مسألة: فضل أول الأوقات على آخرها
قال أحمد بن عيسى: الصلاة عندنا في أول الوقت أفضل، والأمر في ذلك واسع إلى آخر الوقت.
وقال محمد: أحسن مواقيت الصلاة والذي نختاره ما أدركت عليه مشائخ آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأفاضلهم في صلاة الجماعة وغيرها، ثم وصف محمد أوقات صلاتهم فقال: كان أحمد بن عيسى، وعبدالله بن موسى عليهم السلام يصلينا الفجر إذا اعترض الفجر ويغلسان بها، وكان عبدالله يغلس بها حداً.
قال محمد: وأخبرني عبدالله بن موسى عليه السلام، عن ابنه محمد أنه كان يترصد الفجر في مكان مرتفع فلما طلع الفجر وتبينه أذن، ثم دخل البيت فركع ركعتي الفجر ثم أقام وتقدم بنا فقرأ البقرة وآل عمران. قال عبدالله: ثم خرجت فرأيت النجوم.
وكان أحمد بن عيسى، وعبدالله بن موسى عليهما السلام يصليان الظهر إذا زالت الشمس يتطوعان ركعات ثم يصليان الفريضة. كان أحمد عليه السلام يتطوع قبلها ثماني ركعات.
قال محمد: ورأيت أحمد، وعبدالله، وإدريس بن محمد، وغير واحد من مشائخ بني هاشم يصلون العصر بعد قامة بعد الزوال لايكادون يفرطون في ذلك.
قال محمد: وسألت محمد بن علي بن جعفر بن محمد العريضي فذك فيها قريباً من ذلك.
وحدثني أبو الطاهر، عن إبراهيم، ويحيى ابني عبدالله عليهما السلام أنهما كانا يقيسان الشمس لوقت العصر، وذكر نحو القامة. وكان عبدالله يصلي المغرب إذا سقط القرص وتبين دخول الليل قبل أن تستبك النجوم، وكذلك كان احمد عليه السلام أو أمهل قليلا في المغرب.
وكان أحمد، وعبدالله عليهما السلام يصليان العشاء الآخرة إذا غاب الشفق وهو الحمرة قبل أن يغيب البياض.(1/71)


وقال القاسم عليه السلام - في رواية داود عنه -: وسئل عن مواقيت الصلوات الخمس. فقال: اجتز بما عليه جماعة آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لايختلفون فيه، وقد كان بعض آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ما آخر وقت الصلاة إلا كأوله فيما ألزم الله العباد فيه فرضه.
قال محمد: ولا يجب أن تؤخر صلاة الفجر إلى امتحاق النجوم. ذكر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((لاتزال أمتي في فسحة من دينها مالم يؤخروا الفجر إلى امتحاق النجوم والمغرب إلى اشتباك النجوم)).
وروى محمد بإسناده عن عبدالله بن حسن، أنه قال: ما أعرف لأول الوقت على آخره من الفضل شيئاً. ثم قال محمد: ليس هذا على التعمد.
وقال الحسن بن يحيى: الأوقات المختارات للصلوات هي الأوقات التي نزل بها جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحدَّها له في الأخبار المشهورة عنه عليه السلام وعلمها.
قال محمد: سألت أبا عبدالله أحمد بن عيسى عليه السلام عن قوله تعالى: ?أقم الصلاة لدلوك الشمس?. قال: زوالها. قلت: إنه يروى عن ابن مسعود أنه قال: دلوكها: غروبها. قال: دلكت براح. فقال أبو عبدالله: تدري مامعنى دلكت براح؟ قال، قلت: ماهو؟ قال: كان الراعي يطلب إبله أو غنمه فلما زالت الشمس ستر بصره براحته - ووضع أبو عبدالله راحته فوق حاجبه ورفع رأسه - وقال، قال الراعي:
ثبتت قدما رباح دنت حتى دلكت براح
قال أبو عبدالله: أراد منه طلعت حتى دلكت براح، يقول: حتى زالت، ولكن العرب قد تخفف ربما تسقط الشيء كان يطلب غنمه أو إبله منذ طلعت الشمس حتى زالت.(1/72)


