وعلى قول محمد: إن قضاها في هذه الأوقات أعادها لأنه قال: لايصلي على الميت في هذه الأوقات، فإن صلي عليه فيها فلتعد الصلاة عليه في الوقت الذي ينبغي أن يصلى عليه فيه لأن تابع خلاف السنة، وإن فاتته صلاة فذكرها بعد ما صلى الفجر أو بعد ما صلى العصر قضاها ساعة ذكرها، وكذلك إن حضرت جنازة في هذين الوقتين صلى عليها مالم تكن عند طلوع الشمس أو عند غروبها وجائز أن تصلى بعد العصر وبعد الفجر لطوافه فرضاً كان الطواف أو تطوعاً إلا عند طلوع الشمس وعند غروبها، وإذا اخذ المؤذن في إقامة صلاة الفجر أو العصر وفي المسجد رجل قد صلى تلك الصلاة فصلاته معهم تطوعاً أحب إلي من خروجه، وإن فاتته ركعتا الفجر صلاهما بعد صلاة الفجر، وإن شاء بعد طلوع الشمس وإن أصبح وعليه صلاة الليل والوتر وركعتا الفجر بدأ بالوتر ثم ركعتي الفجر ثم صلاة الليل.
وقال محمد - في رواية عبدالجبار عنه، وسئل عن الركوع والوتر قبل الإقامة - فقال: جائز صلى أو ركع ثم أوتر قبل أن يقيم الإمام، كلما فعلت من هذا فواسع.(1/81)
مسألة: من أدرك ركعة من العصر أو ركعة من الفجر فقد أدركها
قال القاسم عليه السلام - وهو معنى قول محمد -: إذا أدرك الرجل ركعة من الفجر قبل طلوع الشمس فقد أدركها، وإن أدرك ركعة من العصر قبل غروب الشمس فقد أدركها وكذلك جميع الصلوات إذا ادرك منها ركعة فقد أدركها، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذكر عنه أنه قال: ((من أدرك من العصر ركعة قبل غروب الشمس فقد أدركها، ومن أدرك من الفجر ركعة قبل طلوع الشمس فقد أدركها)).
قال محمد: ومن أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الجمعة ويتم عليها ركعة أخرى.
مسألة: الصلاة الوسطى ماهي
قال القاسم عليه السلام: في قوله عز وجل: ?حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى? إنما أريد بالوسطى العظمى، كما قال الله عز وجل: ?قال أوسطهم? طريقة.
قال محمد: الصلاة الوسطى هي عندي العصر، وكذلك سمعنا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقال قوم هي الجمعة. وقال قوم: هي الظهر. وقال ابن عباس: الفجر.(1/82)
باب الأذان
قال الحسن بن يحيى: أجمع أبرار العترة وصالحوا المسلمين على أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يزل يؤذن حتى قبضه الله إليه، ولم يزل يؤذن لعلي بن أبي طالب صلى الله عليه وإلى يومنا هذا بإجماع أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فمن ادعى غير ذلك فعليه أن يأتبي البينة وإجماع المسلمين على ما ادعى وإلا فهو باطل.
مسألة: هل أصل الأذان رؤيا رآها رجل أو نزل به الملك على النبي صلى الله عليه وآله وسلم
قال الحسن بن يحيى عليه السلام: سمعنا في الحديث أن الله عز وجل بعث ملكاً من السماء إلى الأرض بالأذان.
وروى محمد بإسناد عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: من جهالة هذه الأمة أن يزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنما علم الأذان من رؤيا رآها رجل وكذبوا والله لما أراد الله أن يعلم نبيئه الأذان جاءه جبريل بالبراق.. وذكر الحديث بطوله.
وعن محمد بن الحنفية عليه السلام أنه قال: ألا تتقون الله عز وجل عمدتم إلى أمر جسيم من أمر دينكم فزعمتم أنه رؤيا رآها رجل في المنام، وذكر حديث المعراج بطوله.
