(ح) هذه المسألة لا تخالف ما تقدم؛ لأنه لما دفنه في دار الحرب ثم رجعت الدار بما فيها دار إسلام فذلك المال باق على ملكه؛ لأنه لم يغلب عليه في دار الحرب فيخرج بالاستيلاء عن ملكه، فإذا أخذه بعد أعوام زكَّاه؛ لأنه مال حال عليه الحول في ملكه فوجبت عليه تزكيته. [ذكره داعي أمير المؤمنين محمد بن أسعد أيده الله].
(ص) وإذا تلف المال بعد الوجوب ولم يتمكن من الأداء انتظاراً للمصدق أو عدماً للمستحق ولم تقع منه جناية لم يجب عليه ضمان، وما لم تقع المطالبة من المستحق أو المصدق فوجوبها على التراخي إلى آخر الحول.
وزكاة السلعة بما تستقر في آخر الحول إذا كانت قيمتها في الأصل نصاباً أو مضمومة إلى ما يصح ضمها إليه، وكذلك النقود، ويعتبر طرفا الحول في النصاب دون وسطه.
وتجب الزكاة في الذهب والفضة والحلي والمراكب، ولا زكاة في الدر والياقوت والزمرد بالغاً ما بلغت قيمته ما لم يكن للتجارة.
وإذا نذر بماله صدقة؛ وحيث والمال عشرة دنانير فأتجر به وربح حتى صار نصاباً وجبت الزكاة؛ لأن الكل على ملكه، كما إذا كان عليه دين لبني آدم لم يمنع وجوب الزكاة.
(ح) بناء على أن بالنذر لا يخرج المنذور عن ملك الناذر عنده [ـ عليه السلام - كما ذهب إليه] المؤيد والناصر للحق -عليهما السلام- خلاف قول الهادي والقاسم عليهما السلام.
(ص) فأما التصدق فيجب في العشرة دون الربح، لأن الربح منفصل منها بخلاف الشجرة وثمرها والبهيمة ونتاجها فإن الزيادة جزء من أجزائها.(1/101)


[(ح) فرق - عليه السلام - في النما، فجعل المتصل داخلاً في النذر مثل الثمار والنتائج؛ لأن ذلك جزء من أجزاء الأصل، وجعل المنفصل غير داخل في النذر كالربح كما ذكر هاهنا وكالأجرة أيضاً.
وأما على ما ذكره المؤيد بالله في (الإفادة) جعل المتصل والمنفصل سواء في أن واحد منهما لا يدخل في النذر لأنه ذكر في النتاج أنها لا تدخل في نذر الأصل، وأما النما المتصل الذي هو الكبر والسمن فينبغي أن يدخل والله أعلم قياساً على الزيادة في رجوع الهبة].
[حاشية: فرق عليه السلام بين نماء المتصل والمنفصل، فجعل المتصل داخلاً في المنذور، والمنفصل غير داخل فيه، وأما المؤيد فلم يفصل بينهما، وجعلهما غير داخلتين في المنذور، وأما السمن والكبر فينبغي أن يدخل قياساً على الزيادة في رجوع الهبة].
وقد قيل: والأولى أن لا يدخل خاصة على أصل المؤيد والناصر للحق فيدفع قيمة الصغير والمهزول والله أعلم.
(ص) ولو مات رجل عن أولاد ولأمهم عليه مهر وماله في أيدي الأولاد فالأقرب أن قبضهم للمال قبضٌ عن الدين الذي هو المهر دون الإرث، ويلزمهم زكاته لما مضى من السنين في مدة الدين.
[(ح) ومثله في الزيادات للمؤيد].
(ص) والزكاة لا تمنع الزكاة؛ لأن الوجوب في الذمة.
(ح) ومثله قال أبو حنيفة، ورواية عن الناصر - عليه السلام - للحق وعن سائر الأئمة - عليهم السلام - أن الزكاة تمنع الزكاة، وهو الذي صرح به - عليه السلام - قبل هذه المسألة في المرأة إذا كان لها دين على زوجها [إلى آخر ما قال].(1/102)


