إقامة العدل، يقود المعركة تلو الأخرى، ويواجه سلاطين وملوك وطوائف الجور في عصره حتى وفاته. وفي حياته وشخصيته كتب وسير وانظر عنه كتب التاريخ اليمني والإسلامي.(1/6)
الكتاب
الكتاب الذي بين أيدينا جاء عنوانه في مخطوطة جامع شهارة: كتاب المهذب لمذهب الإمام المنصوربالله عبدالله بن حمزة، وفي نسخة السيد العجري : المهذب في فتاوى الإمام عبدالله بن حمزة. رتبه وهذبه وانتقاه العالم الفقيه الفذ محمد بن أسعد مما كان قد جمعه الشيخ العالم محيي الدين محمد بن أحمد بن علي بن الوليد القرشي الصنعاني:الدر المنثور في فتاوى الإمام المنصور.
قال مهذبه يشرح دافعه إلى تأليفه بعد الحمد والصلاة وأما بعد:
فإني نظرت فيما جمعه الشيخ العالم محي الدين... فوجدت مسائل الكتاب مشتبكة، وفنونها مختلطة، فرأيت أن أضم كل جنس إلى بابه وألحقه بنوعه، وأكفي طالب الفائدة تكلف الطلب، وأخفف عنه مؤنة التعب.(1/7)
وأوضح من منهجه في التأليف: إبداله ألفاظاً مستعملة بما هو أظهر منها؛ لأن الجامع للدر المنثور جعل قصده جمع ما وجده من الفتاوى في الرقاعات، وما سمعه ووجده مثبتاً مزبوراً من الأجوبة والردود دون ترتيب للمسائل وتبويب وتهذيب. ومن نظرة على الكتاب نجد المؤلف رحمه الله قد أحسن الانتقاء والترتيب، والتهذيب والتبويب، وجعل الكتاب سهل التناول قريباً. وصاغه رحمه الله في أسلس وأوضح عبارة، وسرد مسائله في مهارة، ثم فحص ودقق ومحص وحقق، وقارن وعلَّق، وأدخل على أغلب المتون حاشية رمز إليها في نسخة العجري بالرمز "ح"، وفي نسخة جامع شهارة بكلمة حاشية تميزها عن المتن أو الأصل الذي رمز إليه بالرمز "ص" في نسخة العجري، أو كلمة "رجع" في نسخة جامع شهارة. فظهر علم وفقه وتمكن وقدرة هذا الفقيه المهذِّب وإلمامه بأقوال وآراء واجتهادات علماء المذهب، حيث يذكر في أغلب مسائل الكتاب موافقة الإمام المنصور بالله عليه السلام لمذاهب يحيى أو القاسم أو الناصر أو المؤيد، أو غيرهم من الأئمة والمخرجين والمحصلين والشارحين والفقهاء المؤصلين، أو تفرده في المسائل مما يزيدها جلاء ووضوحاً، ويبين اجتهاد ومذهب ورأي الإمام عليه السلام.(1/8)
والكتاب لا غنى للقاريء الكريم والطالب العلم والعالم عنه، بما احتوى من مسائل وأحكام الفقه في شتى مواضيعه والأبواب. ففيه آلاف المسائل والأحكام الفقهية في العبادات والمعاملات التي تجعله من أهم المراجع في فقه أهل البيت عليهم السلام، ومذهب الزيدية بمدارسها المتعددة المتجددة القائمة على الأصول المعتمدة والنابعة من الصافي غير المكدر الذي جاء به محمد صلى الله عليه وعلى آله وتناقله وحافظ على صفائه ونقائه آل محمد عليهم السلام جيلا بعد جيل ورعيلاً بعد رعيل.(1/9)
جامع الفتاوى محمد ابن الوليد القرشي
هو محمد بن أحمد بن علي بن أحمد بن جعفر بن الحسن بن يحيى بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم القرشي، العبشمي نسبة إلى عبدشمس على غير قياس، المتوفى سنة 623ه ، أي بعد وفاة الإمام عليه السلام بتسع سنوات. وكان يسكن في حوث وصعدة.
عالم مجتهد مسند. قرأ وروى على عدد كبير من المشائخ، منهم القاضي شيخ الإسلام جعفر بن عبدالسلام، والأميران الكبيران شمس الدين وبدره يحيى ومحمد ابنا أحمد بن يحيى بن يحيى، والشيخ الحسن الرصاص، والفقهيه تاج الدين البيهقي، ونيف وعشرون شيخاً من أهل المذهب وغيرهم كما نقله صاحب الطبقات عن السيد محمد بن الهادي.
ومن أشهر تلاميذه الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليه السلام، والشيخ أحمد بن محمد شعلة، وولده علي بن حميد، ومحمد بن أسعد بن منعم، وعمران بن الحسن وغيرهم.
ومصنفاته سبعة وعشرون مصنفاً، منها: تحرير زوائد الإبانة حررها في رمضان سنة 610ه .
قال صاحب الطبقات: ويذكره الإمام المنصور عبدالله بن حمزة في ذكر مسنداته فيقول: أخبرنا الشيخ الأجل الفاضل محيي الدين عمدة المتكلمين. وهو الذي رتب أمالي المرشد بالله بعد ترتيب القاضي جعفر بن أحمد عليه السلام. توفي وقت صلاة العشاء الأخيرة من ليلة الثلاثاء 23 من شهر رمضان سنة 623ه .
انظر عن ترجمته طبقات الزيدية القسم الثالث، مطلع البدور، أعلام المؤلفين الزيدية.(1/10)