باب ذكر أماكن المصلى
وإذا بسط الطاهر على النجس جازت الصلاة وإن توقى ذلك نجس، وحركة النجاسة تحت السجادة لا يفسد، وكذلك وقوع لحاف المصلي عليه.
والبعد بين الإمام والمأمومون بأكثر من قامة لا يبطل الصلاة، ما لم يكن ثم طريق أو نهر، إلا أن يكون بعداً فاحشاً بحيث لا يسمعون مع التمكن قراءة الإمام، فإن كان في المسجد فلا حكم له، ولا يفسد وضع السلاح وغيره بين الإمام والمأموم، ومن بسط ثوبه على ثوب مغصوب لم تصح صلاته لمعصيته في القيام لا لأجل ضمان الثوب؛ لأنه لا يلزمه قيمته والحال هذه.
ومن صلى على موضع أرفع أو أخفض من موضع قيامه بحيث لا يكون منكوساً ولا مقعبا لم تفسد صلاته، وإن كان غير ذلك لم تصح صلاته.
[(ح) المراد به فيما يكون خلفه من المصلى].
والصلاة عند باب المسجد بحيث يمنع المار من المرور لا تصح، وكذلك الصلاة في الطريق بحيث تمنع من المرور أو يصعب التعريج منها، وتختلف الحال في سعة الطريق وضيقه، وخشونته، ولينه، وجفا ما يمر به في الطريق، ولطفه، وكثرة المارين وقلتهم.
وإذا كثر المصلون جماعة بحيث لا يتمكن أحد منهم من الركوع والسجود ولم يكن أحد منهم سبق إلى مكانه وجب على جميعهم الخروج من موضع صلاتهم؛ لأن كل واحد منهم مانع لسواه من الصلاة، فقد اجتمع وجه الحسن وهو طلب العبادة ووجه القبح وهو منع الغير منها فغلب وجه القبح كما يغلب وجه الحظر على الإباحة، فإن خرج بعضهم وتمكن الباقون من الصلاة أجزتهم، وإن عاد بعضهم بعد الخروج طالباً للصلاة كان أحق من سواه لمكانه، والصلاة في المساجد أفضل للفرائض، والنوافل أفضلها أخفاها.(1/46)
وإذا كانت نجاسته على بعض ما يصلي عليه غير ملاقية أجزت صلاته وكذلك لو قام بجنبه من ثوبه نجس.
وإذا خيط ثوبان وأحدهما نجس وصلى على الطاهر منهما صحت صلاته إلا أن يكون الخيط نجساً.
[(ح) وهو قول الشافعية، وعند الحنفية لا يجوز، وهو قول أصحابنا] *.
(ص) وإذا تحركت النجاسة بحركة المصلي لم تفسد صلاته، وإذا ألقيت على المصلي نجاسة يابسة ولم يلبث أن أزيلت لم تفسد.
وتجوز الصلاة في الأرض المغصوبة إذا لم يكن على أهلها في ذلك ضرر، والغاصب وغيره في ذلك سواء، وأما الدار فلا تصح صلاة الغاصب لها فيها، وأما غيره فيجوز إن اضطر أو لم يعلم بكونها غصباً وكذلك إن دخلها لرد وديعة أو لنصيحة الغاصب ليردها، وليس لمالك الأرض منع المصلي إذا لم يضره ذلك، وكذلك له أن يصلي مع المنع إذا لم يضره، ولا تجوز الصلاة على القبور لحرمتها، وأما بين القبور فتكره.
ولا تجوز الصلاة في المزبلة لنجاستها، وتكره في الحمام ومعاطن الإبل، وتكره الصلاة إلى تمثال صورة حيوان أو أن يكون تحت ركبته أو يده وإن كانت تحت رجليه لم يكره.
[(ح) هذه طريقة السيد أبي طالب الهاروني]*.
(ص) وتكره الصلاة إلى الأقذار إلا أن يجعل بينه وبينها حائلاً أو بعداً أكثر مما بين الإمام والمأموم.
