وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((من أخذ شاربه حتى يأخذ بظفريه فلا يمكنه كان كلما يسقط نوراً له يوم القايمة)). وعن عثمان بن عبدالله بن رافع قال: رأيت سبعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُحْفون شواربهم أخا الحلق، منهم: جابر، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، وأبو سعد الساعدي، ورافع بن خديج، وعبدالله بن عمر، وسلمة بن الأكوع.
والسواك: فيه أيضاً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر وتأكيد، وذكر عنه عليه السلام أنه قال: ((يجزي الأصبع عند الوضوء مكان السواك)).
والمضمضة والاستنشاق: هما من السنة في الوضوء، واجبان في الجنابة.
وفرق الشعر: من شاء فرق، ومن شاء طَمَّ شعره.(1/41)


مسألة: في الذمي يسلم
وإذا أسلم ذمي، أو ذمية، أو مشرك على أي شرك كان، فينبغي له أن يغتسل بالماء كما يغتسل من الجنابة، ويقلم أظفاره، وينور عانته، وسائر جسده، وينتف إبطه، ويستحب له أن يحلق رسه. ذكر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أمر رجلا بذلك وقال: ((إلق عنك شعر الكفر)).
وقال محمد: وأول مايجب على المشرك ساعة يدخل في الإسلام: توحيد الله عز وجل، وهو أن يشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له، وأنه الحق لامعبود غيره، وأن كل معبود سواه باطل، والإقرار برسوله، وأن ما جاء به هو الحق، وبجميع الرسل، ويتبرأ من الدين الذي كان عليه، ويغسل ثيابه التي كانت تلي جسده، وكل ثوب كان يمتهنه.
ثم أول ما يبدأ به بعد هذا: التعلم للطهور والصلاة، ومايجب عليه من توحيد الله تعالى، والإقرار به، وبرسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبكل ماجاء به من عند الله، والأقرار بجميع الأنبياء والرسل، ويبرأ من الدِّين الذي كان عليه بإخلاص لله تعالى، ورهبة من عقابه، ورغبة في ثوابه، ويتعلم سائر الفرائض والسنن. وينبغي أن يتعلم مايجب عليه من طهوره، وصلاته قبل دخول وقتها، وليس ذلك بفرض عليه، ولكن ذلك من توقير الإسلام أن يأخذ في أهبة ما افترض الله عليه من وضوءه وصلاته، قبل دخول وقتها، وإن أسلم في غير وقت صلاة فلم يتعلم غير مايجب عليه من توحيد الله، والإقرار به، وبرسله حتى دخل وقت صلاة ولم يتعلم كيف الطهور والصلاة، ولم يتطهر، ولم يصل، إلا أنه معتقد لذلك، مريد له في وقت صلاته قبل خروج وقتها، فإن مات قبل أن يتطهر ويصلي وقد بقي عليه من الوقت مايمكنه في أداء ما افتُرِض عليه من الطهور والصلاة فإنه قد مات مسلماً، حكمه حكم المسلمين في الطهور والصلاة والميراث.(1/42)


وإذا أسلم الشيخ والعجوز الضعيفان غير مختتنين اختتنا، لايسعهما أن يفرطا في ذلك إلا من عذر، وقد ذكر أن لهما وللمريض - إذا خافوا على أنفسهم - عذراً في ترك الختان إلى أن يطيقوا ذلك.
وكل من أسلم فترك الختان من غير عذر فقد ترك سنة عظيمة، وقيل: لاصلاة له ولاطهور، وإنما ذلك على التغليظ في سنة الختان، كما قيل: إن العبد الآبق لاصلاة له، وليس عليه إعادتها إذا رجع إلى مواليه، وكما روي ((لاصلاة لجار المسجد إلا في المسجد))، ولاتقبل شهادته، ولا يغسل إذا مات، ولا يصَلى عليه، وقد رَخَّص بعضهم في غسله والصلاة عليه، فأي ذلك فعل ففيه قول من العلماء، وهو على الرجال آكد منه على النساء، قيل: سنة للرجال، مركمة للنساء، وقد اسْتُقصي الكلام في غسل من أسلم في: ((باب الغسل)).(1/43)


