باب ذكر الأذان والإقامة
ليس على النساء أذان ولا إقامة، لا جهراً ولا مخافتة، والأذان والإقامة للوقت، فلا يجب قضاؤهما، ولا يجبان في القضاء.
والأذان للفريضة فرض على الكفاية عندنا لأمر رسول الله - صلى الله عليه وآله - به، والأمر يقتضي الوجوب، وهو أمر من الله سبحانه لقوله: ?أَقِمِ الصَّلاةَ? وهو من الصلاة، وقد نبه عليه سبحانه بقوله: ?وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ?[فصلت:33] وأكثر الأوامر ورد بلفظ الخبر كما قال تعالى: ?وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً?[آل عمران:97]، فهذا أمر بلفظ الخبر، وقد قال تعالى: ?فَلْيَحْذَر الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ?[النور:63]، والوعيد لا يكون إلا في مقابلة الواجبات ويكفي في سقوط فرضه العلم بأن الأذان قد وقع؛ لأن السماع لا يلزم إلا في الخطبة.
وإذا وقع الأذان في الميل سقط فيما دونه؛ لأن لذلك أصلاً في الشريعة في تقدير جواز القصر ووجوب الإتمام، ولو تعدى الميل وأجزى لمن وراه تعدى إلى غير نهاية، وما دون الميل لا دليل عليه، وإثبات ما لا دليل عليه لا يجوز.
والجهر بالأذان سنة مؤكدة، والنطق به هو الفرض؛ لأنه قول والقول قد حصل بذلك، وهو من الدين والدين قول وعمل واعتقاد.(1/51)


والأذان للمنفرد سنة وفضل، ويجوز تقليد المؤذن الأمين في الصحو دون الغيم، وإن تعذر إقامة المؤذن أقام سواه وكذلك إتمام أذانه، ويجوز أذان الأعمى والمملوك المأذون له فيه وولد الزنا، ولا يجوز أذان المرأة والصبي والمجنون والجنب، ولا يقيم المؤذن إلا وهو على وضوء، والأذان للفوائت جائز إذا لم يقع لبس، والجامع بين الصلاتين يقيم للأخرى، ويكره الكلام في الأذان والإقامة إلا لضرورة، وكان مبتدأ الأذان ليلة الإسراء.
[(ح) علمه صلى الله عليه ليلة المعراج في السماء الرابعة، وصلى هو بأهل السماوات الأربعة، ذكر الناصر للحق - عليه السلام - في كتاب (الأخيار) رواية عن جعفر بن محمد - عليه السلام].
(ص) ولا ترجيح في الأذان ولا تثويب وهو قوله: الصلاة خير من النوم، وللإمام مقاتلة من ترك الأذان.
[(ح) إذا اتفق أهل قرية أو جماعة على ترك الأذان فإن الإمام يأمرهم بالأذان، فإن لم يؤذِّنوا وأصروا على تركه يقاتلهم على ذلك]*.(1/52)


باب ذكر القراءة في الصلاة
قراءة القرآن في الصلاة فرض في الفرض ونفل في النفل.
[حاشية: إلا أنه لا يصح النفل من دون قراءة؛ فالقراءة شرط فيه وإن لم يكن فرضاً].
ولا تلزم الأحكام الشرعية إلا شرع ملزم. وبسم الله الرحمن الرحيم آية من الفاتحة ومن كل سورة، وإذا قرأ الحمد وآيتين مع البسملة جاز إن كانتا من الكبار دون الصغار لقوله صلى الله عليه: ((وقرآن معها)).
ولا يطلق القرآن حقيقة إلا على ثلاث (آيات) غير البسملة في القصار لأنه جمع وأقل الجمع ثلاثة، والوقوف عند كل تسبيحة في الركوع والسجود جائز وإن وصل حرك وإن لم يحرك لم تفسد فيما نرى، والقراءة في الأخريين أفضل من التسبيح، وإن سبح فلا بأس، وليس في الأخريين إلا المخافتة دون الجهر، ومن جهر فقد ابتدع وخالف المعلوم من دينه - صلى الله عليه - وسنته.
والواجب على المرأة الجهر في موضعه أخف من جهر الرجل بحيث يسمع من يليها إن كانت إماماً أو تسمع نفسها إن انفردت، وتجوز قراءة القرآن لمن يجوز أنه يلحن، والقراءة في المصحف أفضل إلا أن يخشى النسيان.
ومن لحن في صلاته لحناً لا يوجد مثله في القرآن أفسدها، والجهر والمخافتة لا يجبان، ومن كان مذهبه وجوبهما وخالف متعمداً بطلت صلاته.
ومن قال في صلاته السلام عليكم يا ملائكة الله أفسد صلاته؛ لأنه كلام الناس.(1/53)


