نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (328)
يَسْمَعُوا وَكَانَ لَا يَمُرُّ بِي مِنْ ذَلِكَ شَيْ ءٌ إِلَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ وَحَفِظْتُهُ فَهَذِهِ وُجُوهُ مَا عَلَيْهِ النَّاسُ فِي اخْتِلَافِهِمْ وَعِلَلِهِمْ فِي رِوَايَاتِهِمْ.
211- ومن خطبة له ( عليه السلام ) في عجيب صنعة الكون :
وَ كَانَ مِنِ اقْتِدَارِ جَبَرُوتِهِ وَبَدِيعِ لَطَائِفِ صَنْعَتِهِ أَنْ جَعَلَ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ الزَّاخِرِ الْمُتَرَاكِمِ الْمُتَقَاصِفِ يَبَساً جَامِداً ثُمَّ فَطَرَ مِنْهُ أَطْبَاقاً فَفَتَقَهَا سَبْعَ سَمَاوَاتٍ بَعْدَ ارْتِتَاقِهَا فَاسْتَمْسَكَتْ بِأَمْرِهِ وَقَامَتْ عَلَى حَدِّهِ وَأَرْسَى أَرْضاً يَحْمِلُهَا الْأَخْضَرُ الْمُثْعَنْجِرُ وَالْقَمْقَامُ الْمُسَخَّرُ قَدْ ذَلَّ لِأَمْرِهِ وَأَذْعَنَ لِهَيْبَتِهِ وَوَقَفَ الْجَارِي مِنْهُ لِخَشْيَتِهِ وَجَبَلَ جَلَامِيدَهَا وَنُشُوزَ مُتُونِهَا وَأَطْوَادِهَا فَأَرْسَاهَا فِي مَرَاسِيهَا وَأَلْزَمَهَا قَرَارَاتِهَا فَمَضَتْ رُءُوسُهَا فِي الْهَوَاءِ وَرَسَتْ أُصُولُهَا فِي الْمَاءِ فَأَنْهَدَ جِبَالَهَا عَنْ سُهُولِهَا وَأَسَاخَ قَوَاعِدَهَا فِي مُتُونِ أَقْطَارِهَا وَمَوَاضِعِ أَنْصَابِهَا فَأَشْهَقَ قِلَالَهَا وَأَطَالَ أَنْشَازَهَا وَجَعَلَهَا لِلْأَرْضِ عِمَاداً وَأَرَّزَهَا فِيهَا أَوْتَاداً فَسَكَنَتْ عَلَى حَرَكَتِهَا مِنْ أَنْ تَمِيدَ بِأَهْلِهَا أَوْ تَسِيخَ بِحِمْلِهَا أَوْ تَزُولَ عَنْ مَوَاضِعِهَا فَسُبْحَانَ مَنْ أَمْسَكَهَا بَعْدَ مَوَجَانِ(1/328)


نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (329)
مِيَاهِهَا وَأَجْمَدَهَا بَعْدَ رُطُوبَةِ أَكْنَافِهَا فَجَعَلَهَا لِخَلْقِهِ مِهَاداً وَبَسَطَهَا لَهُمْ فِرَاشاً فَوْقَ بَحْرٍ لُجِّيٍّ رَاكِدٍ لَا يَجْرِي وَقَائِمٍ لَا يَسْرِي تُكَرْكِرُهُ الرِّيَاحُ الْعَوَاصِفُ وَتَمْخُضُهُ الْغَمَامُ الذَّوَارِفُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى.
212- ومن خطبة له ( عليه السلام ) كان يستنهض بها أصحابه إلى جهاد أهل الشام في زمانه :
اللَّهُمَّ أَيُّمَا عَبْدٍ مِنْ عِبَادِكَ سَمِعَ مَقَالَتَنَا الْعَادِلَةَ غَيْرَ الْجَائِرَةِ وَالْمُصْلِحَةَ غَيْرَ الْمُفْسِدَةِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا فَأَبَى بَعْدَ سَمْعِهِ لَهَا إِلَّا النُّكُوصَ عَنْ نُصْرَتِكَ وَالْإِبْطَاءَ عَنْ إِعْزَازِ دِينِكَ فَإِنَّا نَسْتَشْهِدُكَ عَلَيْهِ يَا أَكْبَرَ الشَّاهِدِينَ شَهَادَةً وَنَسْتَشْهِدُ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا أَسْكَنْتَهُ أَرْضَكَ وَسمَاوَاتِكَ ثُمَّ أَنْتَ بَعْدُ الْمُغْنِي عَنْ نَصْرِهِ وَالْآخِذُ لَهُ بِذَنْبِهِ.
213- ومن خطبة له ( عليه السلام ) في تمجيد اللّه وتعظيمه :
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ عَنْ شَبَهِ الْمَخْلُوقِينَ الْغَالِبِ لِمَقَالِ الْوَاصِفِينَ الظَّاهِرِ بِعَجَائِبِ تَدْبِيرِهِ لِلنَّاظِرِينَ وَالْبَاطِنِ بِجَلَالِ عِزَّتِهِ عَنْ فِكْرِ(1/329)


نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (330)
الْمُتَوَهِّمِينَ الْعَالِمِ بِلَا اكْتِسَابٍ وَلَا ازْدِيَادٍ وَلَا عِلْمٍ مُسْتَفَادٍ الْمُقَدِّرِ لِجَمِيعِ الْأُمُورِ بِلَا رَوِيَّةٍ وَلَا ضَمِيرٍ الَّذِي لَا تَغْشَاهُ الظُّلَمُ وَلَا يَسْتَضِي ءُ بِالْأَنْوَارِ وَلَا يَرْهَقُهُ لَيْلٌ وَلَا يَجْرِي عَلَيْهِ نَهَارٌ لَيْسَ إِدْرَاكُهُ بِالْإِبْصَارِ وَلَا عِلْمُهُ بِالْإِخْبَارِ.
و منها في ذكر النبي ( صلى الله عليه وآله )
أَرْسَلَهُ بِالضِّيَاءِ وَقَدَّمَهُ فِي الِاصْطِفَاءِ فَرَتَقَ بِهِ الْمَفَاتِقَ وَسَاوَرَ بِهِ الْمُغَالِبَ وَذَلَّلَ بِهِ الصُّعُوبَةَ وَسَهَّلَ بِهِ الْحُزُونَةَ حَتَّى سَرَّحَ الضَّلَالَ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ.
214- ومن خطبة له ( عليه السلام ) يصف جوهر الرسول، ويصف العلماء، ويعظ بالتقوى :
وَ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ عَدَلَ وَحَكَمٌ فَصَلَ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَسَيِّدُ عِبَادِهِ كُلَّمَا نَسَخَ اللَّهُ الْخَلْقَ فِرْقَتَيْنِ جَعَلَهُ فِي خَيْرِهِمَا لَمْ يُسْهِمْ فِيهِ عَاهِرٌ وَلَا ضَرَبَ فِيهِ فَاجِرٌ أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ جَعَلَ لِلْخَيْرِ أَهْلًا وَلِلْحَقِّ دَعَائِمَ وَلِلطَّاعَةِ عِصَماً وَإِنَّ لَكُمْ عِنْدَ كُلِّ طَاعَةٍ عَوْناً مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ يَقُولُ(1/330)


نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (331)
عَلَى الْأَلْسِنَةِ وَيُثَبِّتُ الْأَفْئِدَةَ فِيهِ كِفَاءٌ لِمُكْتَفٍ وَشِفَاءٌ لِمُشْتَفٍ.
صفة العلماء
وَ اعْلَمُوا أَنَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُسْتَحْفَظِينَ عِلْمَهُ يَصُونُونَ مَصُونَهُ وَيُفَجِّرُونَ عُيُونَهُ يَتَوَاصَلُونَ بِالْوِلَايَةِ وَيَتَلَاقَوْنَ بِالْمَحَبَّةِ وَيَتَسَاقَوْنَ بِكَأْسٍ رَوِيَّةٍ وَيَصْدُرُونَ بِرِيَّةٍ لَا تَشُوبُهُمُ الرِّيبَةُ وَلَا تُسْرِعُ فِيهِمُ الْغِيبَةُ عَلَى ذَلِكَ عَقَدَ خَلْقَهُمْ وَأَخْلَاقَهُمْ فَعَلَيْهِ يَتَحَابُّونَ وَبِهِ يَتَوَاصَلُونَ فَكَانُوا كَتَفَاضُلِ الْبَذْرِ يُنْتَقَى فَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَيُلْقَى قَدْ مَيَّزَهُ التَّخْلِيصُ وَهَذَّبَهُ التَّمْحِيصُ.
العظة بالتقوى
فَلْيَقْبَلِ امْرُؤٌ كَرَامَةً بِقَبُولِهَا وَلْيَحْذَرْ قَارِعَةً قَبْلَ حُلُولِهَا وَلْيَنْظُرِ امْرُؤٌ فِي قَصِيرِ أَيَّامِهِ وَقَلِيلِ مُقَامِهِ فِي مَنْزِلٍ حَتَّى يَسْتَبْدِلَ بِهِ مَنْزِلًا فَلْيَصْنَعْ لِمُتَحَوَّلِهِ وَمَعَارِفِ مُنْتَقَلِهِ فَطُوبَى لِذِي قَلْبٍ سَلِيمٍ أَطَاعَ مَنْ يَهْدِيهِ وَتَجَنَّبَ مَنْ يُرْدِيهِ وَأَصَابَ سَبِيلَ السَّلَامَةِ بِبَصَرِ مَنْ بَصَّرَهُ وَطَاعَةِ هَادٍ أَمَرَهُ وَبَادَرَ الْهُدَى قَبْلَ أَنْ تُغْلَقَ أَبْوَابُهُ وَتُقْطَعَ أَسْبَابُهُ وَاسْتَفْتَحَ التَّوْبَةَ وَأَمَاطَ الْحَوْبَةَ فَقَدْ أُقِيمَ عَلَى الطَّرِيقِ وَهُدِيَ نَهْجَ السَّبِيلِ.(1/331)


نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (332)
215- ومن دعاء له ( عليه السلام ) كان يدعو به كثيرا :
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُصْبِحْ بِي مَيِّتاً وَلَا سَقِيماً وَلَا مَضْرُوباً عَلَى عُرُوقِي بِسُوءٍ وَلَا مَأْخُوذاً بِأَسْوَإِ عَمَلِي وَلَا مَقْطُوعاً دَابِرِي وَلَا مُرْتَدّاً عَنْ دِينِي وَلَا مُنْكِراً لِرَبِّي وَلَا مُسْتَوْحِشاً مِنْ إِيمَانِي وَلَا مُلْتَبِساً عَقْلِي وَلَا مُعَذَّباً بِعَذَابِ الْأُمَمِ مِنْ قَبْلِي أَصْبَحْتُ عَبْداً مَمْلُوكاً ظَالِماً لِنَفْسِي لَكَ الْحُجَّةُ عَلَيَّ وَلَا حُجَّةَ لِي وَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ إِلَّا مَا أَعْطَيْتَنِي وَلَا أَتَّقِيَ إِلَّا مَا وَقَيْتَنِي اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَفْتَقِرَ فِي غِنَاكَ أَوْ أَضِلَّ فِي هُدَاكَ أَوْ أُضَامَ فِي سُلْطَانِكَ أَوْ أُضْطَهَدَ وَالْأَمْرُ لَكَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ نَفْسِي أَوَّلَ كَرِيمَةٍ تَنْتَزِعُهَا مِنْ كَرَائِمِي وَأَوَّلَ وَدِيعَةٍ تَرْتَجِعُهَا مِنْ وَدَائِعِ نِعَمِكَ عِنْدِي اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَذْهَبَ عَنْ قَوْلِكَ أَوْ أَنْ نُفْتَتَنَ عَنْ دِينِكَ أَوْ تَتَابَعَ بِنَا أَهْوَاؤُنَا دُونَ الْهُدَى الَّذِي جَاءَ مِنْ عِنْدِكَ.
216- ومن خطبة له ( عليه السلام ) خطبها بصفين :
أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِي عَلَيْكُمْ حَقّاً بِوِلَايَةِ أَمْرِكُمْ وَلَكُمْ عَلَيَّ مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذِي لِي عَلَيْكُمْ فَالْحَقُّ أَوْسَعُ الْأَشْيَاءِ فِي(1/332)

60 / 105
ع
En
A+
A-