باب ذكر الهدي
وتقليد الشاة والبقرة أراه سنة، وتقليد البعير واجب، وأرى اشعار الناقة واجباً ولا تشعر البقرة والشاة وللسوق واجب، ومن تعذر عليه السوق سقط حكمه وأجزاه الشراء من مكة أو منى قياساً على إشراك النبي - صلى الله عليه وآله - علياً -عليه السلام- (في هديه، وإحرامه كان كإحرامه)؛ لأن علياً-عليه السلام- لم يسق الهدي ولا أمره رسول الله صلى الله عليه بالجبران.
والبدنة لا يركبها صاحبها، ويجوز لغيره إذا تعب، ولا يجحف بها ولا يلزمه شيءٌ، فإن أتعبها لزمه دم على قدره، ولا يذبح هدي الحاج إلا بمنى وهدي المتمتع في الحرم فإن تعذر ففجاج مكة كلها منحر.
والقارن يلزمه البدنة، فإن عدمها مال إلى الصيام أو إلى الإطعام، وإن لم يجد كان ديناً عليه وصح حجه وعمرته، فإن وجد شاة مع تعذر الجميع ذبحها، لأنه أحد أقوال أهل العلم.
وما وجب من الدم لأجل ترك نسك فلا يقوم الصوم مقامه؛ لأنه لم يرد به نص ولا إجماع بخلاف ما في الصيد وشبهه، والواجب الإنفاذ بما يجب من الدماء إلى منى ولا يجزيه الإطعام في بلده إلا بعد الإياس.
ويجوز ذبح الدم في موضعه الواجب ذبحه فيه في سائر السنة، والمعدم هو من لا يجد قيمة الدم زائداً على كسوته ونفقته في الحال ما يبلغ به إلى بلده.
والقارن والمتمتع إذا ذبحا هديهما عند انتهائهما إلى الحرم لغير عذر في أيام النحر إن عليهما بذلك دماً لتركهما نسكاً.(1/141)


باب ذكر ما يجب على المحرم تجنبه وما يجوز له فعله
ومن وطئ متعمداً بعد الطواف والسعي وقبل التقصير فعليه دم ينسك به، وجلد الصيد لا ينتفع به المحرم ولا يملكه خالصة نفسه.
وإذا كرر المحرم ما يجب عليه فيه الكفارة أو الفدية في وقت واحد أو أوقات متصلة من جنس واحد فعليه فدية أو كفارة واحدة، وإن اختلفت الأجناس أو الأوقات تكرر الواجب عليه في ذلك.
ومن استظل من المحرمين بحطب أو غيره فستر رأسه وكان ينتف شعره لزمه في ذلك قدر مايراه العالم.
والنائم المحرم إذا وقع الثوب على رأسه في حال نومه فانتبه وأزاله في الحال إن مثل هذا مما يخف حكمه، فإن تصدق بقليل من الطعام فلا ضير وإن ترك فلا حرج لأنه لا يتيقن أن المدة لها حكم أم لا لجواز خفتها.
وإن لبس المحرم ثيابه ثم نزعها ثم لبسها متوالياً فكفارةً واحدة فإن تراخت الأوقات لزم لكل لبس كفارة فيما نراه.
والمحرم لو غطى رأسه مقدار ما لو كان مصلياً ووضع يده على رأسه فسدت صلاته أو أستقرت عليه نجاسة ذلك القدر فسدت صلاته أو رآه الغير، فقال: لِمَ غطيت رأسك، كان ذلك حداً لكثير اللبس الذى يجب في مثله، فما فوقه الكفارة على المحرم وما دون ذلك قليل لا يعتد به.
ومن لبس ناوياً للمداومة فله أن ينزع بالليل ولا يلزمه حكم التكرار.
[(ح) أي:لا تلزمه كفارة أخرى إذا لبس ثانياً إذا لم يكن فعل شيئاً من أعمال الحج، فإن فعل عملاً من أعمال الحج بعد النزع ولبس ثانياً فعليه لهذا اللبس كفارة أخرى].
(ص) فإن تخلل ذلك أعمال الحج تكررت الكفارة.(1/142)


