باب مالاينبغي الوضوء إلا به من الماء الطاهر(1/31)
مسألة: الوضوء بالماء المستعمل
قال محمد: لايصلح الوضوء بماء مرتين إذا كان مع الرجل إناء فيه ماء فتوضأ به في إناء آخر فليس له أن يتوضأ به هو ولاغيره.
قال: وإذا غمس الجنب يده في الإناء قبل أن يغسلها يريد الاغتراف لوضوئه لم يَفْسُد الماء، ولا بأس به، وعلى قول محمد إن غمس يده أو رجله في الإناء ودلكها يريد التطهر لذلك الوضوء فالماء مستعمل لأنه لايكون مستعملا إلا بالنية.
قال: وإذا سقط جنب في بئر ماء فارتمس في الماء فإن كان قليلا فينبغي أن تنزح كلها، ويغتسل هو بماء جديد، وإن كان الماء لاينجس مثله فهو طاهر والبئر طاهرة.
وبلغنا عن عطاء أنه قال في الجنب لايصيب الماء إلا في بئر لايمكنه أن يستقي منها قال: إن كان يمكنه أن يدلي ثوبه إذا كان طاهراً أو يغمسه في الماء ثم يعصره على جسده أجزاه ذلك.
وقال محمد - فيما روى محمد بن زكريا عنه - فيمن نسي مسح رأسه ومسحه ببلل لحيته: هذا ماء مستعمل ولكن يمسحه بماء جديد.(1/32)
مسألة: طهارة الماء المستعمل
قال محمد: كان أحمد بن عيسى يمسح وجهه ويديه بالمنديل عند كل وضوء، وكان له منديل معد للوضوء.
قال محمد: ورأيت عبدالله بن موسى يتوضأ في جُبَّة صوف، ويصلي فيها، وكان يمسح وجهه بالمنديل.
وقال القاسم عليه السلام - فيما رواه داود عنه، وسئل عن المسح بالمنديل والخرقة والثوب بعد الوضوء فقال -: لابأس بالمسح والتجفيف، وليس يزداد بذلك صاحبه إلا نقاء.
وقال محمد: لابأس بالتمسح بالمنديل بعد الوضوء، وبعد الغسل، ولا بأس بالصة في المنديل الذي مسح به وجهه وذراعيه حين توضأ. وقد كره ذلك بعضهم.
وقد ذكر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنه توضأ فمسح وجهه بثوبه وصلى فيه.
وروى محمد عن أبي جعفر عليهم السلام قال: لابأس بأن يتوضأ ويمسح وجهه ويديه بالمنديل.
قال الحسني: وقول أحمد، وعبدالله، والقاسم، ومحمد يدل على أن الماء المستعمل طاهر لابأس بشربه.(1/33)
مسألة: الوضوء بالماء المضاف
قال القاسم عليه السلام: كلما زال عنه اسم الماء المفرد المحض بما يغلب عليه من لبن، أو عسل، أو خل، أو حبر، أو تمر، أو زبيب، أو غير ذلك، فلا يجوز الوضوء به ولا التطهر، لزوال اسم الماء عنه، لأن الله تعالى إنما جعل الطهارة بالماء المفرد، فقال: ?وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به? [الأنفال: 11]، وقال: ?وأنزلنا من السماء ماء طهوراً? [الفرقان: 48]، وقال: ?فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً? [النساء: 43]. ولا يتَطَهر إذا عدم الماء المحض إلا بالصعيد كما أمره الله عز وجل. وأما النبيذ فلا يجوز الوضوء به.
وقال محمد: لايجوز الوضوء بلبن، أو بماء ورد، أو خيار، أو بطيخ، أو رمان، أو ما أشبه ذلك - يعني مما اعتصر من ماء الأشجار والأثمار -، وكل شيء زال عنه اسم الماء فلا يُتَوضأ به، لقوله عز وجل: ?فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً? [النساء: 43]، وكذلك الخل لأنه إدام، ذكر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((نعم الإدام الخل))، وكذلك النَّشَاستَج، والزردج لايتوضأ به لانتقال اسم الماء عنه. وقد رخص قوم في الزَّرْدَج، فيتوضأ به ويتيمم، فيكون قد جمع الأمرين. وإذا لم يجد المسافر ماء ومعه نبيذ، فإن كان تمراً قُذِف في سقاء - بمنزلة ماذكر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه توضأ به وقال: ((تمرة طيبة وماء طهور)) - فليتوضأ به ولا يتيمم، وإن كان نبيذاً حلواً حين عصر أو نحو ذلك مما أجمعت الأمة على تحليل شربه، فليتيمم ولا يتوضأ به لانتقال اسم الماء عنه.
قال: وإذا غسل الجنب رأسه بخطمي وماء، ثم جف أجزاه، ولا يعيد غسل رأسه، وإذا غسل الرجل ثوباً بماء من فيه، فأَحَبُّ إلي أن يغسله بماء جديد.(1/34)
مسألة: الماء يقع فيه البصاق والمخاط
قال القاسم عليه السلام: وإذا وقع في الوضوء بصاق أو نخامة، فلا بأس به إذا خرج منه دفقاً أو لقطاً.
وقال محمد: وإذا وقع في ماء الوضوء مخاط أو نخامة، فيقذفه منه ويجزيه الوضوء به، وإن كان يسيراً لايمكن أخذه فلا يضره، وإن وقع فيه بصاق فتفشى فيه توضأ به وتيمم، لموضع الاختلاف.(1/35)