وإذا لم يجهر الإمام بالتكبيرة والقراءة والتسليم بحيث لم يسمع الصف الأول بطلت صلاته؛ لأن الجهر بالتكبير والتسليم واجب على الإمام (و)سنة على المنفرد؛ لأن فرض الإمام إعلامهم، وعلى الصف الأول إسماع الثاني وكذلك إلى آخرهم، ويفصل بين الفاتحة وبين ما يقرأ به معها.
[(ح) أي: يفصل بينهما بالبسملة].
(ص) وإن كان من وسط السورة، والترتيب والموالاة والمواصلة في القراءة لا يجب في باب الإمامة.
[(ح) يعني لا يجب الترتيب بين ما يقرأ به، بل يجوز أن يقرأ في الركعة الأولى بسورة وفي الثانية بسورة فوقها وإن كان الأولى أن تكون قراءته على كتب المصاحف، ويحتمل أن يكون معناه لا يجب أن تكون السورتان اللتان تقرآن بعد الفاتحة في الركعتين متواليتين متجاورتين بل يجوز أن تقرأ بعد الفاتحة بسورة في ركعة ثم في الركعة الثانية بسورة غير مجاورة للسورة التي قرأ في الأولى بأن تكون بينهما سورة أو سورتان أو أكثر].
(ص) وإذا قرأ الفاتحة فقط وكان مذهبه صحت صلاته، وإن كان لا يجزي عنده وحدها وفعله عمداً أعاد في الوقت وبعده، وإن كان ناسياً أعاد في الوقت، وإن كان جاهلاً متمكناً من السؤال فهو كالعامد، وإن لم يمكنه السؤال أجزت صلاته.
والقراءة والجهر في ركعة واجبة، وأقل الجهر أن يسمع من عن يمينه ويساره، وأكثر المخافتة أن يسمع من بجنبه، وأقلها أن يتحرك اللسان وتثبت الحروف وإن لم يسمع نفسه ولا غيره.
والقنوت بالقرآن فإن قنت بالدعاء لم تفسد، وتكرير السور في النوافل دون الفرائض، ويفتح على الإمام القراءة وإن كان في غيرها سبح.
(ح) أي: في (موضع) القراءة.(1/54)


(ص) وإن كانت امرأة صفقت يدها على الأخرى.
(ح) ينبغي [أن] تضرب ظهر يدها اليمنى على بطن اليد اليسرى.
(ص) ولا تجزي القراءة بالفارسية إلا لمن لا يتمكن من [تعلم] العربية، وإذا ألحن بما يغير معنى ما قرأه أفسد صلاته إن لم يوجد مثله في القرآن وأذكار الصلاة، وينعزل المأموم عند لحن الإمام في ذلك الركن، ومن لا يتمكن من صحة الألفاظ تجزيه صلاته لنفسه دون غيره، وإذا عطف على قوله ?فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ?[التين:4]، فقال: ?إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا?، متعمداً أخطأ وأثم ولم تبطل صلاته، وإذا (أعل) الكلمة بكثرة تشديدها فسدت صلاته، ولو قرأ ?رحمن? مبتدء بالراء لم تفسد إلا في الفاتحة فإنه تفسد، ويجوز إرسال ياء النسب وتحريكها وإن حركها في غير موضعها كره ولم تفسد، ولو قال: ?رب? خفيفة أفسد.
وفي الفاتحة أربع عشرة تشديدة وترك بعضها لا يفسد، والأولى أن يأتي بها أجمع، ولو قال: (أنعمتُ) فسدت صلاته وإن كان متعمداً كفر، وإن كان سهواً لم تفسد صلاته، ويعيد الفاتحة أو الكلمة للإجزاء وكذلك : ?إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ?[فاطر:28] في العمد والسهو، والكلام المهمل يفسدها، ومن قال: الحم الحمد لله، ثم أتم صلاته لم تفسد، وكذلك أمثاله؛ لأنه فصل القراءة، وإذا لم يذكر ما قرأه إمامه ولا ما قرأه هو صحت صلاته.
والتمتمة: هي التردد في القاف.
والفأفأة: التردد في الفاء.
والرتة: أن يعدل بحرف إلى آخر.
والألثغ: هو الذي يجعل الراء لاماً والصاد فاءً.
والأرت: يجعل اللام ياءً.
والأليغ: من لا يبين الكلام*.(1/55)

11 / 97
ع
En
A+
A-