مسألة: الصلاة في السفينة
قال القاسم، ومحمد: يصلي المصلي في السفينة قائماً فإن لم يمكنه صلى قاعداً فإن لم يمكنه صلى على الحالة التي يمكنه ويدور نحو القبلة إذا دارت السفينة.
وقال الحسن عليه السلام - في رواية ابن صباح عنه، وهو قول محمد في (المسائل) -: وإذا كان قوم في سفينة في البحر فحضرت صلاة وضربت الأمواج والرياح، واشتبهت عليهم القبلة، ولم يمكنهم الخروج منها إلى الجد فإنهم يتوجهون القبلة ويصلون قياماً يركعون ويسجدون إن استطاعوا.
قال محمد: وإن شاؤا صلوا جماعة إذا اتفق تحريهم على جهة واحدة، وإن لم يمكنهم أن يركعوا ويسجدوا فليوموا إيماء يجعلون السجود أخفض من الركوع.
قال الحسن، ومحمد: فإن لم يمكنهم القيام صلوا جلوساً يركعون ويسجدون.
قال محمد: وعلى أي حال صلوا فإنهم يتوجهون إلى القبلة يدورون مع القبلة حيث دارت السفينة ينصبون علماً يعرفون به القبلة فأينما دارت السفينة توجهوا إلى القبلة فإن لم يمكنهم ذلك فقد قيل يكبرون أول الافتتاح على القبلة ثم يصلون ولا يضرهم حيث دارت.
قال الحسن، ومحمد: وإن لم يمكنهم السجود صلوا قعوداً يومون إيماء يجعلون السجود أخفض من الركوع، ولا يعودوا لمثل ذلك إلا لما لابد لهم منه.
قال سعدان - فيما أخبرنا زيد، عن هارون، عنه، قال -: سألتأبا جعفر عن المصلي في السفينة إن احتاج إلى أن ينظر إلى السماء. فقال: هذا موضع ضرورة أرجو أن لايكون عليه شيء إن شاء الله تعالى.(1/146)
باب الصلاة وكيفيتها
مسألة: فرض الصلاة
قال محمد: فرض الصلاة عندنا الذي لايزول عن العبد في حال من الأحوال إذا كان معه عقله: القيام في الصلاة لمن استطاع، والتوجه إلى الكعبة لقوله تعالى: ?فولوا وجوهكم شطره?، وينوي حين يتوجه أن توجهه إلى الكعبة، واللباس لقوله تعالى: ?خذوا زينتكم عند كل مسجد? يريد بذلك اللباس والتستر في الصلاة، ولاتجزي صلاة إلا بلباس يواري إلا أن لايقدر على ذلك. والنية، ينوي لصلاة الظهر أنها الظهر يعتقد بنيته حين يكبر التكبيرة الأولى لافتتاح الصلاة. وتكبيرة الافتتاح لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((تحريمها التكبير))، فليس بداخل في الصلاة حتى يكبر. والقراءة في الركعتين، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((كل صلاة بغير قراءة فهي خداج))، والركوع، ورفع الرأس من الركوع حتى يستوي قائماً، والسجود، ورفع الرأس من السجود حتى يستوي قاعداً، ويستتم صلاته كذلك.
وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعن جماعة من أصحابه والتابعين أنهم قالوا : إذا رفع رأسه من آخر سجدة فقد تمت صلاته، وما سوى ماسميناه بعد التكبيرة الأولى من الاستعاذة والاستفتاح وسائر التكبير في الرفع والخفض وسمع الله لمن حمده والتسبيح في الركوع والسجود والتشهد في الركعتين الأوليين وفي آخر الصلاة والتسليم فكل ذلك من سنن الصلاة لاينبغي لأحد أن يتعمد ترك شيء من ذلك.
وبلغنا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((مفتاح الصلاة الطهور)).(1/147)
مسألة: صفة القيام في الصلاة
قال القاسم عليه السلام: يستحب للرجل في صلاته تسكين أطرافه كلها لأنه من الخشوع في الصلاة.