مسألة: الجمع بين الصلاتين في السفر
قال محمد: سألت أحمد بن عيسى، وعبدالله بن موسى، وعبيدالله بن علي، والقاسم بن إبراهيم، ومحمد بن علي بن جعفر بن محمد عليه السلام، وأبا الطاهر عليهم السلام: عن جمع الصلاتين في السفر، الظهر والعصر إذا زالت الشمس، فلم يروا به بأساً.
وقال عبدالله بن موسى: هو عمل يعني اتباعاً.
وقال عبيدالله بن علي: مازلنا نفعله.
وقال أحمد عليه السلام: ما أبالي إذا جمعتهما في أول الوقت أو في آخره.
وحدثني علي، ومحمد ابنا أحمد بن عيسى عليهم السلام عن أبيهما أنه كان يجمع الصلاتين في السفر الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، فسألت علياً: متى كان يجمعهما؟ قال: يخر الظهر ويؤخر المغرب.
وحدثني يحيى بن عبدالله بن موسى، قال: صليت مع أبي في سفر قصر الظهر والعصر حين زالت الشمس.
قال محمد: وحدثني إبراهيم بن عيسى بن قيس، قال: كنت لا أجمع الصلاتين حتى صحبت عبدالله بن موسى مدة أربعين ليلة في السفر، قال: كنت أنتظر الزوال فأرسل عبدالله بن موسى إلى النساء صلين العصر فأنا أجمع حتى الآن.
قال محمد: وسألت أحمد بن عيسى، وعبدالله بن موسى، وعبيده بن علي، وأبا الطاهر عليهم السلام عن جمع المغرب والعشاء لمن احتاج إلى جمعهما قبل أن يغيب الشفق أو بعد؟ قالوا: بعد.
وسألت القاسم بن إبراهيم عليه السلام عن ذلك فقال: قبل وبعد.
وأخبرني جعفر عن القاسم قال: يجمع المسافر بين الظهر والعصر إذا زالت الشمس، وبين المغرب والعشاء إذا غربت الشمس لأن الله عز وجل يقول: ?أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل?، وإن أخرهما فواسع، قد جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أنه قدم من سَرِف حين غربت الشمس فأخر المغرب فلم يصلها حتى بلغ مكة، وبينهما عشرة أميال وهو لم يبلغ حتى اظلم وبعد.(1/73)


وقال الحسن عليه السلام: والجمع بين الصلاتين رخصة فسحها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لئلا تبطل صلاة أمته. وأحب الأمور إلينا إذا كان في الحضر أن يلزم الأوقات التي نزل بها جبريل عليه السلام، وإن صلى مصل في الأوقات التي فسحها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في السفر والحضر لم يضيق عليه من ذلك ماوسع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى الظهر والعصر بعرفة بأذان واحد وإقامتين وجمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة بعد أن سار أربعة أميال على التئد وغاب الشفق، ودخل وقت العشاء الآخرة.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان إذا كان في سفر فزالت الشمس وهو في المنزل صلى الظهر والعصر ثم ارتحل، وإذا ارتحل قبل أن تزول الشمس آخر الظهر حتى يبرد النهار ثم يجمع بين الظهر والعصر، وكان يؤخر المغرب إلى قريب من وقت العشاء ثم يصلي المغرب، ثم يقضي حاجته، ثم يصلي العشاء الآخرة إذا غاب الشفق، وهو الحمرة.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه جمع بين الظهر والعصر بالمدينة من غير علة، وجمع بين المغرب والعشاء في غير وقت معلوم. وقال: ((لئلا تحرج أمتي)).
ويروى من حديث جعفر بن محمد عليه السلام أنه كان ربما صلى العصر على أربعة أقدام بعد الزوال. وروى الحديث المشهور عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جمع بين الصلاتين بالمدينة من غير علة، وقال: ((لاتحرج أمتي)).
قال: إن هذا الحديث كان قبل نزول جبريل.
وقال محمد: الذي نأخذ به في جمع الصلاتين في الظهر والعصر في السفر إن شاء بعد زوال الشمس، وإن شاء في آخر وقت الظهر، كل ذلك جائز، وأما جمع المغرب والعشاء فأحب إلينا أن يؤخر المغرب إلى آخر وقتها ويصلي العشاء في أول وقتها فإن لم يمكنه ذلك فجائز عندنا أن يجمعهما بعد مغيب الشفق.(1/74)


وروى محمد بإسناده عن معاذ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل زوال الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر ويصليهما جميعاً ثم سار، وكان إذا ارتحل قبل غروب الشمس أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء، وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب.(1/75)

15 / 200
ع
En
A+
A-