نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (223)
بِكُمُ الْحَقَائِقُ وَصَدَرَتْ بِكُمُ الْأُمُورُ مَصَادِرَهَا فَاتَّعِظُوا بِالْعِبَرِ وَاعْتَبِرُوا بِالْغِيَرِ وَانْتَفِعُوا بِالنُّذُرِ.
158- ومن خطبة له ( عليه السلام ) يُنَبِّهُ فيها على فضل الرسول الأعظم، وفضل القرآن، ثم حال دولة بني أمية :
النبي والقرآن
أَرْسَلَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ وَطُولِ هَجْعَةٍ مِنَ الْأُمَمِ وَانْتِقَاضٍ مِنَ الْمُبْرَمِ فَجَاءَهُمْ بِتَصْدِيقِ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَالنُّورِ الْمُقْتَدَى بِهِ ذَلِكَ الْقُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوهُ وَلَنْ يَنْطِقَ وَلَكِنْ أُخْبِرُكُمْ عَنْهُ أَلَا إِنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا يَأْتِي وَالْحَدِيثَ عَنِ الْمَاضِي وَدَوَاءَ دَائِكُمْ وَنَظْمَ مَا بَيْنَكُمْ
دولة بني أمية
و منها : فَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يَبْقَى بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا وَأَدْخَلَهُ الظَّلَمَةُ تَرْحَةً وَأَوْلَجُوا فِيهِ نِقْمَةً فَيَوْمَئِذٍ لَا يَبْقَى لَهُمْ فِي السَّمَاءِ عَاذِرٌ وَلَا فِي الْأَرْضِ نَاصِرٌ أَصْفَيْتُمْ بِالْأَمْرِ غَيْرَ أَهْلِهِ وَأَوْرَدْتُمُوهُ غَيْرَ مَوْرِدِهِ وَسَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِمَّنْ ظَلَمَ مَأْكَلًا بِمَأْكَلٍ وَمَشْرَباً بِمَشْرَبٍ مِنْ مَطَاعِمِ الْعَلْقَمِ وَمَشَارِبِ الصَّبِرِ(1/223)
نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (224)
وَ الْمَقِرِ وَلِبَاسِ شِعَارِ الْخَوْفِ وَدِثَارِ السَّيْفِ وَإِنَّمَا هُمْ مَطَايَا الْخَطِيئَاتِ وَزَوَامِلُ الْآثَامِ فَأُقْسِمُ ثُمَّ أُقْسِمُ لَتَنْخَمَنَّهَا أُمَيَّةُ مِنْ بَعْدِي كَمَا تُلْفَظُ النُّخَامَةُ ثُمَّ لَا تَذُوقُهَا وَلَا تَطْعَمُ بِطَعْمِهَا أَبَداً مَا كَرَّ الْجَدِيدَانِ.
159- ومن خطبة له ( عليه السلام ) يبين فيها حسن معاملته لرعيته :
وَ لَقَدْ أَحْسَنْتُ جِوَارَكُمْ وَأَحَطْتُ بِجُهْدِي مِنْ وَرَائِكُمْ وَأَعْتَقْتُكُمْ مِنْ رِبَقِ الذُّلِّ وَحَلَقِ الضَّيْمِ شُكْراً مِنِّي لِلْبِرِّ الْقَلِيلِ وَإِطْرَاقاً عَمَّا أَدْرَكَهُ الْبَصَرُ وَشَهِدَهُ الْبَدَنُ مِنَ الْمُنْكَرِ الْكَثِيرِ
160- ومن خطبة له ( عليه السلام ) :
عظمة اللّه
أَمْرُهُ قَضَاءٌ وَحِكْمَةٌ وَرِضَاهُ أَمَانٌ وَرَحْمَةُ يَقْضِي بِعِلْمٍ وَيَعْفُو بِحِلْمٍ.
حمد اللّه
اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا تَأْخُذُ وَتُعْطِي وَعَلَى مَا تُعَافِي وَتَبْتَلِي حَمْداً(1/224)
نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (225)
يَكُونُ أَرْضَى الْحَمْدِ لَكَ وَأَحَبَّ الْحَمْدِ إِلَيْكَ وَأَفْضَلَ الْحَمْدِ عِنْدَكَ حَمْداً يَمْلَأُ مَا خَلَقْتَ وَيَبْلُغُ مَا أَرَدْتَ حَمْداً لَا يُحْجَبُ عَنْكَ وَلَا يُقْصَرُ دُونَكَ حَمْداً لَا يَنْقَطِعُ عَدَدُهُ وَلَا يَفْنَى مَدَدُهُ فَلَسْنَا نَعْلَمُ كُنْهَ عَظَمَتِكَ إِلَّا أَنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ حَيٌّ قَيُّومُ لَا تَأْخُذُكَ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَمْ يَنْتَهِ إِلَيْكَ نَظَرٌ وَلَمْ يُدْرِكْكَ بَصَرٌ أَدْرَكْتَ الْأَبْصَارَ وَأَحْصَيْتَ الْأَعْمَالَ وَأَخَذْتَ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ وَمَا الَّذِي نَرَى مِنْ خَلْقِكَ وَنَعْجَبُ لَهُ مِنْ قُدْرَتِكَ وَنَصِفُهُ مِنْ عَظِيمِ سُلْطَانِكَ وَمَا تَغَيَّبَ عَنَّا مِنْهُ وَقَصُرَتْ أَبْصَارُنَا عَنْهُ وَانْتَهَتْ عُقُولُنَا دُونَهُ وَحَالَتْ سُتُورُ الْغُيُوبِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ أَعْظَمُ فَمَنْ فَرَّغَ قَلْبَهُ وَأَعْمَلَ فِكْرَهُ لِيَعْلَمَ كَيْفَ أَقَمْتَ عَرْشَكَ وَكَيْفَ ذَرَأْتَ خَلْقَكَ وَكَيْفَ عَلَّقْتَ فِي الْهَوَاءِ سَمَاوَاتِكَ وَكَيْفَ مَدَدْتَ عَلَى مَوْرِ الْمَاءِ أَرْضَكَ رَجَعَ طَرْفُهُ حَسِيراً وَعَقْلُهُ مَبْهُوراً وَسَمْعُهُ وَالِهاً وَفِكْرُهُ حَائِراً.
