باب ذكر صلاة الخوف
لا يصلى للخوف إلا في السفر دون غيره، ومن غلب على ظنه السلامة أخرها إلى آخر الوقت، وإن خشي العطب أو استمرار الحرب بادر بها في أول الوقت، ويأخذ السلاح المصافون والمصلون.
وإذا تراءا عدواً وليس بعدو، فإن كانوا متمكنين من تعرفه قبل صلاة الخوف فلم يفعلوا فسدت صلاة الأولين منهم دون الآخرين، وإن لم يتمكنوا لم تجب الإعادة.
ويصلي المحق الخوف طالباً كان أو مطلوباً إذا كان يخاف المكر من المبطل.
وإذا افتتحوا صلاة الأمن ثم بدى لهم خيال ظنوه عدواً فانفتلوا، ثم بان له أنه ليس بعدو، فإن تمكنوا من التعرف فلم يفعلوا فسدت صلاة المنفتلين، وإن لم يتمكنوا وأتموا صلاتهم خارجين عن الإئتمام صحت، فإن فعلوا فعلاً كثيراً قبل إتمامها فسدت.
ولا يصلي الخائف راكباً بمن على القرار وإذا زال الخوف وهم في الصلاة أتموها أمنا، والمبطل لا يصلي للخوف، وإن لم يتمكنوا من الصلاة لشدة الخوف صلوا مومين وإن لم يمكنهم استقبال القبلة فعلوا ما ذكرنا إلى جهتهم التي يحاربون فيها، وتصلى في آخر الوقت في البحر سابحاً وراكباً لدابته إذا خشي فوتها.
وإذا احوج إلى الركوب أو النزول في الخوف لم تفسد صلاته إذا كان ذلك لعناية يسيرة.
ويصلي في السلاح الذي أصابه الدم إن اضطر إليه، ويصلي والعنان في يده ولو جاذبه الفرس قليلاً لم يفسد عليه لا سيما مع الضرورة فإنها تصح ولو كثرت المجاذبة.(1/86)
باب ذكر صلاة العيدين وتكبير التشريق
صلاة العيدين واجبة على الرجال والنساء منفردين أو جماعات، ويكره خروج ذوات الزينة للعيد.
ولا يصلى للعيد في وقت الكراهة لأنه لا ملجئ إلى ذلك، ومن لحق من صلاة العيد ركعة فإنه يجهر (فيها بقراءة) في الثانية، ويكبر في صلاة العيد سبعاً ويركع بالثامنة؛ لأن الناقلين عن النبي - صلى الله عليه وآله - ذكروا أنه ركع بها، ولا بد من تسبيح بعد السابعة؛ لأنها بمنزلة غيرها، ويكبر في الثانية خمساً ويركع بالسادسة، والغسل سنة، ويجوز قبل الفجر وبعده.
ويستحب تأخير صلاة الفطر إلى أن يتناول شيئاً ولو شربة من ماء، وتعجيل الأضحى ليذبح بعدها، وإذا غم الهلال فشهد اثنان قبل الزوال على رؤيته بالأمس صلوا العيد، وإن كان بعد الزوال صلوا في اليوم الثاني دون ما بعده، ويكبر بعد الفراغ من الصلاة ثلاثاً ليعلم أنه قد فرغ منها، ويكبر قبل الخطبة تسعاً وبعدها سبعاً، والنساء يخفضن أصواتهن في صلاة العيد، وإن ترك من التكبيرات شيئاً أعاد سواءً كان تركه عامداً أو ناسياً إلا أن يخشى ركوع الإمام قبل فراغه من التكبيرات فلا يقضهن في ركوعه بل يحملها عنه الإمام، فإن أمكنه أن يأتي بها متتابعة مع إدراك الإمام وجبت، وإن ترك الخطبة كان تارك للسنة ولم تفسد صلاته، ويجوز أن يخطب وهو محدث، ولا يجمع بين العيد والجمعة في خطبة واحدة، ويكبر المأموم بعد تكبير الإمام، وتستحب في الجبانة ولو لم يكن به إمام.(1/87)
وتكبير التشريق واجب من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق لثلاث وعشرين صلاة، وهو فرض في الفرض وسنة في السنة، والأولى ما في (المنتخب) من التكبير (هو تكبير) يوم الفطر من حين يخرج الإمام إلى أن يبتدء الخطبة.
ومن نسي تكبير التشريق قضاه في سائر أيام التشريق دون ما بعدها، ولا يصلى العيد إلا مرة واحدة، ولا يصلى يوم الغدير كصلاة العيد فإن وعظ الناس وذكر فضائل أهل البيت - عليهم السلام - فلا بأس.(1/88)
كتاب الجنائز
بسم الله الرحمن الرحيم
الجنازة بالفتح الميتُ والجنازة بالكسر السرير، وعلامات الموت سقوط القدمين، وميل الأنف، وامتداد الرجل والوجه، وانخلاع الكف من الذراع، وانخساف الصدغ.
ويؤمر بالتوبة ويوصي إن كان له أو عليه شيء إلى ثقة، والبكاء الضروري من الله سبحانه وهو حزن القلب، ونزول الدمع، وما لا يملك من النشيج، ومن العبد الصوت والصراخ واللطم وسائر أفعال الجهال.(1/89)
باب ذكر توجيه الميّت وغسله
يوجه الميت على شقه الأيمن كما يلقى في قبره إن أمكن، وغسل الميت واجب إلا الشهيد في المعركة فيدفن في ثيابه إلا الخف والفرو والمنطقة فإنهن ينزعن.
ويغسل الفاسق ويكفن ولا يصلى عليه تشريعاً للملة، ويغسل الشهيد إذا كان جبناً.
[(ح) وهو قول القاسم - عليه السلام - ونصره صاحب (المسفر) وحصل الإخوان لمذهب الهادي - عليه السلام - أنه لا يغسل ونصره الشيخ للناصر للحق].
(ص) وكذلك الحائض إذا استشهدت بعد الطهر كالجنب والمرجوم بإقراره لا يغسل.
[(ح) وذكر في (التحرير) أنه يغسل وهو الظاهر من المذهب].
(ص) وأما الغريق والنفساء والمبطون والمرأة تموت في الطلق فيغسلون ويسمون شهداء لأجل عوضهم، ويغسل أحد الزوجين الآخر إذا مات، وقد غسلت أسماء بنت عميس أبابكر، وعلي فاطمة - عليهما السلام - وله دفنها والنظر إليها، فإن طلقها طلاقاً رجعياً فليس لها أن تغسله إذا مات؛ لأن الغسل رجعة ولا تكون إلا من قبله دونها.
[(ح) هذه طريقته - عليه السلام -، وعند غيره من أصحابنا جاز لكل واحد منهما أن يغسل صاحبه وهو قول الحنفية، وما ذكر في الكتاب هو قول (ش) بناءً على أصله أن الرجعة تحرم الوطء ودواعيه].
(ص) ومن قتل دون ماله أو نفسه ظلماً فهو شهيد، ولا يغسل إذا مات في المعركة كغيره من الشهداء.
[(ح) ومثله في (الوافي)، ومثله ذكر السيد أبو طالب أيضاً في (الشرح) وذكر في (التذكرة) أنه محتمل، وذكر البستي لمذهب الناصر للحق أنه يغسل].
(ص) والشهيد إذا نقل عن المعركة وبه جراح يعلم أنه لا يعيش معها لم يغسل.(1/90)