مسألة: في البول والمني والخمر والميتة يصيب الثوب أو الجسد
قال أحمد بن عيسى عليه السلام فيما روى محمد بن فرات، عن محمد عنه، وسئل عن الثوب يتهمه الرجل ببول أو قذر ولم يستيقن ذلك أيصلي فيه؟ قال: نعم مالم يعلم.
وقال القاسم عليه السلام - في رواية داود عنه -: وإذا أصاب المني ثوباً فرأى أثره، غسَل من الثوب الموقع الذي أصابه، وإن لم يَر فيه أثراً واستيقن أنه قد أصابه غسله كله. ومن صلى في ثوب قد أصابه المني أعاد صلاته.
قال: ومن وطيء على عذرة يابسة أو موضع قذر، فلم يتبين فيه ريح، ولم ير أثراً، ولم يظهر منه في ثوب أو بدن قذر، فكأَنَّ ماوُطِئ منه لم يوطأ، وليس عليه أن يتوضأ.
قال: وإن ظهر في بدن أو ثوب قليل من العذرة، أو البول غسل، وأعيدت منه الصلاة كما تعاد من كثيرِ ذلك.
قال الحسن بن يحيى ومحمد عليهما السلام: وإذا غُسِل الثوب ثم جفف على موضع قذر فليُغسل.
قال الحسن عليه السلام: وإن كان يظن أن الموضع قذر فلا بأس بالصلاة فيه، الأرض يطهر بعضها بعضاً، ولا يلزم غَسل الثوب إلا أن يعلم أنه قد أصابه قذر، وإن أصاب الثوب بول فشَكَكْتَ في موضعه فاغسل الثوب كله.
وقال الحسن عليه السلام - فيما حدثنا محمد وزيد، عن زيد، عن أحمد عنه -: وإذا صُب ماء على موضع يبال فيه، فتَنَضَّح على ثوب فلا بد من غسله، وإذا ابتلَّت البوري، فأصابها قذر فتكره الصلاة عليها، وإذا أصاب المطر كنيفاً فوق سطح فوكف فأصاب ثوباً فليغسل الثوب.
قال: وإن وقع ثوبه على حمار ميت، فإن كان يابساً صلى فيه وليس عليه أن يغسله.
وقال الحسن أيضاً - فيما حدثنا حسين، عن زيد، عن أحمد عنه -: وإذا صلى الرجل وفي ثوبه بول أو قذر وهو لايعلم أحببنا له أن يحتاط، ويعيد الصلاة، وإن لم يعدها فجائز، - يعني إذا كانت النجاسة قليلة -.
قال: وإذا أجنب الرجل في ثيابه غسل موضع الجنابة، وإن خاف أن يكون قد أصاب غير ذلك فالاحتياط في غسل الثوب.(1/44)


وقال محمد: يغسل ما أصاب الثوب من البول، والمني، والمذي، والودي، والخمر ما قل منه أو كثر، وقد رخص بعضهم فيما دون الدرهم من المني. وروى محمد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لاتعاد الصلاة من نضح دم ولابول.
فأما ما أصاب الجسد من ذلك فلا أعلم فيه خلافاً أنه يغسل قل أو كثر، ماخلا أبا حنيفة وأصحابه فإنهم رخصوا في قليل ذلك.
قال ابن عامر، قال محمد: والبول أشد من المني، فإذا صلى وفي ثيابه مقدار الدرهم الكبير من المني أعاد الصلاة، وإن كان دون ذلك أجزته صلاته، أخبرنا بذلك محمد، عن ابن عامر عنه.
قال: والمسكر أيضاً إذا أصاب الثوب أو الجسد غُسِل. وقال في وقت آخر: والمسكر من النبيذ قد اختلف فيه، والثقة في غسله من الثوب والجسد. وإن قاء مِرّة أو طعاماً أو غير ذلك فأصاب ثوبه فليغسله، وإذا انتضح البول على ثوبه أو جسده غسل من ذلك ما عَلم منه وأدرك بصره، وماخفي من ذلك غسل الثوب كله.
وكل مالايجزي الوضوء به - لنجاسة أصابته - إذا أصاب ثوباً أو جسداً غُسِل ما أصابه إن كان كثيراً، وإن كان نضحاً يسيراً كنضح الاستنجاء فلا بأس به، ولا يضر الثوب ولا الجشد ما أصابه من نضح الاستنجاء ونضح الغل من الجنابة، وإن قطر على الثوب شيء من الماء الذي أنجى به موضع البول فليغسل ما أصابه من ذلك.
وإذا كانت البالوعة يبال فيها أو يستنجى أو فيها عذرة افمتلأت وفاضت من لك فليطهر ما أصاب من ذلك من ثوب، أو جسد، أو موضع، أو غير ذلك.
وإذا وقع الذباب على الغائط والبول ثم وقع على الثوب أو الجسد فلا بأس به.
ومن نسي أن يستنجي من بول أو غائط حتى صلى فليُنَجِّ ذلك الموضع وليعد الصلاة.
وإن اغتسل من جنابة وصلى ثم رأى على موضع من جسده منياً فليغسله وليعد الصلاة، وإن كان المني الذي على جلده قد أصاب ثوبه لم يضره ذلك.
وإذا أصاب ثوبه أو بعض جسده بول أو غيره من النجاسة بدأ بغسله ثم توضأ بعد.(1/45)

9 / 200
ع
En
A+
A-