ويمنع أهل الذمة من المساجد إهانة لهم وتعظيماً للمساجد، وإذا كان طين السقف أو قواعده مغصوبة لم تصح الصلاة لأنه كالبساط المغصوب، وتجوز الصلاة في أرض الوقف والمصالح.(1/47)
وقال - عليه السلام - في موضع آخر: إذا تحركت النجاسة بحركة المصلي فسدت الصلاة، وإن تحركت بالريح أو السفينة صحت، وتكره الصلاة إلى وجه الرجل دون ظهره.(1/48)
باب ذكر لباس المصلي
وتجوز الصلاة في كل ثوب حلال لا يعلم فيه نجس؛ لأن الأصل الطهارة، ومن ائتزر بنصف ثوبه وصلى على النصف الآخر صحت صلاته، وتجوز الصلاة وأكمامه غامرة ليديه.
ومن صلى على عريش تظهر عورته بدون عناية فسدت صلاته، وإن كان المصلي لا يرى عورته إلا من ابتطح صحت صلاته، وإن انكشفت عورته وقد أدى الواجب من الركن وسترها قبل الخروج منه لم تفسد صلاته.
(ح) وهو قول أبي العباس خلافاً لسائر أصحابنا.
(ص) وحكم المكاتبة والمدبرة حكم الأمة في العورة، ويجب قبول عارية الثوب للصلاة وإن كان يعتاد الهبة وجب (قبوله هبة أيضاً).
[(ح) وعند الناصر تجب مطلقاً].
(ص) وإذا وجد الثوب في أثناء الصلاة لبسه وبنى على صلاته.
(ح) وهذا مبني على ما ذهب إليه - عليه السلام - من أن المعذور إذا انتقلت حاله من الأدنى إلى الأعلى بنى على صلاته ولا يستأنف، خلافاً لسائر أصحابنا.
(ص) وإذا كانت العراة جماعة صلوا في الثوب الواحد الأول فالأول، وتكره الصلاة في جلد الخز إذا لم يعلم ذكاته.
[(ح) ولو علم ذكاته أيضاً؛ لأنه حيوان غير مأكول].
(ص) ويكره في الفرو لتجافيه وفي المعصفر والمزعفر؛ لأنه من زينة النساء، ولا تصح الصلاة في الحرير الخالص، وكذلك إذا كان نصفه حريراً.(1/49)
وتجوز الصلاة في الخف والنعل من ذبائح المسلمين، وإذا كان ثوبه نجساً وتلحقه مضرة لحله جازت صلاته فيه، وكذلك إن كان بدنه نجساً كالمستحاضة ومن به سلس البول، وكذلك إن كان في موضع تبدو عورته للناس فإن صلاته صحيحة، وإن كان منفرداً من الناس عزله وصلى عارياً قاعداً يومئ ويستر عورته بما أمكنه من تراب أو حشيش أو غير ذلك، فإن وجد الثوب في الوقت أعاد لأنه نادر.
[حاشية: مذهبه عليه السلام كمذهب يحيى عليه السلام في المنع من الصلاة في الثوب النجس].
وإن وجد ثوبين أو أكثر وفيها طاهر لم يعلمه صلى في كل واحد منها صلاة ينوي أنها صلاة وقته، فإن كثرت الثياب تحرى وصلى على غالب ظنه، ولا يصلى في المغصوب والمسروق، ولو لف المغصوب فوق الحلال لم تصح صلاته، فإن كان في كمه صحت صلاته.
[(ح) ومثله ذكر القاضي زيد لمذهب يحيى والفقيه أبو منصور لمذهب الناصر للحق عليهما السلام].
(ص) إلا أن يكون صاحب المغصوب حاضراً يمكنه تسليمه إليه فحينئذ لم تصح صلاته.
وإذا لم تجد المرأة إلا ما يبدو منه ساقها صلت قاعدة، ويجوز السجود على كور العمامة، ويجوز السجود على المسوح واللبود.(1/50)