وقال محمد: إذا أردت أن تصلي الفريضة وقصدت إليها فانتصب قائماً متوجهاً إلى القبلة تنوي بذلك الكعبة خاشعاً، قال الله عز وجل: ?قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون?، واجمع قلبك واحضر نيتك لأداء فريضة الله عليك، وتفهم ماتقرأ، ولاتحدث نفسك إلا بالذي أنت فيه من مقامك بين يدي ربك سبحانه، ويكون نظرك في قيامك إلى موضع سجودك، لاتصرف عنه بصرك، وكذلك يكون نظرك في الركوع إلى موضع سجودك أو دونه، ولاتلتفت في شيء من صلاتك، ولاتغمش عينيك، ولاتحد بصرك، كن خاشعاً كما أمر الله عز وجل.
ويكره للمصلي أن يعتمد على إحدى رجليه أكثر من الأخرى في الفرض، وأرجو أن لايكون به بأس في التطوع، وروي عن علي بن الحسين عليه السلام أنه كره أن يتروح في الصلاة وهذا عندنا منه في الفريضة لأنه قد ذكر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان ربما تروح في الصلاة. ووجه ذلك عندنا في التطوع.
ويفرق قدميه قليلا فإن تفريقهما أفضل، رأى علي بن أبي طالب صلى الله عليه رجلا قد ألصق ركبتين وهو راكع فضربه بالدرة.(1/148)
مسألة: الافتتاح بـ(الله أكبر)
كان أحمد، والقاسم، والحسن يفتتحون الصلاة بـ(الله أكبر) ولم يبلغنا عن أحد منهم أجاز أن يفتتح بغير ذلك.
قال القاسم - في رواية داود عنه -: أمر الله العبد إذا أراد الدخول في الصلاة أن يستقبل القبلة في مصلاه فقال: ?وقل الحمدلله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل? ثم أمره أن يكبره، ويفتتح الصلاة بالتكبير، فقال: ?وكبره تكبيراً?، وهو أن يقول: الله أكبر.
وقال محمد: إذا افتتح الصلاة فهلل مكان التكبير سهواً منه فهذا يختلف فيه وأحب إلي أن يفتتح الصلاة بالتكبير كما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((تحريمها التكبير)).
قال محمد - في رواية أحمد الجلال عنه -: سمعت عن جعفر بن محمد أنه قال لرجل: إذا قلت الله أكبر، أيُّشٍ تنوي به؟ قال: أكبر من خلقه. فقال: حددت. قال له الرجل: فماذا أنوي؟ قال: أكبر من أن يوصف.
وعلى قول محمد لايجزي التهليل مكان التكبير لأنه قال: لايجزي الملبي أن يقول مكان التلبية لاإله إلاالله. وأخبرنا بذلك محمد بن عبدالله، عن علي بن عمرو، عنه.
وعلى قول محمد أيضاً لايجزي الرجل أن يكبر بالفارسية وهو يحسن العربية لأنه لم يجز له أن يقرأ بالفارسية وهو يحسن العربية.(1/149)
مسألة: صفة رفع اليدين في التكبيرة الأولى
قال أحمد، والقاسم، والحسن، ومحمد: ومن السنة أن يرفع الرجل يديه في التكبير في أول الصلاة.
قال محمد: رأيت أحمد يرفعهما إلى دون أذنيه ويستقبل بهما القبلة مفرجَةً أصابعه.
وقال إسماعيل بن إسحاق: صليت خلف أحمد عليه السلام فرفع يديه حين افتتح الصلاة فكانتا بحيال وجهه.
وقال القاسم - فيما روى داود عنه -: يرفع يديه إذا كبر حذاء منكبيه أو شحمة أذنيه.
وقال الحسن عليه السلام - في رواية ابن صباح عنه، وهو قول محمد -: يرفعهما حذاء أذنيه مفرجة أصابعه، ولا يجاوز بهما أذنيه ولارأسه، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن ذلك، وقال: ((إن إبليس حين أخرج من الجنة رفع يديه فوق رأسه)).
وقال محمد: وإن كبر ولم يرفع يديه أجزته صلاته، وما أحب له أن يتعمد ذلك.(1/150)