلقها ثلاثاً جاز أن ينكحها من دون زوج ثاني.
وقال - عليه السلام - في النكاح بشهود غير عدول: إنه إذا لم يوجد في البلد سواهم إنه جنس قائم بنفسه كما يقول في أهل الملل فيكون حكمه حكم الصحيح عندنا سواء سواء، ولهذا فإن رسول الله -صلى الله عليه وآله- رجم اليهوديين الزانيين، ونكاحهما إنما كان بشهادة اليهود وعقدهم.
ونكاح الشغار باطل؛ لأن البضع مشترك بين الزوج والمشاغر الآخر فأشبهت الأمة بين الشريكين في تحريم الوطئ، والمتعة حرام، ونكاح المحرم والمحرمة باطل، وكذلك نكاح الحر للأمة إلا أن لا يجد طولاً ويخشى العنت.(1/148)


ولا يجوز للعبد نكاح الأمة على الحرة، ومن زوجها وليها وهي بالغة ثم ماتت قبل علمها بالنكاح لم يثبت النكاح ولا أحكامه وتوابعه من إرث ونفقة ومهر، وكذلك إن مات الزوج أولاً ما لم ترض قبل موته.
وامرأة أب الأم وإن علا لا يجوز لابن ابنته التزوج بها لأن أب الأم من الأباء ولأن ابن البنت من الأبناء في اللغة.
والتيس المستعار: هو الذي يؤتى به لينكح المطلقة بغير عقد صحيح ليحل للزوج الأول.
وفي رجلين زوج كل واحد منهما ابنته من الآخر على أن تضع كل واحدة منهما مهر للأخرى ودرهما، إن النكاح يصح ولكل واحدة منهما مهر المثل.
ومن وقع نكاحها على مجرد البضع ولم يكن نكاحها في مقابلة نكاح أخرى صح النكاح ولها مهر في المثل، وإن كان في مقابله نكاح الأخرى لم يصح النكاحان، كأن يقول: زوجتك ابنتي على أن مهرها بضع ابنتك هذه، بخلاف من زاد شيئاً من المال فإنه قد خلط ما يصح بما يفسد فبني على الصحة.
ومن تزوج بشهادة عبدين له أولها أولهما لم يصح؛ لأن العبد مثال، فلا يشهد بعضه لبعض، فإن كان أحدهما له لم تتم الشهادة، ولا يصح إكراه البالغة على النكاح.
ومن وطئ جارية مشتركة بينه وبين غيره لم يجز له وطئ ابنتها؛ لأنه وطئ في شبهة ملك، وكذلك التقبيل استحلالاً يحرم الإبنة.
وإنكاح الأب ابنته البالغة يصح ويكون موقوفاً على رضاها، فإن لم ترض فلا نكاح لقوله صلى الله عليه لمن سألته عن ذلك، فقال: ((الأمر إليك)) والنكاح الفاسد يحتاج في فسخه عند المنازعة إلى الحاكم، والباطل لا يحتاج.
وإذا أخبر رجل عدل بوفاة المفقود جاز لامرأته أن تتزوج ويصح النكاح.(1/149)


ويجوز للرجل أن يتزوج امرأة ابن أمرأته لأنه أجنبي.
والنكاح الفاسد حكمه حكم الصحيح إلا في أحكام مخصوصة إنه لا يكون محصناً به، ولا لعان بينهما، ولا يتوارثان.
(ح) قوله: ولا يتوارثان. وذكر - عليه السلام - في أول الباب أنه يستحق به الإرث، وهو مذهب المؤيد بالله، وإن حملنا المسألة على أنه يريد به النكاح الباطل فصحيح [عند الجميع]*.
(ص) ولا يجب كمال المهر بالخلوة بها ويكون معرضا للفسخ، ولا تجب العدة بالخلوة، ولا تجب عدة الوفاة، وتستحق الأقل من المسمى أو مهر المثل، ولا يجب عليها إحداد ولها الخروج من المنزل لعذر وغير عذر.(1/150)

30 / 97
ع
En
A+
A-