نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (278)
إِنَّمَا مَثَلِي بَيْنَكُمْ كَمَثَلِ السِّرَاجِ فِي الظُّلْمَةِ يَسْتَضِي ءُ بِهِ مَنْ وَلَجَهَا فَاسْمَعُوا أَيُّهَا النَّاسُ وَعُوا وَأَحْضِرُوا آذَانَ قُلُوبِكُمْ تَفْهَمُوا.
188- ومن خطبة له ( عليه السلام ) في الوصية بأمور :
التقوى
أُوصِيكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ بِتَقْوَى اللَّهِ وَكَثْرَةِ حَمْدِهِ عَلَى آلَائِهِ إِلَيْكُمْ وَنَعْمَائِهِ عَلَيْكُمْ وَبَلَائِهِ لَدَيْكُمْ فَكَمْ خَصَّكُمْ بِنِعْمَةٍ وَتَدَارَكَكُمْ بِرَحْمَةٍ أَعْوَرْتُمْ لَهُ فَسَتَرَكُمْ وَتَعَرَّضْتُمْ لِأَخْذِهِ فَأَمْهَلَكُمْ.
الموت
وَ أُوصِيكُمْ بِذِكْرِ الْمَوْتِ وَإِقْلَالِ الْغَفْلَةِ عَنْهُ وَكَيْفَ غَفْلَتُكُمْ عَمَّا لَيْسَ يُغْفِلُكُمْ وَطَمَعُكُمْ فِيمَنْ لَيْسَ يُمْهِلُكُمْ فَكَفَى وَاعِظاً بِمَوْتَى عَايَنْتُمُوهُمْ حُمِلُوا إِلَى قُبُورِهِمْ غَيْرَ رَاكِبينَ وَأُنْزِلُوا فِيهَا غَيْرَ نَازِلِينَ فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا لِلدُّنْيَا عُمَّاراً وَكَأَنَّ الْآخِرَةَ لَمْ تَزَلْ لَهُمْ دَاراً أَوْحَشُوا مَا كَانُوا يُوطِنُونَ وَأَوْطَنُوا مَا كَانُوا يُوحِشُونَ وَاشْتَغَلُوا بِمَا فَارَقُوا وَأَضَاعُوا مَا إِلَيْهِ انْتَقَلُوا لَا(1/278)
نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (279)
عَنْ قَبِيحٍ يَسْتَطِيعُونَ انْتِقَالًا وَلَا فِي حَسَنٍ يَسْتَطِيعُونَ ازْدِيَاداً أَنِسُوا بِالدُّنْيَا فَغَرَّتْهُمْ وَوَثِقُوا بِهَا فَصَرَعَتْهُمْ.
سرعة النفاد
فَسَابِقُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ إِلَى مَنَازِلِكُمُ الَّتِي أُمِرْتُمْ أَنْ تَعْمُرُوهَا وَالَّتِي رَغِبْتُمْ فِيهَا وَدُعِيتُمْ إِلَيْهَا وَاسْتَتِمُّوا نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ عَلَى طَاعَتِهِ وَالْمُجَانَبَةِ لِمَعْصِيَتِهِ فَإِنَّ غَداً مِنَ الْيَوْمِ قَرِيبٌ مَا أَسْرَعَ السَّاعَاتِ فِي الْيَوْمِ وَأَسْرَعَ الْأَيَّامَ فِي الشَّهْرِ وَأَسْرَعَ الشُّهُورَ فِي السَّنَةِ وَأَسْرَعَ السِّنِينَ فِي الْعُمُرِ.
189- ومن كلام له ( عليه السلام ) في الإيمان ووجوب الهجرة :
أقسام الإيمان
فَمِنَ الْإِيمَانِ مَا يَكُونُ ثَابِتاً مُسْتَقِرّاً فِي الْقُلُوبِ وَمِنْهُ مَا يَكُونُ عَوَارِيَّ بَيْنَ الْقُلُوبِ وَالصُّدُورِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَإِذَا كَانَتْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ مِنْ أَحَدٍ فَقِفُوهُ حَتَّى يَحْضُرَهُ الْمَوْتُ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقَعُ حَدُّ الْبَرَاءَةِ.
