والميت المجهول حاله في دار الإسلام يغسل ويصلى عليه ما لم يعلم فسقه أو كفره.
وتغسل النسوان الميت من فوق ثوبه ويحملنه ويصلين عليه عند عدم الرجال.
وإذا مات في المعركة بالقتل بالعصا من غير جرح غسل، وكذلك من وطئته دابة فمات.
[(ح) وذكر القاسم أن من قتل بعصا أو حجر في المعركة فإنه لا يغسل، وهو مذهب أصحابنا جميعاً عليهم السلام، وذكر الشيخ أبو جعفر -رحمه الله- في (شرح الإبانة) أن المقتول بالخشب والآجر في الحرب حكمه عندنا حكم المقتول بالسيف، وما ذكر في الكتاب هو قول بعض الشافعية].
(ص) وإذا وجد الدم في أنفه أو أذنه أو فمه أو قبله أو دبره من غير جراحة غسل، وإن كان فيه جراحة لم يغسل، والصبي الشهيد يغسل لأنه غير مكلف.
[(ح) وهو قول الحنفية، وحصله أبو العباس على المذهب، ونصره الشيخ أبو جعفر في (الشرح) للناصر للحق، وذكر القاسم - عليه السلام - أنه لا يغسل وهو قول (ش)].
(ص) والمقتول دون ماله وحرمه ظلماً شهيد، ومن قتله البغاة مع إمام الحق لم يغسل، ومن دفن بغير غسل لم يستخرج للغسل، وإن تعذر عليه الغسل صب عليه الماء.
وإذا استهل السقط غسل وورث وورَّث، وإذا وجد من الإنسان النصف مع الرأس غسل، وكذلك إن وجد أكثره، وإن خرج بعض السقط حياً فهو في حكم الحي، والمكاتبة والمدبرة لا يغسلان سيدهما.
وإذا طلق امرأته أي طلاق كان لم يغسل أحدهما الآخر، ويكفي للموت والجنابة والحيض غسل واحد، ويكره للجنب والحائض غسل الميت.(1/91)


وإذا مات رجل بين نساء أو امرأة بين رجال غسله محرمه وإن لم يكن محرم وكان ينقى بصب الماء فعل وإلا عصب خرقة وتجنب النظر وغسله من تحت اللحاف أو فوقه حتى ينقيه.
وأما المحرم فينظر من الميت ما كان له نظره في الحياة، وتغسل الكتابية المسلمة للضرورة.
[(ح) هذا على طريقته أن الكافر ليس بنجس].
(ص) والنساء يغسلن ما دون المراهق من الصبيان، والخنثى يغسله محرمه.
[(ح) وذكر في (المرشد) يغسله من شاء من الرجال والنساء إذا لم يكن مثله من الخناثاً].
(ص) والكافر لا يغسل، ويجوز أخذ الأجرة على الغسل وحفر القبر وحمل الجنازة من مال الميت أو مال قريبه الموسر إن لم يكن له مال.(1/92)


باب ذكر تكفين الميت
أقل الكفن ثوب وأكثره سبعة، وتكفن المرأة من المصبوغ، والأبيض أولى للرجال والنساء، ويجوز تكفين المرأة بالحرير وكل ما يجوز لها لبسه في حياتها، ويكره تكفين الرجال بذلك إلا للضرورة، فإن لم يوجد لباس واروه بنبات الأرض، وكفن المرأة من مالها، فإن لم يكن لها مال فعلى وارثها الموسر؛ لأن الزوجية قد انقطعت، فإن لم يكن الوارث موسراً ففي بيت المال، فإن لم يكن ببيت المال فعلى المسلمين، والكفن من أصل التركة قبل الدين والوصية، ويجوز تكفينه من الأعشار والزكوات إذا كان ممن تجوز له في الحياة، ولا يغالى بالكفن.
وإن نبش كُفِّن ثانياً من رأس ماله أيضاً، وكذلك الثالث، وإن كان أهل الديون قد اقتسموا ماله لم ترجع عليهم بل يكون على الورثة أو على المسلمين.
وإن نبشت السباع الميت وأكلته وبقي الكفن فإنه لا يرجع إلى المالك ولا إلى ورثة الميت بل إلى المصالح، وكذلك موضع القبر.
[(ح) وإلى مثله أشار السيد أبو طالب في وجه، وذكر المؤيد بالله أنه يكون ملكاً للورثة، ومثله ذكر الشيخ أبو جعفر].
(ص) وتجوز الزيادة على كفن الشهيد، ولا يجب تكفين من وُلِدَ ميتاً بل يلف بخرقة، وإن وجد الشهيد عارياً كفن، وإن كان للميت أولاد صغار كفن بأقل ما يكفن به خيفة التبذير عليهم.(1/93)


