والعبادات منها ما يجب المصير فيه إلى العلم، كأصل الفعل مثل أنه هل حج، أو هل صلى، أو هل زكىّ، أو هل صام، ولا يجزي فيه غالب الظن، والثاني يجزي فيه غالب الظن كأركان الصلاة، وأعمال الحج، وأحوال الوضوء المختلف فيها، ومن شك في صلاته وأحب إعادتها نوى آخر ما عليه منها.
ومن شك في تسليمه عن يمينه فأعاده ثم سلم على يساره، ثم تيقن أنه كان سلم صحت صلاته وعليه سجدتا السهو.
وسجود السهو قبل التسليم يبطل الصلاة.
ويسجد المأموم لسهو إمامه، ويسجد لسهو نفسه وإن كان مأموماً، ولا يسجد اللاحق لسهو إمامه إلا بعد فراغه، فإن فعل قبله بطلت صلاته، وإن لم يسجد الإمام لسهوه وجب على المؤتم أن يسجد كما لو كان منفرداً، ومن سهى مراراً سجد [سجدتي السهو] مرة واحدة، ومن سهى فترك مفروضاً من سجود السهو أعاد السجود ثانياً، وإن كان من مسنونه لم يسجد، ومن سهى عن الركوع كان عليه ركعة بتمامها وله التحري فيما شك فيه وإن كان قد خرج منه إلى غيره ما دام في صلاته سواء كان مبتلى بالشك أم لا، ومن نسي القراءة في ركعتين من الوتر سجد لسهوه، ومن لم يخافت أو يجهر إلا في ركعة واحدة سهواً سجد لسهوه، وإن أتم التشهد الأول سجد لسهوه، ويجوز سجود السهو في الأوقات المنهي عنها، وإذا قرأ السورة قبل الفاتحة سجد لسهوه، واللاحق لا يلزمه سجود السهو بمجرد اللحوق.
والساهي عن الصلاة تاركها حتى يخرج وقتها أو يصلي ببدنه وقلبه خال عنها كفعل المنافقين أو يجعلها لغير الله تعالى أو لإيقاء مهجته كالمنافق، فأما السهو فيها فلا يمكن الاحتراز منه.(1/76)


وإذا قرض أظفاره أو لحيته ناسياً سجد لسهوه، ولو كبر وركع بغير قراءة قرأ في الثانية ولا تفسد صلاته ويسجد لسهوه.
ولا يسجد للتلاوة إلا على طهارة، فإن كان سجود شكر جاز على غير طهارة، وكذلك سجود الخضوع والتذلل، ويشترك في جوازه الحائض والطاهر، والمحدث والجنب؛ لأنه ليس من الصلاة في شيء.
وإذا كرر قراءة آية السجدة لم يسجد إلا مرة واحدة، وإن كانت آيات مختلفة سجد لكل آية سجدة سجدة.
والسجود خمسة: للصلاة، والتلاوة، والسهو، والشكر، والخشوع، والإعتراف بالذنب.(1/77)


باب ذكر وجوب الصلاة وحكم تاركها بعد وجوبها
وجوب الصلاة يتعلق بالعقل والبلوغ في الرجال والنساء، وبلوغ الرجال بالسنين وهو خمس عشرة سنة، والإنبات، والإحتلام، وإن خرج المني عن جماع لم يدل على البلوغ لأنه مخرج وليس بخارج بنفسه.
(ح) إعلم انه جعل - عليه السلام - خروج المني حداً للبلوغ إذا لم يكن من جماع، فلهذا جعل ظهور الحلم حداً للبلوغ؛ لأن إنزال المني من جماع ليس بحد للبلوغ على طريقته؛ لأن خروج المني من الجماع لو كان حداً للبلوغ لكانت بالغة قبل ظهور الحبل.
وذكر الشيخ أبو جعفر في (شرح الإبانة) أن النفاس حد للبلوغ، ولم يجعل ظهور الحمل حداً للبلوغ.
وإن استدل من هذا أن خروج المني ليس بحد للبلوغ كما ذكر هاهنا مفصلاً بل على الإطلاق لأمكن والله أعلم.
(ص) وإن خرج مع التقبيل والنظر لشهوة كان أمارة للبلوغ وأشبه ما في النوم.
فأما النساء فبلوغهن بالحيض وبلوغ خمس عشرة سنة والإنبات، وظهور الحبلِ، ولا يكون الإحتلام منهن بلوغاً.
(ح) هذا ما ذكره عليه السلام، وأما غيره من أصحابنا جعلوا الإحتلام حداًّ للبلوغ منهن كما في الرجال.
[وقوله: الإنبات، هو نبات شعر العانة أو اللحية أو هما، وهو حد البلوغ في الرجال والنساء.
والإحتلام إنما يكون حداً للبلوغ إذا كان معه إنزال].
(ص) ويلزم الأولياء أمر الصبيان بها قبل البلوغ إذا أمكن تلقينهم، ويجب منعهم من الخمر والفواحش.
وتارك الصلاة يستتاب، فإن لم يتب حبس حتى يصلي، ويكره على فعلها، ولا يقتل إلا أن يتركها استحلالاً فإنه يقتل للردة بعد الاستتابة، وهكذا حكم تارك الصوم.(1/78)