وعن عبدالله بن زيد الأنصاري في الأذان، قال محمد: هذان الحديثان عندي حق: حديث بن الحنفية وحديث عبدالله بن زيد الأنصاري.(1/83)
مسألة: الأذان واجب على الكفاية أم على الأعيان
قال القاسم - فيما حدثنا علي، عن ابن هارون، عن ابن سهل، عن عثمان، عن القومسي، عنه - قال: لابأس بالصلاة بغير أذان ولا إقامة إلا في مسجد جماعة، أو في جماعة، فإن يكن ذلك كذلك فلا بد فيه من الأذان والإقامة.
وقال القاسم عليه السلام - فيما روى داود عنه -: وإذا نسي الرجل الأذان والأقامة حتى دخل في صلاته مضى فيها، ولم يلزمه ذلك فيها.
وقال الحسن عليه السلام - في رواية ابن صباح عنه، وهو قول محمد في (المسائل) -: وإذا كان الرجل في مصر من أمصار المسلمين أو قرية من قرى المسلمين يسمع فيها الأذان والأقامة أجزاه أن لايؤذن ولا يقيم والأفضل أن يؤذن لنفسه ويقيم، وإذا أذن وجعلها إقامة أجزاه، وإن كان مسافراً أو في بدو فأحب إلينا أن يؤذن ويقيم ولا يدع الأذان والأقامة، فإن أعجله أمر فأقام أو أذن وجعلها إقامة أجزاه، وإن صلى بغير أاذن ولا إقامة لم نأمره بإعادة الصلاة، وصلاته جائزة.
وقال محمد: والأذان عندنا سنة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لو اجتمع الناس على تركه لضلوا، والأمة مؤد بعضها عن بعض كالجهاد في سبيل الله مع الإمام العادل تؤديه الأمة بعضها عن بعض، ولو اجتمعوا على تركه لضلوا، وإذا دخل القوم مسجداً قد صُلِّي فيه فليُجَمِّعُوا إن شاؤوا ويجزيهم أذان من أذن فيه وإقامته وإن شاؤوا صلوا وحداناً ويجزيهم أذان من أذن فيه وإقامته، وكل ذلك قد جاء فيه أثر.(1/84)
مسألة: هل يجوز أن يؤذن للصبح قبل دخول وقتها
قال محمد: لايؤذن للفجر إلا بعد دخول وقتها وينبغي للمؤذن في يوم الغيم أن يتثبت في صلاة الفجر حتى يتبين الصبح وهو الضوء الغالب الذي يتبع بعضه بعضاً، فإذا استيقن الوقت فليؤذن.
وروى محمد بإسناد عن أنس أن بلالاً أذن بليل، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((ماحملك على أن تجعل صلاة النهار في صلاة الليل، عد فناد إن العبد نام)) فنادى ثلاثاً: إن العبد نام، فلما طلع الفجر أعاد.
وعن علي صلى الله عليه قال: من أذن قبل الوقت فليعد.
وعن زيد بن علي عليه السلام قال: من أذن قبل الفجر فقد أحل ما حرم الله وحرم ما أحل الله.
قال محمد: يريد أحل صلاة الفجر وهي حرام، وحرم الطعام على الصائم وهو حلال.
مسألة: أذان الأعمى والعبد والصبي والفاسق
قال القاسم عليه السلام: لابأس بأذان الأعمى قد كان ابن أم مكتوم مكفوفاً وكان يؤذن للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وقال الاقسم - فيما روى القومسي عنه -: ولا بأس بأذان الصبي الذي لم يحتلم إذا احسن الأذان.
وقال محمد: لابأس بأذان المملوك واللقيط والخصي والغلام قبل أن يحتلم.
قال محمد: وينبغي أن يكون المؤذن مأموناً لايشرف على حرم المسلمين ولا يطلع إلى ماينبغي له.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((يؤذن لكم قراؤكم ويؤمكم فقهاؤكم))، وبلغنا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((اللهم ارشد الأئمة واغفر للمؤذنين)).(1/85)