وجملة قول محمد أن كل نجاسة لها عين مرئية فينبغي أن تزال عينه، وإن لم تكن له عين مرئية فطهارته أن يُغسَل ثلاث غسلات فصاعداً.
قال محمد: وإذا غسل الرجل ثوبه بماء من فيه فأحَبُّ إلي أن يغسله بماء جديد، وعلى قول محمد هذا إذا غسل الثوب أو غيره بماء ورد أو خل، أو ما أشبه ذلك فيستحب أن يعاد غسله بماء جديد.
وإذا وطئ على جيفة أو عذرة يابسة أو بول مكانه يابس فلا يضره، وإن كانت رجله أو النجاسة رطبة غسل رجله.
وقد ذكر عن علي صلوات الله عليه أنه قال: إذا جفت الأرض فقد طهرت.
وروى محمد بإسناد عن صفوان بن سُليم قال: سئل النبي صلوات الله عليه وآله عن العذرة اليابسة يطأها الإنسان فقال: ((التراب يطهر كل ذلك)).
وروي عن ابن عباس قال: من وطيء على عذرة يابسة فلا يضره، وإن كان رطباً غسله.
وكذلك إذا أصاب الثوب جلد كلب وكان الثوب أو الكلب رطباً فاغسل ما أصاب الثوب، وإن كانا يابسين فلا يضر إن شاء الله.
وكذلك ما أشبهه من السباع، إلا السِّنَّور فإنها إذا ابتلّت بالماء ثم أصابت ثوباً أو جسداً لم يضره.
وقال عثمان بن حكيم: إذا كان جلد الكلب والثوب يابسين فرش الثوب.
وروى محمد عن زيد عليه السلام قال: إذا اجتنبت في الثوب فالتمسته فلم تجد شيئاً فلا تنضحه فإنه يزيده وصل، وإن استيقنت أنه قد أصابه فاغسل أثره إن قدرت عليه وإلا فاصبغ الثوب في الماء.
قال محمد: وإن أصاب الثوب بول أو عذرة أو جنابة ثم جف، ثم تندَّى بماء أو غيره، ثم أصابته يدك فاغسلها. وإذا غُسل الثوب ثم جفف على موضعٍ قذر فليغسل، وإن وقعت عذرة يابسة على باريَّة رطبة فلم يلتزق بالبارية شيء منها لم يضر إن شاء الله.(1/46)


قال: والكلب والأسد والخنزير والقرد والذئب والنمر والثعلب وابن آوى، وكل ذي ناب من السبع مكروه ما أصاب الثوب أو الجسد من نثرهم أو لعابهم أو عرقهم. وكذلك سؤر الفأرة وابن عِرْس، وقد قيل أيضاً: إن الفيل يكره منه مايكره من كل ذي ناب من السبع. وأما الضبع فقد اختلف فيه، وتوقيه أحسن. وكذلك يغسل ما أصاب الثوب أو الجسد من بول هؤلاء جميعاً ورجيعهم. وإن أصاب الثوب أو غيره خر الفأر فإن كان رطباً غسل موضعه، وإن كان يابساً فلا يضر.
وروى محمد بأسانيده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه بال جالساً واستتر بهيئة الدرقة، فقال عمرو بن العاص: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليبول جالساً كما تبول المرأة، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((أما علمتم مالقي صاحب بني إسرائيل؟ كانوا إذا أصابهم البول قرضوه بالمقاريض فنهاهم عن ذلك فعذب في قبره)).
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يبول جالساً ويفرق بين رجليه، فقال له رجل: لقد شق عليك.
وعنه عليه السلام قال: ((استنزهوا عن البول فإن عامة عذاب القبر من البول)).
وعن علي صلى الله عليه قال: ((عذاب القبر من ثلاث: من البول، والدين، والنميمة)).
وعن أبي جعفر عليه السلام: إني آمر بالمبولة أن توضع في الداخل أو يكون بيني وبينها ستر.(1/47)