وجوب الهجرة
وَ الْهِجْرَةُ قَائِمَةٌ عَلَى حَدِّهَا الْأَوَّلِ مَا كَانَ لِلَّهِ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ(1/279)
نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (280)
حَاجَةٌ مِنْ مُسْتَسِرِّ الْإِمَّةِ وَمُعْلِنِهَا لَا يَقَعُ اسْمُ الْهِجْرَةِ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا بِمَعْرِفَةِ الْحُجَّةِ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ عَرَفَهَا وَأَقَرَّ بِهَا فَهُوَ مُهَاجِرٌ وَلَا يَقَعُ اسْمُ الِاسْتِضْعَافِ عَلَى مَنْ بَلَغَتْهُ الْحُجَّةُ فَسَمِعَتْهَا أُذُنُهُ وَوَعَاهَا قَلْبُهُ.
صوبة الإيمان
إِنَّ أَمْرَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لَا يَحْمِلُهُ إِلَّا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ وَلَا يَعِي حَدِيثَنَا إِلَّا صُدُورٌ أَمِينَةٌ وَأَحْلَامٌ رَزِينَةٌ.
علم الوصي
أَيُّهَا النَّاسُ سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي فَلَأَنَا بِطُرُقِ السَّمَاءِ أَعْلَمُ مِنِّي بِطُرُقِ الْأَرْضِ قَبْلَ أَنْ تَشْغَرَ بِرِجْلِهَا فِتْنَةٌ تَطَأُ فِي خِطَامِهَا وَتَذْهَبُ بِأَحْلَامِ قَوْمِهَا.
190- ومن خطبة له ( عليه السلام ) يحمد اللّه ويثني على نبيه ويعظ بالتقوى :
حمد اللّه
أَحْمَدُهُ شُكْراً لِإِنْعَامِهِ وَأَسْتَعِينُهُ عَلَى وَظَائِفِ حُقُوقِهِ عَزِيزَ الْجُنْدِ عَظِيمَ الْمَجْدِ.(1/280)
نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (281)
الثناء على النبي
وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ دَعَا إِلَى طَاعَتِهِ وَقَاهَرَ أَعْدَاءَهُ جِهَاداً عَنْ دِينِهِ لَا يَثْنِيهِ عَنْ ذَلِكَ اجْتِمَاعٌ عَلَى تَكْذِيبِهِ وَالْتِمَاسٌ لِإِطْفَاءِ نُورِهِ.
العظة بالتقوى
فَاعْتَصِمُوا بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّ لَهَا حَبْلًا وَثِيقاً عُرْوَتُهُ وَمَعْقِلًا مَنِيعاً ذِرْوَتُهُ وَبَادِرُوا الْمَوْتَ وَغَمَرَاتِهِ وَامْهَدُوا لَهُ قَبْلَ حُلُولِهِ وَأَعِدُّوا لَهُ قَبْلَ نُزُولِهِ فَإِنَّ الْغَايَةَ الْقِيَامَةُ وَكَفَى بِذَلِكَ وَاعِظاً لِمَنْ عَقَلَ وَمُعْتَبَراً لِمَنْ جَهِلَ وَقَبْلَ بُلُوغِ الْغَايَةِ مَا تَعْلَمُونَ مِنْ ضِيقِ الْأَرْمَاسِ وَشِدَّةِ الْإِبْلَاسِ وَهَوْلِ الْمُطَّلَعِ وَرَوْعَاتِ الْفَزَعِ وَاخْتِلَافِ الْأَضْلَاعِ وَاسْتِكَاكِ الْأَسْمَاعِ وَظُلْمَةِ اللَّحْدِ وَخِيفَةِ الْوَعْدِ وَغَمِّ الضَّرِيحِ وَرَدْمِ الصَّفِيحِ فَاللَّهَ اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ فَإِنَّ الدُّنْيَا مَاضِيَةٌ بِكُمْ عَلَى سَنَنٍ وَأَنْتُمْ وَالسَّاعَةُ فِي قَرَنٍ وَكَأَنَّهَا قَدْ جَاءَتْ بِأَشْرَاطِهَا وَأَزِفَتْ بِأَفْرَاطِهَا وَوَقَفَتْ بِكُمْ عَلَى صِرَاطِهَا وَكَأَنَّهَا قَدْ أَشْرَفَتْ بِزَلَازِلِهَا وَأَنَاخَتْ بِكَلَاكِلِهَا وَانْصَرَمَتِ الدُّنْيَا بِأَهْلِهَا وَأَخْرَجَتْهُمْ مِنْ حِضْنِهَا فَكَانَتْ كَيَوْمٍ مَضَى أَوْ شَهْرٍ انْقَضَى وَصَارَ(1/281)
نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (282)
جَدِيدُهَا رَثّاً وَسَمِينُهَا غَثّاً فِي مَوْقِفٍ ضَنْكِ الْمَقَامِ وَأُمُورٍ مُشْتَبِهَةٍ عِظَامٍ وَنَارٍ شَدِيدٍ كَلَبُهَا عَالٍ لَجَبُهَا سَاطِعٍ لَهَبُهَا مُتَغَيِّظٍ زَفِيرُهَا مُتَأَجِّجٍ سَعِيرُهَا بَعِيدٍ خُمُودُهَا ذَاكٍ وُقُودُهَا مَخُوفٍ وَعِيدُهَا عَمٍ قَرَارُهَا مُظْلِمَةٍ أَقْطَارُهَا حَامِيَةٍ قُدُورُهَا فَظِيعَةٍ أُمُورُهَا وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً قَدْ أُمِنَ الْعَذَابُ وَانْقَطَعَ الْعِتَابُ وَزُحْزِحُوا عَنِ النَّارِ وَاطْمَأَنَّتْ بِهِمُ الدَّارُ وَرَضُوا الْمَثْوَى وَالْقَرَارَ الَّذِينَ كَانَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا زَاكِيَةً وَأَعْيُنُهُمْ بَاكِيَةً وَكَانَ لَيْلُهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ نَهَاراً تَخَشُّعاً وَاسْتِغْفَارًا وَكَانَ نَهَارُهُمْ لَيْلًا تَوَحُّشاً وَانْقِطَاعاً فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُمُ الْجَنَّةَ مَآباً وَالْجَزَاءَ ثَوَاباً وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها فِي مُلْكٍ دَائِمٍ وَنَعِيمٍ قَائِمٍ فَارْعَوْا عِبَادَ اللَّهِ مَا بِرِعَايَتِهِ يَفُوزُ فَائِزُكُمْ وَبِإِضَاعَتِهِ يَخْسَرُ مُبْطِلُكُمْ وَبَادِرُوا آجَالَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ فَإِنَّكُمْ مُرْتَهَنُونَ بِمَا أَسْلَفْتُمْ وَمَدِينُونَ بِمَا قَدَّمْتُمْ وَكَأَنْ قَدْ نَزَلَ بِكُمُ الْمَخُوفُ فَلَا رَجْعَةً تَنَالُونَ وَلَا عَثْرَةً تُقَالُونَ اسْتَعْمَلَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَعَفَا عَنَّا وَعَنْكُمْ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ الْزَمُوا الْأَرْضَ وَاصْبِرُوا عَلَى الْبَلَاءِ وَلَا تُحَرِّكُوا بِأَيْدِيكُمْ وَسُيُوفِكُمْ فِي هَوَى أَلْسِنَتِكُمْ وَلَا تَسْتَعْجِلُوا بِمَا لَمْ يُعَجِّلْهُ اللَّهُ لَكُمْ(1/282)