باب ذكر حمل الجنازة والصلاة عليها
يكره للنساء اتباع الجنائز ويكره لهن زيارة القبور، والمشي خلف الجنازة أفضل، والأفضل أن يمشي حافياً، ويمشى بها وسطاً بين السيرين، ويكره النعي وهو أن يقال غالباً إن فلان مات، ولا بأس بالإعلام من غير بداء، وأفضل الأوقات للصلاة عليها أوقات الصلاة، ويكره الصلاة عليها والتقبير في الأوقات الثلاثة، وإن خشي فوتها آثرها على المكتوبة.
وصلاة الجنازة واجبة على الفرادى والجماعة، فإن حصل من يؤم وإلا أجزت فرادى.
وقد وقعت الصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله - بمشهد من الصحابة فلم ينكروا ذلك بل فعلوه جماعات وفرادى، ولا يصلى على القبر لأن الصلاة شرعت على الجنازة والقبر ليس بجنازة، ومن سبقه الإمام في صلاة الجنازة كبر في حال قراءة الإمام أو ذكره، فإن كان بعد التكبيرة الثانية للإمام كبر وكانت له أولى، ويستمر مع إمامه ويكبر بعد ذلك لما فاته ويسلم، وتصح صلاة النساء على موتى الرجال لأن التكليف عام وتسقط عن الرجال، ولا يصلى على صاحب الكبيرة.
والمرجوم إن رجم بإقراره صلي عليه، ولا تكرر الصلاة على الميت فرضاً إلا أن يفعل بنية القربة قبل الدفن كان حسناً، [ولا يصلى على القبر وإن كان قبل حثو التراب صلي]، والأولى بالصلاة أولاهم به في الحياة، ويقف من الرجل عند وسطه ومن المرأة عند صدرها ويكبر خمساً، فإن زاد لم تفسد وإن نقص سهواً أعادها قبل الدفن، والدعاء فيها مسنون غير واجب، فإن جهل حال الميت قال في الرابعة: اللهم أنت أعلم به فإن كان محسناً فزده إحساناً وإن كان مسيئاً فأنت أولى بالعفو.(1/94)


ولا يكبر قبل إمامه، ولا يصلى على طفل المشركين ولا يدفن في مقابر المسلمين وإن كان من أهل الجنة، وإذا سبي الصبي مع أبويه أو أحدهما فحكمه إذا مات حكمهما ما لم يسلم أحدهما، وإن سبي دون أبويه ومات في صغره صلي عليه وله حكم الدار، ويصلى على اللقيط في دار الإسلام، ويصلى على الجارية إذا ماتت وإن لم تصف الإسلام؛ لأنها صارت للمسلمين كما لَهُ وطئها ما لم يظهر منها كفر أو فسق.
[(ح) إنما قال أو فسق لحق الصلاة عليها دون الوطئ فإن الوطئ يحل وإن كانت فاسقة فأما الصلاة فلا].
(ص) ويصلى على ولد الزنا، ومن ترك الختان خوفاً على نفسه صُلي عليه، ويستحب اتخاذ النعش تغطى به المرأة، ويكره أن تجعل على الجنائز الميثرة والديباج، أو ثياب الشهرة والتصاوير، ولا يقعد قبل وضعها، ولو وجد ميت في بيعة أو كنيسة لم يصل عليه إلا أن تكون عليه سيما المسلمين.
وتجوز الصلاة على الجنازة في المساجد، ومساجد الجنائز من جملة المساجد، ولا يصلى على الجنائز قعوداً ولا ركباناً لغير عذر، ولا على غير طهارة، وإن جعل رأسه في موضع رجليه في الصلاة لم تفسد الصلاة عليه، وكذلك القبر بعد ما سوي عليه، [وإن كان قبل حثو التراب صلي].(1/95)

19 / 97
ع
En
A+
A-