جاء رجلٌ إلى محمد بن الحَنَفِيَّةِ فقال له بلغنا أَنَّ الأذانَ إنما هو رؤيا رآها رجلٌ من الأنصار، فقَصَّها على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، فأمر بلالاً فأذَّنَ بتلك الرؤيا ! فقال له محمدُ بن الحنفية: إِنَّما يقول بهذا الجاهلُ من الناسِ، إِنَّ أمرَ الأذانِ أعظمُ من ذلك، إنَّه لما أسري برسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم؛ فانْتُهِيَ به إلى السماء السادسة، جمع اللّه له ما شاء مِنَ الرُّسل والملائكة، فنزل ملكٌ لم ينزل قبل ذلك اليوم ، عرفتِ الملائكةُ أَنَّه لم ينزل (1) إلا لأمر عظيم، فكان أولُ ما تكلم به حين نزل، قال: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. فقال اللّهُ عَزَّ وجَلَّ: أنا كذلك، أنا الأكبر لاشيء أكبر مني، ثُمَّ قال: أشهد ألاّإله إلا اللّه. فقال اللّه: أنا كذلك، لاإله إلا أنا، ثُمَّ قال: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ. فقال اللّه: نعم هو رسولي بعثته برسالتي وائتمنته على وحيي (2)، ثُمَّ قال: حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ. فقال اللّه: أنا افترضتها على عبادي وجعلتها لي رضا، ثُمَّ قال: حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ. فقال اللّه: قد أفلح من مشى إليها وواظب عليها ابتغاء وجهي. ثُمَّ قال: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ. فقال اللّه: هي أزكا الأعمال عندي، وأحبها إلي، ثُمَّ قال: قد قامت الصلاةُ. فأمَّ رسولُ اللّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَنْ كان عنده من الرُّسُل والملائكة، وكان المَلَكُ يؤذن مثنى مثنى، وآخر أذانه وإقامته: لاإله إلااللّه. وهو الذي ذكر اللّه في كتابه: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4] (3)
__________
(1) ـ في (ج): أنه أمر لم ينزل.
(2) ـ في (ج): وائتمنته عليها.
(3) ـ أخرج نحوه الإمام الحافظ محمد بن منصور المرادي في الأمالي 1/193 (232) ( رأب الصدع) قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: حدثنا أبو العلاء، قال: قلت لمحمد بن علي: يا أبا القاسم.. ثم ذكر نحوه. وقال البخاري في التاريخ 1/253 في ترجمة محمد بن نشر الهمداني: (حدثنا النفيلي، حدثنا عفيف بن سالم، عن أبي الحزور الغنوي، عن محمد بن نشر سمع ابن الحنفية عن النبي (ص) في الأذان). وأورد الرواية بمعناها الحلبي في السيرة الحلبية 2/300.(2/12)


.
قال محمد بن الحنفية: فتمَّ له يومئذ شرفه على الخلق. ثُمَّ نزل؛ فأمر أَنْ يؤذَّن بذلك الأذان. ... [7]
(15) حدثنا الحسين بن محمد بن الحسن [المُقْرِئ]، حدثنا علي بن الحسين بن يعقوب، أخبرنا أحمد بن عيسى العِجْلِي، حدثنا جعفر بن عَنْبَسة اليشكري ، حدثنا أحمد بن عمرالبَجَلي، حدثنا سلام بن عبد اللّه الهاشمي، عن سفيان بن السِّمْط، عن جعفر بن محمد، عن أبيه،
عن جده قال: أولُ من أذَّنَ في السَّمّاءِ جبريلُ عليه السلام حين أسريَ بالنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، قال، فقال: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. فقالت الملائكةُ: اللَّهُ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِه.
فقال: أَشْهَدُ ألاّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ أَشْهَدُ ألاّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فقالتِ الملائكةُ: ونحن نَشْهَدُ ألاّإله إلا اللَّه.
فقال: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ. فقالت الملائكة: عبد بُعِثَ.
فقال جبريل: حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ. فقالت الملائكة: أُمِرَ القومُ بالصلاة، فقال: حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ. فقالت الملائكة: أفلح القوم.
فقال: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ، حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ. فقالت الملائكة: أُمِرَ القومُ بخير العمل. وأقام الصلاة.(2/13)


فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: ياجبريلُ، تقدَّم صلِّ بنا. فقال جبريلُ: يامحمدُ، إنَّ اللّه عز وجل أمرنا أَنْ نسجُدَ لأبيك آدم، فلَسْنا نتقدم ولَدَهَ، فتقدم رسولُ اللّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فصلى بالملائكةِ (1). ... [8]
(16) حدثناالحسين بن محمد بن الحسن الخزاز، حدثنا علي بن الحسين بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عيسى العِجْلِي العَطَّار، حدثنا جعفر بن عنبسة اليشكري، حدثنا أحمد بن عمر البَجَلي، حدثنا سلام بن عبد اللّه الهاشمي، عن سفيان بن السمط، عن جعفر بن محمد، عن أبيه،
عن جده، قال: أوَّلُ من أذَّنَ في السَّماء جبريلُ حين أسريَ بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قال، فقال: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ.. فذكره إلى قوله: حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ، فقالت الملائكة: أُمِرَ القومُ بخير العملِ، وأقام الصلاة.وقال، فقال جبريل: يا محمدُ، إِنَّ اللّه أمرنا بالسجود (2) لأبيك آدم، فلسنا نتقدم ولده، فتقدم رسول اللّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فصلى بالملائكة (3). ... [143]
__________
(1) ـ أخرج نحوه الإمام علي بن موسى الرضا في الصحيفة 448 (المطبوعة مع مسند الإمام زيد)، 65 (115) (المفردة بتحقيق محمد مهدي نجف) عن آبائه، ولم يستكمل فيها الرواية. وأخرجه والبزار 2/146 (508) من طريق أبي الجارود عن محمد بن علي الباقر وأسقط منه: حي على خير العمل. وذكر المقبلي في المنار 1/145 أنه رواه الطبراني في الأوسط. وأورده في تاريخ الخميس وفيه لفظ: حي على خير العمل. أفاد ذالك في هامش الصحيفة.
(2) ـ في (ج): أن نسجد.
(3) ـ هذه الرواية مثل الرواية التي قبلها، إلا أن السابقة أكمل من هذه.(2/14)