كيف يكون الرجاء
منها : يَدَّعِي بِزَعْمِهِ أَنَّهُ يَرْجُو اللَّهَ كَذَبَ وَالْعَظِيمِ مَا بَالُهُ لَا يَتَبَيَّنُ رَجَاؤُهُ فِي عَمَلِهِ فَكُلُّ مَنْ رَجَا عُرِفَ رَجَاؤُهُ فِي عَمَلِهِ وَكُلُّ(1/225)
نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (226)
رَجَاءٍ إِلَّا رَجَاءَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ مَدْخُولٌ وَكُلُّ خَوْفٍ مُحَقَّقٌ إِلَّا خَوْفَ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَعْلُولٌ يَرْجُو اللَّهَ فِي الْكَبِيرِ وَيَرْجُو الْعِبَادَ فِي الصَّغِيرِ فَيُعْطِي الْعَبْدَ مَا لَا يُعْطِي الرَّبَّ فَمَا بَالُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يُقَصَّرُ بِهِ عَمَّا يُصْنَعُ بِهِ لِعِبَادِهِ أَ تَخَافُ أَنْ تَكُونَ فِي رَجَائِكَ لَهُ كَاذِباً أَوْ تَكُونَ لَا تَرَاهُ لِلرَّجَاءِ مَوْضِعاً وَكَذَلِكَ إِنْ هُوَ خَافَ عَبْداً مِنْ عَبِيدِهِ أَعْطَاهُ مِنْ خَوْفِهِ مَا لَا يُعْطِي رَبَّهُ فَجَعَلَ خَوْفَهُ مِنَ الْعِبَادِ نَقْداً وَخَوْفَهُ مِنْ خَالِقِهِ ضِمَاراً وَوَعْداً وَكَذَلِكَ مَنْ عَظُمَتِ الدُّنْيَا فِي عَيْنِهِ وَكَبُرَ مَوْقِعُهَا مِنْ قَلْبِهِ آثَرَهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَانْقَطَعَ إِلَيْهَا وَصَارَ عَبْداً لَهَا.
رسول اللّه
وَ لَقَدْ كَانَ فِي رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) كَافٍ لَكَ فِي الْأُسْوَةِ وَدَلِيلٌ لَكَ عَلَى ذَمِّ الدُّنْيَا وَعَيْبِهَا وَكَثْرَةِ مَخَازِيهَا وَمَسَاوِيهَا إِذْ قُبِضَتْ عَنْهُ أَطْرَافُهَا وَوُطِّئَتْ لِغَيْرِهِ أَكْنَافُهَا وَفُطِمَ عَنْ رَضَاعِهَا وَزُوِيَ عَنْ زَخَارِفِهَا.
موسى
وَ إِنْ شِئْتَ ثَنَّيْتُ بِمُوسَى كَلِيمِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) حَيْثُ يَقُولُ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ وَاللَّهِ مَا سَأَلَهُ إِلَّا خُبْزاً يَأْكُلُهُ لِأَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ بَقْلَةَ الْأَرْضِ وَلَقَدْ كَانَتْ خُضْرَةُ(1/226)
نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (227)
الْبَقْلِ تُرَى مِنْ شَفِيفِ صِفَاقِ بَطْنِهِ لِهُزَالِهِ وَتَشَذُّبِ لَحْمِهِ.
داود
وَ إِنْ شِئْتَ ثَلَّثْتُ بِدَاوُدَ ( صلوات الله عليه ) صَاحِبِ الْمَزَامِيرِ وَقَارِئِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلَقَدْ كَانَ يَعْمَلُ سَفَائِفَ الْخُوصِ بِيَدِهِ وَيَقُولُ لِجُلَسَائِهِ أَيُّكُمْ يَكْفِينِي بَيْعَهَا وَيَأْكُلُ قُرْصَ الشَّعِيرِ مِنْ ثَمَنِهَا.
عيسى
وَ إِنْ شِئْتَ قُلْتُ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ( عليه السلام ) فَلَقَدْ كَانَ يَتَوَسَّدُ الْحَجَرَ وَيَلْبَسُ الْخَشِنَ وَيَأْكُلُ الْجَشِبَ وَكَانَ إِدَامُهُ الْجُوعَ وَسِرَاجُهُ بِاللَّيْلِ الْقَمَرَ وَظِلَالُهُ فِي الشِّتَاءِ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا وَفَاكِهَتُهُ وَرَيْحَانُهُ مَا تُنْبِتُ الْأَرْضُ لِلْبَهَائِمِ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ تَفْتِنُهُ وَلَا وَلَدٌ يَحْزُنُهُ وَلَا مَالٌ يَلْفِتُهُ وَلَا طَمَعٌ يُذِلُّهُ دَابَّتُهُ رِجْلَاهُ وَخَادِمُهُ يَدَاهُ.
الرسول الأعظم
فَتَأَسَّ بِنَبِيِّكَ الْأَطْيَبِ الْأَطْهَرِ ( صلى الله عليه وآله ) فَإِنَّ فِيهِ أُسْوَةً لِمَنْ تَأَسَّى وَعَزَاءً لِمَنْ تَعَزَّى وَأَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ الْمُتَأَسِّي(1/227)