(ص) والزكاة التي تجب في مال اليتيم والمجنون ومن في حكمهم يخرجها آباؤهم أو أجدادهم أو وصيهم من قبل الأب والجد ووصي الأب أولى من الجد، فإن أخرجها الجد من غير إذن الوصي ضمنها إلا أن يخرجها إلى الإمام أو عامله.
وإذا أخرج الزكاة والعشر والخمس من مال الصغير ثم بلغ ولم يجز فما كان وجوبه إجماعاً فلا رجوع له، وما كان خلافاً فله المطالبة به لأنه لا مذهب له في تلك الحال أعني حال الصبا.
والخراج والعشر يجتمعان؛ لأن الخراج أجرة، ويجوز مع الجهالة في عقود المشركين كما لو قال الإمام: من دلني على قلعة كذا فله جارية منها، أو من قتل قتيلاً فله سلبه.
ولا زكاة في مال المرتد ولا عشر فيه، ولو ارتد من عليه الدين ولحق بدار الحرب ثم عاد مسلماً ورد الدين إلى صاحبه لم تجب عليه زكاته لما مضى.
[(ح) وذلك لأن لحوقه بدار الحرب للإرتداد بمنزلة الموت فينتقل الدين إلى المال وتخلو ذمته عن الدين ويكون الدين كالساقط عن ذمته وكالثاوي إن لم يكن له مال فعلى الوجهين لا تتوجه المطالبة إليه في حال ارتداده، وإليه أشار في (الإفادة).]*
(ص) والزكاة لا تلحقها الإجازة كسائر العبادات بخلاف العقود الموقوفة من المعاملات، وإنما تسقط للضمان عن المخرج دون (الإجزاء للفرض) وكذلك تسقط عن الفقير.
ويجوز إخراج الزكاة بنية إن كان المال سالماً، ويجوز إخراج القيمة بدل العين، والعين أولى.
(ح) ومثله ذكر الفقيه أبو جعفر المعروف بباجويه - رحمه الله - وذكر الفقيه أبو منصور - رحمه الله - أنه تجب قيمته يوم الأداء سواء كان العين باقياً أو تالفاً.(1/103)


(ص) وتعتبر القيمة يوم الحصاد بخلاف ما لو غصب أو استقرض من ذوات المثل ثم تعذر الرد فإنه تجب عليه القيمة يوم الخصومة.
(ح) ومثله ذكر علي بن أصفهان - رحمه الله - في القرض إذا انقطع المثل وتعذر، فالحاصل أن في المثلي إذا تعذر المثل تجب قيمته يوم المخاصمة والمطالبة قرضاً كان (أو بيعاً فاسداً أو غصباً)؛ لأن هذا الحكم تبع ما في الذمة [والشراء بما في الذمة بخلاف القيمة فإن أقوال العلماء من المتقدمين والمتأخرين - رحمهم الله - مختلفة متفاوتة].
(ص) ويلزمه قيمة المنذور يوم الحنث سواء زادت أو نقصت.
(ح) وذكر المؤيد بالله في (الإفادة) أن الاعتبار بقيمته يوم النذر والحلف لا يوم الحنث [خلاف ما ذكره أبو العباس للهادي عليه السلام].
(ص) ومن رهن ما يجب فيه العشر كان الرهن صحيحاً لأنه باقٍ على ملكه، والزكاة تجب على من وهب له الثمار التي تجب فيها الزكاة دون صاحب الأصل، فإن كانت إباحة فالزكاة عليه.
ويصح بيع ما فيه العشر وما فيه للزكاة، والوصي يخرج الزكاة من المال الذي أوصى به إليه، وإذا أوصى رجل للإمام بما تجب فيه الزكاة وبقي في يد الموصي حولاً أو حولين ولم يدفعه فإن الإمام إذا قبضه أخرج زكاته.
[(ح) يجب أن يكون المراد به إذا كان قد قبله؛ لأنه وصية بمعين فيملك بالقبول دون القبض، أما إذا لم يكن قبل فلا تجب زكاة ما مضى].(1/104)


(ص) وإذا تزوج رجل امرأة على إبل سائمة بأعيانها ولم تقبضها حتى حال عليها الحول ثم قبضتها وجبت عليها الزكاة، وإن كانت الإبل غير معينة فزكاتها على الزوج، والزكاة لا تسقط بالموت، وعلى الوارث إخراجها من التركة بخلاف الحج فإنه لا يجب إلا بالوصية ويكون من الثلث، ولو كان لرجل على آخر ألف دينار سنين كثيرة ومات قبل قبضه لم يجب عليه الإيصاء بالزكاة لأن الوجوب إنما يتوجه بالقبض سواء أمكنه أو لم يمكنه.
ولو كان لصبي كروم ومزارع من أبيه فاحتوى عليها أخوه وأنفق عليه منها، واستهلك الباقي ثم أخذها الصبي بعد بلوغه لم يلزمه العشر لما مضى إلا أن يضمن له أخوه ما أتلفه.
وإذا بادل إبلاً سائمة بإبل سائمة بنى على أول الحول، ويعتبر في الكيل والوزن بالبلدان، وإذا اختلفت قيمة السلعة في البلدان قومها في بلده وزكاها بحساب ذلك، وتضم قيمة ما باعه من السوائم وغيرها إلى النقود التي معه ويزكيها بحول (نقوده، ولا يمنع) وجوب زكاتين وأكثر من مال واحد في حول واحد.
[(ح) في صورة ذلك تأمل مع اعتباره - عليه السلام - حول الحول لوجوب الزكاة والأقرب أن تكون صورة ذلك ما ذكره هاهنا وهو قوله، وكضم قيمة ما باعه من السوائم إلى أخره.
وهذه المسألة بعينها مذكورة في المسائل للمؤيد بالله في (الباب الأول من كتاب الزكاة) وهو قوله: ولو كان لرجل سائمة غنم أو زروع أو كروم فأخرج الحق…إلى آخر ما قاله].
(ص) والزكاة تجب وجوباً موسعاً وتضيق في آخر الحول.(1/105)

21 / 97
ع
En
A+
A-