نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (348)
بِالْإِقْتَارِ فَأَسْتَرْزِقَ طَالِبِي رِزْقِكَ وَأَسْتَعْطِفَ شِرَارَ خَلْقِكَ وَأُبْتَلَى بِحَمْدِ مَنْ أَعْطَانِي وَأُفْتَتَنَ بِذَمِّ مَنْ مَنَعَنِي وَأَنْتَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ كُلِّهِ وَلِيُّ الْإِعْطَاءِ وَالْمَنْعِ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.
226- ومن خطبة له ( عليه السلام ) في التنفير من الدنيا :
دَارٌ بِالْبَلَاءِ مَحْفُوفَةٌ وَبِالْغَدْرِ مَعْرُوفَةٌ لَا تَدُومُ أَحْوَالُهَا وَلَا يَسْلَمُ نُزَّالُهَا أَحْوَالٌ مُخْتَلِفَةٌ وَتَارَاتٌ مُتَصَرِّفَةٌ الْعَيْشُ فِيهَا مَذْمُومٌ وَالْأَمَانُ مِنْهَا مَعْدُومٌ وَإِنَّمَا أَهْلُهَا فِيهَا أَغْرَاضٌ مُسْتَهْدَفَةٌ تَرْمِيهِمْ بِسِهَامِهَا وَتُفْنِيهِمْ بِحِمَامِهَا وَاعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّكُمْ وَمَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا عَلَى سَبِيلِ مَنْ قَدْ مَضَى قَبْلَكُمْ مِمَّنْ كَانَ أَطْوَلَ مِنْكُمْ أَعْمَاراً وَأَعْمَرَ دِيَاراً وَأَبْعَدَ آثَاراً أَصْبَحَتْ أَصْوَاتُهُمْ هَامِدَةً وَرِيَاحُهُمْ رَاكِدَةً وَأَجْسَادُهُمْ بَالِيَةً وَدِيَارُهُمْ خَالِيَةً وَآثَارُهُمْ عَافِيَةً فَاسْتَبْدَلُوا بِالْقُصُورِ الْمَشَيَّدَةِ وَالنَّمَارِقِ الْمُمَهَّدَةِ الصُّخُورَ وَالْأَحْجَارَ الْمُسَنَّدَةَ وَالْقُبُورَ اللَّاطِئَةَ الْمُلْحَدَةَ الَّتِي قَدْ بُنِيَ عَلَى(1/348)


نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (349)
الْخَرَابِ فِنَاؤُهَا وَشُيِّدَ بِالتُّرَابِ بِنَاؤُهَا فَمَحَلُّهَا مُقْتَرِبٌ وَسَاكِنُهَا مُغْتَرِبٌ بَيْنَ أَهْلِ مَحَلَّةٍ مُوحِشِينَ وَأَهْلِ فَرَاغٍ مُتَشَاغِلِينَ لَا يَسْتَأْنِسُونَ بِالْأَوْطَانِ وَلَا يَتَوَاصَلُونَ تَوَاصُلَ الْجِيرَانِ عَلَى مَا بَيْنَهُمْ مِنْ قُرْبِ الْجِوَارِ وَدُنُوِّ الدَّارِ وَكَيْفَ يَكُونُ بَيْنَهُمْ تَزَاوُرٌ وَقَدْ طَحَنَهُمْ بِكَلْكَلِهِ الْبِلَى وَأَكَلَتْهُمُ الْجَنَادِلُ وَالثَّرَى وَكَأَنْ قَدْ صِرْتُمْ إِلَى مَا صَارُوا إِلَيْهِ وَارْتَهَنَكُمْ ذَلِكَ الْمَضْجَعُ وَضَمَّكُمْ ذَلِكَ الْمُسْتَوْدَعُ فَكَيْفَ بِكُمْ لَوْ تَنَاهَتْ بِكُمُ الْأُمُورُ وَبُعْثِرَتِ الْقُبُورُ هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ.
227- ومن دعاء له ( عليه السلام ) يلجأ فيه إلى اللّه ليهديه إلى الرشاد :
اللَّهُمَّ إِنَّكَ آنَسُ الْآنِسِينَ لِأَوْلِيَائِكَ وَأَحْضَرُهُمْ بِالْكِفَايَةِ لِلْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ تُشَاهِدُهُمْ فِي سَرَائِرِهِمْ وَتَطَّلِعُ عَلَيْهِمْ فِي ضَمَائِرِهِمْ وَتَعْلَمُ مَبْلَغَ بَصَائِرِهِمْ فَأَسْرَارُهُمْ لَكَ مَكْشُوفَةٌ وَقُلُوبُهُمْ إِلَيْكَ مَلْهُوفَةٌ إِنْ أَوْحَشَتْهُمُ الْغُرْبَةُ آنَسَهُمْ ذِكْرُكَ وَإِنْ صُبَّتْ عَلَيْهِمُ الْمَصَائِبُ لَجَئُوا إِلَى الِاسْتِجَارَةِ بِكَ عِلْماً بِأَنَّ أَزِمَّةَ الْأُمُورِ بِيَدِكَ وَمَصَادِرَهَا عَنْ قَضَائِكَ(1/349)


نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (350)
اللَّهُمَّ إِنْ فَهِهْتُ عَنْ مَسْأَلَتِي أَوْ عَمِيتُ عَنْ طِلْبَتِي فَدُلَّنِي عَلَى مَصَالِحِي وَخُذْ بِقَلْبِي إِلَى مَرَاشِدِي فَلَيْسَ ذَلِكَ بِنُكْرٍ مِنْ هِدَايَاتِكَ وَلَا بِبِدْعٍ مِنْ كِفَايَاتِكَ اللَّهُمَّ احْمِلْنِي عَلَى عَفْوِكَ وَلَا تَحْمِلْنِي عَلَى عَدْلِكَ.
228- ومن كلام له ( عليه السلام ) يريد به بعض أصحابه :
لِلَّهِ بَلَاءُ فُلَانٍ فَلَقَدْ قَوَّمَ الْأَوَدَ وَدَاوَى الْعَمَدَ وَأَقَامَ السُّنَّةَ وَخَلَّفَ الْفِتْنَةَ ذَهَبَ نَقِيَّ الثَّوْبِ قَلِيلَ الْعَيْبِ أَصَابَ خَيْرَهَا وَسَبَقَ شَرَّهَا أَدَّى إِلَى اللَّهِ طَاعَتَهُ وَاتَّقَاهُ بِحَقِّهِ رَحَلَ وَتَرَكَهُمْ فِي طُرُقٍ مُتَشَعِّبَةٍ لَا يَهْتَدِي بِهَا الضَّالُّ وَلَا يَسْتَيْقِنُ الْمُهْتَدِي.
229- ومن كلام له ( عليه السلام ) في وصف بيعته بالخلافة :
قال الشريف : وقد تقدم مثله بألفاظ مختلفة.
وَ بَسَطْتُمْ يَدِي فَكَفَفْتُهَا وَمَدَدْتُمُوهَا فَقَبَضْتُهَا ثُمَّ تَدَاكَكْتُمْ عَلَيَّ تَدَاكَّ الْإِبِلِ الْهِيمِ عَلَى حِيَاضِهَا يَوْمَ وِرْدِهَا حَتَّى انْقَطَعَتِ(1/350)


نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (351)
النَّعْلُ وَسَقَطَ الرِّدَاءُ وَوُطِئَ الضَّعِيفُ وَبَلَغَ مِنْ سُرُورِ النَّاسِ بِبَيْعَتِهِمْ إِيَّايَ أَنِ ابْتَهَجَ بِهَا الصَّغِيرُ وَهَدَجَ إِلَيْهَا الْكَبِيرُ وَتَحَامَلَ نَحْوَهَا الْعَلِيلُ وَحَسَرَتْ إِلَيْهَا الْكِعَابُ.
230- ومن خطبة له ( عليه السلام ) في مقاصد أخرى :
فَإِنَّ تَقْوَى اللَّهِ مِفْتَاحُ سَدَادٍ وَذَخِيرَةُ مَعَادٍ وَعِتْقٌ مِنْ كُلِّ مَلَكَةٍ وَنَجَاةٌ مِنْ كُلِّ هَلَكَةٍ بِهَا يَنْجَحُ الطَّالِبُ وَيَنْجُو الْهَارِبُ وَتُنَالُ الرَّغَائِبُ.
فضل العمل
فَاعْمَلُوا وَالْعَمَلُ يُرْفَعُ وَالتَّوْبَةُ تَنْفَعُ وَالدُّعَاءُ يُسْمَعُ وَالْحَالُ هَادِئَةٌ وَالْأَقْلَامُ جَارِيَةٌ وَبَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ عُمُراً نَاكِساً أَوْ مَرَضاً حَابِساً أَوْ مَوْتاً خَالِساً فَإِنَّ الْمَوْتَ هَادِمُ لَذَّاتِكُمْ وَمُكَدِّرُ شَهَوَاتِكُمْ وَمُبَاعِدُ طِيَّاتِكُمْ زَائِرٌ غَيْرُ مَحْبُوبٍ وَقِرْنٌ غَيْرُ مَغْلُوبٍ وَوَاتِرٌ غَيْرُ مَطْلُوبٍ قَدْ أَعْلَقَتْكُمْ حَبَائِلُهُ وَتَكَنَّفَتْكُمْ غَوَائِلُهُ وَأَقْصَدَتْكُمْ مَعَابِلُهُ وَعَظُمَتْ فِيكُمْ سَطْوَتُهُ وَتَتَابَعَتْ عَلَيْكُمْ عَدْوَتُهُ(1/351)


نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (352)
وَ قَلَّتْ عَنْكُمْ نَبْوَتُهُ فَيُوشِكُ أَنْ تَغْشَاكُمْ دَوَاجِي ظُلَلِهِ وَاحْتِدَامُ عِلَلِهِ وَحَنَادِسُ غَمَرَاتِهِ وَغَوَاشِي سَكَرَاتِهِ وَأَلِيمُ إِرْهَاقِهِ وَدُجُوُّ أَطْبَاقِهِ وَجُشُوبَةُ مَذَاقِهِ فَكَأَنْ قَدْ أَتَاكُمْ بَغْتَةً فَأَسْكَتَ نَجِيَّكُمْ وَفَرَّقَ نَدِيَّكُمْ وَعَفَّى آثَارَكُمْ وَعَطَّلَ دِيَارَكُمْ وَبَعَثَ وُرَّاثَكُمْ يَقْتَسِمُونَ تُرَاثَكُمْ بَيْنَ حَمِيمٍ خَاصٍّ لَمْ يَنْفَعْ وَقَرِيبٍ مَحْزُونٍ لَمْ يَمْنَعْ وَآخَرَ شَامِتٍ لَمْ يَجْزَعْ.
فضل الجد
فَعَلَيْكُمْ بِالْجَدِّ وَالِاجْتِهَادِ وَالتَّأَهُّبِ وَالِاسْتِعْدَادِ وَالتَّزَوُّدِ فِي مَنْزِلِ الزَّادِ وَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا كَمَا غَرَّتْ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَالْقُرُونِ الْخَالِيَةِ الَّذِينَ احْتَلَبُوا دِرَّتَهَا وَأَصَابُوا غِرَّتَهَا وَأَفْنَوْا عِدَّتَهَا وَأَخْلَقُوا جِدَّتَهَا وَأَصْبَحَتْ مَسَاكِنُهُمْ أَجْدَاثاً وَأَمْوَالُهُمْ مِيرَاثاً لَا يَعْرِفُونَ مَنْ أَتَاهُمْ وَلَا يَحْفِلُونَ مَنْ بَكَاهُمْ وَلَا يُجِيبُونَ مَنْ دَعَاهُمْ فَاحْذَرُوا الدُّنْيَا فَإِنَّهَا غَدَّارَةٌ غَرَّارَةٌ خَدُوعٌ مُعْطِيَةٌ مَنُوعٌ مُلْبِسَةٌ نَزُوعٌ لَا يَدُومُ رَخَاؤُهَا وَلَا يَنْقَضِي عَنَاؤُهَا وَلَا يَرْكُدُ بَلَاؤُهَا.
و منها في صفة الزهاد
كَانُوا قَوْماً مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا فَكَانُوا(1/352)

64 / 105
ع
En
A+
A-