وقال محمد: إذا وقع في الإناء قطرة من دم، أو جنابة، أو شيء من الميتة مثل جلد، أو صوف، أو عظم، أو غير ذلك أفسد الماء غيره أو لم يغيره، ويهراق، ويطهر الإناء، وإن أصابه نضح من الماء الذي غسل به الإناء فلا شيء عليه، وإن قطرت قطرة من خمر في حُبٍّ من ماء أهريق وغسل الحب، وإذا قطر في الإناء قطرات دم فاغتسل به رجل وهو لايعلم فليعد الغسل وليغسل الإناء، وليس عليه أن يغسل ثوبه، وإذا وقع الوزغ في الحب فأخرج حياً أهريق الماء على طريق التقزز، وإن غسل منه ثوب، أو عجن منه فلا يضر، وقد رخص كثير من العلماء في شربه والتوضي به، وإذا كان مع المسافر من الماء مايكفيه لطهوره فوقع فيه وزغ أو عضاية أو فأرة أو نحو ذلك فخرج حياً فليتوضأ به، ثم يتيمم، والتيمم احتياط وليس بواجب، وإن وقع فيه بول، أو قطرة من دم، أو خمر، أو نحو ذلك مما لايختلف الناس أنه لايصلح الوضوء به فليتيمم ويصل، ولا يضره أن لايهريقه، وإن أصابه مايختلف الناس فيه فليهريقه ويتميمم، وإن وقع فيه بصاق فتفشأ فيه توضأ به، وتيمم لموضع الاختلاف، وإن وقع فيه نخامة أو مخاط فليقذفه منه ويجزيه الوضوء به، وإن كان شيئاً يسيراً لايمكنه أخذه فلا يضره، وإن ذرق فيه طائر يؤكل لحمه أو لايؤكل لحمه فليقذفه ويتوضأ منه، فإن تفشأ فلم يمكن أخذه توضأ به، ولا يضر إن شاء الله تعالى، وإذا وقع جراد، أو ذباب، أو نمل، أو قمل، أو براغيث، أو بعوض في حب أو إناء فلا يضر ذلك، وإذا ماتت الحَلَمة في إناء أو حب تنزه عنه.(1/16)
مسألة: في جلود الميتة إذا دبغت.
قال أحمد بن عيسى عليه السلام: لا أرى بأساً بالصلاة في جلود الثعالب وغيرها من السباع إذا دبغت، وأرى دباغها طهورها، للحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وقال الحسن بن يحيى عليه السلام - فيما حدثنا الحسين بن القطان، عن زيد بن محمد، عن أحمد بن يزيد عنه عليه السلام -: ولا أرى أن يصلي في شيء من جلود السباع إذا دبغت، ولا أرى أن تلبس، وسائر الجلود إذا دبغت صلي فيها، ولا يسأل عنها.
وقال الحسن عليه السلام أيضاً - فيما حدثنا محمد بن عبدالله، وزيد بن حاجب، عن زيد بن محمد العامري، عن أحمد بن يزيد عنه عليه السلام -: يكره بيع الجلود إذا اختلط الذكي منها بالميت، ولكن يدبغه وينتفع به، وذلك رخصة، والاحتياط أن لايبيعها، ولا يأكل ثمنها لأنها شبهة.
وقال محمد: إذا لم يجد المسافر إلا ماء في سقاء من جلد ميتة مدبوغ مما أحل الله أكله ففيه اختلاف، قيل: دباغه طهوره، وقيل: لاينتفع من الميتة بإهاب ولاعصب، فيأخذ بالرخصة ويتوضأ به، وإن كان غير مدبوغ، أو كان جلد خنزير أو غيره مما حرم الله أكله - دبغ أو لم يدبغ - فيتيمم، ولا يتوضأ به.
وقال في (المجموع): ومعنى دباغه: غسله بالماء. وقيل: كل شيء دبغ به من تراث أو غيره فهو دباغ.(1/17)
مسألة: إذا وقع في البئر جلد كلب مدبوغ
وعلى قول محمد إذا وقع في البئر جلد كلب مدبوغ، أو كل مذكى. فإنه يفسد الماء، لأن من مذهبه أن جلده لايطهر بالدباغ، وكل مالايطهر بالدباغ من الجلود فإن الذكاة لاتطهره، ولاتطهر شحمه، ولا لحمه. وكذلك الخنزير، والسباع.(1/18)
مسألة: في عظم الميتة وشعرها إذا وقع في الإناء.
قال أحمد بن عيسى عليه السلام: فيما رواه محمد بن فرات - وراق محمد بن منصور وقراءته في كتاب وسماعه من محمد - عن علي بن أحمد، عن أبيه أنه كان لايرأ بأساً بشعر البز. وبكل شعر خلا شعور الناس فإنه ميتة.
وقال القاسم عليه السلام: فيما حدثنا علي بن محمد، عن محمد بن هارون، عن أحمد بن سهل، عن عثمان بن محمد بن حبان، عن عبدالله بن منصور القومسي، قال: سألت القاسم عليه السلام عن جلود الميتة فقال: نكرهها كما نكره عظمها، لأن الذكاة تلزم جلدها، كما تلزم غيره من أعضائها. وسألته عن جلود الثعالب فقال: مكروه، وكذا جاء عن علي عليه السلام.
وقال الحسن بن يحيى - فيما حدثنا حسين بن القطان، عن زيد بن محمد، عن أحمد بن يزيد عنه عليه السلام -: وإنما نهى عن مشط العاج لأنه من الممسوخ.
وقال محمد: إذا وقع في الإناء شيء من الميتة من جلد أو صوف أو عظم - غيَّره أم لم يغيره - فيراق، ويطهر الإناء.
وقال محمد :ولو أن رجلا أخذ شعره فسقطت منه خَصْلة في إناء أو قُلَّة كره له أن يتوضأ منه أو يشرب، وإن وقعت الخصلة في مثل حُبٍّ فيه ماء كثير رجوت أن لايضر إن شاء الله، وإذا تنزه عنه فهو أفضل، وإن وقعت شعرة أو شعرتان أو نحو ذلك في إناء أو قلة فلا يضره، وإن توضأ فانكسر ظفره في الإناء فلا يضره.
وقال محمد: في رواية محمد بن خليد عنه وسئل عن منخل الشعر يعمل من شعر الميتة فلم ير به بأساً.(1/19)
مسألة: في الماء القليل يموت فيه ماليس له نفس سائلة.
قال القاسم، ومحمد: وإذا مات في الإناء أو الحُبِّ ماليس له نفس سائلة لم يفسد الماء مثل العقرب والخنفساء والزنبور وصياح الليل وما أشبه ذلك.
قال القاسم عليه السلام: ولا ينجس ذلك الماء وإن قل.(1/20)