مسألة: الدم يصيب الثوب أو الجسد
قال القاسم عليه السلام فيما حدثنا علي، عن محمد، عن أحمد، عن عثمان بن محمد، عن القومسي، قال: سألت القاسم عليه السلام ماترى فيمن رأى في ثوبه دماً وهو يصلي؟ قال: إن كان دماً كثيراً مما يعلم أنه يسيل لو تركه ابتدأ صلاته ابتداء، وإن كان كدم البراغيث والبعوض والبق مما لايسيل ولا يقطر طرح الثوب الذي كان عليه إن كان عليه ثوب غيره، ومضى في صلاته، وإن صلى فيه وليس هو مما يسيل ولا يقطر فلا بأس بصلاته.
وقال القاسم عليه السلام فيما رواه داود عنه، في دم الحيض يصيب الثوب، قال: يُغسَل من الثوب الموضع الذي أصابه لا الثوب كله، إلا أن يكون أصاب مواضع كثيرة يشتبه تتبعها.
وسئل عن دم البراغيث والذباب والبق، القليل منه والكثير، فقال: كل دم كان من ذي دم لم يسل ولم يقطر، أو يتبين له أثر فيرى ويبصر فلا بأس به، وإن ظهر من ذلك في ثوب أو بدن قليلا كان أو كثيراً غسل، وأعيدت منه الصلاة كما تعاد من قليل العذرة والبول وكثيرهما.
وقال الحسن عليه السلام: وإذا أصاب الثوب دم قليل أو كثير فأحب إلي أن تغسله.
وقال محمد: إذا أصاب الثوب دم أو قيح أو صديد، فإن كان يسيراً فلا بأس أن يصلى فيه. وإن كان فيه قطرة من دم فغسله أحب إلي. وإن كان في الثوب أقل من قدر الدرهم الكبير دم أو قيح أو صديد فغسله أحب إلي، وإن صلى فيه فجائز.
وقال: إن صلى فيه ولا يعلم غَسَله، ولم يعد الصلاة.
وروى بإسناده عن زيد عليه السلام، قال: إذا كان في ثوبك قدر الدرهم فلا بأس، وغسله أحسن، وإن كان نكتاً فلا يضر، وإن كان أكثر من الدرهم فاغسله ولاتعد.
وروي عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا رأيت في ثوب أخيك دماً وهو يصلي فلاتخبره حتى ينصرف.
وعن أبي جعفر عليه السلام قال: لاتعاد الصلاة من نضح دم، ولابول.(1/48)


قال محمد: وإن أدخل يده في أنفه فخرج عليها دم ليس بِعَادٍ، فإن غسلها فحسن، وإن مسح يده بالتراب وصلى، فقد جاءت فيه رخصة. وإن خرج من أنفه أو من بثره دون القطرة؛ فإن غسله فحسن، وإن لم يفعل فلا بأس.
وروى بإسناده عن علي عليه السلام، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((توضأ، ثم أمس إبهامه أنفه فإذا دم، فأعاد مرة أخرى فلم ير شيئاً، وجف ما في إبهامه، فأهوى بيده إلى الأرض فمسحه ولم يحدث وضوءاً، ومضى إلى الصلاة)).
وإن صلى وفي ثوبه مقدار الدرهم الكبير دماً - وقال في الطهارة أكثر من مقدار الدرهم - متفرقاً أو مجتمعاً، ولم يعلم به قبل ذلك غسله، وأعاد الصلاة، هذا قوله في (المسائل). وقال في (الطهارة): غَسَله وأعاد الصلاة، إن كان علم به قبل خروج وقت تلك الصلاة، وإن علم به بعد خروج وقتها فلا إعادة عليه، وإن كان قد علم به ثم نسي فصلى فيه، فليغسله، وليعد الصلاة.
قال: ودم الحيض - إذا أصاب الثوب - مِثْلُ غيره من الدم، يغسل كثيره وقليله، وإذا نضح الجرح ماء ليس فيه دم، ولاقيح، ولاصديد فلاشيء فيه، وإن أصاب ثوباً فلا يضره.(1/49)


مسألة: في الدم يصيب الجسد
قال علي بن حسن، قال محمد - في الدم يصيب الجسد - قال: الجسد والثوب عندي سواء في الدم والبول، يغسل قليله وكثيره.
قال الحسن ومحمد - وهو قول القاسم عليه السلام -: وإذا أصاب الثوب دم البراغيث والبق والقمل والبعوض فلا يضره، والصلاة فيه جائزة.
قال محمد: وإذا أصاب ذلك الثوب أو الجسد فلا يضر وإن كثر، وإن غسل فحسن، فإن فرك قملة أو قملاً بعدما تطهر، فإن كان بقربه ماء غسل أثره، وإن لم يفعل ففيه رخصة. وإذا كان برجل جرح فأصاب ثوبه دم، أو قيح ولم يمكنه ثوب غيره فإنه يصلي فيه. وإذا اغتسل رجل من إناء قد قطرت فيه قطرات دم أعاد الغسل، وغسل الإناء، وليس عليه أن يغسل ثوبه.
وقال محمد - فيما حدثنا به ابن غزال في (السيرة) لنوح، عن ابن عمرو عنه -: وقد رخص في الصلاة في الثوب والسيف وعليهما الدم - يعني في الحرب.
وقال محمد، فيما حدثنا الحسين بن محمد، عن محمد بن وليد، عن سعدان، قال: سألته عن الثوب يُصلى فيه وفيه مثل الدرهم الصغير من الدم، أو الجنابة، فقال: ليس عليه شيء، فقلت: فيغسله إذا علم به؟ قال: نعم. قلت: فالمذي يصيب الثوب منه مقدار العدسة أو الحمصة لايمكن غسله في كل وقت؟ فقال: أرجو أن لايكون به بأساً، وقال: إن دين الله أوسع، وأومى إلي أن لاعليه إن لم يغسله وتركه.
وقال ابن عبدالجبار: سئل محمد عمّن به دماميل يتأذى كلما غسلها، فقال: أرجو أن يكون له فسحة إذا لم يضبطها.(1/50)

10 / 200
ع
En
A+
A-