ومن أصاب رأسه بالمحمل أو العمارية فلا شيء عليه إلا أن يزيل شيئاً من شعره، ومن قتل صيداً أو أكل منه فالقيمة تلزمه مع الجزاء.
وإذا رمى الصيد من الحرم وهو في الحل فقتله أو كان في الحل ورماه وهو في الحرم، إنه يلزمه الجزاء في الحالين لأنه أباح حرمة الحرم وهو فيه بالرمي.
ومن قبَّل وهو قارن ووقعت منه حركة وشهوة دون خروج مني لم يلزمه شيء، وإن أطعم مسكيناً فحسن، ومن قبل امرأته وهو محرم ولم يجد ماء وجب عليه من بدنة أو بقرة أو شاة فإنه لا يعدل إلى الصوم بل يكون ديناً عليه حتى يخرج من عهدته.(1/143)


باب ذكر الاحصار
من دخل مكه محرماً بالحج ومنع من عرفات بعث بالهدي إن أمكنه أو صام عشرة أيام إن لم يمكنه، ويتحلل عقيب ذلك وهو على إحرامه حتى يتحلل بعمرة ينويها من محلها وكل ذلك بعد يوم عرفه؛ لأنه وقت الإياس من تأدية الحج، ولا بد أن يكون خائفاً؟
ومن نوى في إحرامه عمرة متمتعاً بها إلى الحج ثم أحصر لزمه دم لما ترك من السنة، ومن منعه مانع من إتمام ما أحرم له، إنه إذا تمكن فلا يجب عليه إلا قضاء ما ألزم نفسه في العام الأول، والمحصر إذا اضطر إلى التحلل وتعذر عليه الهدي والصوم كان ديناً؛ لأن الدين لا حرج فيه وبقاؤه محرماً من الحرج إلا أن يرجو زوال العذر لزمه الإنتظار، ومن نذر بالمشي إلى بيت الله الحرام إن المشي يلزمه من حيث نذر.
[(ح) معناه: يلزمه المشي ولا يجوز له الركوب].
(ص) والقربة واقعة بالمشي من حيث نذر.(1/144)


باب ذكر الحج عن الميت والإستئجار له
الأجير للحج لا يستأجر غيره إلا أن يأذن له من استأجره؛ لأن الحج من العبادات والغرض فيها يختلف بالأشخاص بخلاف سائر الإجارات ؛ لأن الغرض بها وقوع العمل فقط، والإحرام واجب على من استؤجر على إتمام الحج كما في الأصل.
ومن مات في مكة فإنه يحج عنه من منزله؛ لأنه الذي تناوله الخطاب وهو الأعظم في الخطاب.
ومن خرج للحج فمات في أشهر الحج، إنه يحج عنه من حيث يموت؛ لأنه الوقت الذي يضيق عليه فيه الموسع.
[حاشية: المراد به إذا خرج الغير للحج فإن كان سفره للحج فلا يجب الإستئجار إلا من الموضع الذي مات فيه].
ومن قال لأهله حجوا عني وكانوا معينين محصورين كان وصية من قبلها ولو حج أحدهم بنفسه صح وله أجرة مثله، وإن كانوا غير معينين صحت الوصية بالحج ولم تصح الوصية إلى إنسان معين لكونهم غير محصورين، فإن فعل رجل حسبة أو بأمر الإمام أو أمر به واحد أو جماعه حسبة صح، وكذلك إن حج أحدهم تصح وكان له أجرة مثله في غير وقت الإمام أو بأمره إن كان، ومن حج منهم من غير ذكر إجارة صحت الحجة وكان له أجرة مثله.
والحج عن الوالدين يصح بوصية وغير وصية نصاً في الأب وقياساً في الأم بخلاف سائر الأقارب؛ فإنه لا بد من الوصية منهم، وإذا قال المريض لبعض أولاده: حجج عني، ولم يعين صح الحج بنفسه أو غيره وله الأجرة وسواءً قال من مالي أو لم يقل، وإن عين شيئاً من ماله لم يحجج بغيره ولا بدونه، فإن حجج بغيره كان الحج له وعليه الأجرة، ويستأنف الحج بالمعين إذا كان من الثلث.(1/145)

29 / 97
ع
En
A+
A-