باب ذكر فروض الحج وذكر الدخول فيه
فروض الحج التي لا بدل لها:
الإحرام، والوقوف بعرفة، وطواف الزيارة، ومن وقف في غير يوم عرفة لم يجزه.
((ح) وبه قالت الحنفية)، وهو القياس كسائر العبادات المؤداة قبل وقتها.
أما الإستحسان هو صحة الحج وأجزاؤه على الوجوه كلها عند أصحابنا - عليهم السلام - [كما ذكره عليه السلام في باب واجبات المناسك وهو قول الشافعي] سواءً علم في الوقت أو بعده، وسواءً شهد له الشهود بأنه وقف يوم التروية أو علم هو ذلك بنفسه أو بطريق مقطوع. (مذكور في شرح(الإبانة)).
(ص) بالله سواء علم في الحال أو بعده؛ لأن الفرض هو الوقوف ذلك اليوم، ومن حضر الميقات ولم يجد ماء تيمم؛ لأنه بدل عنه، سواء كان في وقت صلاة أم لا.
والإحرام يستحب بتقديم الصلاة قبله وليس يفسده تركها، ومن أحرم إحراماً موقوفاً فليس له فسخه إلا لحج أو عمرة، فإن فسخه لزمه دم؛ لأنه رفض نسكاً.(1/136)
باب ذكر واجبات المناسك
المختار للرمي يوم العيد إلى الظهر، فإن أخر بعده رمى وأحل وجبر بدم لترك النسك وهو الرمي وقت السُنَّة.
واللبث أيام منى واجب على الحاج ليلاً ونهاراً، ويسقط الحكم في الأقل، ولا يسقط الإثم ويجب العود على كل حال، ومن نسي طواف النساء إلى الليل أو تركه طاف عند ذكره ولا شيء عليه إلا أن يكون قد وطئ قبل الطواف فعليه الكفارة بعد حل الإحرام.
ومن دخل من غير باب بني شيبة وخرج من غير باب الصفا لم يلزمه شيء عمداً كان أو سهواً؛ لأن ذلك ليس من المناسك في شيء، ولو فتحت أبواب وسدت أبواب جاز ذلك.
وما ذكره في (التحرير) فيمن طاف جنباً أو حائضاً طواف الزيارة أنه يعيد ما دام بمكة، وإن لحق بأهله فعليه بدنة، إن اللاحق بأهله هو من كان أهله خارج الميقات ووراءه، فأما من كان في الميقات أو دونه فعليه الرجوع والإعادة.
ومن أخر رمي جمرة العقبة إلى أن طاف طواف الزيارة لزمه للتأخير دم، ومن رمى بما قد رمى به من الحصى لم يجزه، فإن لم يرم عوضاً منه لزمه ما يلزم في مثله.
ومن طاف جنباً أو حائضاً طواف الزيارة وكان أهله دون الميقات وجب عليه العود والطواف لا غير، وإن كان أهله خارج الميقات فعليه بدنة، والعود بعد ذلك في سنة أخرى.
ومن طاف طواف الوداع ثم وقف بعده يوماً أو دونه لم يلزمه إعادة، فإن كان أكثر أعاده، لأن العادة في الوداع يوم الصدر، وللعادة تأثير في حكم الشرع.
ومن طاف طواف القدوم جنباً أو محدثاً قضاه، فإن تعذر جبره بالدم، ومن سعى قبل الطواف أجزاه، فإن تعمد أعاد.
ومن تحرى يوم الموقف فأخطاه وعلم بعد الوقت أجزاه.(1/137)
[حاشية: هذا هو الأصح مما ذكره قبل ذلك].
ومن دفع من مزدلفة بعد طلوع الشمس فلا شيء عليه.
ومن فرق بين المغرب والعشاء الآخرة بمزدلفة جبره بالدم لأنه كسري، ومن ترك الوقوف بالمشعر والمرور به جبره بالدم فإن ترك الوقوف ومرّ أجزاه.
ومن رمى فأصاب إنساناً أو غيره فحملها حتى أسقطها في غير الجمرة لم يجبره بالدم، بل يعيد الرمي بحصاة تصيب الجمرة.
ومن رمى قبل الزوال في اليومين الآخرين* جبره بالدم، لأن الوقوف إلى الزوال نسك.
ومن نفر في النفير الأول وترك باقي الحصى أجزاه ولم يلزمه شيء إلا أن يقيم، ولا يجزيه حلق بعض رأسه، فأما التقصير فلا بد أن يقصر ما يقع عليه اسم التقصير، ومن نسي بعض (الطواف للزيارة) أعاد ذلك قضاءً فإن تعذر جبره بالدم.
ومن فرق بين طواف الوداع وبين السعي أو ترك بعض الطواف أو بعض السعي وكان التفريق مدة يسيرة فلا حكم له وعليه البنا وإن كانت طويلة أعاد، وإن ترك الأكثر من الطواف أو السعي فعليه دم، وإن كان الأقل أطعم لكل شوط مسكيناً، ومن زاد فهو خير له.
ويصح حج القارن وإن لم يسق الهدي وعليه لترك السوق دمٌ لأنه نسك.
(ح) [قوله: ويصح حج القارن وإن لم يسق الهدي...إلى آخره] ومثله ذكر السيد أبو طالب إذا تركه جهلاً فيما روي عنه، وعند القاسم ويحيى - عليهما السلام - أنه لا يصح القران إلا بسوق بدنة، ونصره السيد أبو طالب في (الشرح)، ومثله ذكر البستي وصاحب (المسفر) و(الموجز)، وعند الناصر للحق - عليه السلام - على ما ذكره الشيخ أبو جعفر والمؤيد بالله وأبو حنيفة والشافعي سوق البدنة مستحب غير واجب.(1/138)
(ص) ومن أخر الرمي في اليوم الأول ثم قضى في اليوم الثاني وأخر رمي اليوم الثاني ثم كذلك إنه يجب عليه عن تأخير كل يوم دم، ومن نفر إلى مكة كان نافراً لأنه بالبيتوتة يكون في حكم النافر.
ومن دخل الحجر في طواف الزيارة ثم عاد إلى مكة إنه يأتي بذلك الشوط الذي أبطله بدخول الحجر وبما بعده ولا يلزمه غير ذلك.(1/139)
باب ذكر ما يفسد الحج
من أفسد إحرام امرأته بالوطئ ثم حجا بعد ذلك فبلغا ذلك الموضع الذي أفسدا فيه حجهما افترقا فيه لا غير، وإن تجاوزاه جاز اتفاقهما، وهذا شرع لا يعلل، لأنه تعالى شرعه للمصلحة، وقد قيل إنه لا يُؤْمَنْ من أن يتذكرا ما كان منهما فيه فيقع ما يفسد حجهما، والوجه هو الأول.
ومن وطئ امرأته ناسياً لإحرامه واستكرهها فالبدنة عليه دونها، فإن لم يجدها كانت ديناً عليه كما في نظائرها، فإن كانت طاوعته لزمتهما البدنة.
ومن استمتع من امرأته قبل التحلل كانت الكفارة ديناً عليه إن لم يجدها في وقتها ولم يجزه الصوم.(1/140)