(17) حدثنا عبد اللّه بن مجالد البَجَلي، أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد [بن عُقْدَة، حدثني محمد بن عمرو بن عثمان، حدثنا محمد بن سنان، حدثنا عمار بن مروان، عن المُنَخَّل، عن جابر قال:
سألت أبا جعفر عن الأذان كيف كان بِدْؤُه ؟ قال: إِنَّ رسولَ اللّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أسري به إلى السماء نزل إليه جبريلُ ومعه مَحْمَلة مِنْ محاملِ الرَّب تبارك وتعالى، فحَمَل عليها رسولَ اللّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فصعد به إلى السماء ، واجتمعوا فأُمِرَ جبريلُ فقام فأذن، فقال: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ ألاّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ، حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ . ثُمَّ أمره فأقام الصلاة، ثُمَّ أمر رسول اللّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فصلى بهم(1) ... [9]

****

ما روي في أن أفضل الأعمال الصلاة (2)
__________
(1) ـ احتج للقول بأن الأذان شرع ليلة الإسراء غير واحد ووسع في ذلك الشهيد محمد بن صالح السماوي في كتابه الغطمطم الزخار، الجزء الثاني/ القسم الرابع 458 ومابعدها.
(2) ـ الفائدة من إيراد هذه الروايات هنا التأكيد على كون الصلاة خير الأعمال وأفضلها بنص رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، فلا داعي لإسقاطها خوفا على مستقبل الجهاد.

... ... قال شيخنا السيد العلامة بدر الدين الحوثي في (تحرير الأفكار) 508 ما لفظه: فيه فائدتين: الأولى : التقريب لثبوت الرواية بالأذان بها، لثبوت صحة معناها ، فهو يقرب إلى صدق الرواية ، لأن الترغيب العظيم بكلمة واحدة جامعة مظنة أن يصدر في الدعوة للصلاة . الفائدة الثانية: أنه اشتهر عن عمر أنه منع الأذان بحي على خير العمل لئلا يتكل الناس عن الجهاد، فقد يتوهم من ذلك أن الجها أفضل، فيكون في إيراد الرواية دفع لهذا الوهم أهـ.(2/15)


رواية أبي عمرو الشيباني عن ابن مسعود
(18) حدثنا محمد بن الحسين التَّيْمُلي، حدثنا علي بن العباس البَجَلي، حدثنا عَبَّاد بن يعقوب.
وأخبرنا أحمد بن إبراهيم بن سلمة الكهيلي، حدثنا محمد بن الحسين الأَشْنَاني، حدثنا عَبَّاد بن يعقوب الأسدي، حدثنا عَبَّاد بن العوام، عن الشيباني، عن الوليد [بن العَيْزَار]، عن أبي عمرو الشيباني،
عن ابن مسعود أَنَّ رجلا سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ ؟ قال: (( الصَّلاَةُ لِوَقْتِهَا، ثُمَّ بِرُّ الوَالِدَيْنِ، ثُمَّ الجِهَادُ فِي سَبِيْلِ اللَّهِ )).
هذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه (1)، عن عَبَّاد بن يعقوب بهذا
الإسناد. ... [28]
(19) أخبرنا أبو عبد اللّه أحمد بن علي بن العَطَّار قراءة، حدثنا أحمد بن جعفر بن أصْرم، حدثنا علي بن منذر، حدثنا ابن فُضَيل، حدثنا أبو بشر،
عن أبي عمرو الشيباني قال: سُئِلَ رسول اللّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ ؟ قال: (( الصَّلاَةُ لِوَقْتِهَا، ثُمَّ بِرُّ الوَالِدَيْنِ، ثُمَّ الجِهَادُ فِي سَبِيْلِ اللَّهِ )) (2). ... [29]
(20) حدثنا محمد بن عبد اللّه الجُعْفِي، ومحمد بن [الحسين بن] غَزَّال قراءة، قال: حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد بن عمرو الجبان (3)، حدثنا أبو بكر محمد بن صالح، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا مالك ـ يعني بن مغول ـ عن طلحة [بن مصرف]، عن أبي عمرو الشيباني، قال:
__________
(1) ـ صحيح البخاري 9/278 عن عباد، به. وسيأتي بطرق كثيرة.
(2) ـ سيأتي رقم (30) من طريق يحيى بن سليمان عن ابن فضيل.
(3) ـ تصحف في النسخ إلى: علي بن أحمد بن عمرو الحسني.(2/16)

9 / 40
ع
En
A+
A-