باب ذكر قضاء الصلاة
من فاته صلاة في حال كفره أي كفر كان لم يجب عليه قضاؤها إذا أسلم، والمطرفي لا يقضي ما فاته من الواجبات إذا تاب سواء كان صلاة أو زكاة أو غيرها لقول النبي صلى الله عليه: ((الإسلام يجب ما قبله))، والعاصي إذا تاب وعلم أنه كان يفعل في صلاته ما يفسدها بالإجماع تحرى مقدار ذلك وقضاه وإن كان من الخلافية لم يعد.
ومن نسي غسل الدم حتى خرج الوقت لم يقض ما صلى، ومن سهى عن صلاته أو نسيها لزمته إقامتها عقيب ذكره لها بنية القضاء ولو كان وقت الكراهة.
ونافلة الفجر بعد الفرض تكون قضاء، وكذلك نافلة الظهر بعد العصر، وكذلك نافلة المغرب بعد العشاء الآخرة.
(ح) وسألت عن ذلك أستاذي الفقيه العالم أبو منصور - رحمه الله - فأجاب وقال: تكون أداءً لا قضاءً.
(ص) ومن وجد في ثوبه دماً طرياً أعاد صلاة يومه احتياطاً.
ويلزم إيقاظ النائم إذا خيف أن تفوته الصلاة، ولا ترتيب في القضاء، ويبدأ بالفائتة إذا ذكرها في وقت الحاضرة ما لم يخش فوت (وقت الإختيار)، فإن بدأ بالحاضرة أجزاه لأنه وقت لهما جميعاً.
وإذا نسى الظهر وصلى العصر في آخر الوقت فإنه يصلي الظهر قضاء بعد الوقت، ومن اشتبه عليه الوقت فإنه ينوي فجر يومه ولا ينوي قضاء ولا أداء، وكذلك سائر الأوقات.
[(ح) هذا قول أصحابنا - عليهم السلام - وهو الصحيح، وذكر هو عليه السلام في (باب صفة الصلاة) أنه إذا لم يعلم بقاء الوقت ينوي فرض وقته].(1/79)


(ص) وإذا كان عليه ظهر فائت وأراد أن يؤدي ظهر يومه دون ظهر وقته لأن الوقت لهما، فإن نوى الظهر مطلقاً وقعت أداءاً إذا كان في وقتها، وإن كان في غير وقتها وقعت قضاء.
ومن صلى شاكاً هل عليه صلاة أم لا، ثم علم وجوبها صحت عن القضاء، دليله: إخراج الزكاة عن ماله الغائب.
وإذا لم يعلم ما فاته احتاط بما يستغرق ذلك، ويقضي المريض كما يمكنه من قعود وسواه كصلاة وقته، ومن قضا صلاة الليل بالنهار كان مخيراً بين الجهر والمخافتة، ومن أجَّل لشيء مما طريقه الاجتهاد وعلم في الوقت أعاده، والأولى أن لا يتنفل حتى يقضي ما فاته لا سيما إن كانت الفوائت كثيرة، ومن كان في دار الحرب ولم يعلم وجوب الصلاة فعليه القضاء إذا تركها.
وإذا أحدث واحد من الجماعة وعند كل واحد منهم أن المحدث سواه فصلى كل واحد منهم بالآخرين صلاة واحدة فعلى كل واحدٍ منهم قضاء ما صلى مع غيره، لأنه لم يتيقن الفاسدة منهن.(1/80)

16 / 97
ع
En
A+
A-