كتاب الطهارة(1/6)
باب طهارة الماء(1/7)
القول في أحكام ماء البئر وما جرى مجراه
قال القاسم عليه السلام: إذا وقع في البئر أو الغدير نجس، أو ميتة، أو ماتت في البئر فأرة، أو دجاجة، فماؤها طاهر، ولا ينجسه شيء من ذلك، إلا أن يتغير له طعم، أو ريح، أو لون. وإذا ماتت الخنافس، والذباب، وأشباه ذلك في البئر فلا بأس بمائها ما لم يتغير.
قال محمد: حضرت القاسم عليه السلام استُقِيَ له من بئر فأصابوا في البئر حمامة ميتة، فأُعْلِم بذلك فقال لغلمانه: انظروا أتغير منها طعم، أو ريح، أو لون؟ فلم يروا تغيراً، فتوضأ منها ولم ينزح منها شيء.
قال الحسن بن يحيى - فيما روى عبدالله بن صباح عنه، وهو قول محمد في (المسائل) -: وإذا وقعت الفأرة في البئر فلم يتغير للماء طعم، ولا ريح، ولا لون، فيستحب أن ينزح منها ما بين ثلاثين دلواً إلى أربعين، وليس ذلك بواجب، وإن تغير للماء طعم، أو ريح، أو لون، نزح جميع ما فيها من الماء، حتى يعود إلى حالته الأولى من الطيب والصفاء.
وقال الحسن أيضاً - فيما حدثنا زيد بن حاجب، عن زيد بن محمد العامري، عن أحمد بن يزيد الخراساني عنه، وهو قول محمد -: وإذا ماتت في البئر فأرة فتغير للماء طعم، أو ريح، نزحت حتى تطيب، فلا يوجد لها طعم، ولا ريح.
قال الحسن عليه السلام: وكذلك القول فيها لو تفسَّخت.
قال الحسني: وهو قول محمد في رواية سعدان. وإذا بال إنسان في البئر قُدِّر ماؤها، فإن كان عرض البئر ثلاثة أشبار، ضربت في ثلاثة فصارت تسعة، ثم ضربت التسعة في سمك الماء كائناً ما كان، ثم نزح منها لكل شبر قدره. وقال محمد: لكل شبر دلوان، وهذا حكم البئر المربعة.
وقال الحسن عليه السلام أيضاً - فيما حدثنا حسين بن أحمد بن القطان، عن زيد بن محمد العامري، عن أحمد بن يزيد الخراساني عنه -: وإذا وقعت السنور ، أو الدجاجة، أو الفأرة في البئر، فتفسخت نزحت، فإن خُبِزَ من ذلك الماء فلا أحب أكل ما عجن من ذلك الماء، ويغس كل شيء أصابه ذلك الماء.(1/8)
قال محمد: وإذا وقع في البئر فأرة، أو جُرّذ ، أو وَزَغ ، أو عظاية - وفي رواية سعدان -: أو حية، أو ما أشبه ذلك فأخرج حياً لم يضرها، وإن أخرج ميتاً ولم يتغير للماء طعم، ولا ريح، ولا لون، فيستحب أن ينزح منها ثلاثون دلواً إلى الأربعين، وليس ذلك بواجب. هذا قول محمد في (الطهارة) و في (المسائل) جميعاً.
وقال في (المسائل): وإذا وقع في البئر طائر، أو دجاجة، أو قنفذ، أو نحو ذلك نزح منها ما بين أربعين دلواً إلى الخمسين بدلو يسع عشرة أرطال.
وروى بإسناده عن الحسن البصري، قال: إذا ماتت الفأرة في البئر، نزح منها أربعون دلواً.
قال محمد: وإذا تغير للماء طعم، أو ريح، أو لون نزح كل ما فيها. وإن كانت العيون تمدها نزح حتى يعود إلى حالته الأولى من الطيب والصفاء.
وروى محمد حديثاً عن أبي البَخْتُري، عن علي رضي الله عنه قال: إذا وقعت الفأرة في البئر فماتت نزحت حتى يغلبهم الماء .
قال سعدان، قال محمد: وإذا كانت البئر ثلاثاً في ثلاث، وأريد أن ينزح ماؤها كله [مُسِح] - يعني: ضرب بعضه في بعض - ونزح لكل شبر دلوان، بدلو يسع عشرة أرطال. حدثنا بذلك حسين البجلي، عن ابن وليد، عن سعدان عنه.(1/9)
قال محمد: وإذا وقع في البئر سنور، فأخرج منها حياً، نزح منها ما بين أربعين دلواً إلى الخمسين، لموضع رجيعه ومباله. وقال كثير من العلماء: لا ينزح منها شيء. وإن أخرج منها ميتاً، قد غير ريحاً أو طعماً، نزح ذلك الماء حتى يعود إلى حالته الأولى. قال ابن عامر، قال محمد: والأحوط أن ينزح منها مثل ما فيها من الماء. وإذا تغير الماء بالنجاسة فتوضأ منه متوضي وصلى، وغسل منه الثياب بعد التغير أعاد الوضوء والصلاة، وغسل الإناء والثياب. وإذا اغتسلت الحائض بماء نجس نحو سور الكلب لم تطهر، وإن هي ألقت عليها ثوباً حين تطهرت به غسلته بماء طاهر. وإذا وقع في البئر قطرة من بول أو جنابة أو خمر أو نحو ذلك فليطهر بدلاء - يعني: ثلاثين، أو ربعين - في رواية سعدان عنه استحباباً.
وروى سعدان أيضاً عن محمد، أنه قال في وقت آخر: تنزح البئر كلها. وكذلك إذا وقع فيها ميتة فأخرجت، طيبت بدلاء، وإن تغير للماء طعم أو ريح أو لون نزحت حتى تطيب.
وإذا بال في البئر إنسان، أو سنور، أو كلب، أو ثعلب، أو غيره من السباع، أو وقع فيها خنزير، أو كلب، أو شيء من السباع فأخرج حياً أو ميتاً، أو صب فيها خمر نزح ماؤها كله إن كانت مما ينتزح مثلها، إلا أن يكون كثيراً غالباً لا يدرك، فينزح منه نحو مائة دلو.
قال محمد: وإذا وقع رجل في بئر فمات، نزح ماؤها كله، إلا أن يكون كثيراً لا يدرك، ويستحب مع هذا أن تُطَيَّب بخمسين أو ستين دلواً، إلا أن يكون مثل البُرْك والغدران فلا يضر في قولهم جميعاً. هذا قوله في (الطهارة)، وهو آخر قوليه، وقد قال قديماً في المجموع: إذا وقع رجل في بئر فمات نزح منها ما بين خمسين دلواً إلى الستين، وإن لم ينزح فلا يضر ذلك.
وقال في (الطهارة): إذا أخرج الكلب من البئر حياً أجزاك أن تنزح منها نحو الخمسين إلى الستين إذا كان الماء كثيراً غالباً.(1/10)