ويجب الخراج والجزية في السنة مرة واحدة، ولا يجب أخذ الخراج حتى تدرك الغلة فإن أخذه المصدق لحاجة كان كالسلف، فإن تلف الزرع رده على أهله كما في الزكاة قبل دخول الحول، والخراج موقوف على رأي الإمام، فإن كانت الأراضي التي افتتحها عمر فالأولى أن لا يزاد على ذلك شيء؛ لأنه فعل برأي الصحابة، ويجوز النقص منه إن رأى الإمام، وأما سائر البلاد الخراجية سواها فأمرها إلى الإمام في الزيادة والنقصان.
وإذا التبس الحال في أرض خراج عمر أخذ منها أقل ما يكون في جنسها ولا يسقط الخراج بموت من وجب عليه.
[(ح) ولا بدخول السنة بخلاف الجزية، ذكره القاضي زيد].
(ص) ويؤخذ من تركته كالعشر والزكاة، ولا يحتسب بالخراج الذي يأخذه الجورة، بل يجب وضعه في الفقراء، واستيفاء الخراج إلى الإمام أو من يلي من قبله، فإن لم يكن فعلى أهلها إخراجه كالعشر والزكوات، وإذا جعلت الأرض الخراجية طريقاً أو مسجداً (سقط عنها).(1/111)
باب ذكر زكاة أموال التجارة
العرْض بسكون الراء صنوف الأموال سوى الذهب والفضة، والعرض بتحريكها جميع الأموال ومنها الذهب والفضة وغيرهما، وكل صنف من أصناف أموال التجارة إذا بلغت قيمته النصاب وجبت فيه الزكاة إذا أريد به التجارة، وما كان من الحيوان للنتاج فقط فلا زكاة فيه، وزكاة مال التجارة يجب في قيمتها لا في عينها، وما كان للاستغلال لم تجب فيه زكاة من حوانيت أو عبيد أو خيل وكذلك ما كان للخدمة.
ولا زكاة في وبر الأنعام وصوف الأغنام وألبانها إلا أن يعارض بها إلى سلعة للتجارة، وإذا اشترى مسكناً للكرا ثم بدا له فجعله للسكنى لم تجب فيه زكاة، وكذلك إذا اشترى إبلاً أو غيرها من المواشي للتجارة ثم خلاّها سائمة وجبت الزكاة في أعيانها دون قيمتها، ولا يصير شيء للتجارة إلا بالنية كما قلنا في المقيم لا يكون مسافراً إلا بالنية، وإذا كان الحيوان للتجارة وجبت الزكاة في قيمته، ويضم ما اشتراه في آخر السنة للتجارة إلى ما عنده من السلع إذا كانت تجب في مثله الزكاة بحول الحول ولو لم يبق إلا ساعة واحدة، وتضم السلع إلى النقد، ويقوم بما هو أنفع في آخر الحول، ولا يزكي المضارب مال المضاربة إلا بإذن المالك، فإن زكا ضمن وعليه زكاة ما يخصه من الربح إذا بلغ النصاب.
وإذا ملك سائمة للتجارة وجبت زكاة التجارة وبطلت زكاة السوم، وإذا باع ما تجب فيه الزكاة قبل الحول على أنه بالخيار فقبضها المشتري وحال الحول ثم اختار البايع رد المبيع كانت الصدقة على البايع، ولو أمضى البيع فعلى المشتري إذا حال عليها الحول عنده من يوم عقد البيع.(1/112)
ولو كان الخيار للمشتري فرد بعد دخول الحول كانت الزكاة على البايع؛ لأنها رجعت إليه بالملك الأول، وكذلك لو رد إليه بخيار الرؤية؛ لأن ملك المشتري غير مستقيم في تلك الحال، ولو اشترى دابة للحج كانت للقنية كما لو اشترى عبداً للخدمة، فإن اشترى آلات ليبني بها بناء ثم يبيعه وجب في قيمتها الزكاة.
وإن اشترى شيئاً للتجارة ولم يقبضه فحال الحول قبل توفير الثمن كان على المشتري زكاته؛ لأن الملك قد انتقل إليه وكون المبيع في ضمان البايع، وانتقاض البيع بتلف المبيع لا يمنع من ذلك، وهكذا الثمن فإن زكاته لازمة للبائع.
ولو اشترى البيض للتجارة فحضنها ليبيع الفراخ فهي للتجارة وهي كالمُهر والعبد الصغير إذا اشتراهما للتربية ليبيعهما، ومن كان عنده دود القز فعالجه بنية أن يتجر بثمن ما يحصل لم يكن للتجارة ما لم يبع.
وإذا رد المشتري أموال التجارة بالعيب فإنه يستأنف الحول من يوم الرد بالعيب؛ لأنه ملك متجدد.
(ح) فكأن اختياره (في ذلك كمذهب (ش) لأن الرد)* بالعيب فسخ من يوم الرد لا من يوم العقد.(1/113)
باب ذكر الجزية
تؤخذ الجزية من أهل الذمة على وجه التصغير على كفرهم ولترك الأداء إلا ما استثناه الدليل كسب الأنبياء - عليهم السلام - وإظهار قبائح مخصوصة وكانت تزيد وتنقص في أول الإسلام وهي أخت الخراج؛ لأن الخراج في الأموال وهي في الرقاب، وهي جائزة للأغنياء كالخراج.
واستقر في أيام عمر بن الخطاب بمشهد من الصحابة ورأيهم فكان إجماعاً على أن على الأغنياء ثمانية وأربعين درهماً، وعلى الأوساط أربعة وعشرين، وعلى الفقراء اثني عشر درهما، وقالوا لا يعجز أفقر فقير أن يجمع في كل شهر درهماً فاستقر ذلك ولا يلزم الشيخ الهم ولا ذا الآفة المانعة من القتال التي لا يرجى زوالها في الحول، ولا الطفل الصغير الذي لم يبلغ الحلم، ولا تلزم النساء، ولا تلزم العبد؛ لأنه مال فكيف يلزمون المال.
وإذا مات الذمي أو تأخر أداؤها لغيبته أو نسيانه لم يطالب بما مضى ولا ورثته لأنها تسقط بالموت والفوت.
ويجوز استيفاؤها في أثناء السنة ما لم تخرج السنة، (ويصح تضمين النصراني بيت المال) في دار الإسلام.(1/114)
باب ذكر تقديم الزكاة
الزكاة تجب وجوباً موسعاً في الحول، ويجوز تعجيلها لسنة وسنتين، ولا يمنع أن يكون تعجيلها أفضل إلا في زكاة مال الصبي واليتيم، وإذا عجل زكاته قبل الحول، ثم مات الآخذ أو ارتد أو أيسر جاز عن القرض لأنه ملكها بالقبض، وما يخرجه إما أن يأخذه المصدق فهو في حكم الباقي على ملكه، ولهذا لو تلف ماله قبل الحول وجب رده عليه، وإما أن يدفعه إلى الفقير فهو على وجهين:
إن كان باقياً فهو في حكم ما أخذه المصدق.
وإن كان تالفاً فقد ملكه الفقير وليس له استرجاعه منه؛ لأنه سلطه على إتلافه ويسقط عنه الواجب.
وإذا أخرج زكاته في أول الحول ثم تلف المال لم يكن له استرجاعها سواء كانت باقية أو تالفة، كمن يخرج زكاة الفطر في أول الشهر ثم يفتقر حتى لا يكون له شيء فإنه لا يسترجعها من الفقير ولا لوارثه إن مات مطالبة الفقير بذلك.(1/115)