وروى بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام، قال: إذا وقع في البئر كلب، أو فأرة، أو شيء مما له دم، فإن كان الماء قليلاً فانزحه، وإن كان الماء كثيراً فاخرج منه قدر كُرٍّ من ماء.
قال: وإذا سقط الجنب في بئر فارتمس فيها فإن كان ماؤها كثيراً لا ينجس مثله فقد طهر هو، والبئر طاهرة، وإن كان ماؤها قليلاً فينبغي أن تنزح كلها، ويغتسل هو بماء جديد.
وروى سعدان عنه في هذه المسألة قال: إن كان استنجى قبل ذلك فليغتسل بماء غيره أحب إلي، وماء البئر يجزي إن شاء الله، وإن كان لم يستنج قبل ذلك وجب الترك.
وقال محمد - فيما حدثنا حسين بن محمد البجلي، عن محمد بن وليد، عن سعدان عنه في جنب وقع في بئر فاغتسل يعني ولا قذر عليه -: قيل فيها ثلاثة أقوال: قال قوم: طهر ونجست البئر، وقال قوم: نجس ونجست البئر، وقال قوم: طهر والبئر طاهرة إلا أن يكون ثمة خبث.
وقال سعدان في غير هذه الرواية، قال محمد: إذا وقع الجنب في بئر فاغتسل منها وقد كان استنجى قبل ذلك فليغتسل أحب إلي، وماء البئر يجزي إن شاء الله تعالى، وإن كان لم يستنج قبل ذلك نزحت البئر..... استنجى فيه من غائط أو بول، فإن كان ينزح وقتاً بعد وقت فلا بأس به، وإن كان لا ينزح فتوقيه أحب إلي.
وقال في بالوعة يبال فيها أو يستنجي أو يكون فيها عذرة فامتلأت وفاضت من ذلك إلى بئر الماء: فإنه ينزح جميع ما فيها، إلا أن يكون الماء كثيراً لا يدرك فلا يضرها ذلك ما لم يتغير لها طعم، أو ريح، أو لون، وإن أصابها ماء المطر حتى امتلأت وفاضت إلى البئر فقد رخص في ذلك، وإن طهرت بدلاء فحسن.
وقال محمد - فيما حدثنا محمد بن عبدالله، عن ابن عمرو عنه في مثل هذه المسألة -: ما أكثر ما يرخص بنو هاشم في هذا، ويتوقى الإنسان ما أمكنه، فإن لم يمكنه رجع إلى الرخصة.(1/11)
وروى فرات عن محمد - في بئر انخرق إليها بالوعة - قال: ينزح ماء البئر كله، فإن كان كثيراً نزح لكل شبر دلوان. وإذا مات في البئر سلحفاة، أو ضفدع، أو ماله نفس سائلة إذا ذبح فغير من الماء طعماً، أو ريحاً نزحت حتى تطيب، وإن لم يتغير فلا يضرها، إذا كان الماء كثيراً.
وقال محمد - فيما أخبرنا محمد، عن ابن عامر عنه -: والأحوط إذا ماتت السلحفاة في البئر أن ينزح منها مثل ما فيها من الماء.(1/12)
مسألة: إذا تغيرت البئر بحمأة
وإذا تغيرت البئر بحمأة أو نحوها مما لايفسد الماء فإن كانت الرائحة يسيرة فلا بأس أن يتوضأ منه، فإن غلب النتن فلا يتوضأ منها، ,إن لم يجد ماء غيره تيمم، وإذا كان على وجه الأرض ماء راكد نحو كر فوقعت فيه ميتة، أو ماتت فيه دابة فلا يتوضأ منه وإن لم يتغير.
وروى حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( لاتبولوا في الماء الناقع )) .
قال محمد: ولو أن رجلاً أصاب ماء بأرض فلاة نحو كر أو كرين مما ولغت فيه الكلاب، وبالت فيه الدواب فإنه يتيمم ولا يتوضأ منه، إلا أن يكون في الكثرة بمنزلة الغدران والبرك التي تكون بطريق مكة فلا يضر ماولغ فيه من الكلاب والسباع، ولا يضره ماوقع فيه من جيفة مالم يتغير طعمه أو ريحه، وإذا اجتمع ماء المطر في طرق قذرة فلا يتوضأ به وإن كثر، إلا أن يكون مثل الغدران التي تكون في طريق مكة والبرك فلا بأس به لُر الذي جاء.
وروى حديث أبي سعيد قال: انتهينا إلى غدير ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفيه جيفة، فكففنا حتى جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (( إن الماء لاينجسه شيء )) فاستقينا وتوضأنا، وإن كان في خداد، أو في دار، أو سطح، أو طريق نظيف فاجتمع فيه ماء قليل أو كثير فلا بأس بشربه والوضوء منه. وإنما ذكر في الكر والكرين أنه لاينجسه شيء إذا كان في الآبار التي تمدها العيون، ويقال: إن الكر قدر جرتين من جرار تكون بمصر تسع الجرة نحواً من راويتين براوية الجمل، ويقال: إن الكر الذي لاينجسه شيء مثل العيون والأحسا.
قال سعدان، قال محمد: ويقال: إن الكر أربعمائة دلو بدلو تسع عشرة أرطال.(1/13)
قال محمد: وبلغني عن يحيى بن آدم في البئر إذا نجس ماؤها قال: تعلم كم سمك الماء وتمسح البئر فيعرف سعتها فإن كانت ثلاثة أشبار ضربتها في مثلها فصارت تسعة أشبار، ثم تضرب التسعة الأشبار في سمك الماء، فإن كان سمكه سبعة أشبار فذلك ثلاثة وستون شبراً، تنزح لكل شبر دلوين.
وروى عن (( يحيى بن آدم )) قال: إذا تفسخت الفأرة في البئر نزحت، فإن لم يُدْرك ماؤها نزح منها كُرٌّ - أربع مائة دلو بدلو يسع عشرة أرطال -.(1/14)
القول في أحكام الماء القليل في الأواني وغيرها
قال القاسم عليه السلام: لايفسد الماء عندنا إلا ماغيره، وتبين فيه أثره وقذره.
وقال في الوضوء بالماء المُرْوِح: إذا تبين القذر في ريحه، أو لونه، أو طعمه، لم نحب أن يتوضأ به، ولا يتطهر به، ولا بأس بسؤر الكلاب، والسباع، مالم يتغير للماء طعم، أو يبين فيه نتن أو قذر.
قال: وأكره سؤر اليهودي، والنصراني، والمجوسي.
وقال القاسم عليه السلام أيضاً - فيما رواه داود عنه -: وإذا وقع في إناء الوضوء قطرة من خمر، أو دم، أو جيفة فغلب الماء عليه ولم يتغير، ولم يتبين فيه نتن توضأ به.(1/15)